إردوغان يعول على رصيد علاقته مع بايدن لتجاوز الخلافات

صورة أرشيفية للقاء جمع بايدن بإردوغان بواشنطن في مارس 2016 (رويترز)
صورة أرشيفية للقاء جمع بايدن بإردوغان بواشنطن في مارس 2016 (رويترز)
TT

إردوغان يعول على رصيد علاقته مع بايدن لتجاوز الخلافات

صورة أرشيفية للقاء جمع بايدن بإردوغان بواشنطن في مارس 2016 (رويترز)
صورة أرشيفية للقاء جمع بايدن بإردوغان بواشنطن في مارس 2016 (رويترز)

رأى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنه من المبكر الحديث عن العلاقات بين أنقرة وواشنطن في عهد الإدارة الأميركية الجديدة، قبل أن يتولى الرئيس الديمقراطي المنتخب جو بايدن السلطة بشكل رسمي. وقلل في الوقت ذاته من احتمالات تعرض بلاده للعقوبات بسبب صفقة صواريخ الدفاع الجوي الروسية «إس- 400».
وقال إردوغان إنه سيبحث «العلاقات المتوترة» مع الولايات المتحدة عندما يتولى بايدن السلطة، معتبراً أن الإدلاء بتصريح حول العلاقات الأميركية- التركية ما زال مبكراً. وتساءل إردوغان خلال مؤتمر صحافي في أنقرة أمس (الأربعاء) قبل توجهه إلى أذربيجان للمشاركة في احتفالية لجيشها تقام اليوم (الخميس) في باكو، عن سبب التصريحات غير اللائقة بحق تركيا من قبل حلفائها في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وخصوصاً الصادرة عن الولايات المتحدة، قائلاً: «عندما يبدأ السيد بايدن في مهامه، سنجلس ونتحدث حول بعض الأمور، كما فعلنا ذلك في السابق»، مشيراً إلى أنه يعرف بايدن جيداً منذ عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما، وعلاقته بهما جيدة.
وأضاف: «بعضهم يزعم استياء إدارة جو بايدن من تركيا؛ لكنها ادعاءات خاطئة من بعض وسائل الإعلام. سأتحدث مع بايدن عندما يتولى منصبه».
وسبق أن وصف بايدن في مقابلة صحافية، في يناير (كانون الثاني) الماضي، إردوغان بأنه «مستبد»، وقال إن الولايات المتحدة يمكن أن تدعم المعارضة التركية في أن تكون قادرة على مواجهة إردوغان وهزيمته في صناديق الانتخابات.
وقبل ذلك، قال بايدن عقب قرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب المفاجئ بالانسحاب من شمال سوريا، إن تركيا هي «المشكلة الحقيقية»، وإنه سيجعل إردوغان «يدفع ثمناً باهظاً لما فعله».
وتضررت العلاقات بين الجانبين بسبب شراء تركيا أنظمة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية «إس- 400» في نهاية عام 2017، واختلافاتهما في السياسة حيال سوريا، واعتقال موظفين محليين في القنصلية الأميركية في تركيا، فضلاً عن دعم واشنطن لأكراد سوريا الذين تراهم تركيا تهديداً لها، ورفضها تسليم الداعية التركي فتح الله غولن، حليف إردوغان الوثيق سابقاً وأكبر خصومه حالياً، بسبب عدم تقديم أنقرة أدلة دامغة للقضاء الأميركي تؤكد ادعاءاتها بأنه مدبر محاولة الانقلاب الفاشلة ضد إردوغان في 15 يوليو (تموز) 2016.
وقال إردوغان: «لا نستحسن تصريحات الإدارة الأميركية وأفعالها فيما يتعلق بمشترياتنا من الأسلحة. ولا نرى نهجهم في شمال سوريا صحيحاً؛ لكن دعوا السيد بايدن يتولى السلطة أولاً. بمجرد أن يتولى السلطة سنجلس بالتأكيد ونناقش أموراً معينة معه، تماماً كما جلسنا وتحدثنا في الولايات المتحدة أو تركيا من قبل».
وفي سياق متصل، وافق مجلس النواب الأميركي على مشروع الميزانية الدفاعية للولايات المتحدة الذي يتضمن عقوبات على تركيا، ومن المقرر طرح المشروع للتصويت في مجلس الشيوخ.
ومن المنتظر عرض مشروع الميزانية على الرئيس دونالد ترمب بعد إقرارها في الكونغرس، للتوقيع عليها؛ حيث تضمن بنوداً خاصة بتركيا وفرض عقوبات عليها، والبحث عن بدائل لشركاتها في إطار المشروع المشترك متعدد الأطراف لتصنيع المقاتلة «إف- 35» الذي ينفذ تحت إشراف «ناتو»، بينما أشار ترمب إلى احتمالية استخدام حق النقض (فيتو)، إذ دافع خلال فترته في الرئاسة عن موقف تركيا، محملاً إدارة سلفه باراك أوباما المسؤولية عن توجهها إلى روسيا لاقتناء منظومة للدفاع الجوي، لرفض إدارته منحها منظومة «باتريوت» الأميركية.
وبحسب المشروع، فإن العقوبات ستفرض وفق قانون «مكافحة خصوم الولايات بالعقوبات» (كاتسا) الذي يتضمن مواد يستخدمها الرئيس لمعاقبة الدول التي تشتري أسلحة من روسيا، على أن تدخل العقوبات حيز التنفيذ بعد 30 يوماً من المصادقة على الميزانية.
وكان شراء تركيا منظومة «إس- 400» من روسيا قد أدى إلى تراجع العلاقات مع الولايات المتحدة، وأثار قلق «ناتو»، بسبب خطورة ربط المنظومة بمنظومة حلف «ناتو» وخطورتها على مقاتلات «إف- 35» التي سعت تركيا لاقتناء 100 منها بموجب مشروع الإنتاج المشترك.
ورفضت تركيا التراجع عن موقفها، متذرعة بأنها طلبت شراء صواريخ «باتريوت» الأميركية ولم يسمح لها بذلك، وأجرت التجارب على الصواريخ الروسية لكنها لم تقدم بعد على خطوة تفعيلها بسبب الضغوط الأميركية.



معدات عسكرية أميركية يصعب على الأوروبيين تعويضها لأوكرانيا

سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)
سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)
TT

معدات عسكرية أميركية يصعب على الأوروبيين تعويضها لأوكرانيا

سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)
سيكون لتجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين تعويضها (أ.ب)

لا شك في أن تجميد المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا لفترة طويلة سيكون له تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين التعويض عنها، لكن بعض المجالات أسهل من غيرها مثل القذائف، وفقاً لخبراء قابلتهم «وكالة الصحافة الفرنسية».

يرى «معهد كيل» الألماني أن الولايات المتحدة قدمت بمفردها نحو نصف قيمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا في المدة من 2022 إلى 2024.

ويقول مصدر عسكري أوروبي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن جزءاً من المساعدات سُلم بالفعل، ولكن إذا لم يشهد الوضع على الجبهة تحولاً في مواجهة الروس، «فسيكون الأمر معقداً في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) المقبلين دون مساعدات جديدة» بالنسبة إلى الأوكرانيين.

ويقول المحلل الأوكراني، فولوديمير فيسينكو، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إذا أخذنا في الحسبان ما تم تسليمه، وما لدينا، وما ننتجه، فإننا قادرون على دعم المجهود الحربي لـ6 أشهر على الأقل من دون تغيير طبيعة الحرب بشكل كبير».

ويرى يوهان ميشال، الباحث في جامعة «ليون3» أنه «في معادلة حرب الاستنزاف: أنت تضحي؛ إما بالرجال، وإما بالأرض، وإما بالذخيرة. وإذا نفدت ذخيرتك، فإنك إما تنسحب، وإما تضحي بالرجال».

وفي ما يلي 4 مجالات عسكرية قد تتأثر بتعليق المساعدات الأميركية:

الدفاع المضاد للطائرات

تتعرض أوكرانيا باستمرار لوابل من الصواريخ والمُسيَّرات ضد مدنها وبلداتها وبنيتها التحتية. تؤدي هذه الهجمات الكبيرة إلى إنهاك الدفاعات الأوكرانية وإجبارها على استخدام كميات كبيرة من الذخيرة.

بعيداً من خط المواجهة، تمتلك أوكرانيا 7 أنظمة «باتريوت» أميركية حصلت عليها من الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا، ونظامين أوروبيين من طراز «إس إيه إم بي/ تي (SAMP/T)» حصلت عليهما من روما وباريس لتنفيذ عمليات اعتراض على ارتفاعات عالية. ولدى كييف قدراتها الخاصة، وحصلت على أنظمة أخرى تعمل على مدى أقل.

يقول الباحث الأوكراني ميخايلو ساموس، مدير «شبكة أبحاث الجغرافيا السياسية الجديدة»، وهي مؤسسة بحثية في كييف، إن «الصواريخ الباليستية مهمة جداً لحماية مدننا، وليس قواتنا. لذا، فإن ترمب سيساعد بوتين على قتل المدنيين».

ويشرح ليو بيريا بينييه من «مركز إيفري الفرنسي للأبحاث»: «مع (باتريوت)، كما هي الحال مع جميع الأنظمة الأميركية، لدينا مشكلتان، مشكلة الذخائر، ومشكلة قطع الغيار للصيانة. في ما يخص قطع الغيار، هل سنتمكن من شرائها من الأميركيين وتسليمها للأوكرانيين أم إن الأميركيين سيعارضون ذلك؟ لا نعلم».

لتوفير ذخائر الـ«باتريوت»، تبني ألمانيا أول مصنع لها خارج الولايات المتحدة، ولكن من غير المتوقع أن يبدأ الإنتاج قبل عام 2027. وسوف تجد أوروبا صعوبة في تعويض أي نقص في هذا المجال.

ويقول ميشال إن «أوروبا تعاني من بعض القصور في هذا المجال؛ فأنظمة (إس إيه إم بي/ تي - SAMP/T) جيدة جداً، ولكنها ليست متنقلة، ويجري إنتاجها بأعداد صغيرة جداً. لا بد من زيادة الإنتاج، حتى ولو كان ذلك يعني تصنيعها في أماكن أخرى غير فرنسا وإيطاليا». لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت. ويؤكد بيريا بينييه أن «العملية كان ينبغي أن تبدأ قبل عامين».

ويضيف يوهان ميشال أن «إحدى طرق التعويض تتمثل في توفير مزيد من الطائرات المقاتلة لتنفيذ عمليات اعتراض جوي وصد القاذفات الروسية التي تضرب أوكرانيا»، فالأوروبيون زودوا أوكرانيا بطائرات «إف16» و«ميراج 2000-5»، وأن لديهم فرصة لزيادة جهودهم في هذا المجال.

ضربات في العمق

يمكن للأسلحة الأميركية توجيه ضربات من مسافة بعيدة خلف خط المواجهة، مما يجعلها بالغة الأهمية بفضل صواريخ «أتاكمس (ATACMS)» أرض - أرض التي تطلقها راجمات «هيمارس (Himars)» التي أعطت واشنطن نحو 40 منها لأوكرانيا.

ويشير ميشال إلى أنها «إحدى المنصات القليلة في أوروبا». ويقول بيريا بينييه إن «أولئك الذين يملكونها يبدون مترددين في التخلي عنها، مثل اليونانيين».

ويقترح ميشال «أنظمة تشيكية، ولكنها أقل شأناً. يتعين على الأوروبيين أن يطوروا بسرعة أنظمة خاصة بهم، أو؛ إذا كانوا غير قادرين على ذلك، أن يشتروا أنظمة كورية جنوبية».

ويشير ساموس إلى أن هناك إمكانية لتوجيه ضربات عميقة من الجو، ولدى «الأوروبيين والأوكرانيين الوسائل التي تمكنهم من ذلك»، مثل صواريخ «سكالب» الفرنسية، و«ستورم شادو» البريطانية. ولكن بيريا بينييه ينبه إلى أن «المشكلة هي أننا لسنا متأكدين على الإطلاق من أن هناك أوامر أخرى صدرت بعد تلك التي أُعلن عنها».

القذائف المدفعية والأنظمة المضادة للدبابات

في هذا المجال، الأوروبيون في وضع أفضل. يقول ميشال: «ربما يكون مجال الأسلحة المضادة للدبابات هو الذي طور فيه الأوكرانيون أنظمتهم الخاصة. فالصواريخ، مثل صواريخ (جافلين) الشهيرة التي زودتهم بها الولايات المتحدة، تكمل أنظمة المُسيَّرات (إف بي في - FPV) بشكل جيد».

وفي ما يتعلق بالمدفعية، يشير بيريا بينييه إلى أن «أوروبا حققت زيادة حقيقية في القدرة الإنتاجية، وأوكرانيا في وضع أقل سوءاً».

في أوروبا، تسارعت وتيرة إنتاج القذائف وتسليمها إلى أوكرانيا، ويخطط الاتحاد الأوروبي لإنتاج قذائف عيار 155 مليمتراً بمعدل 1.5 مليون وحدة بحلول عام 2025، وهذا يزيد على 1.2 مليون وحدة تنتجها الولايات المتحدة.

الاستطلاع والاستعلام

تشتد الحاجة إلى الولايات المتحدة في هذا المجال الأساسي بفضل أقمارها الاصطناعية وطائراتها ومُسيَّراتها التي تجمع المعلومات وتعالجها.

ويقول فيسينكو: «من المهم جداً أن نستمر في تلقي صور الأقمار الاصطناعية».

ويشير ميشال إلى أن «الأوروبيين لديهم بعض الأدوات، ولكنها ليست بالحجم نفسه على الإطلاق، وكثير منهم يعتمد بشكل كامل على الولايات المتحدة في هذا المجال».