خبراء: التقشف ورفع الأسعار في انتظار المواطن الإيراني جراء هبوط أسعار النفط

طهران خفضت سعر البرميل في ميزانيتها إلى 40 دولارا للبرميل

خبراء: التقشف ورفع الأسعار في انتظار المواطن الإيراني جراء هبوط أسعار النفط
TT

خبراء: التقشف ورفع الأسعار في انتظار المواطن الإيراني جراء هبوط أسعار النفط

خبراء: التقشف ورفع الأسعار في انتظار المواطن الإيراني جراء هبوط أسعار النفط

مع استمرار الهبوط في أسعار النفط، لم تجد طهران مفرا من تقليل سعر برميل النفط المعتمد في ميزانيتها للعام المالي المقبل، وسط مؤشرات على اتجاه الحكومة إلى إقرار حزمة من الإجراءات التقشفية، لمواجهة الهبوط الحاد في إيرادات النفط التي تمول السواد الأعظم من الميزانية.
وأعلنت إيران، الخميس الماضي، تقليل سعر برميل النفط المعتمد في ميزانيتها للعام المالي المقبل، إلى مستوى 40 دولارا للبرميل من مستوى تقديري سابق بلغ نحو 72 دولارا للبرميل.
ونقلت وكالة فارس الإيرانية للأنباء عن وزير المالية والاقتصاد علي طيب نيا، قوله إن «إيران ستخفض سعر النفط الذي تحسب على أساسه ميزانيتها المقبلة إلى 40 دولارا للبرميل». وأضاف: «سنعدل سعر النفط في الميزانية من 72 دولارا للبرميل إلى 40 دولارا»، لافتا إلى أن «الانخفاض لن يركعنا ونعتزم تحويله إلى فرص».
وفي أواخر العام الماضي، اعتمد الرئيس الإيراني ميزانية العام المالي المقبل مع بلوغها نحو 312 مليار دولار على أساس احتساب أسعار النفط حول مستوى 72 دولارا للبرميل. والعام المالي الإيراني يبدأ في 21 مارس (آذار) من كل عام.
في حين قال محللون لـ«الشرق الأوسط» إن «الخيارات المطروحة أمام إيران بعد اعتماد هذا السعر المتدني لبرميل النفط في ميزانيتها، يتمثل في مزيد من الإجراءات التقشفية وتحريك أسعار بعض المنتجات المدعومة وفرض المزيد من الضرائب».
وتوقعت إيران بلوغ إيرادات النفط والغاز في مشروع الموازنة الأولي نحو 710.3 تريليون ريال (26.2 مليار دولار).
ولكن تلك الإيرادات جرى احتسابها عند مستوى 72 دولارا للبرميل. ومع تحديد سعر البرميل حول 40 دولارا فقط، فإن الإيرادات من النفط والغاز من شأنها أن تنخفض إلى نحو 17.5 مليار دولار على أساس احتساب صادرات النفط الإيراني عند مستوى 1.2 مليون برميل يوميا، دون احتساب تكلفة سعر إنتاج برميل النفط.
وفي احتساب سعر تكلفة إنتاج البرميل، التي يحددها صندوق النقد الدولي بنحو 15 دولارا للبرميل، فإن تلك العائدات ستنخفض إلى نحو 11 مليار دولار. ويبلغ إنتاج إيران من النفط يوميا نحو 3.1 مليون برميل، ولكنها لا تصدر إلا نحو مليون برميل فقط، نظرا لمحدودية أسواقها مع العقوبات الدولية المفروضة عليها جراء برنامجها النووي.
وتعد الهند أكبر مشتر للنفط الإيراني بعد الصين، حيث رفعت حجم وارداتها من نفط طهران إلى أعلى مستوياتها منذ نحو عامين في الربع الأول من العام الماضي.
وتتلخص مشكلة إيران الكبرى في أنها لا تستطيع الحصول على عوائد الصادرات النفطية بالدولار، أو حتى تحويل قيمة هذه الواردات إلى البنك المركزي الإيراني، بسبب شروط الحظر الأميركي.
ويقدر صندوق النقد الدولي أن تحقيق توازن في ميزانية إيران يتطلب أن يكون سعر برميل النفط 130 دولارا.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، توقع الصندوق أن يبلغ العجز في ميزانية إيران نحو 8.6 مليار دولار العام الحالي، بحسب سعر الصرف الرسمي، مع احتساب أسعار برنت حينها عند 80 دولارا للبرميل.
وتحوم أسعار النفط حاليا حول مستوى 50 دولارا للبرميل وسط تخمة من المعروض. وتوقعت أوبك في آخر تقرير شهري لها الخميس الماضي تواصل التخمة الحالية في إمدادات النفط الخام.
وقالت المنظمة إن أسعار النفط التي هي الآن عند أدنى مستوياتها منذ 6 سنوات، ستواصل الانخفاض هذا العام «مع استمرار توجه انخفاض الطلب في سوق النفط التي تواجه فائضا متزايدا يبلغ على الأقل» مليون برميل يوميا.
والأرقام سالفة الذكر تعني وجود فجوة تمويلية كبيرة في الميزانية الإيرانية يتوقع المحللون سدها من خلال الإجراءات التقشفية ورفع الضرائب.
وقال فريد هاونغ، خبير الاقتصادات الناشئة لدى دويتشه بنك لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أنهم (إيران) في طريقهم نحو إيجاد بدائل من الداخل، لتعويض الهبوط الحاد في إيرادات الصادرات النفطية، مع تحديد سعر برميل النفط حول مستوى 40 دولارا»، مضيفا: «قد نجد المزيد من التقشف في الإنفاق ورفع أكبر في معدلات الضرائب المفروضة لتعويض هذا العجز الهائل».
وحدد مشروع الموازنة الإيرانية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي إيرادات الضرائب بنحو 861.1 تريليون ريال (31.8 مليار دولار) في العام المالي المقبل، مقارنة مع 702.5 تريليون ريال (25.9 مليار دولار) في العام المالي الحالي، وهو ما يعني زيادة نسبتها 22.6 في المائة على أساس سنوي.
تابع هاونغ: «ربما نجد أيضا تحريكا لأسعار بعض المنتجات المدعومة من قبل الحكومة. سينعكس ذلك بكل تأكيد على المواطن الإيراني».
وفي مطلع الشهر الماضي رفعت الحكومة الإيرانية أسعار الخبز نحو 30 في المائة، وهو ما قابله سخط شعبي شديد. كما تنوي الحكومة رفع أسعار البنزين في العام المالي المقبل، ومن شأن تحريك الأسعار بالرفع أن يؤثر على مستويات التضخم المرتفعة بالأساس.
وتقول الحكومة الإيرانية إنها تستهدف الحفاظ على مستويات التضخم حول 25 في المائة، فيما يقدر صندوق النقد الدولي تراجعه إلى نحو 20 في المائة في نهاية العام المالي الحالي، إذا ما حدث ارتفاع في أسعار النفط أو تماسكت قليلا فوق مستوياتها المتدنية الحالية.
وقال ستيفن لويس، كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط لدى «إيه دي إم إنفستورز»: «يضع السعر الجديد لبرميل النفط في ميزانية إيران الكثير من الضغوط لدى صناع السياسات المالية للبلد الغني بالنفط والغاز، فإما فرض المزيد من الضرائب وتقليل الإنفاق، وهو ما يعني سخطا شعبيا على القيادات السياسية».
وتابع: «قد يكون الخيار الآخر هو السحب من الاحتياطات الأجنبية المتمثلة في صندوقها السيادي، ولكن حتى هذا الأمر سيصطدم بواقع العقوبات الدولية المفروضة عليها».
وتعهد وزير النفط الإيراني، بيجان زنغنه، بالسحب من صندوق الثروة السيادية حال تعاظم أثر انخفاض أسعار النفط على الاقتصاد الإيراني.
ووفقا لبيانات استقتها «الشرق الأوسط» من معهد صناديق الثروة السيادية (جهة مستقلة بدراسة صناديق الثروة الحكومية حول العالم) بلغت قيمة الاحتياطات الأجنبية لإيران بنهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي نحو 62.2 مليار دولار.
ونجحت إيران منذ بدء فرض العقوبات عليها في تجنب آثارها من خلال طرق ملتوية، ولكن منذ أن بدأت أسعار النفط في التراجع مع حلول منتصف العام الماضي، تبدل الوضع تماما وتحدث المسؤولون الإيرانيون عن وجود مؤامرة دولية لخفض أسعار النفط للنيل منها.

* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»



مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
TT

مصر وقطر ستتعاونان في مشروع عقاري «مهم للغاية» بالساحل الشمالي

رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)
رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال استقباله الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس وزراء قطر في العاصمة الإدارية الجديدة (مجلس الوزراء المصري)

قال مجلس الوزراء المصري، الأربعاء، إن مصر وقطر ستتعاونان خلال المرحلة المقبلة في مشروع استثماري عقاري «مهم للغاية» في منطقة الساحل الشمالي المصرية.

وأشار رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، خلال لقائه الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر، وزير الخارجية، في العاصمة الإدارية الجديدة، إلى «التأكيد على رغبة البلدين في تعزيز التعاون المشترك في عددٍ من المجالات التي نتطلع إلى إحراز تُقدم سريع في تنفيذها على الأرض خلال الفترة القليلة المُقبلة».

وأوضح رئيس الوزراء أن «أحد مجالات التعاون المشتركة بين مصر وقطر خلال المرحلة المُقبلة سيكون من خلال مشروع استثمار عقاري مُهم للغاية في منطقة الساحل الشمالي».

وخلال المباحثات، أكد عبد الله بن حمد بن عبد الله العطية، وزير البلدية القطري، أن مشروع التعاون المرتقب في المجال العقاري في الساحل الشمالي سيكون مشروعاً مهماً للغاية، مُضيفاً: «سنجري مشاورات مع الفريق المصري المسؤول عن المشروع».

وأكد مدبولي: «جاهزون لعقد هذه المشاورات على الفور، بما يُسهم في سرعة تنفيذ المشروع في أقرب وقت».

وأضاف مدبولي، وفق بيان صحافي، أن «الشركات القطرية المتخصصة في مجال التشييد والبناء أثبتت كفاءة كبيرة خلال تنفيذها المشروعات التي تمت في فترة استضافة قطر لكأس العالم وأصبح لديها خبرة كبيرة في مجال التطوير العقاري، وهي فرصة مُهمة لعقد شراكات معها هنا في مصر للاستثمار في هذا القطاع الواعد في السوق المصرية سواء في الساحل الشمالي أو في مناطق أخرى أو حتى التعاون مع شركات التشييد المصرية العاملة الآن بالسوق الأفريقية في كثير من المشروعات».

وأضاف أن مشاورات اليوم مع الجانب القطري أكدت أن القاهرة والدوحة لديهما رغبة حقيقية في تعزيز معدلات التبادل التجاري، مُؤكداً أن الجانب المصري سيتعاون مع الجهات المعنية القطرية لتحقيق هذه المستهدفات، في ضوء الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها الدولتان.

وأضاف مدبولي أن الجانب القطري أعرب أيضاً عن رغبته في التعاون مع مصر في مجال التصنيع، مشيراً في هذا الصدد إلى أن مصر لديها عدد كبير من الفرص الاستثمارية وقائمة متعددة لمشروعات مختلفة في قطاع الصناعة يُمكن عقد شراكات بها مع الجانب القطري.

واستطرد رئيس الوزراء قائلاً: «يُمكن للجانب القطري الاستفادة من إقامة شراكات صناعية في مصر عبر تصدير منتجات هذه المشروعات إلى السوق الأفريقية التي تُعد مصر بوابتها الرئيسية، فضلاً عن تصدير هذه المنتجات أيضاً إلى البلدان التي ترتبط مع مصر باتفاقيات تجارة حرة.

وأشار الدكتور مصطفى مدبولي إلى أن هناك طلباً من الجانب القطري بشأن فرص استثمارية في قطاع السياحة والضيافة في منطقة الساحل الشمالي، والحكومة المصرية تُرحب بهذه الرغبة من الأشقاء القطريين، مُضيفاً أن «هناك قائمة أيضاً، سنعرضها على الإخوة القطريين، تضم مجموعة من الفرص الاستثمارية في هذا القطاع في منطقة القاهرة الكبرى، وكذلك في العاصمة الإدارية الجديدة، وهي فرص متاحة للاستحواذ أو الشراكة مع شركاء مصريين من القطاع الخاص»، مؤكداً: «مُستعدّون للتحرك في هذا الملف في أسرع وقت».

بدوره، أكد الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية، أن بلاده لديها رغبة حقيقية في تعزيز آفاق التعاون الاستثماري مع القاهرة في المجالات المختلفة بما يُسهم في تحقيق مصلحة مشتركة للبلدين.

وأوضح في هذا الصدد: «لدى الشركات القطرية سجل متميز في مجال التطوير العقاري في السوق المصرية، كما أن هناك فرصاً مهمة لدى مصر وقطر لمضاعفة معدلات التبادل التجاري»، مشيراً إلى أنه كلّف الجهات المعنية في الحكومة القطرية بوضع مستهدفات زيادة التبادل التجاري محل التنفيذ خلال الفترة المقبلة.

من جانبه قال نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل المصري، الفريق كامل الوزير، خلال المباحثات، إن هناك فرصاً للتعاون المشترك بين البلدين، عبر تخصيص منطقة صناعية للمصانع القطرية على غرار ما حدث مع عدد من الدول. وأضاف: «عرضنا أيضاً على الجانب القطري إمكان مشاركته في مصانع قائمة بالفعل ومنتجة، لكنها تحتاج إلى ضخ مزيد من الاستثمارات بما يسهم في رفع كفاءتها وزيادة إنتاجيتها».

وأشار إلى وجود «فرص مهمة للتعاون مع الجانب القطري منها على سبيل المثال قطاعا الألمنيوم والحديد».