وزير ليبي لـ«الشرق الأوسط»: حوار جنيف سيفشل.. وحل الأزمة عسكري

تصاعد الخلافات بين البرلمان السابق ومصراتة.. وحكومة الثني تنفي إعلان بنغازي منطقة عسكرية

برناردينو ليون الممثل الخاص للأمم المتحدة في ليبيا في صورة تذكارية مع نواب ورئيس مجلس النواب الليبي  الذي يوجد مقره في طبرق عقب عقده مؤتمرا صحافيا في قصر الأمم في جنيف أمس (رويترز)
برناردينو ليون الممثل الخاص للأمم المتحدة في ليبيا في صورة تذكارية مع نواب ورئيس مجلس النواب الليبي الذي يوجد مقره في طبرق عقب عقده مؤتمرا صحافيا في قصر الأمم في جنيف أمس (رويترز)
TT

وزير ليبي لـ«الشرق الأوسط»: حوار جنيف سيفشل.. وحل الأزمة عسكري

برناردينو ليون الممثل الخاص للأمم المتحدة في ليبيا في صورة تذكارية مع نواب ورئيس مجلس النواب الليبي  الذي يوجد مقره في طبرق عقب عقده مؤتمرا صحافيا في قصر الأمم في جنيف أمس (رويترز)
برناردينو ليون الممثل الخاص للأمم المتحدة في ليبيا في صورة تذكارية مع نواب ورئيس مجلس النواب الليبي الذي يوجد مقره في طبرق عقب عقده مؤتمرا صحافيا في قصر الأمم في جنيف أمس (رويترز)

رغم نبرة التفاؤل التي غلف بها أمس مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا، برناردينو ليون، تصريحاته بشأن المحادثات التي ترعاها المنظمة الدولية في مدينة جنيف السويسرية بين الفصائل الليبية المتنافسة، والتي قال إنها تهدف للتوصل إلى تسوية سياسية لتشكيل حكومة وحدة يمكن أن تدعمها غالبية الليبيين، فإن مصادر ليبية رسمية توقعت لـ«الشرق الأوسط» فشل جولة جنيف في التوصل إلى أي حل للأزمة الليبية.
وقال وزير في الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني، لـ«الشرق الأوسط»، إن الحوار الذي ترعاه الأمم المتحدة في جنيف، والذي بدأ أعماله أمس، لن يفضي إلى أي نتائج إيجابية. وأضاف الوزير الذي اشترط عدم تعريفه «إنه مضيعة للوقت، الجميع يعلم أن حسم الأزمة لن يكون إلا عسكريا، وحوار جنيف سيفشل بسبب تشدد المتطرفين الذين يسيطرون على العاصمة طرابلس».
في المقابل، عبر المبعوث الأممي ليون، أمس، في مؤتمر صحافي عقده في مستهل الاجتماعات، عن أمله في أن تلتزم الفصائل المسلحة بوقف لإطلاق النار لدعم هذه العملية، لافتا إلى أن الباب سيظل مفتوحا، وأنه متفائل بعد قرار عدد من البلديات المتحالفة مع طرابلس المجيء للمحادثات. لكن وزارة الحكم المحلي في ما يسمى حكومة الإنقاذ الوطني التابعة للمؤتمر الوطني العام (البرلمان) السابق، المنتهية ولايته، رفعت الصفة الرسمية عن ممثلي البلديات المشاركة في اجتماعات جنيف.
وقالت الوزارة، في بيان لها، إن «المؤتمر الوطني باعتباره السلطة العليا هو من يمتلك التفويض بتمثيل الشعب الليبي في الشأن السياسي»، معتبرة أن «كل من يشاركون في هذا الحوار من عمداء بلديات وأعضاء مجالس بلدية لا يمثلون إلا أنفسهم».
ونبهت الجهات والمنظمات الدولية الداعية للحوار إلى مراعاة الصلاحيات والاختصاصات القانونية لمن تدعوهم للمشاركة في الحوار، حتى لا تضع المدعوين غير المخولين تحت طائلة المساءلة القانونية. وأشارت إلى أن التشريعات لم تمنح أي صلاحية أو اختصاص للمجالس البلدية بممارسة العمل السياسي أو التواصل الدبلوماسي، موضحة أن المجالس البلدية لا تعبر عن إرادة المواطنين ولا تمثلهم أو تنوب عنهم في الشأن السياسي، أو في اتخاذ القرارات الاستراتيجية ذات العلاقة بمصير الوطن.
ويؤكد هذا البيان صحة المعلومات التي أكدتها «الشرق الأوسط» أول من أمس بشأن وجود انقسام بين تحالف ما يسمى «عملية فجر ليبيا»، الذي يضم البرلمان السابق وحكومته ومدينة مصراتة المتحالفة أساسا مع الجماعات المتشددة. وانتقدت قوات «فجر ليبيا» المسيطرة على العاصمة طرابلس بقوة السلاح منذ شهر أغسطس (آب) الماضي حوار جنيف، وأدرجته ضمن ما وصفته بـ«سلسلة من الإملاءات المعدة مسبقا». وقال المكتب الإعلامي لهذه القوات، في بيان صحافي، إن «جلسة الحوار في جنيف لا تمت لمعنى الحوار الحقيقي بأي صلة»، مؤكدا أن «أي مخرجات قد تنتج عن هذا الحوار مضروب بها عرض الحائط ولا تمثلنا كثوار، وغير ملزمين أبدا بها ما لم نكن مشاركين فيها».
وكانت بعثة الأمم المتحدة قد أعلنت أسماء 23 شخصية سياسية وحقوقية، وصلت بالفعل إلى جنيف للمشاركة في الحوار الذي غاب عنه حتى الآن البرلمان السابق. وأعلنت البعثة أن المباحثات تستهدف ضمان انسحاب مرحلي لجميع الجماعات المسلحة من المدن والبلدات الرئيسية، بما في ذلك طرابلس، وتمكين الدولة من بسط سلطتها على المؤسسات الحكومية والمنشآت الاستراتيجية وغيرها من المرافق الحيوية.
من جهة أخرى، نفت الحكومة الانتقالية التي يترأسها عبد الله الثني إعلانها تحويل مدينة بنغازي في شرق ليبيا إلى منطقة عسكرية يحظر فيها التظاهر ضد قوات الجيش والأمن. وقالت الحكومة، في بيان أصدرته أمس، إن ما نسب إليها بشأن دعوات الخروج ضد قوات الجيش الليبي في بنغازي (اليوم الخميس) لم يصدر عنها، وهو محض افتراء، داعية إلى الانتباه إلى مثل هذه البيانات المزورة والتي تهدف إلى زرع الفتن والفوضى في البلاد.
وكانت الحكومة بهذا البيان تنفي ما نسب إليها، بشأن تحذيرها من المظاهرات التي أعلنت ميلشيات فجر ليبيا المتطرفة تنظيمها اليوم (الخميس) في مدينة بنغازي ضد قوات الجيش والشرطة. وزعم البيان، الذي نفته الحكومة لاحقا، أن بنغازي منطقة عسكرية ولن يسمح فيها بأي تجمع مدني أو عسكري، وأنها ستتخذ الإجراءات التي تحفظ الأمن وتمنع التظاهر من قبل جماعات إرهابية.
على صعيد آخر، وفيما دشن متطرفون ما يسمى «نظام الحسبة» في شوارع العاصمة طرابلس لإزالة ما وصفوه بالمنكرات من الأسواق التجارية في المدينة، أعلنت حكومة الحاسي التي نصبها المسلحون المتطرفون فصل البنات عن الأولاد في جميع المدارس الليبية. وقالت وزارة التربية والتعليم بالحكومة غير المعترف بها دوليا «يجري إيقاف العمل بالقرارات السابقة للوزارة التي تكرس عملية الاختلاط في المدارس»، مشيرة إلى أن القرار الذي يعد الأول من نوعه في البلاد يشمل مختلف مراحل التعليم. وأوضحت الوزارة أن قرار الفصل سينفذ على خطوتين، الأولى في عطلة نصف العام الحالي بنقل المعلمين والإداريين في مدارس البنات إلى مدارس البنين وبالعكس، فيما سيبدأ فصل التلاميذ البنين عن البنات خلال العام الدراسي المقبل.
وتشهد ليبيا انقساما سياسيا مع وجود حكومتين برئاسة الثني والحاسي ومجلسين تشريعيين هما مجلس النواب المنتخب، والبرلمان السابق الذي قرر في نهاية أغسطس الماضي استئناف نشاطه، رغم انتهاء ولايته وتكليف الحاسي بتشكيل حكومة إنقاذ، بعد سيطرة ميلشيات «فجر ليبيا» على العاصمة طرابلس.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».