دراسة: الحياة المحتملة على المريخ ربما وُجدت تحت سطحه

صورة تظهر جزءاً من سطح كوكب المريخ (أرشيفية - رويترز)
صورة تظهر جزءاً من سطح كوكب المريخ (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة: الحياة المحتملة على المريخ ربما وُجدت تحت سطحه

صورة تظهر جزءاً من سطح كوكب المريخ (أرشيفية - رويترز)
صورة تظهر جزءاً من سطح كوكب المريخ (أرشيفية - رويترز)

كشفت دراسة حديثة أنه إذا كانت هناك حياة بالفعل على كوكب المريخ القديم، فربما لم تجد طريقا إلى السطح - ولكنها كانت موجودة على بعد أميال كثيرة تحته. وتشير الدراسة، التي نُشرت في مجلة «ساينس أدفانسيس»، إلى أن الجزء الأكثر ملاءمة للسكن على المريخ في الماضي كان على الأرجح تحت سطحه، وفقا لشبكة «سي إن إن».
والحياة، كما نفهمها على الأرض، تتطلب بعض المكونات الأساسية. الماء هو واحد من هؤلاء. ولسنوات كثيرة، كانت سلسلة مهام وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» الروبوتية «تتبع المياه» على المريخ لمعرفة المزيد عن تاريخ الكوكب، بما في ذلك ما إذا كان يدعم الحياة.
وبينما يعتقد الكثير من العلماء أن كوكب المريخ كان دافئا ورطبا منذ مليارات السنين قبل أن يصبح صحراء متجمدة كما هو الحال اليوم، يشير آخرون إلى ما يعرف بمعضلة الشمس الصغيرة الخافتة.
وقبل 4 مليارات عام، كانت شمسنا أضعف بكثير، أي بنحو 30 في المائة. لقد أصبحت أكثر دفئا وإشراقا بمرور الوقت. إذا كان الأمر كذلك، فسيكون المريخ القديم باردا وجافا جدا بالنسبة للماء أو الحياة على سطحه.
اليوم، يتلقى المريخ نحو 43 في المائة فقط من ضوء الشمس المركز الذي تتلقاه الأرض من الشمس. هذا يعني أن درجات الحرارة على كوكب المريخ القديم كانت ستكافح للارتفاع فوق نقطة انصهار جليد الماء.
لكن الخصائص الجيولوجية على كوكب المريخ تظهر دليلا على وجود معادن ممتلئة ومجاري الأنهار والبحيرات القديمة. يشير هذا الدليل إلى حقيقة أن المريخ كان يحتوي على الأرجح على وفرة من الماء السائل خلال عصر نواشيان، أو ما بين 3.7 و4.1 مليار سنة مضت.
هذا التناقض بين النمذجة المناخية والسجل الجيولوجي للمريخ هو تابع لقضية الشمس الصغيرة الخافتة.
وتحتوي الكواكب الصخرية في نظامنا الشمسي - الأرض والزهرة وعطارد والمريخ - على عناصر تولد الحرارة من خلال الاضمحلال الإشعاعي. وتشمل هذه العناصر اليورانيوم والبوتاسيوم والثوريوم.
ويكون هذا النوع من التسخين كافيا لإذابة قيعان الصفائح الجليدية السميكة لتكوين ماء سائل، حتى مع أشعة الشمس الخافتة. على الأرض، يمكن رؤية هذا النوع من التسخين، المسمى بالحرارة الجوفية، في البحيرات تحت الجليدية المتكونة في أجزاء من الغطاء الجليدي في غرب أنتاركتيكا، القطب الشمالي الكندي وغرينلاند.
وتفسر ظاهرة الحرارة الجوفية أيضا الماء السائل على المريخ المتجمد البارد قبل 4 مليارات سنة.
*فهم المريخ القديم
استخدم الباحثون مجموعة متنوعة من البيانات لاختبار نظريتهم حول التدفئة الحرارية على المريخ منذ مليارات السنين. تضمنت هذه البيانات سمك الرواسب الجليدية في المرتفعات الجنوبية للمريخ وتقديرات لدرجة حرارة سطح الكوكب السنوية وتدفق الحرارة من الداخل إلى السطح منذ 4 مليارات سنة.
من خلال النمذجة، وجد العلماء أن ذوبان الصفائح الجليدية السميكة تحت السطح كان من شأنه أن يؤدي إلى وفرة المياه الجوفية على المريخ.
وقال كبير مؤلفي الدراسة لوجندرا أوجها، الأستاذ المساعد في قسم علوم الأرض والكواكب في كلية الآداب والعلوم في جامعة روتغرز - نيو برونزويك: «حتى لو تم ضخ غازات الدفيئة مثل ثاني أكسيد الكربون وبخار الماء في الغلاف الجوي المبكر للمريخ في عمليات المحاكاة الحاسوبية، فإن النماذج المناخية لا تزال تكافح من أجل دعم كوكب المريخ الدافئ والرطب على المدى الطويل».
وتابع: «أقترح أنا وزملائي في التأليف إمكانية التوفيق بين مفارقة الشمس الصغيرة الخافتة، جزئيا على الأقل، إذا كان المريخ يعاني من حرارة جوفية عالية في الماضي».
رغم أنهم لا يعرفون ما الذي حدث لجعل المريخ غير مضياف إلى هذا الحد، حتى لو كان يدعم مناخا دافئا ورطبا، بمرور الوقت فقد الكوكب الأحمر مجاله المغناطيسي، وجرد الكثير من غلافه الجوي وعانى من انخفاض في درجة الحرارة.
هذا يعني أنه من أجل أن يكون للماء السائل وجود مستقر على المريخ، يجب أن يكون تحت سطحه.
وكتب المؤلفون في الدراسة: «بغض النظر عن الطبيعة الفعلية لمناخ المريخ القديم، فإن باطن الأرض ربما كان أكثر المناطق الصالحة للسكن على المريخ».
واقترح الباحثون أنه مع تغلغل الماء في المريخ بشكل أعمق، ربما تكون أي حياة باقية قد تبعته على بعد أميال تحت السطح.
وقال أوجها: «في مثل هذه الأعماق، يمكن أن تستمر الحياة من خلال النشاط الحراري المائي (التسخين) وتفاعلات المياه الصخرية... لذلك، قد تمثل الطبقة تحت السطحية البيئة الصالحة لوجود حياة على المريخ في الماضي».
وربما كان هذا هو الحال في وقت مبكر من الأرض أيضا.


مقالات ذات صلة

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

يوميات الشرق المريخ أكثر دفئاً من الأرض ليوم واحد (ناسا)

مدينة أميركية تتجمّد... وحرارتها تهبط إلى ما دون المريخ!

شهدت مدينة منيابوليس، كبرى مدن ولاية مينيسوتا الأميركية، انخفاضاً لافتاً في درجات الحرارة الشهر الماضي، حتى باتت، لبرهة، أبرد من كوكب المريخ نفسه.

«الشرق الأوسط» (مينيسوتا (الولايات المتحدة))
علوم صورة للمسبار «بيرسيفيرنس» تعود إلى يوليو 2024 (ناسا - أ.ب)

علماء يلتقطون «صوت البرق» على سطح المريخ

ذكرت وكالة أسوشييتد برس أن العلماء تمكنوا من رصد ما يعتقدون أنه برق على كوكب المريخ، وذلك من خلال التنصّت على صوت رياح دوّارة سجّلها مسبار «بيرسيفيرنس».

«الشرق الأوسط» (كيب كانافيرال، فلوريدا)
تكنولوجيا صورة نشرتها «ناسا» تظهر مركبة «بيرسيفيرانس» التابعة لناسا في المريخ وهي تلتقط صورة في 23 يوليو 2024 (أ.ب)

مسبار أميركي يعثر على دلالة محتملة لوجود حياة قديمة على كوكب المريخ

عثر مسبار أميركي على عينة من صخور تشكلت قبل مليارات السنين من رواسب في قاع بحيرة تحوي دلالات محتملة على وجود ميكروبات على كوكب المريخ منذ زمن بعيد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا صاروخ فالكون 9 التابع لشركة «سبيس إكس» ينطلق إلى محطة الفضاء الدولية من كيب كانافيرال في فلوريدا الأميركية... 1 أغسطس 2025 (رويترز)

«سبيس إكس» تُبرم اتفاقية تاريخية مع إيطاليا لاستكشاف المريخ

وقّعت شركة «سبيس إكس» المملوكة للملياردير إيلون ماسك، شراكة رائدة مع وكالة الفضاء الإيطالية لنقل أدوات علمية إلى المريخ.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق كوكب المريخ (الشرق الأوسط)

دراسة: الأشعة الكونية قد تدعم نشوء الحياة في المريخ وأقمار النظام الشمسي

دراسة حديثة تكشف عن إمكانية نشوء الحياة في أعماق كوكب المريخ وبعض الأقمار المغطاة بالجليد في النظام الشمسي بفعل الأشعة الكونية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
TT

معرض «ديفا» حكايات الإبداع الإيطالي في تصميم المجوهرات

رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)
رئيس المعهد الثقافي الايطالي أنجلو جووي خلال جولته في المعرض (الشرق الأوسط)

لا يشكّل معرض «ديفا» (رحلة في بريق المجوهرات الإيطالية) قصة عادية لفنانين مصمّمين، بل يروي حكاية شيّقة عن تاريخ هذا الفنّ اليدوي في إيطاليا. فتبرز خصوصيته في قطعٍ مشغولة بتأنٍ، تشبه بتركيبتها لوحاتٍ تشكيلية مطرّزة بزجاج المورانو وأحجار الـ«سواروفسكي» البلّورية، فتصنع لغةَ أناقةٍ راقية بابتكاراتها، تبدأ منذ خمسينات القرن الماضي وصولاً حتى يومنا هذا.

بعض المجوهرات الطريفة التي تلوّن معرض «ديفا» (الشرق الأوسط)

يحطّ هذا المعرض رحاله في بيروت بعد جولات ناجحة في عدد من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. يقدم رحلة ثقافية فريدة من نوعها، تجمع بين روعة التصميم الإيطالي وإبداعه في عالم المجوهرات عبر التاريخ الحديث. ويقام المعرض برعاية السفارة الإيطالية، بتنظيم من المعهد الثقافي الإيطالي ونادي اليخوت في بيروت.

ومع عرض نحو 200 قطعة مصنوعة يدوياً، يستعرض الزائر سبعين عاماً من المهارة الحرفية الإيطالية. وتشرف على تنسيق المعرض ألبا كابيلييري، أستاذة تصميم المجوهرات في معهد البوليتكنيكو في ميلانو، ومديرة متحف «فيتشنزا» للمجوهرات في إيطاليا.

صُمّم المشروع على شكل معرض متنقّل يزور السفارات والمعاهد الثقافية الإيطالية حول العالم. ويسلّط الضوء على أبرز نماذج هذه الحرفة اليدوية. وتأتي القطع من توقيع أبرز مصممي دور الأزياء الكبرى، الذين يختبرون مواد وتقنيات جديدة، ما يجعل المعرض تجربة تجمع بين الإبداع والتقنية والابتكار.

ويرى رئيس المعهد الثقافي الإيطالي في بيروت، الدكتور أنجلو جووي، أن العاصمة اللبنانية تشكّل محطة بالغة الأهمية لهذا الحدث، إذ يلتقي بإرثها الحرفي المتأثر بتبادل الثقافات. وبذلك، يصبح حضور المعرض في بيروت خاتمة رمزية لمسيرته، ما يمنحه سياقاً غنياً للاحتفاء بالإبداع والمهارة والتصميم.

أطواق مصنوعة من البلاستيك والجلد في أحد أركان معرض «ديفا» (الشرق الأوسط)

ويشير جووي إلى أن المعرض يقدّم تصاميم المجوهرات بعيداً عن قيمة المعادن والأحجار الكريمة. مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» «أنه ينقل تطور صناعة المجوهرات منذ الخمسينات حتى اليوم. ويعرّفنا على أناقة مختلفة برموزها وأبعادها. فمعظم التصاميم تواكب المرأة العملية. وهناك قسم خاص في أحد أركان المعرض يحمل عنوان (الألفية الجديدة). وتتضمن المجوهرات البديلة المعاصرة. وهي منفذة بأدوات تفاجئ مشاهدها، فترتكز على مواد بلاستيكية ومعدنية وأخرى تدخلها مادة الجلد».

المعرض يقوم برحلته الأخيرة في لبنان قبل أن يعود إلى موطنه الأم إيطاليا. «هناك سيتم إعادة هذه المجوهرات لأصحابها من دور أزياء». ويتابع أنجلو جووي: «إن منسقة المعرض ألبا كابيلييري رغبت في أن تلفت نظر هواة المجوهرات إلى أسلوب فني متقدّم، لا يرتكز على الماس والذهب والأحجار الكريمة والمعادن المشهورة، ولكن على حرفية متوارثة تقوم على أسماء عائلات اشتهرت في هذا المجال، فتم ارتداؤها من قبل الناس على اختلافهم، وفي عروض أزياء كبيرة. ففي هذه الأخيرة عادة ما يبتعد منظموها عن استخدام المعادن الثمينة».

تكمل جولتك في المعرض لتطالعك قطع مجوهرات برّاقة، أساور، وأقراط، وعقود وغيرها. ومن بينها موقّع من قبل دور الأزياء الإيطالية المعروفة عالمياً. فتحضر دار «فيرساتشي» كما «غوتشي» و«فالنتينو» وغيرها.

بدأت جولات هذا المعرض في العالم منذ نحو 5 سنوات. وتكمن أهميته في إبرازه تطور هذه الحرفة من خلال مجوهرات معاصرة. وتعدّ ثمينة بفضل إرثها التاريخي الغني.

مائتا قطعةِ مجوهرات تتوزّع على المعرض في نادي اليخوت وسط بيروت. وتمثّل المرآة الجمالية للمجتمع، من «دولتشي فيتا» في خمسينات القرن الماضي إلى أزياء الـ«بريت-آ-بورتيه» في ثمانيناته، وصولاً إلى البساطة في تسعيناته ضمن تكنولوجيا الموضة في الألفية الجديدة. وتُظهر تحوّل الأنماط والعادات، وطموحات النساء وإنجازاتهن، وتطوّر الأشكال والمواد، وتقنيات الإنتاج الجديدة. ويحتضن المعرض الأطواق المؤلّفة من طبقات عدّة، والأساور المنحوتة، وقطعاً مرحةً تترك البسمة عند ناظرها.

يتناول «ديفا» تاريخ حرفة صناعة المجوهرات الايطالية الحديثة (الشرق الأوسط)

وتحمل بعضها اللمحة الشرقية من خلال تقنية الـ«فيلي غرانا»، القائمة تصاميمُها على تجديلاتٍ دقيقة أو على تطعيم القطعة بالزجاج المنفوخ. وهو ما يجسّده تاجٌ ذهبي من توقيع «دولتشي أند غابانا» نلحظه في المعرض. ويذكر رئيس المعهد الثقافي الإيطالي جووي أن نقاط التشابه هذه ولّدت مساحة التقاء بين المعرض ومنطقة الشرق الأوسط.

وعن سبب تسمية الحدث بـ«الديفا» يشرح لـ«الشرق الأوسط»: «إنها إشارة إلى إمكانية أن تتحوّل كلّ امرأة إلى نجمة من خلال أسلوبها في انتقاء المجوهرات والأزياء. فليس من الضروري أن تشعر بذلك من خلال ارتداء الجواهر الثمينة فقط. فيحضر عندها الإحساس بهذا البريق ما دامت منسجمةً مع ما ترتديه، سواء أكان ثميناً أم بسيطاً».


المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)
المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)
TT

المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)
المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)

أعلنت مجلة «فارايتي» الأميركية اختيار المخرجة المصرية سارة جوهر ضمن قائمة «أفضل 10 مخرجين واعدين»، وهي أبرز قائمة سنوية تُسلَّط فيها الأضواء على المواهب الإخراجية الجديدة. ويأتي هذا الاختيار في ظل النجاح الذي يحقّقه فيلمها الروائي الطويل الأول «عيد ميلاد سعيد»، الممثّل لمصر في منافسات الأوسكار.

وذكرت «فارايتي» أن المخرجين العشرة الواعدين سينضمون بذلك إلى أسماء لامعة سبق أن اختارتهم المجلة بوصفهم مواهب جديرة بالمتابعة، مثل كريستوفر نولان، وروبن أوستلوند، وويس أندرسون، وألفونسو كوارون، وستيف ماكوين، وبين زيتلين، وذلك قبل سنوات من حصولهم على ترشيحات لجائزة أفضل مخرج في جوائز «الأوسكار».

وضمّت القائمة كلاً من: أكينولا ديفز عن فيلم «ظلّ أبي»، وبث دي أراجو عن فيلم «جوزفين»، وجان-أولي جيرستر عن فيلم «آيسلندا»، وسارة جوهر عن فيلم «Happy Birthday»، وديف غرين عن فيلم «Coyote vs. Acme»، وشاندلر ليفاك عن فيلم «Mile End Kicks»، وهاري لايتون عن فيلم «Pillion»، وإن. بي. ماجر عن فيلم «Run Amok»، وكريستين ستيوارت عن فيلم «The Chronology of Water»، وولتر سيمبسون هيرنانديز عن فيلم «If I Go Will They Miss Me».

وأعربت سارة جوهر عن سعادتها الكبيرة بهذا الاختيار غير المتوقع، لتكون المخرجة العربية الوحيدة ضمن قائمة أفضل 10 مخرجين واعدين خلال العام الحالي. وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «تفاجأت بهذا الاختيار المذهل، فقد كنت أدرك منذ دراستي للسينما في الولايات المتحدة أهمية هذه القائمة. بعض المخرجين الذين حصدوا جوائز (الأوسكار)، مثل روبن أوستلوند، كانوا ضمنها قبل سنوات. لذلك لا أزال غير مستوعبة تماماً هذا التكريم، وأنا ممتنّة وفخورة بما يحقّقه فيلمي الأول».

سارة جوهر هي رابع مخرجة عربية تُدرج في هذه القائمة، بعد 3 مخرجات سبقتها إليها، وهنّ السعودية هيفاء المنصور، واللبنانية نادين لبكي، والفلسطينية شيرين دعيبس.

وأضافت سارة، الموجودة حالياً في لوس أنجليس لمتابعة عروض «الأوسكار» الخاصة بفيلمها، أنها دعت أعضاء الأكاديمية لمشاهدته في سانتا باربارا ونيويورك وكاليفورنيا، معربةً عن سعادتها بردود فعلهم الإيجابية وتأثرهم أثناء مشاهدة الفيلم.

تدور أحداث الفيلم حول الطفلة «توحة»، التي تعمل خادمة في منزل أسرة ثرية وترتبط بصداقة مع ابنة صاحبة المنزل، حيث تسعى إلى إعداد حفل عيد ميلاد استثنائي لصديقتها، وهي تُخفي في داخلها أمنية بأن تختبر هي أيضاً الاحتفال بعيد ميلادها.

الفيلم من بطولة نيللي كريم، وشريف سلامة، والطفلة ضحى رمضان. وقد عُرض للمرة الأولى في مهرجان «تريبيكا السينمائي» في الولايات المتحدة، وحصد 3 جوائز: أفضل فيلم دولي، وأفضل سيناريو، وجائزة «نورا إيفرون» لأفضل مخرجة.

كتبت سارة جوهر قصة الفيلم بالاشتراك مع زوجها المخرج محمد دياب، في حين شارك في إنتاجه الممثل والمنتج الأميركي جيمي فوكس.

فريق عمل الفيلم في مهرجان تريبيكا (الشرق الأوسط)

وتقول سارة: «حين كنت أعمل على الفيلم لم أفكّر إلى أين سيصل، بل ركّزت على إيجاد أفضل طريقة للتعبير عن مشاعر أبطاله. كان كلّ تركيزي على الأداء وعناصر الفيلم ليترك أثراً قوياً في كل من يشاهده. فالفيلم الجيد، في رأيي، يكمن في قدرته على التأثير وإحداث التغيير لدى المتلقي. وقد أسعدني أن من شاهدوا الفيلم في (صندانس) أو (الجونة) أو في أميركا خرجوا بانطباعات تؤكد هذا التأثير».

ولفتت سارة إلى أن الأيام العشرة المتبقية قبل إعلان نتائج التصفية الأولية لمسابقة «أفضل فيلم دولي غير ناطق بالإنجليزية»، في 15 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تُعدّ الأكثر أهمية، إذ تشهد حضور معظم أعضاء الأكاديمية لعروض الأفلام المرشّحة. ولذلك تُكثّف جهودها في دعوتهم لمشاهدة الفيلم، الذي تُقام له في الوقت نفسه عروض في مدن أوروبية عدّة، من بينها باريس وبرشلونة وبرلين، لوجود أعضاء للأوسكار فيها. بيد أنها تشير إلى أن الجزء الأكبر من الحملة يجري في الولايات المتحدة، حيث تعقب العروض جلسات نقاش يطرح خلالها أعضاء الأكاديمية أسئلتهم على المخرجة حول الفيلم.

وتشير سارة إلى أن فيلم «عيد ميلاد سعيد» تم اختياره في مهرجان «بالم سبرينغز» ضمن قسم الأوسكار، لافتةً إلى أن أكثر من 90 في المائة من الأفلام التي تُرشَّح للجائزة تكون ضمن برمجة هذا المهرجان، وهو ما تعدّه إنجازاً كبيراً، رغم أن رحلة الفيلم لم تبدأ من المهرجانات الكبرى مثل «كان» و«برلين» و«فينيسيا»، بحسب تعبيرها.

وتشهد مسابقة أفضل فيلم دولي في النسخة الـ98 من جوائز «الأوسكار» منافسة قوية مع مشاركة 86 فيلماً، إضافة إلى حضور عربي لافت تسيطر عليه المخرجات بشكل ملحوظ. إذ تشارك 8 دول عربية هي: السعودية بفيلم «هجرة» لشهد أمين، وتونس بفيلم «صوت هند رجب» لكوثر بن هنية، والمغرب بفيلم «شارع مالقة» لمريم توزاني، ولبنان بفيلم «نجوم الأمل والألم» لسيريل عريس، وفلسطين بفيلم «فلسطين 36» لآن ماري جاسر، والعراق بفيلم «مملكة القصب» لحسن هادي، والأردن بفيلم «اللي باقي منك» لشيرين دعيبس، إضافة إلى الفيلم المصري «عيد ميلاد سعيد» لسارة جوهر.


«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
TT

«عيد الكاريكاتير المصري» يحتفي بـ«المتحف الكبير» وطوغان

لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)
لوحة الفنان لويس هارو من أوروغواي (الشرق الأوسط)

في «عيد الكاريكاتير المصري» الخامس، يحتفي فنانون من مصر والبلاد العربية وأوروبا بـ«المتحف المصري الكبير»، وبمرور مائة عام على ميلاد فنان الكاريكاتير أحمد طوغان، أحد رموز مدرسة الكاريكاتير المصرية.

المعرض الاستثنائي، الذي افتتحه الفنان محمد عبلة، الخميس، ويستمر حتى 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، يضمُّ 150 لوحة، وتستضيفه قاعتا «نهضة مصر» و«إيزيس» في «مركز محمود مختار الثقافي» بالقاهرة، ضمن مبادرة «فرحانين بالمتحف الكبير ولسه متاحف مصر كتير» التي أطلقتها مصر بهدف تعزيز ارتباط المواطنين بتراثهم الثقافي والفني.

لوحة الفنان الأردني محمود الرفاعي (الشرق الأوسط)

وقال الفنان فوزي مرسي، قوميسير المعرض، إن الأعمال التي شاركت في الاحتفاء بمئوية طوغان اقتصرت على الفنانين المصريين، وجاءت بأساليب متعددة؛ فمنهم من رسمه وهو يحمل ريشته كسلاح لمواجهة الفساد ومشكلات المجتمع وعيوبه، مثل الفنان مصطفى الشيخ، في حين صوّره الفنان حسني عباس في لوحة معبّرة وهو يحمل ريشته كشعلة يضيء بها الظلام من حوله، في إشارة إلى ما قدّمه طوغان عبر مسيرته في فن الكاريكاتير. أما في لوحة لخضر حسن، فجاء تصويره لطوغان وهو يحمل قلماً تنطلق منه رصاصات ضد الفساد وأمراض المجتمع.

ويضيف مرسي لـ«الشرق الأوسط»: «جاءت أبرز المشاركات العربية في (عيد الكاريكاتير) من الإمارات، من خلال عمل للفنانة آمنة الحمادي. ومن السعودية حيث شارك الفنان أمين الحبارة بلوحة رسم في قلبها هرماً كبيراً تتصدره راية مصر، وتظهر خلفه مجموعة من الأهرامات. ومن الأردن شارك الفنان محمود الرفاعي، وقد كرّمته جمعية الكاريكاتير وأهدته درعها تقديراً له. واحتفت لوحته بالمتحف المصري الكبير عبر رموز فرعونية وقبطية وإسلامية وفنية وثقافية، رآها عناصر أساسية في تشكيل الشخصية المصرية، وجعل الأهرامات وأبو الهول في قلبها بوصفهما العماد الذي تقوم عليه حضارة مصر».

طوغان يحمل شعلة مضيئة... لوحة الفنان حسني عباس (الشرق الأوسط)

لوحاتُ الفنانين الأجانب عبّرت عن سعادتهم بافتتاح المتحف، وقدّموا أعمالاً رسموها خصيصاً لـ«عيد الكاريكاتير». وجاءت بعض المشاركات من الصين وبولندا وإسبانيا، ومن أوروغواي التي شارك منها الفنان لويس هارو بلوحةٍ رسم في قلبها فارساً فرعونياً يرحّب بزيارة المتحف. كما ركّزت لوحات فناني أوكرانيا على إبراز عناصر مصرية خاصة، من بينها أبو الهول والأهرامات و«حورس» والكباش، فجاءت بمثابة رسالة سلام ترحِّب بافتتاح المتحف الكبير وتدعو إلى زيارته.

أمّا لوحات الفنانين المصريين التي شاركت في الاحتفال بالمتحف، فقد اتخذ بعضها منحًى اجتماعياً ساخراً، منها عملٌ للفنان سعيد أبو العينين صوَّر فيه زوجةً تهاتف والدتها مستنجدةً بها من زوجها وابنها، مشيرةً إلى أنهما بعد افتتاح المتحف «تفرعنا» عليها، في إشارة إلى استعراضهما القوة أمامها. وقد اتخذ الفنانان عمرو سليم ودعاء العدل المنحى الساخر نفسه في أعمالهما.

لوحة الفنان الأوكراني كازانيفسكي (الشرق الأوسط)

«تركّزت لوحات الرسامين الأجانب المشاركة على الصورة، بخلاف المصريين الذين كان لتعبيرهم بالكلمات دورٌ أساسي في تشكيل أعمالهم وتكويناتها»، وفق الفنان سمير عبد الغني، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «(عيد الكاريكاتير) في دورته الخامسة يتشكّل من موضوعين: الأول الاحتفال بافتتاح المتحف الكبير، والثاني مئوية ميلاد طوغان».

وأضاف عبد الغني: «في كل الدورات السابقة كانت المشاركة تقتصر على فناني مصر، لكن هذه السنة كانت متميّزة، خصوصاً بمناسبة افتتاح المتحف الكبير؛ لذا وجّهنا دعوات إلى فنانين من بلدان كثيرة للمشاركة. وتميّزت لوحاتهم بوعي بصري كبير اشتغلوا من خلاله على الصورة التي سيطرت على التكوين، بخلاف لوحات المصريين التي ينقسم تشكيلها بين الرسم والتعبير اللغوي. والفرق بيننا وبينهم، كما أرى، نابعٌ من أنهم يشتغلون على فكرة سبعة آلاف سنة حضارة، والمومياوات، والضوء الذي يخرج من قلب عالمنا الخاص الساحر الزاخر بالعظمة منذ آلاف السنين، ومن هنا جاءت رسوماتهم مختلفة، بخلاف أعمال المصريين التي اتسمت بالوضوح والمباشرة».

لوحة الفنان جورج رودريغيز من فنزويلا (الشرق الأوسط)

تعود الفروق بين مساهمات فناني مصر والمشاركات الأجنبية، حسب عبد الغني، إلى ما يمكن تسميته بـ«الوعي البصري» المرتبط بثقافة الفنانين الأجانب، التي تتغذّى على زيارة المتاحف وما تضمه من آثار وتحف مصرية قديمة، إضافة إلى الاهتمام المبكر بالصورة عبر التعليم في مراحله المختلفة. أمّا الفنانون المصريون، فيأتي تعبيرهم في رسوم الكاريكاتير متأثّراً بسيطرة التعبير اللغوي في كثير من فنوننا، منها الأغنية والنكتة. ولعل أعمال مصطفى حسين، وأحمد رجب، وصلاح جاهين، وحجازي، وبهجت عثمان، وغيرهم كثيرون، خير تمثيل لذلك.

ورحّبت وزارة الثقافة المصرية بالمعرض، مشيرةً في بيان إلى أن «عيد الكاريكاتير» يهدف إلى ترسيخ الشعور بالهوية المصرية، وإعادة تسليط الضوء على ما تمتلكه مصر من متاحف وقيمة حضارية فريدة، إضافةً إلى تشجيع المشاركة المجتمعية في الفعاليات الثقافية والفنية التي تنظمها المتاحف المصرية، وتعميق الوعي بدورها بوصفها جسوراً تربط المصريين بتاريخهم العريق، وتغرس الانتماء من خلال الاحتفاء بموروثهم الإنساني والحضاري.

وتعكس الأعمال المشاركة تنوّعاً بصرياً وفنياً لافتاً؛ إذ تجمع بين النقد المرح، والفلسفة الساخرة، والطرح الإنساني، بما يمنح الجمهور تجربةً غنية تُبرز قدرة الكاريكاتير على تناول القضايا الكبرى بلغة فنية جذابة وقريبة من الناس.