نواب يهاجمون الحكومة الجزائرية بعد استقبال وزير داخلية فرنسا

عبد الرزاق مقري هاجم بشدة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
عبد الرزاق مقري هاجم بشدة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
TT

نواب يهاجمون الحكومة الجزائرية بعد استقبال وزير داخلية فرنسا

عبد الرزاق مقري هاجم بشدة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
عبد الرزاق مقري هاجم بشدة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

شهد «مجلس الأمة» الجزائري (الغرفة البرلمانية الثانية)، أمس، احتجاج بعض أعضائه على استقبال مسؤول فرنسي كبير بعد تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون، التي عُدّت مسيئة للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم. فيما اتهم أعضاء آخرون الحكومة بـ«الفشل الذريع» في مواجهة أزمة «كوفيد19»، التي ازدادت حدتها منذ اندلاع الموجة الثانية من الإصابات.
فبعد الاستياء الذي عبر عنه الإسلاميون من زيارة وزير الداخلية الفرنسي جيرارد دارمانان، يومي 7 و8 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي للجزائر، أظهر أعضاء بالغرفة البرلمانية الثانية، أمس وأول من أمس، امتعاضاً شديداً من هذه الزيارة، على أساس أنه ما كان يليق بالجزائر، بصفتها بلداً مسلماً، أن تستقبل مسؤولاً فرنسياً بارزاً بعد «حادثة الإساءة لنبي المسلمين» صلى الله عليه وسلم، خصوصاً بعد رد فعل ماكرون على الرسومات المسيئة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.
وقاد حركة الاحتجاج البرلماني محمود قيساري، الذي يمثل حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني»، وسانده في هذا الموقف عدد من أعضاء «مجلس الأمة»، وذلك خلال مناقشة قانون الموازنة لسنة 2021.
وبحث دارمانان خلال اجتماعاته بوزير الداخلية والمسؤولين الأمنيين الجزائريين ترحيل جزائريين مقيمين بفرنسا بطريقة غير قانونية، خصوصاً من تعدّهم فرنسا «محل شبهة تطرف». وجاءت الزيارة في سياق حادثة قطع رأس المدرس الفرنسي. وثارت ثائرة قطاع من الإسلاميين حين زار دارمانان مقبرة لجنود فرنسيين بالعاصمة، قتلوا خلال ثورة التحرير ضد الاستعمار. كما رُفضت صورته وهو يضع إكليلاً من الزهور بـ«مقام الشهداء» بأعالي العاصمة، بذريعة أن جده لوالدته، موسى وكيد، كان عضواً في الجيش الفرنسي في الحرب العالمية الثانية، حيث قاتل النازيين في منطقة هاسنون بشمال فرنسا، وعاش فيها بعد الحرب حتى وفاته.
كما شنّ المعارض الجزائري كريم طابو، أحد أبرز ناشطي الحركة الاحتجاجية، أول من أمس، هجوماً عنيفاً على الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، متّهماً سيّد الإليزيه بـ«النفاق السياسي» بسبب الدعم الذي أبداه مؤخّراً لنظيره الجزائري عبد المجيد تبّون.
وقال طابو (47 عاماً)، أحد أكثر الوجوه شعبية في الحراك المناهض للنظام، في كتاب مفتوح إلى ماكرون نشره على صفحته في موقع «فيسبوك»، إن «دعمك الظاهر للنظام الجزائري، أحد أكثر الأنظمة التي تقتل الحرية في البحر الأبيض المتوسط، يكشف عن سوء نيتك ونفاقك السياسي».
كما هاجم عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم»، أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، بشدة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مؤكداً أن الجزائر تتجه نحو معالم «الدولة الفاشلة إذا لم يتم الاستدراك فوراً».
وكان ماكرون قد صرح بأنه يدعم الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي وصفه بـ«الشجاع» لإنجاح «الانتقال» في بلاده.
من جهة أخرى، انتقد كثير من أعضاء الغرفة البرلمانية مضمون قانون الموازنة 2021؛ لأنه لا يقدم، حسبهم، حلولاً لأزمة مالية خطيرة، بدأت عام 2015 مع تراجع عائدات النفط والغاز بسبب انخفاض أسعار المحروقات. كما أن الاقتصاد يواجه انكماشاً خطيراً، مما يجعله غير قادر على تحمل تكلفة أزمة «كوفيد19»، التي ضربت قطاعات حساسة، كالبناء والأشغال العامة والفندقة، مخلفة آلاف العاطلين عن العمل. لكن رئيس الوزراء عبد العزيز الجراد يجتهد حالياً لإقناع الجزائريين بأن الحكومة تملك أدوات لتجاوز الأزمة بأخف الأضرار، فيما يبقى الرئيس تبون غائباً عن المشهد منذ شهر، بسبب الإصابة بالفيروس، وهو حالياً بمصحة في ألمانيا، مما يضفي مزيداً من الضبابية على الأوضاع في البلاد.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.