«الوفاق» الليبية تتهم «الجيش الوطني» بانتهاك تفاهمات الهدنة

عبد السلام الحاسي يتسلم عمله قائداً للقوات الخاصة بالجيش الوطني الليبي
عبد السلام الحاسي يتسلم عمله قائداً للقوات الخاصة بالجيش الوطني الليبي
TT

«الوفاق» الليبية تتهم «الجيش الوطني» بانتهاك تفاهمات الهدنة

عبد السلام الحاسي يتسلم عمله قائداً للقوات الخاصة بالجيش الوطني الليبي
عبد السلام الحاسي يتسلم عمله قائداً للقوات الخاصة بالجيش الوطني الليبي

وسط جدل حول صلاحيات السلطة الجديدة التي جرى التباحث بشأنها في الحوار السياسي الليبي بتونس، برعاية أممية، جددت قوات حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج، أمس، اتهاماتها لـ«الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، بـ«انتهاك هدنة وقف إطلاق النار»، في مدينة سرت.
وعيّن حفتر أمس اللواء عبد السلام الحاسي قائداً للقوات الخاصة، خلفاً للفريق الراحل ونيس بوخمادة، الذي توفي مؤخراً إثر وعكة صحية.
وقالت إدارة الدعم والتوجيه المعنوي بالقوات الخاصة، في بيان مقتضب، إن حفتر أصدر قراراً بتكليف الحاسي آمراً لإدارتها، دون مزيد من التفاصيل. وطبقاً لمصادر عسكرية، تسلم الحاسي مهام عمله بالفعل بعد اجتماع عقده مع ضباط وجنود القوات الخاصة بمقرها في مدينة بنغازي شرق البلاد، تعهد خلاله بـ«مواصلة إنجازات سلفه الفريق بوخمادة، والحفاظ على المؤسسة».
والحاسي أبرز مساعدي حفتر ورجاله المقربين، وكان يتولى رئاسة مجموعة عمليات المنطقة الغربية التابعة للجيش الوطني في مدينة غريان الاستراتيجية على بعد 80 كيلومتراً جنوب غربي طرابلس، خلال العملية العسكرية التي شنتها قوات الجيش ولم تكلل بالنجاح.
في المقابل، اتهمت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات «الوفاق»، الجيش الوطني، التي وصفته بـ«ميليشيات حفتر الإرهابية المسنودة بمرتزقة فاغنر»، بالقيام «بأعمال تحصين بائسة لطريق سرت الجفرة بحفر خنادق، في تعارض ونقض لما اتفق عليه في اجتماعات (5+5) في جنيف وغدامس وسرت» على التوالي.
وأعلنت وزارة الدفاع التركية أنها مستمرة في تقديم «التدريب على الملاحة لخفر السواحل»، التابع لحكومة الوفاق كجزء من اتفاقية التدريب والتعاون والاستشارات العسكرية الخاصة المبرمة بين الطرفين.
إلى ذلك، دعا بيان مشترك لأعضاء موالين لحكومة الوفاق في مجلسي الدولة والنواب الموازي والهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، إلى اعتماد دستور قبل تنظيم انتخابات في البلاد، دون أن يعارضوا إجراء الاقتراع في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2021، وفقاً لما أعلنته الأمم المتحدة. وقال البيان: «نشدد على أن أي حوار لم تكن إحدى نتائجه الاستفتاء على مشروع الدستور مباشرة، ويؤدي للولوج إلى مراحل انتقالية أخرى، لن يصل بنا إلى ما تنتظره الأغلبية الساحقة من الليبيين».
وقال عضو المجلس الأعلى للدولة، البشير الهوش، في مؤتمر صحافي في تونس: «نحن نرحب بأي مقترح، لكن لا بد لهذه الانتخابات أن تركز على مشروع الدستور»، بينما قال عضو لجنة صياغة مشروع الدستور عبد المنعم الشريف: «نهيب بالجميع عدم المساس بمشروع الدستور المنجز (...) الاستفتاء هو الفيصل»، وأضاف أن «مشروع الدستور الليبي أصبح ملكاً للشعب الليبي، وهو الوحيد الذي يحدد موقفه منه عبر الاستفتاء العام».
ويفترض في الأيام المقبلة أن يسمي الممثلون الـ75 المجتمعون في تونس مسؤولين لتولي سلطة تنفيذية موحدة تعوض المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الذي يتخذ طرابلس مقراً له والحكومة المؤقتة غير المعترف بها دولياً والتي تتخذ مدينة طبرق شرق البلاد مقراً.
وكشفت وثيقة مُسربة من حوار تونس عن التوصل لاتفاق بشأن صلاحيات واختصاصات كل من المجلس الرئاسي القادم، وحكومة الوحدة الوطنية الجديدة. وتنص المادة الأولى من الوثيقة التي نشرتها وكالة الأنباء الليبية، الموالية للسلطات التي تدير شرق البلاد، على تقييد السلطة التنفيذية الموحدة المنبثقة عن الملتقى بتنظيم انتخابات رئاسية وتشريعية عبر المواعيد المحددة للمرحلة التمهيدية للحل الشامل، فيما منحت المادة الثانية، عدة اختصاصات للمجلس الرئاسي، منها القيام بمهام القائد الأعلى للجيش الليبي والتعيين في جميع المستويات القيادية به، وإعلان حالة الطوارئ وقرارات الحرب والسلم بعد استشارة مجلس النواب واستشارة مجلس الدفاع والأمن القومي، إلى جانب اعتماد ممثلي الدول والهيئات الأجنبية لدى دولة ليبيا، وتعيين وإعفاء السفراء وممثلي دولة ليبيا لدى المنظمات الدولية بناء على اقتراح من رئيس الحكومة.
وعن آلية تشكيل الحكومة، اقترحت الوثيقة أن يُسمي رئيس الحكومة وزيري الدفاع والخارجية مع وجوب التشاور مع المجلس الرئاسي مجتمعاً، على أن يلتزم بإحالة التشكيلة الوزارية كاملة لمجلس النواب، وأيضاً إطلاق مسار المصالحة الوطنية وتشكيل مفوضية عليا للمصالحة.
ويفترض طبقاً للوثيقة أن يختص المجلس الرئاسي، الذي سيتخذ جميع قراراته بالإجماع، بتعيين أو إقالة شاغلي مناصب رئيس جهاز المخابرات العامة، ما لم يعترض مجلس النواب، وأيضاً رئيس وأعضاء المفوضية الوطنية العليا للمصالحة، إلى جانب باقي رؤساء الأجهزة التابعة لرئاسة الدولة وفق التشريعات النافذة.
وتحددت مهام رئيس المجلس الرئاسي، في الإشراف على أعماله ورئاسة اجتماعاته؛ وتوقيع قراراته وفق محاضر الاجتماعات، وتمثيل الدولة بصفة بروتوكولية في علاقاتها الخارجية.
وتضمنت المادة الثالثة، المعنية باختصاصات الحكومة، أنها بمثابة الهيئة الإدارية العليا للدولة، لتنفيذ كل الإجراءات المطلوبة لإنجاح خريطة الطريق الهادفة للوصول لانتخابات وفق مواعيدها المقررة، فيما عدا المهام المسندة للمجلس الرئاسي. كما تختص الحكومة بوضع وتنفيذ برنامج عملها خلال فترة ولايتها، أخذاً في الاعتبار الأولويات المنصوص عليها في ملتقى الحوار، واقتراح مشروعات القوانين اللازمة لأداء مهامها وإنهاء المرحلة التمهيدية، إضافة إلى إعداد مشروع الميزانية العامة والحساب الختامي للدولة.
وتختص الحكومة أيضاً بوضع وتنفيذ ترتيبات مالية طارئة مؤقتة عند الاقتضاء بعد إجراء المشاورات اللازمة مع مصرف ليبيا المركزي واللجنتين المختصتين بمجلسي النواب والدولة، على أن يتم إصدار القرارات الخاصة بهيكلة وإدارة الأجهزة والمؤسسات التنفيذية التابعة للحكومة حسب ما تراه ضرورياً وملائماً، بعد التشاور مع الجهات ذات الصلة، وكذلك أي اختصاصات أو مهام يمكن أن تسند لها لاحقاً من الملتقى.



مصر: «رسوم» الجوال المستورد تُربك مستخدميه

مصر تعتزم تطبيق رسوم جمركية على الجوالات الواردة من الخارج (رويترز - أرشيفية)
مصر تعتزم تطبيق رسوم جمركية على الجوالات الواردة من الخارج (رويترز - أرشيفية)
TT

مصر: «رسوم» الجوال المستورد تُربك مستخدميه

مصر تعتزم تطبيق رسوم جمركية على الجوالات الواردة من الخارج (رويترز - أرشيفية)
مصر تعتزم تطبيق رسوم جمركية على الجوالات الواردة من الخارج (رويترز - أرشيفية)

تسببت رسوم فرضتها السلطات المصرية، على الجوالات المستوردة من الخارج، في حالة إرباك واسعة بين المصريين، الذين انتقدوا تحميلهم «أعباء إضافية»، وسط إصرار حكومي على تنفيذ القرار، بداية من يناير (كانون الثاني) الحالي، بداعي «تشجيع الصناعة المحلية».

وبموجب القرار الجديد، يُسمح للمسافرين بإدخال جوال شخصي واحد فقط، بينما يخضع أي جوال إضافي يتم إدخاله لرسوم جمركية بنسبة 38.5 في المائة من قيمته. وفي حال دخول الجوال من خلال الجمارك دون دفع الرسوم المقررة، يتلقى صاحب الجوال رسالة تطالبه بسداد الرسوم خلال 90 يوماً.

وإذا لم يتم السداد في الموعد المحدد، فسوف يتم وقف خدمة الاتصالات عن الجوال، كما تشير وزارة المالية المصرية.

ورغم المحاولات الحكومية المتكررة، عبر بيانات أو تصريحات رسمية، لتوضيح المعنيين بالقرار وطريقة الدفع، فإن تطبيق إلكتروني أطلقته «مصلحة الجمارك»، لتسجيل بيانات الأجهزة المحمولة المستوردة، تسبب في حالة إرباك واضحة بين المواطنين، بعدما اكتشف كثيرون أنهم يحملون جوالات عليها رسوم مستحقة بآلاف الجنيهات، وسط تساؤلات عن مصيرها.

وسعت وزارة المالية، وكذلك وزارة «الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات»، لتوضيح ذلك اللبس في بيان مشترك، الأربعاء، حيث أكد البيان أن المنظومة الجديدة تسري على الجوالات الجديدة المستوردة من الخارج، ولا تسري على التي سبق شراؤها من السوق المحلية، أو من الخارج، وتم تفعيلها قبل الأول من يناير 2025، حيث لا تطبق هذه المنظومة بأثر رجعي.

وترفض الحكومة المصرية وصف تلك الرسوم بالجديدة، مؤكدة أن «الرسوم والضريبة الجمركية من دون تغيير»، غير أنها حددت لكل مواطن يأتي من الخارج «إعفاء جوال واحد للاستخدام الشخصي لفترة انتقالية لمدة 3 أشهر لأول مرة»، وفقاً للبيان.

وبررت الحكومة المصرية العمل بالمنظومة الجديدة بداعي «تشجيع وتوطين صناعة الجوال في مصر»، في ظل «بدء عدد من الشركات الدولية تصنيع جوالات بمختلف أنواعها بالسوق المصرية»، وشدّدت على دعم جهود توفير جوالات محلية الصنع بجودة عالية، وأسعار تنافسية، ومحفزة للتصدير.

وأرجع رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، تطبيق الرسوم على الجوالات المستوردة، إلى «شكوى 5 شركات دولية، تعمل على إنتاج أجهزة الجوالات في مصر، من عمليات التهريب»، التي وصفها بـ«الكبيرة».

ويصل إجمالي الطاقة الإنتاجية للشركات الأجنبية المصنعة للجوالات في مصر إلى نحو 11.5 مليون وحدة سنوياً، حسب إفادة من وزارة الاتصالات المصرية، في أغسطس (آب) الماضي.

ومع محاولة مواطنين استخدام تطبيق «تليفوني» الإلكتروني، الذي أطلقته مصلحة الجمارك المصرية، للاستعلام عن قيمة الرسوم المستحقة، اشتكى كثيرون على مواقع التواصل الاجتماعي من ارتفاع قيمة الرسوم، عادّين أنها «تتخطى أرباح الشركة المصنعة للجوال».

وانتقد مصريون تطبيق رسوم الجوالات المستوردة، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبات بوقفها، وتصدر هاشتاغ #اوقفو_قرار_ضريبه_المحمول صدارة «التريند» على موقع «إكس»، للمطالبة بوقف القرار.

وأبدى كثير من المصريين المغتربين انتقادهم لتلك الرسوم، كونهم أكثر المتضررين من القرار وفق قولهم، لافتين إلى أن كثيرين يمتلكون جوالين، أحدهما برقم مصري وآخر برقم الدولة التي يعيشون فيها، وهو ما يكبدهم أموالاً طائلة مع عودتهم.

وما زالت إجراءات فرض الرسوم على الجوالات المستوردة، «غير واضحة»، كما يشير سكرتير شعبة الاتصالات باتحاد الغرف التجارية المصرية، تامر محمد، الذي طالب الحكومة بتوضيح آليات تنفيذها حتى لا يُساء استخدامها.

وقال محمد، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «غاية الحكومة المصرية من حوكمة سوق الجوالات (خطوة جيدة)، خاصة أن المستفيد الأكبر من تلك الخطوة، هي شركات تعمل بشكل منضبط»، لكنه أشار كذلك إلى «ضرورة شرح آلية تطبيق النظام الجديد والبدائل للمستخدمين».

وارتفعت واردات مصر من الجوالات بنسبة 31.4 في المائة، خلال الخمسة الأشهر الأولى من العام الماضي 2024، حيث سجلت 1.828 مليون دولار، مقابل 1.391 مليون دولار خلال الفترة نفسها من عام 2023، حسب إفادة من «الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء» بمصر في أغسطس الماضي.

ومع شكاوى المستخدمين من تطبيق «تليفوني» التابع للجمارك، أقر نائب رئيس شعبة المحمول باتحاد الغرف التجارية، محمد الحداد، بوجود أخطاء في التطبيق، تتعلق بتلقي بعض المستخدمين رسائل برسوم على جوالات تم شراؤها من قبل، لكنه عدّها «طبيعية»، وأوضح: «هناك أخطاء سيتم تداركها، خصوصاً أن التطبيق يجري تفعيله لأول مرة في مصر».

ورغم ترحيبه بالمنظومة الجديدة، قال الحداد لـ«الشرق الأوسط»، إن «شركات تعاملت بشكل خاطئ مع القرار، وقامت برفع أسعار الجوالات بنسب تتراوح بين 5 و15 في المائة»، محذراً من أن هذه التصرفات «ستسهم في حالة ركود داخل السوق المحلية».