التحالفات الانتخابية في مصر تدخل مرحلة الحسم مع إعلان موعد الاستحقاق النيابي

جهود لدمج قائمتي عبد الجليل مصطفى و{الوفد} لمواجهة قائمة الجنزوري

مصريون في أحد الأوتوبيسات بأحد شوارع وسط القاهرة الشهيرة بالزحام الشديد وتهور السائقين (أ.ب)
مصريون في أحد الأوتوبيسات بأحد شوارع وسط القاهرة الشهيرة بالزحام الشديد وتهور السائقين (أ.ب)
TT

التحالفات الانتخابية في مصر تدخل مرحلة الحسم مع إعلان موعد الاستحقاق النيابي

مصريون في أحد الأوتوبيسات بأحد شوارع وسط القاهرة الشهيرة بالزحام الشديد وتهور السائقين (أ.ب)
مصريون في أحد الأوتوبيسات بأحد شوارع وسط القاهرة الشهيرة بالزحام الشديد وتهور السائقين (أ.ب)

دخلت الأحزاب والقوى السياسية في مصر مرحلة الحسم لصياغة خريطة التحالفات لخوض الانتخابات النيابية، بعد أن حددت اللجنة العليا للانتخابات موعد الاقتراع في أواخر مارس (آذار) القادم. وقالت مصادر مطلعة إن جهودا تبذل حاليا لدمج تحالف يقوده السياسي البارز عبد الجليل مصطفى وتحالف يقوده حزب الوفد أعرق الأحزاب في البلاد لمواجهة تحالف يقوده رئيس وزراء مصر الأسبق كمال الجنزوري.
وأعلنت اللجنة العليا للانتخابات أول من أمس، 21 مارس المقبل، موعدا لبدء انتخابات مجلس النواب، على مرحلتين تنتهي مطلع مايو (أيار) المقبل. وبإجراء الانتخابات تنهي البلاد خارطة المستقبل التي أعلنت في أعقاب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو (تموز) 2013.
وفي غيبة تنظيم سياسي رئيسي يرتبط برأس النظام السياسي في مصر، يرجح مراقبون أن تشهد البلاد واحدة من أعنف الاستحقاقات الانتخابية، خاصة في ضوء تنامي دور المجلس النيابي في الدستور الجديد.
ورفع قانون الانتخابات النيابية من مخاطر الرهان السياسي باعتماد نظام القوائم المغلقة المطلقة، التي تمثل ثلث مقاعد المجلس. ويتصارع حاليا 3 قوائم بارزة يقود أولها الدكتور الجنزوري، بينما يقود الدكتور مصطفى الذي ترأس لجنة الصياغة في لجنة الـ50 التي وضعت الدستور، قائمة «صحوة مصر» وتضم أبرز الأحزاب المدنية الرئيسية، وتأتي قائمة حزب الوفد كثالث أبرز تلك القوائم.
وقال محمد سامي رئيس حزب الكرامة المنضوي في تحالف «صحوة مصر» لـ«الشرق الأوسط» إن المباحثات تجري حاليا على قدم وساق من أجل دمج تحالف الوفد المصري والصحوة في قائمة واحدة، مضيفا أن فرص نجاح هذه المساعي لا تزال قائمة بنسبة معقولة.
ورغم تمسك حزب الوفد بتحالف «الوفد المصري»، قال عصام شيحة عضو الهيئة العليا بحزب الوفد إن مسار المفاوضات حول تشكيل التحالف سيظل قائما حتى آخر لحظة، مرجحا أن تشهد المرحلة المقبلة إعادة صياغة في بنية التحالفات القائمة.
ومن المقرر أن يجري الاقتراع على مرحلتين، الأولى تضم 14 محافظة أبرزها الجيزة ومحافظات الصعيد، يومي 21 و22 مارس للمصريين بالخارج، ويومي 22 و23 مارس داخل البلاد، أما المرحلة الثانية فتضم 13 محافظة أبرزها القاهرة (ومحافظات الدلتا)، ويجري التصويت فيها يومي 25 و26 أبريل (نيسان) في الخارج، ويومي 26 و27 أبريل داخل مصر.
وبادر رامي جلال المتحدث الإعلامي باسم الاتحاد المدني الديمقراطي «صحوة مصر» بإعلان اقتراب اللجنة المحايدة لاختيار المرشحين من الانتهاء من تشكيل القوائم الأساسية والاحتياطية للتحالف بشكل أولي، بعد ساعات من إعلان اللجنة العليا موعد الانتخابات.
وأضاف جلال في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أن تحالف «صحوة مصر» يدرس حاليا أسماء مئات المرشحين ويعمل على فرزها وتفعيل معايير اللجنة المحايدة قبل مرحلة الاختيار النهائي، مشيرا إلى أن اللجنة تمتلك صلاحيات كثيرة للتأكد من مدى استيفاء المرشح للشروط الواجب توافرها فيه.
ورجحت مصادر في تحالف صحوة مصر أن تشهد الفترة المقبلة تسارعا في وتيرة اللقاء بين قادة التحالف وأحزاب على رأسها المصري الديمقراطي الاجتماعي من أجل ضمه إلى قائمته، بعد أن أعلن التيار الشعبي وهو أحد فصائل التحالف عدم المشاركة في الانتخابات المقبلة، احتجاجا على القانون المنظم لها، كما أعربت المصادر عن تفاؤلها بمساعي الاندماج مع قائمة الوفد المصري. ويلزم الدستور المصري الذي أقر مطلع العام الماضي القوائم المرشحة بتمييز إيجابي لفئات هي العمال والفلاحون، والشباب، والمرأة، والأقباط، وذوو الإعاقة، والمصريون العاملون في الخارج. وحدد القانون 21 مقعدا للمرأة، و24 للمسيحيين، و16 للشباب، ومثلها للعمال والفلاحين، في حين تخصص 8 مقاعد لذوي الاحتياجات الخاصة، والمصريين المقيمين في الخارج.
وكان رئيس وزراء مصر الأسبق الدكتور الجنزوري، قد أعلن عن إعداد قائمة موحدة لخوض انتخابات مجلس النواب تحت اسم «القائمة الوطنية»، مطلع الشهر الجاري. وقال أسامة هكيل وزير الإعلام الأسبق إن قائمة الجنزوري تتشكل من مجموعة من رجال الدولة المخلصين الأكفاء من كافة الاتجاهات السياسية، لكنه أرجأ حينها الكشف عن أسماء المرشحين لحين الإعلان عن موعد الانتخابات.
وتعيش مصر من دون مؤسسة تشريعية منذ حل مجلس الشعب (الاسم القديم لمجلس النواب) في أبريل 2012. باستثناء مدة قصيرة تولى خلالها مجلس الشورى (ألغي في الدستور الجديد) إصدار القوانين. وبحكم الدساتير المصرية المتعاقبة، يتولى الرئيس سلطة التشريع استثنائيا في غيبة البرلمان، على أن يراجع المجلس القوانين التي صدرت في غيبته فور انعقاده.
وتوافقت معظم الأحزاب والقوى المتحالفة على التنسيق على المقاعد الفردية التي تمثل ثلثي المجلس النيابي المقبل. وقالت عدة مصادر حزبية إنه من غير الممكن التوافق على المقاعد الفردية. وأشار رئيس حزب الكرامة إلى أن مساعي الأحزاب تقتصر على تفادي وجود مشاحنات بين أطرافها في الدوائر الفردية.
وحدد قانون الانتخابات النيابية، الذي واجه اعتراضات معظم الأحزاب والقوى السياسية، عدد أعضاء مجلس النواب بـ540 عضوا بالانتخاب (420 وفقا للنظام الفردي، و120 بنظام القائمة)، إضافة لنسبة 5 في المائة، يعينها رئيس الجمهورية، ليصبح عدد الأعضاء 567 عضوا.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».