يمنيون انسحبوا من دورة «خمينية» وأجهضوا مساعي الاستقطاب الانقلابية

TT

يمنيون انسحبوا من دورة «خمينية» وأجهضوا مساعي الاستقطاب الانقلابية

أفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن الميليشيات الحوثية الموالية لإيران فشلت الأسبوع الماضي في استقطاب نحو 100 موظف يمني يعملون في قطاعات حكومية مختلفة للأفكار التي وصفها ناشطون بـ«الخمينية» بعدما أعلنوا انسحابهم جماعيا من دورة أقيمت في مدينة عمران ضمن برامج الجماعة لـ«حوثنة» المجتمع.
وذكرت المصادر أن الميليشيات قامت باختيار 100 شخص من صنعاء وريفها ومحافظات ذمار وإب وريمة والضالع يشغلون وظائف عسكرية وتربوية وأمنية وخدمية وطلبت منهم الالتحاق بدورة لتلقي أفكار الجماعة لمدة أسبوعين، فيما تم اختيار إقامتها في محافظة عمران (شمال صنعاء).
ولجأت الجماعة الانقلابية منذ سيطرتها على صنعاء إلى إقامة آلاف الدورات الفكرية الخاصة بخطب زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي وملازم شقيقه مؤسس الجماعة حسين الحوثي المستقاة من الأفكار الخمينية ذات الصبغة الطائفية.
وتحت دافع المطمع في البقاء في الوظيفة أو الخوف من بطش الميليشيات ألحقت الجماعة بهذه الدورات جميع موظفي القطاع العام والدوائر الأمنية والعسكرية والحكومية، غير أن كثيرا منهم عادوا إلى منازلهم يحملون السخرية والاستهجان لهذه الأفكار الحوثية، بحسب ما ذكره أشخاص تحدثوا لـ«الشرق الأوسط».
وأوضحت المصادر أن نحو 80 موظفا ممن ألحقوا بهذه الدورة، أعلنوا انسحابهم المفاجئ ورفضوا الاستمرار في الاستماع لمعممي الجماعة بعد يوم واحد من حضورهم وقرروا العودة إلى منازلهم اعتراضا على المضامين ذات الصبغة الطائفية التي سمعوها من عناصر الجماعة.
وقال أحد الملتحقين بالدورة طالبا عدم ذكر اسمه خوفا على حياته «سمعنا أفكارا يتطاول فيها الجماعة على الرموز الدينية التاريخية، إلى جانب أفكار تقدس زعيم الجماعة وسلالته، وتحض على قتل اليمنيين في سبيل استمرار مشروع الجماعة المنبثق من فكرة الولاية الإيرانية».
ووصف المشاركون في الدورة بعد انسحابهم بأن أفكار الجماعة «هدامة ومتطرفة» مفضلين في الوقت نفسه أن يتركوا وظائفهم على أن يعتنقوا هذه الأفكار، بحسب ما أفاد به بعضهم لـ«الشرق الأوسط».
وأكد بعض الموظفين المنسحبين أن مشرفي ومعممي الجماعة حاولوا مرارا إقناعهم بالعودة لمواصلة تلقي بقية دروس ومقررات الدورة، إلا أن محاولاتهم تلك منيت بالفشل وسط تمسكهم بقرار الانسحاب، والتي انتهت في النهاية بإعادتهم من قبل مشرفي الجماعة إلى المحافظات والمدن التي كانوا قد قدموا منها.
وتحدث عدد منهم، وينتمون إلى صنعاء وإب وحجة وريمة والضالع، عن محاولات مستميتة لمشرفي الميليشيات لتبرير ما تضمنته مقررات الدورة بيوميها الأول والثاني من شتائم لشخصيات دينية تاريخية ومحاولة إقناعهم بأن تلك الأفكار جزء من الدين الإسلامي وأن اعتناقها شرط أساسي لنيل ثقة زعيم الجماعة.
ولم تكتفِ الجماعة المسنودة من طهران بفرض دورات خمينية على الموظفين في القطاعات الحكومية المختلفة بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم الحكومي فحسب، بل توسعت في ذلك لتشمل أخيرا مديري ووكلاء المدارس الأهلية في العاصمة صنعاء.
وفي هذا السياق، أفادت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن الجماعة أجبرت على مدى أيام الأسبوع الماضي مديرين ووكلاء في المدارس الخاصة في العاصمة على حضور دورات ذات صبغة طائفية، وذلك في سياق استهدافها المتكرر لما تبقى من القطاع الأهلي في مناطق سيطرتها.
وقالت المصادر إن مشرفي الجماعة وعناصرها نقلت العشرات من مديري المدارس الخاصة بعد تجمعهم في ساحة إحدى المؤسسات التعليمية الخاضعة لسيطرة الميليشيات بصنعاء، على متن حافلات إلى مقرات خصصت لإقامة هذه الدورات.
وهددت الجماعة من يمتنع عن حضور دوراتها الطائفية باتخاذ إجراءات عقابية بحقهم، منها إغلاق مدارسهم وتكبيدهم خسائر مالية، بحسب ما ذكرته المصادر لـ«الشرق الأوسط». ورغم فشل جميع محاولات الانقلابيين في السابق لشرعنة دوراتهم، والتي قوبلت حينها ولا تزال برفض مجتمعي واسع، فإن الجماعة وفي سياق إصرارها لجأت إلى جعل رئيس حكومة الانقلاب يصدر قرارا رسميا قبل فترة بفرض الدورات على الوزارات والمؤسسات الحكومية، وتحديد يوم خاص لإقامتها كل أسبوع.
وأقرت الجماعة حينها عقد دورات تثقيفية لجميع موظفي الدولة على مستوى الوزارات وجميع القطاعات الخاضعة لسيطرتها في العاصمة صنعاء ومناطق تسيطر عليها.وعبر رسائل نصية عبر الهواتف المحمولة، أعلنت الميليشيات حينها نيتها عقد دورات أسبوعية للموظفين في مختلف القطاعات التي تسيطر عليها، في خطوة لمواصلة «حوثنة» مؤسسات الدولة اليمنية، وبما يعزز استحواذها وسيطرتها عليها.
ونشطت جماعة الانقلاب عقب ذلك في تنفيذ دورات مكثفة تستهدف المجتمع بفئاته المختلفة في صنعاء والمناطق التي تسيطر عليها منذ الانقلاب، بغية إقناعهم بالولاء للجماعة واعتناق أفكارها وضمان التغلغل داخل مؤسسات الدولة التي تسيطر عليها.
وكان موظفون ومسؤولون في دوائر حكومية خاضعة للجماعة في صنعاء تحدثوا بوقت سابق لـ«الشرق الأوسط» عن إجبار الآلاف من الموظفين الحكوميين ذكورا وإناثا على الالتحاق بتلك الدورات المقامة في منازل تم الاستيلاء عليها من خصوم الميليشيات، وفي منازل أخرى تخص قيادات في الجماعة وتم تحويلها إلى ما يشبه المعسكرات الداخلية.
وتنفق الجماعة الحوثية أموالا طائلة تقدر بمليارات الريالات سنويا على أعمال التعبئة الفكرية والفعاليات التي تمجد زعيمها وسلالته في وقت يعاني الملايين من السكان في مناطق سيطرتها من الجوع والعوز وتوقف الرواتب وتفشي الأوبئة.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

مقتل 10 على الأقل في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة

طفل ضحية غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)
طفل ضحية غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)
TT

مقتل 10 على الأقل في غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة

طفل ضحية غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)
طفل ضحية غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في غزة (أ.ف.ب)

قال مسعفون، الثلاثاء، إن 10 فلسطينيين على الأقل لقوا حتفهم في غارة جوية إسرائيلية على مدرسة تؤوي نازحين في مدينة غزة.

وأضافوا أن العشرات أصيبوا أيضا في الغارة الإسرائيلية التي استهدفت مدرسة الحرية في حي الزيتون، أحد أقدم أحياء المدينة.