«جبهة النصرة» تتقدم شرق بلدتي نبل والزهراء للمرة الأولى وقوات الدفاع الوطني تصد الهجوم

«داعش» يحفر الخنادق لعزل «البوكمال» السورية عن «القائم» العراقية

«جبهة النصرة» تتقدم شرق بلدتي نبل والزهراء للمرة الأولى وقوات الدفاع الوطني تصد الهجوم
TT

«جبهة النصرة» تتقدم شرق بلدتي نبل والزهراء للمرة الأولى وقوات الدفاع الوطني تصد الهجوم

«جبهة النصرة» تتقدم شرق بلدتي نبل والزهراء للمرة الأولى وقوات الدفاع الوطني تصد الهجوم

صدّ مقاتلون موالون لنظام الرئيس السوري بشار الأسد أمس، هجوما واسعا شنته «جبهة النصرة» ضد بلدتي نبل والزهراء ذات الأغلبية الشيعية في ريف حلب الشمالي، بعد تمكن المقاتلين المعارضين من دخول البلدتين للمرة الأولى منذ بداية الأزمة السورية قبل نحو 4 أعوام. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلي «جبهة النصرة»، تمكنوا من دخول بلدتي نبل والزهراء في محافظة حلب أمس: «إثر معارك عنيفة مع قوات الدفاع الوطني»، قبل أن يتمكن المقاتلون الموالون للنظام من صد الهجوم.
ويقول ناشطون إنه «لا وجود للقوات الحكومية السورية في البلدتين» الواقعتين شمال حلب، والمحاصرتين منذ شتاء العام 2012. بعد سيطرة قوات المعارضة السورية على 21 قرية محيطة بالبلدتين. ويؤكد أن الناشطين المعارضين لـ«الشرق الأوسط» أن البلدتين الوحيدتين في ريف حلب اللتين تسكنهما أغلبية شيعية «صارتا معقلا للشبيحة ولقوات الدفاع الوطني، فيما يشارك عناصر من حزب الله اللبناني في القتال فيهما إلى جانب المقاتلين السوريين»، مشددا على أن البلدتين اللتين يسكنهما نحو 60 ألف شخص «محاصرتان منذ عامين، وتوفر القوات النظامية للمقاتلين المحاصرين، القصف الجوي، ليتمكنوا من صد الهجمات».
وجاء الهجوم بعد 3 أيام من استهداف البلدتين بالمدفعية والصواريخ المحلية الصنع، ولم تتمكن قوات المعارضة قبل هذا الوقت من التقدم في البلدتين للسيطرة عليهما: «نظرا إلى التحصينات التي أنشأها السكان على مداخل البلدتين، ونصب مواقع دفاعية متقدمة، منذ سيطرة المعارضة على كامل البلدات المحيطة بالبلدتين، وبينها بلدة براد». وقال مؤيدون لـ«جبهة النصرة» في موقع «تويتر» إن قوات الجبهة «تمكنت من التقدم في داخل مدينة الزهراء، حيث سيطر المقاتلون على الحي الشرقي للبلدة، ووصلوا إلى منطقة الدوار». وقال هؤلاء إن مقاتلي النصرة «سيطروا على شوارع ومبان في القسم الشرقي والجنوبي من البلدتين»، لأول مرة منذ اندلاع الأزمة السورية.
ويعد هذا الهجوم الواسع النطاق، الثاني خلال شهرين، بعد هجوم شنته قوات «جبهة النصرة» والكتائب الموالية لها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وفشل في التقدم إلى داخل إحدى البلدتين. وقد شن مقاتلو المعارضة مرارا هجمات على البلدتين، لكنها المرة الأولى التي تدخلهما جبهة النصرة، وحصلت مرارا اتصالات تدخلت فيها أطراف إقليمية ودولية لوقف الهجمات على البلدتين، بحسب ما يقول ناشطون مطلعون على الوضع: «بهدف تجنيب المنطقة مجازر على أساس طائفي».
وشنت النصرة الهجوم على المحور الشرقي الجنوبي للمدينتين ومن الجهة الغربية لبلدة الزهراء. وقال المرصد السوري إن قوات الدفاع الوطني «تمكنت من صد الهجوم الذي قتل خلاله 14 من المسلحين الموالين للنظام و11 من جبهة النصرة الفرع السوري لتنظيم القاعدة التي استخدمت 4 دبابات في هجومها».
وقال مصدر ميداني سوري لوكالة الصحافة الفرنسية إن مدفعية الجيش السوري قصفت المسلحين المهاجمين الذين تعرضوا أيضا لغارات من طائرات النظام.
ويبعد مقاتلو «النصرة» مسافة 12 كيلومترا تقريبا عن البلدتين في مواقع متقدمة في بلدات عندان وحريتان وحيان في ريف حلب الشمالي، كما يقول ناشطون. وتحاول قوات المعارضة التقدم عبر فتح ثغرة في جمعية جود السكنية، الواقعة شرق البلدتين.
من جهة أخرى قال ناشطون سوريون لـ«الشرق الأوسط»، إن قوات تنظيم داعش في دير الزور في شرق سوريا «بدأوا بحفر خنادق في المنطقة الحدودية مع العراق في مدينة البوكمال، على ضوء مخاوف من تسرب مقاتلين من العراق إلى مناطق نفوذه في سوريا»، فيما أصدر قرارا بـ«العفو» عن مقاتلين إسلاميين كان طردهم من المنطقة، «ما يؤكد مخاوفه من تدهور نفوذه في المنطقة نتيجة ضربات التحالف، وحاجته إلى مقاتلين».
وأكدت مصادر بارزة في المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط»، أن تنظيم داعش «بات في حاجة ماسة للمقاتلين، بعد استنزاف ضربات التحالف الدولي والعربي لمحاربة الإرهاب، عديده في مناطق شرق سوريا»، مشيرة إلى أن القوة العسكرية البشرية التي كان يتمتع بها «استنزفها على مساحات جغرافية شاسعة في ريف حلب»، حيث يخوض معركة كوباني الحدودية مع العراق، ومعارك ضد الجيش السوري الحر وكتائب إسلامية أخرى في بلدة مارع في ريف حلب الشمالي، القريبة من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
وأكد ناشط سوري في دير الزور لـ«الشرق الأوسط»، أن «داعش» عمد إلى حفر شبكة أنفاق في المنطقة الحدودية مع العراق في البوكمال، مستخدما جرافات وآليات ثقيلة، قائلا إنه يعمل على «تثبيت الحدود ومنع شبكات التهريب وإجبار العابرين على المرور بالحواجز العسكرية». لكن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، أشار إلى «مخاوف (داعش) من تطورات عراقية على المقلب الثاني من الحدودي»، قائلا لـ«الشرق الأوسط»، إن المعلومات «تشير إلى مخاوفه من تقدم من داخل العراق، ما دفعه إلى عزل منطقة محددة في مناطق نفوذه في سوريا، عن مناطق عراقية، فيما أبقى مساحات حدودية شاسعة إلى الشمال من البوكمال على حالها».
وتوازي مدينة البوكمال، منطقة القائم العراقية الحدودية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.