تضارب الأنباء حول غارة إسرائيلية استهدفت قواعد نظامية في اللاذقية

كتائب عسكرية معارضة تعلن اندماجها وتأسيس «حزم»

سورية تفترش الأرض في مبنى مهجور بأحد أحياء اسطنبول أمس (أ.ف.ب)
سورية تفترش الأرض في مبنى مهجور بأحد أحياء اسطنبول أمس (أ.ف.ب)
TT

تضارب الأنباء حول غارة إسرائيلية استهدفت قواعد نظامية في اللاذقية

سورية تفترش الأرض في مبنى مهجور بأحد أحياء اسطنبول أمس (أ.ف.ب)
سورية تفترش الأرض في مبنى مهجور بأحد أحياء اسطنبول أمس (أ.ف.ب)

شهدت محافظة حلب، في شمال سوريا، اشتباكات عنيفة أمس بين مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش) وكتائب تابعة للمعارضة السورية، تزامنا مع أنباء متضاربة حول استهداف غارة جوية إسرائيلية قواعد نظامية لإطلاق الصواريخ في مدينة اللاذقية الساحلية، الخاضعة لسيطرة القوات النظامية.
وفي تطور لافت، أعلنت مجموعة من الكتائب العسكرية المعارضة اندماجها وتأسيس حركة جديدة أطلق عليها اسم «حزم». وأشارت الحركة التي حظيت بدعم رئيس هيئة أركان الجيش الحر اللواء سليم إدريس، في بيانها التأسيسي إلى أن «من أهدافها الحفاظ على مكتسبات الثورة ودعم القوى الثورية، والوقوف في وجه كل من يحرف مسارها الموجّه لإسقاط النظام ويمثلها القائد العسكري للحركة الملازم أول عبد الله عودة». ولم يوضح البيان الأطراف الموقعة على البيان.
وفي اللاذقية، أفادت لجان «التنسيق المحلية» في سوريا بأن «الطيران الإسرائيلي استهدف قواعد لإطلاق الصواريخ بالقرب من مرفأ اللاذقية وبرج إسلام على طريق القصر الجمهوري». كما ذكرت الإذاعة الإسرائيلية نقلا عن مصادر أن «طائرات إسرائيلية أغارت ليل «الأحد - الاثنين» على منصات لإطلاق صواريخ (S - 300) روسية الصنع في مدينة اللاذقية. وأشار موقع «صوت إسرائيل» إلى «دوي انفجار شديد في حي الشيخ ضاهر، تردد صداه في مختلف مناطق المدينة».
في المقابل، نفى شهود عيان لموقع «روسيا اليوم» سماع صوت انفجار، أو أي صوت يدل على حدوث انفجار في اللاذقية. وأوضحوا أن صواريخ «إس - 300» تتمتع بقوة تفجير هائلة في حال استهدافها، مؤكدين أن «الأحاديث التي تتناول موضوع إمكانية حدوث غارة لا تتعدى صفحات التواصل الاجتماعي». في حين لم تؤكد دمشق رسميا ولم تنف صحة هذه الأنباء.
في موازاة ذلك، اندلعت اشتباكات عنيفة في محيط بلدتي «حريتان» و«كفر حمرة» ومنطقة معمل آسيا بريف حلب، بين عناصر تابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» وقوات المعارضة السورية، وفق ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان. وتزامنت الاشتباكات مع إعلان كل من «جيش المجاهدين» و«الجبهة الإسلامية» ومجموعة فصائل معارضة أخرى بدء ما سموه «معركة النهروان» الهادفة لاستعادة السيطرة على قرى حريتان وآسيا وكفر حمرة في ريف حلب، التي كان تنظيم «داعش» سيطر عليها.
وطلبت الفصائل المعارضة من أهالي المناطق التي ستجري فيها المعارك التزام منازلهم خلال الساعات المقبلة وفق ما نقله ناشطون. ودارت اشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والكتائب الإسلامية المعارضة في منطقة «معارة الارتيق» بريف حلب، وذكر ناشطون أن المعارضة تمكنت من السيطرة على قرية الشيخ لطفي التي تعد المدخل الجنوبي لمدينة حلب. وفي حلب، أعلن ما يعرف بـ«مجاهدي الريف الشمالي» لمدينة حلب، وهو فصيل سوري معارض، مقتل أبو بكر العراقي الشايب، القيادي في «داعش» والملقب بـ«حجي بكر»، أثناء اشتباكات دارت بين الطرفين. والعراقي يعرف، بحسب بيان صادر عن مجاهدي الريف الشمالي، «كالرجل الثاني في تنظيم الدولة الإسلامية». وقال إن اسمه الحقيقي سمير عبد الحمد، وهو ضابط سابق في الجيش العراقي إبان حكم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.
وفي دمشق، تواصلت الاشتباكات العنيفة بين كتائب الجيش الحر والقوات النظامية على أطراف العاصمة لا سيما في المنطقة الواقعة بين منطقة القدم ومدينة داريا المحاصرة جنوب غربي دمشق، وأفاد ناشطون بـ«مقتل 24 شخصا جراء قصف الطائرات النظامية مدينة داريا في ريف دمشق بالبراميل المتفجرة».
وبث ناشطون مقاطع فيديو تظهر قصف مدينة داريا من الطيران المروحي، تزامنا مع تمدد الاشتباكات من داريا باتجاه منطقة القدم. وتتعرض داريا لقصف جوي ومدفعي عنيف مستمر منذ مطلع العام الحالي، مع استمرار المحاولات لاقتحامها. وتخضع المدينة لحصار كامل من قبل القوات النظامية منذ أكثر من عام، ما تسبب بتدهور الأوضاع الإنسانية لأكثر من 500 عائلة ما زالت محاصرة داخلها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.