مطعم اليونورا.. يحمل اسم شخصية بارزة في الجزيرة

سر المطبخ الإيطالي البحري مخبأ في جزيرة سردينيا

تارتار التونة الطازجة
تارتار التونة الطازجة
TT

مطعم اليونورا.. يحمل اسم شخصية بارزة في الجزيرة

تارتار التونة الطازجة
تارتار التونة الطازجة

الأزمة الاقتصادية مستمرة في إيطاليا للعام الرابع على التوالي والمصانع تغلق أبوابها لكن المطاعم الجديدة تنبت بشكل متواصل وصادرات المواد الغذائية من إيطاليا في ارتفاع والسياحة (بترول إيطاليا) في تقدم، فمن يمكنه مقاومة إغراء الطعام الإيطالي اللذيذ، وأغلب برهان على ذلك المطعم الفاخر للأكل البحري في وسط روما القريب من مخبأ موسوليني الذي افتتح مؤخرا للزوار منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. صاحبه لم يختر اسما فكاهيا مثلما يفعلون هذه الأيام في روما مثل «الدب الصغير» أو «بيبي وأجبانه» أو «قهوة الدعاية» أو «قدنا أيها الراقص» أو «الحمار الذهبي».
اسم المطعم الكامل «اليونورا داربوريو» وقد يظن البعض أنها والدة صاحب المطعم أو عمته لكن من يبحث عن التاريخ يكتشف أنه اسم شخصية بارزة في جزيرة سردينيا وإيطاليا كافحت من أجل استقلال سردينيا في القرون الوسطى، فقد ولدت عام 1347 في مدينة أوريستانو بغرب الجزيرة قرب قرية فينيقية قديمة وعاشت 57 سنة ولها تمثال في وسط المدينة تحمل فيه وثيقة قانونية، وعملت قاضية شهيرة في تلك الحقبة ثم استلمت حكم الجزيرة بعد مقتل أخيها، ونرى صورتها اليوم على أغلب المنتجات الغذائية من سردينيا.
إذن المطعم يقدم مآكل جزيرة سردينيا المعروفة بالأسماك واللذائذ البحرية وجبن الغنم وحلويات اللوز والعسل. قابلت صاحب المطعم الشاب اللطيف فرانشسكو تورنو الذي لا يتجاوز الـ34 وهو من قرية قرب أوريستانو بسردينيا وسألته: كيف نجحت في جعل مطعمك من أحسن مطاعم الأكل البحري في العاصمة الإيطالية؟ أجاب دون تردد «الأكل الطازج وسمك البحر الأبيض المتوسط وشعور الزائر بالراحة في المطعم وأنه بين أهله». بدأ فرانشسكو في إدارة المطعم منذ 9 أعوام وقد افتتح المطعم عام 1997 حين بدأت روما في الاهتمام الجدي بمآكل البحر والمطابخ الإقليمية الإيطالية. يضيف فرانشسكو أنه عمل في قهوة ما زال والده يملكها في سردينيا وأحب المهنة لأنها تسمح له بالتعرف على الناس والاختلاط مع الزبائن ومقابلة أناس مهمين أحيانا. سألته: بعد نجاحك في روما، هل تعتقد أنه بإمكانك تكرار هذا النجاح في أماكن أخرى؟ أجاب مبتسما وبكل ثقة «نعم، وهدفي العمل في لندن أو نيويورك». وعرفت بعدها أن زوجته أميركية من مدينة بيتسبرغ وأنها تعشق الأكل الإيطالي. أما طبقه المفضل فهو من اختصاص سردينيا وهو بيض السمك المملح (مثل الكافيار) والمنشف على الطريقة التقليدية ويستخدم سمك التن أو سمك البوري (موجينه) لهذا الغرض ويسمى بوتارغا بالإيطالية الذي يضاف إلى المعجنات أو يؤكل مع المقبلات لفتح الشهية. وأصل الكلمة الإيطالية مأخوذ من العربية من كلمة «بطرخ» ويعتقد أن الفينيقيين من لبنان والساحل السوري الذين أقاموا في سردينيا قبل آلاف السنين هم من ابتكر هذا المنتج الذي يسمى باللهجة السردينية بوتاريغا واللفظ أقرب إلى العربية لأن العرب اشتهروا في المتوسط بحفظ الطعام مدة طويلة عبر تمليحه بطرق فنية محكمة.
قلت لفرانشسكو إنني لاحظت في لائحة الطعام عددا من الأسماك المتوسطية التي لا نجدها في الكثير من المطاعم الأخرى التي تقدم دوما سمك اللقز (سبيغولا أو برانزينو) مثل القاروص والابراميس والشبص فأجاب «هذه أسماك لذيذة والعارفون بتذوق الطعام يفضلونها، وعليك أن تسأل الشيف عنها». شاركنا الطاهي الماهر الذي يتقن تحضير الأطباق على الطريقة السردينية البسيطة إنما يعرف درجة الحرارة المثالية لتحضيرها والكثير من الأفكار المفيدة والحيل السرية لإبراز نكهة الطعام البحري وروائحه المشهية، وكانت المفاجأة أنه إقبال هلال وأصله من بنغلاديش وتجنس الجنسية الإيطالية بعد إقامته هنا لمدة 22 سنة اكتسب خلالها خبرة واسعة في طريقة الطهي الإيطالي وهو القادم من بلد معروف بتصديره للأسماك وفواكه البحر وبأطباقه الحارة الملتهبة ومن أشهرها «دوبياجا» حيث يخلطون القريدس مع السمك الأبيض الكبير مثل السلور أو السمك البلطي ويطبخونه على أسلوب الكاري مع السمن. ترك إقبال شهادته الجامعية في العلوم السياسية من جامعة العاصمة داكا وانكب على متابعة هوايته في تحضير الطعام الجيد بشكل احترافي وتحاشى استعمال البهارات والخلطات المعقدة ما عدا الفلفل الأسود أو الفلفل الحار الأحمر الحريف أحيانا. يسمي إقبال نفسه «بالدو» ليسهل على الطليان لفظ اسمه وزوجته من بنغلاديش أيضا ولديه منها فتاتان ولدتا في روما لذا فهو من أنصار ومشجعي فريق روما لكرة القدم. يختار يوميا أنواع الأسماك الطازجة التي يقدمها المطعم على الغذاء أو العشاء فبعضها يصلح للأكل نيئا كمقبل وبعضها منقوع في مزيج من عصير الليمون وزيت الزيتون البكر وبعضها يمكن شواؤه أو تحضيره بعدة أشكال. يقول إقبال «المهم اختيار السمكة بعناية والتأكد من أنها طازجة ومعرفة أفضل المصادر التي تشحنها إلى روما بالطائرة، فمثلا أفضل كركند ولانغوست يأتي من سردينيا أما جراد البحر والسلطعون فمن جزيرة صقلية، والقريدس الملوكي (الروبيان أو الجمبري) من مصادر أخرى.. المهم هو أن يكون المكون طازجا ولم يدخل حجرة التجميد في الثلاجة من سمك أو خضار فهذا هو سر نجاح المأكل في سردينيا من ناحية الطعم أو التغذية الصحية».
تحفل لائحة الطعام بعدد من الأطباق البحرية المميزة تبدأ بسمك السلمون المتبل بعصير البرتقال وقطعه والأصداف المطبوخة على البخار مع رشة من مسحوق البطرخ أو القريدس مع الكمأة (من نوع تارتوفو الأسود أو الأبيض الثمين) أما الطبق الأول فهناك الأرز المطبوخ مع القريدس (الربيان أو الجمبري) وزهر الكوسا (زوكيني) ومعجنات فيتوتشيني مع سمك الحبار (كالاماري) والزعفران ورافيولي الوسائد المحشوة بسمك اللقز مع النعناع الأخضر وسباغيتي البطرخ. والطبق الثاني على طريقة العشاء الإيطالية تشمل خيارات كثيرة من الأسماك الطازجة في ذلك اليوم وأشهرها الترس (رومبو) وسمك التن من نوع ريتشي أو ما يسمونه بالإنجليزية التن الفاخر من المتوسط ذي الذنب الأصفر (يلو تيل) ولا يبقي لمن يرغب اللحم سوى الفيليه. تشمل الحلويات بعض الأصناف التي تختص بها جزيرة سردينيا ويستعملون فيها اللوز المطحون والمعجون بالعسل على الطريقة المغربية، ومن يفضل الحلوى الخفيفة بعد تناول الأسماك فهناك شراب الليمون المثلج ويسمونه بالإيطالية: سوربيتو ولا شك أن أصل الكلمة مأخوذ عن العربية.
الجو والديكور في مطعم اليونورا أنيق ومريح دون تكلف والخدمة من النوع الممتاز الذي يشعرك بأنهم يعملون كمجموعة ويحبون استقبال الزبائن والقيام بخدمتهم وكأنهم أصدقاء مقربون ودون مبالغة أو ابتسامات مصطنعة. الفضل في حسن الإدارة والتفاهم بين الندل والطاهي وروح الفريق يعود لكفاءة فرانشسكو ودماثته واهتمامه بكل شاردة وواردة دون التدخل في عمل الآخرين. ثمن الوجبة الكاملة بالنسبة لنوعيتها الفريدة الراقية هو المفاجأة الثانية إذ لا تتجاوز 50 إلى 60 يوروها (62 – 70 دولارا) أي نحو نصف أسعار المطاعم البحرية الراقية في روما.
تجربتك مع الأكل السرديني قد تدعوك للتعرف على هذه الجزيرة الجميلة في وسط المتوسط التي مر عليها الغزاة وتركوا آثارهم وبصماتهم عليها من أيام الفينيقيين ثم الرومان ثم تنازعت عليها جمهورية جنوه البحرية وجمهورية بيزا الشهيرة ببرجها المائل وتبعهم العرب ثم الإسبان وأخيرا الطليان من عائلة سافوا التي وحدت إيطاليا منذ ما يزيد على 150 سنة. مضت عقود وبقيت سردينيا وأجبانها المشهورة بعيدة عن المقاطعات الأخرى ونسى الناس مباهج حياتها ومطبخها الخاص المميز وعاشت على الهامش حتى تمت إعادة اكتشافها مجددا منذ ما يربو على 40 سنة، وكان أحد المعجبين بها وبمطبخها كريم أغا خان الذي استثمر في القطاع السياحي فيها وجذب انتباه العالم إلى شواطئها الساحرة وأكلها البحري الرائع.
يتساءل أشهر الطهاة في روما وهو الألماني هاينز بيك في كتابه «العنصر السري» قائلا «ما هو الترف؟ تناول الطعام ضرورة لكن بالنسبة لمن يطبخ يوميا الترف هو أن يصبح تناول الطعام متعة». مطعم اليونورا يضمن لك هذه المتعة بكل تأكيد.



شيف كندي يحصد «جائزة جورماند» العالمية في «مهرجان الطعام السعودي»

الشيف الكندي جو ثوتونغال مستعرضا إحدى وجباته (السفارة الكندية) بالرياض
الشيف الكندي جو ثوتونغال مستعرضا إحدى وجباته (السفارة الكندية) بالرياض
TT

شيف كندي يحصد «جائزة جورماند» العالمية في «مهرجان الطعام السعودي»

الشيف الكندي جو ثوتونغال مستعرضا إحدى وجباته (السفارة الكندية) بالرياض
الشيف الكندي جو ثوتونغال مستعرضا إحدى وجباته (السفارة الكندية) بالرياض

عبر الشيف الكندي جو ثوتونغال من أصول هندية، والذي حصد «جائزة جورماند» عن كتاب My Thali يوم الجمعة الماضي في «مهرجان الطعام السعودي» الذي أقيم مؤخراً في الرياض، عن ذهوله بثراء التراث الطهوي الغني للسعودية.

وأفصح السفير الكندي لدى السعودية جان فيليب لينتو، لـ«الشرق الأوسط»: عن فخره برؤية مواهب الطهي الكندية معترفاً بها في السعودية، مضيفاً أن التنوع الكندي يغذي الابتكار في الطهي، كما أن جودة المنتجات الكندية تخلق نكهات تجمع الثقافات معاً.

وقال الشيف ثوتونغال، لـ«الشرق الأوسط»: «أقوم بزيارة هيئة فنون الطهي السعودية في الرياض كجزء من رحلتي لحضور مهرجان الطعام السعودي 2025 وحفل توزيع جوائز جورماند (الأفضل على مدار 30 عاماً)».

وأضاف ثوتونغال: «هذه هي المرة الثانية التي أحضر فيها مهرجان الطعام السعودي، وباعتباري طاهياً، فهي فرصة ثمينة لاستكشاف التراث الطهوي الغني للسعودية. أنا مهتم بشكل خاص بمعرفة المطبخ الأصيل لمختلف المناطق، بالإضافة إلى إنتاج زيت الزيتون والعسل في المملكة».

الشيف الكندي جو ثوتونغال يحضر لاحدى الوجبات الشهية (السفارة الكندية) بالرياض

ولفت إلى أن حفل توزيع جوائز جورماند الدولية يجمع مؤلفي كتب الطبخ الملهمين من جميع أنحاء العالم، مبيناً أنها منصة رائعة للتواصل مع المتخصصين ذوي التفكير المماثل، وتبادل الأفكار، واكتشاف المأكولات والثقافات المتنوعة، حيث يمثل هذا الحدث دائماً مصدراً رائعاً للتحفيز والإلهام الإبداعي بالنسبة لي.

وتابع الشيف الكندي: «إذا كنت سأوصي بأطباق ليجربها الضيوف السعوديون، فسأبدأ بشرائح لحم الضأن من كيرالا من كتاب الطبخ كوكونت لاجون. السعوديون لديهم حب عميق للحم المشوي، وهذا الطبق يربط بين عوالم الطهي لدينا بشكل جميل. يضيف التتبيلة على طريقة ولاية كيرالا - المعطرة بالبهارات وجوز الهند ولمسة من الحرارة - طبقات من التعقيد دون التغلب على الثراء الطبيعي للحوم».

الشيف الكندي جو ثوتونغال يحضر لاحدى الوجبات الشهية (السفارة الكندية) بالرياض

وأضاف: «أود أن أقدم لهم سلطة الحمص الأسود، حيث يُستخدم الحمص على نطاق واسع في المطبخ السعودي، لكن الحمص الأسود (كالا شانا) يقدم تجربة مختلفة أصغر حجماً وأكثر صلابة وأكثر نكهة بشكل مكثف من الحمص الأبيض. تُظهِر هذه السلطة الممزوجة بالبهارات وعصير الليمون وبعض الخضار المقطعة كيف يمكن تحويل المكونات المألوفة من خلال عدسة النكهات الساحلية في ولاية كيرالا».وقال ثوتونغال أيضاً: «لأن الأسماك الطازجة هي جوهر تقاليد الطعام السعودية، فإنني أوصي بطبق البلطي المقلي من ماي ثالي. مع تتبيلة التوابل النابضة بالحياة واللمسة النهائية المقرمشة، يعد هذا الطبق بمثابة تذكير بأن المأكولات البحرية لا ينبغي أبداً أن تكون لطيفة. فهو يجمع بين الروائح العطرية الجريئة والحرارة اللطيفة والمذاق النظيف للأسماك الطازجة، وهي نكهات أعتقد أن الأذواق السعودية ستقدرها حقاً». وتابع: «تحتفل هذه الأطباق معاً بالحب المشترك بين ثقافتينا للتوابل الجريئة والمكونات الطازجة والأطعمة التي تحكي قصة».


مدونة الطعام أناستازيا اكتشفت بلاد الأرز فوقعت في حبّها

في مدينة بعلبك خلال جولاتها في مناطق لبنان (إنستغرام)
في مدينة بعلبك خلال جولاتها في مناطق لبنان (إنستغرام)
TT

مدونة الطعام أناستازيا اكتشفت بلاد الأرز فوقعت في حبّها

في مدينة بعلبك خلال جولاتها في مناطق لبنان (إنستغرام)
في مدينة بعلبك خلال جولاتها في مناطق لبنان (إنستغرام)

«غايد. إل بي» هو عنوان الصفحة الإلكترونية التي تطل منها مدونة الطعام أناستازيا باكوموفسكايا على وسائل التواصل الاجتماعي، وتنشر فيها انطباعاتها حول بلاد الأرز. فقد استكشفت لبنان منذ سنوات قليلة ووقعت في حبّه.

وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «لقد زرت أكثر من 50 بلداً حول العالم. ولكن قلبي وقع في حب لبنان، فشعرت وكأنه بمثابة بيتي وعائلتي».

منذ تلك اللحظة قررت آنا كما تحب أن يناديها المقربون منها، أن تدوّن كل ما يتعلّق بميزة أطباق لبنان ومطبخه ومطاعمه. لذلك نراها تتجول بين مختلف المناطق وتنقل منها كل ما يلفتها في عالم الطعام. بالنسبة لها، فإن لبنان يتمتع بطبيعة ساحرة. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أغرمت بأهله وبطقسه المعتدل، وكذلك بأطباق طعامه اللذيذة والشهية. فليس هناك من مطبخ آخر ينافسه برأي، لأنه متنوع وصحي في آن».

أناستازيا في صورة تحكي فيها عن الخبز "المرقوق" (انستغرام)

وعن أطيب الأكلات التي تحب تناولها في لبنان، تقول: «أحب كثيراً تناول طبق الملوخية، وكذلك طبق الـ(شيش برك) باللبن والنعناع اليابس. أما في مجال الحلويات فلا شيء يضاهي طعم ونكهة الكنافة بالجبن».

بدأت قصة أناستازيا مع لبنان منذ نحو 6 سنوات. زارته نظراً لنصيحة أحد الأصدقاء لكونه من البلدان الجميلة جداً. «لم أتوقّع أن يكون بهذا الجمال من عدة نواحٍ. لذلك قررت الإقامة فيه، وصرت اليوم باحثة نهمة عن كل تفصيل يتعلّق بمطبخه».

أناستازيا الروسية الجنسية تجد نقاط تشابه قليلة بين أطباق بلادها وتلك الخاصة بلبنان. وتقول: «هناك أطباق مثل الملفوف المحشو باللحم. وكذلك قطع العجين باللحم المعروفة بالـ(سمبوسك). فهي تشبه أصناف طعام موجودة في بلادنا. ولكن عندنا تحضّر من خلال وضعها في مياه مغلية فقط. فنتناولها إثر نضجها بهذه الطريقة وليس بتقنية الطهي اللبنانية نفسها».

تحب التجوّل في شوارع بيروت (إنستغرام)

لا تتحمس كثيراً لافتتاح مطعم روسي في لبنان. «أعلم تماماً بأنه ليس في لبنان مطعم روسي مع الأسف. أحياناً، أفكر في افتتاح واحدٍ لتعريف اللبنانيين على أطباقنا. ولكن لا أتوقع له النجاح لأن مطبخنا يرتكز على الأطعمة الدسمة والساخنة جداً، فتغيب عنه السلطات والأكلات الخفيفة. فبلدي يقع في منطقة قطبية باردة جداً، فيما لبنان الواقع على البحر المتوسط يفضّل أهله الطعام الـ(لايت) والطازج».

وتستطرد: «ربما أفتتح مطعماً يقدم الأكلات الروسية واللبنانية. وبذلك أجلب روسيا إلى بيروت لمن لم يزرها بعد».

جالت أناستازيا في البترون كما في بيروت وزغرتا والجنوب. «لفتني جداً مطعم (جورجينا) وتديره النساء في بلدة زغرتا. يحضرن الطعام في حديقة غنّاء في الهواء الطلق. صحيح أن موقع المطعم يبعد عن العاصمة، ولكن أطباقه تستأهل قطع هذه المسافة الطويلة».

تعترف أناستازيا بمواجهتها تحديات كثيرة في إقامتها الأولية في بيروت. «لم أكن أعرف تفاصيل كثيرة عن يوميات هذا البلد، وما زلت أتعلم من أخطائي وأتأقلم أكثر».

تهوى آنا مقاهي لبنانية عديدة وتصفها بالرائعة. مضيفة: «هناك عدد كبير منها في مناطق الجميزة ومار مخايل والصيفي، وجميعها تراعي أذواق الناس على اختلافها. أنا مثلاً أحب مقهى (سيب) و(لوفانت) في الجميزة. فهما يتيحان لروادهما الاستمتاع بفنجان قهوة صباحي يضاهي بطعمه أهم المقاهي في العالم. خصوصاً إذا ما تناولناه مع قطعة حلوى لبنانية».

تصف لبنان بالبلد الساحر الذي وقعت في حبّه (إنستغرام)

وماذا عن المطعم الذي يقدم أطيب الأطباق اللبنانية بنظرها؟ تردّ بحماس: «أعدّ مطعم (ام شريف) هو الأهم، ويتميز بكونه يقدم الأطباق اللبنانية الأصيلة بنكهاتها التراثية».

تجري أناستازيا مقارنة سريعة بين بيروت وعواصم عربية أخرى. «زرت دولة الإمارات العربية، دبي مثلاً، ولكنني فضّلت لبنان عليها من نواح مختلفة. فلبنان بلد دافئ، مرت عليه حضارات كثيرة. وهو ما ألّف عنده هذا المزيج من الثقافات. ولكنني من ناحية ثانية أتوق لزيارة المملكة العربية السعودية. ففي السنوات الأخيرة شهدت تبدلاً وانفتاحاً كبيرين. وأتمنى أن أزور مناطق الرياض والعلا وغيرها لأكتشف تاريخ هذه البلاد وجمال حضارتها العربية الأصيلة».

ترفق المدونة الروسية منشوراتها مرات بأغانٍ لفيروز. وفي أحيان أخرى تدأب على نقل أجواء السهر في العاصمة. ولا تتوانى عن نشر مقاطع مصورة من يومياتها خلال تجولها في بيروت. وتقول: «أحب منطقة المنارة والروشة. ومن خلال حواراتي مع اللبنانيين صرت اليوم أجيد التحدث بالعربية. فشعب لبنان محب وقريب إلى القلب».

تزوّد أناستازيا متابعها بعناوين مطاعم ومقاهٍ وأماكن سياحية تحلو زيارتها من وقت لآخر. ومرات تضيف إليها معلومة مفيدة تحكي فيها عن ميزات لبنان. وتعلق: «تخيلي مثلاً أنني عرفت مؤخراً، بأن هناك منازل قديمة يعود تاريخها إلى 400 سنة خلت تقع على شاطئ البحر. وبينها (بيت البحر) للضيافة في منطقة طبرجا».

وتختم لـ«الشرق الأوسط»: «الطبخ في لبنان فن، وأتمنى يوماً ما أن أجيد تقنية الطبخ اللبناني. فأصبح ضليعة في معرفة الأطباق اللبنانية من ألفها إلى يائها».


كيف وأين تتناول طعاماً رائعاً وبأسعار مناسبة حول العالم؟

ديكور مطعم فلوريج الجميل (الشرق الاوسط)
ديكور مطعم فلوريج الجميل (الشرق الاوسط)
TT

كيف وأين تتناول طعاماً رائعاً وبأسعار مناسبة حول العالم؟

ديكور مطعم فلوريج الجميل (الشرق الاوسط)
ديكور مطعم فلوريج الجميل (الشرق الاوسط)

ليس بالضرورة أن تنفق ثروة في تجربة مطعم رائد عالميّاً: إحدى طرق لتحقيق ذلك هي اختيار قائمة الغداء، التي غالباً ما تكون نسخة أقصر وأقل تكلفة من قائمة تذوق الطعام المسائية. والخيار الآخر هو اختيار مكان يقدم قائمة طعام انتقائية وقت الغداء، مما يجعلك أنت المتحكم في حجم إنفاقك. استكشف وجهات تناول الطعام الرائعة بقيمة مناسبة التي ظهرت في قوائم أفضل 50 مطعماً في العالم.

«فلوريلج» - طوكيو

يقع هذا المطعم في أطول مبنى بطوكيو، وتُعتبر قائمة تذوق الغداء ذات اللمسات الفرنسية، التي يقدمها الشيف هيروياسو كاواتي، واحدة من أفضل الخيارات من حيث القيمة في قائمة أفضل 50 مطعماً في العالم لعام 2025. في غرفة طعام ذات إضاءة خافتة، يتشارك الضيوف طاولة واحدة تتسع لـ16 مقعداً، امتثالاً لمفهوم «طاولة المضيف» الخاص بكاواتي، والمصمم لتشجيع الحوار حول الطعام. تركز القائمة على المكونات النباتية، باستخدام المكونات المحلية لخلق طابع ياباني مميز إلى جانب البراعة الفرنسية الكلاسيكية المكتسبة من فترة عمل كاواتي في مطعم «لو جاردان دي سانس» الفرنسي في مونبلييه.

الغداء في سيبتيم بباريس أرخص من العشاء (الشرق الاوسط)

«سيبتيم» - باريس

سوف تحتاج إلى التنظيم الجيد إذا أردتَ حجز طاولة في «سيبتيم»: يتم إصدار الحجوزات قبل ثلاثة أسابيع وتُحجز بسرعة في الغالب. ومع قائمة تذوق متعددة الأطباق بسعر معقول كهذه، فمن السهل أن نفهم السبب. هذا المطعم، الذي احتل المرتبة 40 في قائمة أفضل 50 مطعماً في العالم لعام 2025، هو مطعم بأسلوب «النزعة الصناعية الجديدة»، ويديره الشيف بيرتراند غريبو الذي تحوَّل من مصمم غرافيك إلى شيف، وقد أسر رواد المطعم لأكثر من عقد من الزمان، مقدماً فن الطبخ الفرنسي العصري والمبدع. توقع أطباقاً موسمية تعتمد على المكونات الطازجة مع لمسات عالمية - على سبيل المثال، الهليون الأبيض مع صلصة «البوليت» وصلصة «إكس أو»، وليمون ماير المحفوظ، أو توستادا سمك السلمون المرقط مع الورد والشمندر.

«لا كولومب» - كيب تاون

اجتذبت قوائم تذوق «لا كولومب» ذات الأسعار الجيدة اهتمام العالم، مما أكسب هذا المطعم الأشبه ببيت الشجرة المرتبة 55 في التصنيف الموسَّع لأفضل مطاعم العالم لعام 2025. يقع المطعم على قمة ممر «عنق كونستانتيا» الجبلي في مزرعة «سيلفرميست» للنبيذ العضوي، حيث ستستمتع بمناظر خلابة عبر الوادي، جنباً إلى جنب مع ثمانية أطباق من إبداع الشيف جيمس غاغ وفريقه. ترتكز الأطباق على التقنية الفرنسية وتتميز بلمسات آسيوية، مع الاعتماد بشكل كبير على المنتجات المحلية والموسمية وتقديم الأطباق بأسلوب متقن والكثير من العروض التقديمية على الطاولة.

«سيليلي» - كارتاخينا

يلتزم الشيف خايمي رودريغيز بإضفاء الطابع الديمقراطي على الطهي القائم على البحث. في عام 2021، قرر التوقف عن تقديم قوائم تذوق الطعام في مطعم «سيليلي»، الذي احتل المرتبة 48 في قائمة أفضل 50 مطعماً في العالم لعام 2025. وبدلاً من ذلك قدم قائمة طعام انتقائية تحتفي بالتنوع البيولوجي وثقافة الطهي لمنطقة الكاريبي الكولومبية. بناء على تجارب مكثفة التقى فيها بالشعوب الأصلية ووثق الوصفات، تتميز قائمة «سيليلي» بمكونات نادرة مثل الأوريخيرو (بذور الأشجار التي غالبا ما تُصنع منها عجينة حلوة) والجومبالي (فاكهة برية)، بالإضافة إلى أطباق تحتوي على زهور الكاريبي، وأوراق اليوكا، وشوكولاتة لا سييرا نيفادا دي سانتا مارتا.

من أطباق ماسك (الشرق الاوسط)

«ماسك» - مومباي

«ماسك» هو أول مطعم في مومباي يقدم تجربة قائمة تذوق متعددة الأطباق، وقد أكسبه سعيه المتطور باستمرار لإعادة ابتكار فن الطهي الهندي الكلاسيكي المرتبة 68 في قائمة أفضل 50 مطعماً في العالم لعام 2025. يدير الشيف فارون توتلاني المطعم، الذي يتخذ من منطقة مصانع النسيج الصناعية السابقة في مومباي مقراً له. تتغير قائمة التذوق المكونة من 10 أطباق حسب المواسم، وتتميز بالمنتجات التي يتم الحصول عليها من المزارعين المحليين ومن رحلات البحث عن الطعام البري. يهدف توتلاني إلى تغيير تصورات رواد المطعم عن المطبخ الهندي، مسلطاً الضوء على مكونات غير معروفة خارج النطاق المحلي للغاية، مثل الحنطة السوداء، والتوت البري.

«كول» - لندن

عندما افتتح سانتياغو لاسترا مطعم «كول»، أراد أن يتبنى تحدي ابتكار المطبخ المكسيكي في مناخ لا تنمو فيه المكونات التقليدية.

لن يجد رواد المطعم الأفوكادو، أو الليمون، أو الصبار في القائمة - بدلاً من ذلك، أسفر بحث لاسترا المكثف عن بدائل من المملكة المتحدة مثل الكرنب الساقي، ونبق البحر، وعنب الثعلب المخمر، والأعشاب البحرية. احتل مطعم «كول» المرتبة 47 في قائمة أفضل مطاعم العالم لعام 2025، ويستورد فقط الذرة والشوكولاتة والفلفل الحار من المكسيك، في حين تتبنى القائمة نهجاً بريطانياً موسمياً للغاية مستلهماً من ذكريات لاسترا عن المكسيك. وعلى الرغم من أن أغلب الأطباق تتغير باستمرار، ستجد دائماً طبق المطعم الشهير وهو تاكو الروبيان مع الفلفل الحار المدخن، والملفوف المخلل، ولمسة منعشة من نبق البحر في القائمة.

من أطباق سانت بيتر (الشرق الاوسط)

«سانت بيتر» Saint Peter - سيدني

يقع هذا المكان المغطى بالخرسانة في ضاحية بادينغتون بسيدني، وهو موطن لشيف يُنسب إليه الفضل على نطاق واسع في إعادة كتابة قواعد طهي الأسماك. لن تجد طبق سمك «دُفر سُول على طريقة مونييه» في مطعم «سانت بيتر» - بدلاً من ذلك، يفضل الشيف جوش نيلاند استخدام أجزاء السمك التي يتجاهلها الطهاة الآخرون. يدافع مطعمه، الذي يحتل المرتبة 66 في قائمة أفضل 50 مطعماً في العالم لعام 2025، عن تقنيات «الرأس إلى الذيل» المستخدَمة بشكل أكثر شيوعاً للحوم، مثل التعتيق الجاف، والتقطيع، واستخدام الأحشاء. وفي حين أن قائمة «طاولة الشيف» تحتوي على أطباق جريئة، مثل حساء مع نودلز عظام سمك الترويت المرجاني، وفطيرة كبد سمك «جون دوري» بالباتيه. وتقدم قائمة الغداء ذات الأسعار المعقولة الروح المبدعة ذاتها بأسعار أقل.

«روزيتا» Rosetta - مكسيكو سيتي

يُعد مطعم «روزيتا» للشيف إيلينا ريغاداس المفضل لدى السكان المحليين والمسافرين الباحثين عن تذوق الطعام على حدٍ سواء. تدربت الشيف (التي فازت بجائزة أفضل شيف أنثى في العالم لعام 2023) في المعهد الفرنسي للطهي في نيويورك، وأمضت أربع سنوات في لندن في مطعم «لوكاندا لوكاتيلي» قبل أن تعود إلى موطنها المكسيك لافتتاح مطعمها الخاص. التأثير العالمي واضح في قائمة طعام «روزيتا» — فبينما يتم الحصول على المكونات من منتجين محليين صغار، تكتسب الأطباق طابعا عالميا: خبز البريوش مع بيض النمل وصلصة بيرنيز بالتراغون، وكابيلاتشي الجبن المدخن ومرق الذرة، وتاكو الملفوف السافوي الشهير مع صلصة «بيبيان» بالفستق والروميريتوس، على سبيل المثال لا الحصر. إذا لم تتمكن من الحصول على طاولة هنا (المطعم يحتل المرتبة 45 في قائمة أفضل مطاعم العالم لعام 2025)، فإن المخبز الموجود في الموقع والمتخصص في خبز العجين المخمّر هو وسيلة أكثر اقتصادية لتجربة مواهب ريغاداس.