غربت الشمس على الولايات المتحدة أمس دون إعلان فائز واضح في الانتخابات الرئاسية، رغم حديث الرئيس الجمهوري دونالد ترمب عن نصر مبكّر، وإبداء حملة خصمه الديمقراطي جو بايدن ثقتها في حسم المعركة الانتخابية لصالحها.
وشهدت هذه الانتخابات أكبر نسبة مشاركة منذ السماح للنساء بالتصويت. فقد أدلى 160 مليون أميركي بأصواتهم، مع تقدير نسبة المشاركة بـ66.9 في المائة في مقابل 59.2 في المائة في عام 2016 بحسب «يو إس إيليكشنز بورجيكت». ووجدت الكثير من الولايات نفسها تحت كم هائل من بطاقات الاقتراع عبر البريد. وقد يستغرق فتح المظاريف ومسح البطاقات بالسكانر أياماً عدة في بعض المدن.
- تحذيرات من التزوير
سعى ترمب، من خلال حديث مقتضب وسلسلة تغريدات أمس، إلى إثارة الشكوك حيال عمليات فرز الأصوات الجارية في ولايات رئيسية عدة على غرار ويسكونسن وميتشيغان وبنسلفانيا، متحدثاً عن تزوير الانتخابات و«ظهور» بطاقات اقتراع لصالح بايدن بشكل «سحري». وكتب في تغريدة «مساء أمس كنت متقدماً في كثير من الولايات الرئيسية»، مضيفاً «بعد ذلك، بدأت الواحدة تلو الأخرى تختفي بطريقة سحرية مع ظهور بطاقات انتخابية مفاجئة واحتسابها».
والبطاقات التي يتحدث عنها الرئيس هي تلك التي وصلت عبر البريد، ومن الممكن أن تستمر عملية فرزها أياماً عدة في بعض الولايات. وأثناء ليل الثلاثاء إلى الأربعاء، تسبب تعداد هذه البطاقات في تراجع ترمب في ميتشيغان وويسكونسن، وهما ولايتان رئيسيتان تعتمد نتيجة الانتخابات على أصواتهما. ويهدد هذا التعداد أيضاً تقدّمه في ولاية بنسلفانيا في الأيام المقبلة.
وأشار أيضاً إلى أن منظمي استطلاعات الرأي أخطأوا في هذه الانتخابات بشكل «تاريخي». وسارعت حملة ترمب إلى المطالبة بإعادة فرز الأصوات في ولاية ويسكونسن، التي تبيّن النتائج الأولية تقدم بايدن فيها بـ49.5 في المائة مقابل 48.8 في المائة لصالح ترمب.
في المقابل، تعهد خصمه المرشح الديمقراطي جو بايدن في تغريدة أيضاً بأن حملته «لن يهدأ لها بال حتى احتساب كل صوت». وحاول كل من فريقي الحملتين إقناع الرأي العام بأن مرشحه سيفوز بالانتخابات، خلال اتصالات هاتفية مع الصحافة. وأعلن مستشار في حملة المرشح الديمقراطي، أن الرئيس ترمب قد يواجه «هزيمة محرجة» في حال لجأ إلى المحكمة العليا قبل انتهاء فرز الأصوات في الانتخابات الرئاسية. وقال القاضي السابق بون بووير «قد يواجه واحدة من أكثر الهزائم المحرجة لرئيس أمام أعلى محكمة في البلاد»، في حال طلب عدم احتساب بطاقات اقتراع فرزت بعد موعد الاقتراع، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية».
وتبدّدت آمال بايدن في الحصول على فوز حاسم مبكر منذ مساء الثلاثاء، عندما حقّق ترمب الفوز في ولايات فلوريدا، وأوهايو، وتكساس الحاسمة. لكن بايدن الذي شغل من قبل منصب نائب الرئيس عبّر عن ثقته في أنه في طريقه للوصول إلى البيت الأبيض عبر الفوز في ثلاث ولايات رئيسية، تُعرف باسم ولايات «حزام الصدأ»، كما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وقال بايدن في مسقط رأسه بولاية ديلاوير، رافعاً صوته وسط ضجيج أنصاره الذين راحوا يطلقون أبواق سياراتهم تأييداً له «يحدونا شعور طيب حيال وضعنا». وأضاف «نعتقد أننا على طريق الفوز في هذه الانتخابات».
وكان ترمب قد أشار خلال الأيام الأخيرة للحملة الانتخابية إلى أنه سيعلن الفوز إذا كان متقدماً في ليلة الانتخابات، وسيسعى لوقف فرز الأصوات الإضافية. وقالت جين أومالي ديلون، مديرة حملة بايدن الانتخابية في بيان، إن «تصريحات الرئيس الليلة عن محاولة وقف فرز الأصوات التي تم الإدلاء بها بطريقة سليمة كانت مشينة وخاطئة، ولم يسبق لها مثيل». وكان ترمب (74 عاماً) قد كتب على «تويتر» قبل ظهوره في البيت الأبيض «نتقدم بفارق كبير، لكنهم يحاولون سرقة الانتخابات. لن ندعهم يفعلون ذلك أبداً. لا يمكن الإدلاء بأصوات بعد إغلاق مراكز الاقتراع!»، وهي تغريدة سارعت شركة «تويتر» بوضع تحذير من أنها قد تكون «مضللة».
وكتب بايدن على «تويتر» رداً على ترمب «ليس من حقي ولا من حق دونالد ترمب إعلان الفائز في هذه الانتخابات. إنه حق الناخبين». ولم يتضح ماذا كان يعني ترمب عندما قال إنه سيطلب من المحكمة العليا وقف «التصويت». ولا تنظر المحكمة العليا في الطعون المباشرة، لكنها تبت في قضايا رفعت إليها من محاكم أدنى درجة. لكن خبراء قانونيين قالوا، إن نتيجة الانتخابات قد تتعطل بسبب طعون في كل ولاية على حدة بشأن عدد من القضايا، بما يشمل إمكانية إحصاء الولايات للأصوات التي تصل متأخرة عبر البريد وأرسلت في يوم الانتخاب ذاته.
- فرق من المحامين
حتى قبل يوم التصويت، شهدت الحملات الانتخابية عدداً قياسياً من الدعاوى القضائية في عشرات الولايات، إذ أجبرت جائحة كورونا مسؤولي الانتخابات على الاستعداد لاقتراع لم يسبق له مثيل. وحشدت الحملتان فرقاً من المحامين استعداداً لأي نزاع. وسمحت المحكمة العليا من قبل لولاية بنسلفانيا بالمضي قدماً في إحصاء أصوات جرى إرسالها عبر البريد في الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني)، ولم تصل إلا بعد يوم الانتخاب بثلاثة أيام، لكن عدداً من القضاة المحافظين ألمحوا إلى استعدادهم لإعادة النظر في الأمر. ويعتزم مسؤولون في الولاية فصل تلك الأصوات جانبا كإجراء احترازي، وفق وكالة رويترز.
وقبل الانتخابات، قال ترمب إنه يريد من مجلس الشيوخ التصديق على مرشحته لعضوية قضاة المحكمة العليا آيمي كوني باريت لتكون بينهم حال نظر المحكمة في نزاع انتخابي. وانتقد ديمقراطيون الرئيس؛ إذ بدا أنه يلمّح إلى أنه يتوقع من باريت إصدار حكم لصالحه. وقال ترمب مراراً، دون تقديم أي سند أو دليل، إن التصويت عبر البريد على نطاق واسع سيؤدي إلى تزوير على الرغم من أن خبراء الانتخابات الأميركية يعتبرون أن مثل هذا التزوير أمر نادر الحدوث.
انتخابات الرئاسة الأميركية تستعصي على الحسم
ترمب يندّد بعمليات تزوير... وبايدن يريد احتساب كل الأصوات
انتخابات الرئاسة الأميركية تستعصي على الحسم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة