بيلوسي وترمب... قطيعة تامة استمرت أكثر من عام

رئيسة مجلس النواب «لن تستغني» عن منصبها

لقاء جمع الرئيس ترمب وبيلوسي في البيت الأبيض في ديسمبر 2018 (غيتي)
لقاء جمع الرئيس ترمب وبيلوسي في البيت الأبيض في ديسمبر 2018 (غيتي)
TT

بيلوسي وترمب... قطيعة تامة استمرت أكثر من عام

لقاء جمع الرئيس ترمب وبيلوسي في البيت الأبيض في ديسمبر 2018 (غيتي)
لقاء جمع الرئيس ترمب وبيلوسي في البيت الأبيض في ديسمبر 2018 (غيتي)

في ظل كل التجاذبات السياسية والتحليلات والاستطلاعات التي تسعى لترجيح نتائج الانتخابات الرئاسية والتشريعية، تُجمع الأرقام على نتيجة واحدة: مجلس النواب الأميركي سيبقى تحت سيطرة الديمقراطيين الذين قد يعززون أغلبيتهم فيه. هذا يعني أن رئاسة المجلس والصلاحيات الكبيرة التي يتمتع بها رئيس المجلس ستبقى بيد الحزب الديمقراطي. وقد يظن البعض أن انتخاب مجلس نواب جديد يعني انتخاب رئيس جديد للمجلس، وتغيير وجه نانسي بيلوسي المعروف؛ لكن بيلوسي حسمت هذه التساؤلات وأكدت أنها لن تستغني عن منصبها في دورة المجلس الجديدة؛ بل ستترشح مجدداً للفوز برئاسة حزبها.
وقالت بيلوسي بكل حزم وثقة لدى سؤالها عن خطتها: «نعم سوف أترشح، وسوف نفوز بمجلس الشيوخ». كلمات تعكس ثقة السياسية المخضرمة التي تمكنت في سنوات خدمتها الطويلة في السياسة من الفوز بثقة كثير من أفراد حزبها واحترامهم، وترهيب البعض الآخر الذي يعارضها. فهذه النائبة عن ولاية كاليفورنيا التي انتخبت في مجلس النواب في عام 1987، تسلقت سلم التراتبية تدريجياً لتتسلم في عام 2007 رئاسة المجلس مع سيطرة الديمقراطيين على الأغلبية في المجلس، وتصبح بذلك المرأة الأولى التي تصل إلى منصب رئاسة المجلس في تاريخ الولايات المتحدة، وهو المنصب الثالث في التراتبية بعد الرئاسة.
تحديات ديمقراطية داخلية
على الرغم من دعم قاعدتها الحزبية لها، فإن بيلوسي واجهت في الأعوام الماضية ثورات صغيرة داخلية من النواب الشباب الجدد، تقدميين ومحافظين، الذين سئموا من الوجوه القديمة التقليدية، وحاولوا الدفع نحو التغيير. لكن بيلوسي واجهتهم بقبضة من حديد، وضربتهم بالسلاح الذي أجادت استعماله مع الزمن، سلاح المال. فهددتهم بعدم عقد أنشطة انتخابية لجمع المال لهم لإعادة انتخابهم، وهي معروفة بقدرتها على جمع أموال طائلة من التبرعات، فتراجع هؤلاء عن تحديهم لها بالترشح ضدها لرئاسة المجلس، وتقهقروا إلى قواعدهم. إلا أن بيلوسي، البالغة من العمر 80 عاماً، أتقنت أصول اللعب في السياسة، وعلمت أن هذه المعارضة ستزداد وستتشعب وأنها ستفقد السيطرة عليها قريباً مع بسط التقدميين لسلطتهم على المجلس؛ خصوصاً مع تسلم وجوه جديدة وشابة لبعض المقاعد، أمثال ألكسندريا أوكاسيو كورتيز، وإلهان عمر، ورشيدة طليب، وإيانا بريسلي، وهي مجموعة عرفت باسم «الشلة». لهذا، فهي توصلت في عام 2018 إلى تسوية معهن قضت بتحديد مدة ولاية رئيس المجلس بأربع سنوات، خدمت منها سنتين، لهذا فلم يثر إعلانها أنها ستترشح مجدداً أي مفاجأة في صفوف النواب التقدميين؛ لكن هذا لا يعني أنهم لن يتحدوها مجدداً في الانتخابات الداخلية للحزب التي ستجري بعد الانتخابات التشريعية.
وقد ترجم هذا التحدي في يوليو (تموز) من عام 2019، عندما صوتت «الشلة» ضد مشروع تمويل الحدود الذي روجت له بيلوسي، ليكونوا بذلك النواب الديمقراطيين الوحيدين الذين صوتوا ضد المشروع. بيلوسي وجهت حينها انتقادات لاذعة لهن، فقالت: «كل هؤلاء الأشخاص لديهم جمهورهم وعالمهم على (تويتر). لكن هنا، هم أربعة أشخاص فقط، وستكون لهم أربعة أصوات فقط».
ترمب: القاسم الجامع
على الرغم من التوتر في العلاقة، فإن ما جمع أطراف التجاذب الديمقراطي الداخلي كان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ومعارضتهم الشديدة له. فترمب الذي تدخل في الخلاف بين بيلوسي و«الشلة» دعا كلاً من أوكاسيو كورتيز وبريسلي وعمر وطليب «للعودة من حيث أتين». فهاجمته رئيسة مجلس النواب واتهمته بالعنصرية وبتقسيم البلاد.
جمعت بين بيلوسي وترمب علاقة مضطربة منذ بداية عهد الرئيس الأميركي، هاجم فيها الطرفان بعضهما بعضاً بشكل مستمر، وأدت إلى أطول إغلاق حكومي في التاريخ الأميركي على مدى أسبوعين. لكن القطيعة التامة حصلت في 16 من أكتوبر (تشرين الأول) 2019، حين جلست بيلوسي وترمب وجهاً لوجه في البيت الأبيض خلال اجتماع حول سوريا وتبادلا الإهانات، فوصفها ترمب بالسياسية من الطابور الثالث، لترد عليه بأن «كل الطرقات له تمر ببوتين». وبعد خروجها العاصف من الاجتماع، غرد الرئيس الأميركي قائلاً إن «نانسي المضطربة عانت من انهيار خارج عن السيطرة». ومنذ ذلك التاريخ، لم يتكلم رئيس البلاد ورئيسة المجلس بعضهما مع بعض، لتتخطى القطيعة بذلك فترة العام، وتصل إلى ذروتها مع قرار بيلوسي المضي قدماً في إجراءات عزل ترمب من منصبه.
«دراما» خطاب حال الاتحاد
لعل أبرز حادثة سلطت الضوء على توتر العلاقة بين ترمب وبيلوسي، كانت حادثة خطاب حال الاتحاد، عندما زار الرئيس الأميركي الكونغرس لإلقاء خطابه السنوي في خضم صراع عزله. حينها وقفت بيلوسي ومدت يدها لمصافحة الرئيس الذي تجاهلها كلياً، فما كان منها، وهي المعروفة ببرودة أعصابها علناً، إلا أن انتظرت حتى انتهاء ترمب من إلقاء خطابه لتمزق نسختها منه أمام عدسات الكاميرات. لتصبح تلك اللحظة الشهيرة التي يتذكر بها الأميركيون خطاب حال الاتحاد.
ويتحدث النائب الجمهوري جون شيمكس عن الحادثة فيقول: «أنا لم أرَ علاقة سيئة بهذا الشكل من قبل بين رئيس مجلس نواب ورئيس أميركي». وشيمكس شهد علاقات مضطربة كثيرة، أبرزها علاقة رئيس مجلس النواب السباق نيوت غينغرتش والرئيس السابق بيل كلينتون.
«كورونا» عزز الخلافات
ومع مرور الوقت وتفشي فيروس «كورونا»، ظن البعض أن الأزمة الصحية ستدفع ببيلوسي وترمب إلى الحديث سوياً للتوصل إلى تسوية بشأن تمرير مشروعات لتحفيز الاقتصاد ومساعدة الأميركيين؛ لكن هذا لم يحصل؛ بل وكَّل ترمب وزير الخزانة ستيفن منوشين للحديث مع بيلوسي وعقد مفاوضات بالنيابة عنه.
ومع احتدام الموسم الانتخابي، صعَّد الرئيس الأميركي من انتقاداته لبيلوسي، وأعطاها لقب «نانسي المجنونة»، بينما قالت بيلوسي إن الأدوية التي تعاطاها ترمب خلال علاجه من «كورونا» أثرت على صحته العقلية. فهل سيتأجج الصراع أكثر، أم أن الطرفين سيتمكنان من تخطي خلافاتهما في حال فوز ترمب بولاية ثانية؟



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.