الجزائر تتهم «أطرافاً أجنبية» بالتفاوض مع إرهابيين

اختتام حملة الترويج للتعديل الدستوري... وأحزاب معارضة تدعو إلى التصويت بـ«لا»

«جامع الجزائر» افتتح رسمياً مساء أمس في غياب الرئيس عبد المجيد تبّون (أ.ف.ب)
«جامع الجزائر» افتتح رسمياً مساء أمس في غياب الرئيس عبد المجيد تبّون (أ.ف.ب)
TT

الجزائر تتهم «أطرافاً أجنبية» بالتفاوض مع إرهابيين

«جامع الجزائر» افتتح رسمياً مساء أمس في غياب الرئيس عبد المجيد تبّون (أ.ف.ب)
«جامع الجزائر» افتتح رسمياً مساء أمس في غياب الرئيس عبد المجيد تبّون (أ.ف.ب)

فيما انتهت، ليل أمس، حملة استفتاء التعديل الدستوري المقرر في الجزائر الأحد المقبل، هاجمت وزارة الدفاع الجزائرية، ضمناً، حكومتين أوروبيتين، في قضية تخص دفع فدية مفترضة لتحرير رهائن في مالي، كانت أثارت جدلاً مطلع الشهر الحالي.
وقالت وزارة الدفاع، في بيان أمس، إن الاستخبارات التابعة للجيش ألقت أول من أمس القبض على إرهابي يسمى مصطفى درار، في تلمسان بأقصى غرب البلاد، مشيرة إلى أن توقيفه تم «بعد مراقبة ومتابعة مستمرة للمعني، منذ دخوله عبر الحدود الوطنية إلى غاية جمع واستكمال المعلومات حول تحركاته المشبوهة». ولم يذكر البيان أي جهة دخل منها المتشدد الموقوف، لكن معلومات أشارت إلى أن الأمر يتعلق بالحدود مع المغرب.
وأفاد البيان بأن المتشدد التحق بالجماعات المتطرفة عام 2012 و«تم إطلاق سراحه بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي بمالي، بعد مفاوضات قامت بها أطراف أجنبية، وأسفرت عن إبرام صفقة تم بموجبها إطلاق سراح أكثر من 200 إرهابي، ودفع فدية مالية معتبرة للجماعات الإرهابية مقابل الإفراج عن 3 رهائن أوروبيين». ويشير البيان بذلك إلى عملية إطلاق سراح عشرات المسلحين، مطلع الشهر، من طرف الحكومة المالية ممن أدينوا أو يشتبه بقيامهم بعمليات إرهابية، مقابل إطلاق سراح رهينتين احتجزهما تنظيم «القاعدة» في هذا البلد الذي تربطه حدود بالجزائر. والرهينتان هما الفرنسية صوفي بترونين، والسياسي المالي المعارض سومايلا سيسيه.
واللافت أن البيان تحدث عن رهينة ثالثة، علماً بأن وسائل إعلام تحدثت قبل أسابيع عن 4 رهائن؛ فرنسية ومالي وإيطاليين. ويرجح أن وزارة الدفاع الجزائرية تقصد فرنسا بحديثها عن «أطراف أجنبية» وبدرجة أقل إيطاليا. وتعتبر الجزائر نفسها مع بريطانيا، في طليعة البلدان المعنية بمكافحة الإرهاب، التي ترفض التفاوض مع الإرهابيين خاطفي الرهائن، تحت أي ظرف كان. ولأول مرة تتهم الجزائر فرنسا بشكل شبه مباشر بدفع أموال لإرهابيين نظير إطلاق سراح أشخاص محتجزين لديهم.
وأكد البيان أن «هذه التصرفات غير المقبولة والمنافية للقرارات الأممية، التي تجرّم دفع الفدية للجماعات الإرهابية، من شأنها أن تعرقل الجهود المبذولة قصد مكافحة الإرهاب وتجفيف منابع تمويله».
على صعيد آخر، أسدل في منتصف الليلة الماضية الستار على 21 يوماً من الدعاية للدستور الجديد الذي سينظم من أجله استفتاء في أول نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، تزامناً مع الذكرى الـ66 لاندلاع ثورة التحرير. وعدّ رئيس الوزراء عبد العزيز جرّاد رفض المشاركة في الاستشارة الشعبية بمثابة «رجوع إلى عهد العصابة»، ويقصد بذلك أن الدستور سينقذ البلد من الفساد وسوء التسيير ومن الحكم الفردي، وهو ما ميّز فترة حكم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. ويرجح بأن الموعد الانتخابي سيشهد غياب صاحب مسودة الدستور، الرئيس عبد المجيد تبون، الذي يوجد في المستشفى للاشتباه في إصابته بفيروس «كورونا». وجرت ليل أمس مراسم الحفل الديني بمناسبة المولد النبوي، في غيابه أيضاً، وبحضور رئيس الوزراء وبعض أعضاء طاقمه الحكومي. وتم تنظيم الحفل في «جامع الجزائر»، الذي فتح رسمياً بهذه المناسبة، والذي كان يفترض تدشينه من طرف تبون.
وقالت الرئاسة، أول من أمس، إن الرئيس يوجد بالمستشفى العسكري بالعاصمة، وإن «حالته مستقرة ولا تستدعي أي قلق»، مشيرة إلى أنه «يواصل نشاطاته اليومية من مقر علاجه».
في غضون ذلك، دعت قوى سياسية رافضة للدستور الجزائري، في بيان أمس، إلى التصويت بـ«لا» خلال الاستفتاء، يوم الأحد، معتبرة أن الدستور الجديد «لا يحقّق آمال الشّعب الجزائري في التغيير الحقيقي والشامل، ولا يرقى إلى مستوى تعهدات رئيس البلاد»، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».