بما فيها تراجع اهتمام الآباء... إغلاق «كورونا» أضر بالأطفال الفقراء أكثر من الأغنياء

أم تحمل رضيعها أثناء مكالمة بالفيديو خلال فترة الإغلاق (أرشيفية - رويترز)
أم تحمل رضيعها أثناء مكالمة بالفيديو خلال فترة الإغلاق (أرشيفية - رويترز)
TT

بما فيها تراجع اهتمام الآباء... إغلاق «كورونا» أضر بالأطفال الفقراء أكثر من الأغنياء

أم تحمل رضيعها أثناء مكالمة بالفيديو خلال فترة الإغلاق (أرشيفية - رويترز)
أم تحمل رضيعها أثناء مكالمة بالفيديو خلال فترة الإغلاق (أرشيفية - رويترز)

ذكر خبراء من جامعة أكسفورد البريطانية أن وباء «كورونا» أظهر عمق الفجوة بين الأطفال الفقراء والأغنياء، وقد أضر ذلك بفرص التعليم ما قبل الدراسي لدى الأطفال الفقراء.
وأوضح الخبراء أن الأطفال الفقراء محرومون من الأنشطة التنموية مقارنةً بأقرانهم الأغنياء، وأن الآباء الأغنياء من ذوي التعليم الجيد يقضون وقتاً أطول مع أطفالهم في فترة الإغلاق، بينما يواجه الأطفال الفقراء اهتماماً أقل.
وأضاف تقرير صادر من جامعة أكسفورد أن العائلات الأقل ثراءً لديها إمكانية أقل في الوصول إلى الأنشطة في الهواء الطلق والكتب وسط قيود «كوفيد - 19» على عكس ما كان في فترة ما قبل الإغلاق.
ووجد الفريق البحثي أن إغلاق «كورونا» زاد من وقت تعرض الأطفال للشاشات -الهاتف والتلفاز- بوقت أطول من الأطفال في الأسر الفقيرة.
ويقول مؤلف البحث وعالم النفس التجريبي أليكس هندري، من جامعة أكسفورد: «يعتمد الأطفال على تفاعلات عالية الجودة لدعم جميع جوانب نموهم. إنه لأمر مشجع أن نرى أن معظم العائلات تمكنت من إيجاد الوقت للتحدث والقراءة واللعب مع أطفالها خلال هذا الوقت الحرج، لكن مما يخبرنا به الآباء، من الواضح أنه في أثناء الإغلاق، فقد تعرض بعض الأطفال للإهمال».
وتلك النتائج هي النتائج الأولى التي خرجت من مشروع جديد يبحث في كيفية تأثير أزمة «كوفيد - 19» المستمر على كل من الحياة الأسرية ونمو الطفل المبكر، بهدف مساعدة صانعي السياسات على تقليل أي تأثير إضافي على الصغار، حسبما أفادت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
واستطلعت «دراسة التباعد الاجتماعي والتنمية» أكثر من 500 من الآباء والأمهات -لأطفال تبلغ أعمارهم ثلاث سنوات أو أقل- حول مقدار الوقت الذي يقضونه في إشراك أطفالهم في «أنشطة الإثراء» قبل وفي أثناء الإغلاق.
وعرّفت الدراسة أنشطة الإثراء على أنها تشمل الفنون والحرف اليدوية، والطهي، والمشاركة في محادثات فردية، وممارسة الرياضة، والبستنة، واللعب، والقراءة، والغناء، وقضاء وقت مشترك في الهواء الطلق. كما طُلب من البالغين أيضاً توضيح مقدار الوقت الذي يقضيه أطفالهم أمام الشاشة.
ووفقاً للباحثين، أبلغ 90% من العائلات عن زيادة في الوقت الذي يقضونه في إشراك أطفالهم في أنشطة الإثراء خلال الإغلاق، لكنّ هذا لم ينتشر بالتساوي بين جميع الأسر.
وأظهرت النتائج أن الآباء الذين لديهم دخل منخفض أو مستويات تعليمية أقل أو أوضاع مهنية أصعب أو يعيشون في أحياء أكثر حرماناً هم أقل عُرضة لقضاء الكثير من الوقت في إثراء أطفالهم. ووُجد أن هذه العائلات أقل احتمالاً بكثير بقضاء الوقت في القيام بالأنشطة التي تتطلب الوصول إلى الكتب أو المساحات الخارجية.
وأوضحت نايلي غونزاليس غوميز، رئيسة دراسة التباعد الاجتماعي والتنمية: «نحن نعلم أن الأسر المحرومة لا تتمتع في كثير من الأحيان بإمكانية الوصول إلى نفس الفرص لتنمية الأطفال مثل أقرانهم الأكثر ثراءً».
وأضاف عالم النفس بجامعة أكسفورد، أليكس هندري: «تفاقمت هذه العيوب بسبب الإغلاق، فعلى وجه الخصوص أثّر إغلاق الملاعب والمكتبات بشكل غير متناسب على الأطفال من خلفيات أكثر فقراً».
وقالت سالي هوغ، رئيسة السياسات والحملات في مؤسسة «بارينت إنفينت» المعنية بشؤون التربية، لصحيفة «ديلي ميل»: «كانت الأزمة صعبة بالنسبة لمعظم الناس، ولكن كان لها تأثير خاص على الأسر التي تفتقر إلى الموارد لتخفيف آثارها على أطفالها. من المؤسف أن الكثير من أطفالنا الصغار يعيشون في فقر وسكن فقير ومن دون تحفيز اللعب والكتب في المنزل. تُظهر هذه النتائج التأثير الذي أحدثه إغلاق المكتبات والملاعب ومجموعات الاستقبال على هؤلاء الأطفال».
وتابع هوغ: «يجب أن تضع الحكومات الوطنية والمحلية هذه النتائج في الاعتبار عند اتخاذ قرارات بشأن عمليات الإغلاق المستقبلية ووصول العائلات إلى الأنشطة والدعم». وأشارت إلى «الأدلة على أن ما يحدث في الأيام الـ100 الأولى من الحمل، يضع الأسس للتطور اللاحق».


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
TT

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)

أمَّنت الإقامة في باريس للفنانة اللبنانية تانيا صالح «راحة بال» تُحرِّض على العطاء. تُصرُّ على المزدوجَين «...» لدى وصف الحالة، فـ«اللبناني» و«راحة البال» بمعناها الكلّي، نقيضان. تحطّ على أراضي بلادها لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه إلى الأطفال. موعد التوقيع الأول؛ الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. والأحد (8 منه) تخصّصه لاستضافة أولاد للغناء والرسم. تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة.

تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة (صور تانيا صالح)

وطَّد كونها أُماً علاقتها بأوجاع الطفولة تحت النار؛ من فلسطين إلى لبنان. تُخبر «الشرق الأوسط» أنها اعتادت اختراع الأغنيات من أجل أن ينام أطفالها وهم يستدعون إلى مخيّلاتهم حلاوة الحلم. لطالما تمنّت الغناء للصغار، تشبُّعاً بأمومتها وإحساسها بالرغبة في مَنْح صوتها لمَن تُركوا في البرد واشتهوا دفء الأحضان. تقول: «أصبح الأمر مُلحّاً منذ تعرُّض أطفال غزة لاستباحة العصر. لمحتُ في عيون أهاليهم عدم القدرة على فعل شيء. منذ توحُّش الحرب هناك، وتمدُّد وحشيتها إلى لبنان، شعرتُ بأنّ المسألة طارئة. عليَّ أداء دوري. لن تنفع ذرائع من نوع (غداً سأبدأ)».

غلاف الألبوم المؤلَّف من 11 أغنية (صور تانيا صالح)

وفَّر الحبُّ القديم لأغنية الطفل، عليها، الكتابةَ من الصفر. ما في الألبوم، المؤلَّف من 11 أغنية، كُتب من قبل، أو على الأقل حَضَرت فكرته. تُكمل: «لملمتُ المجموع، فشكَّل ألبوماً. وكنتُ قد أنقذتُ بعض أموالي خشية أنْ تتطاير في المهبّ، كما هي الأقدار اللبنانية، فأمّنتُ الإنتاج. عملتُ على رسومه ودخلتُ الاستوديو مع الموسيقيين. بدل الـ(CD)؛ وقد لا يصل إلى أطفال في خيامهم وآخرين في الشوارع، فضَّلتُ دفتر التلوين وفي خلفيته رمز استجابة سريعة يخوّلهم مسحه الاستماع المجاني إلى الأغنيات ومشاهدتها مرسومة، فتنتشل خيالاتهم من الأيام الصعبة».

تُخطّط تانيا صالح لجولة في بعلبك وجنوب لبنان؛ «إنْ لم تحدُث مفاجآت تُبدِّل الخطط». وتشمل الجولة مناطق حيث الأغنية قد لا يطولها الأولاد، والرسوم ليست أولوية أمام جوع المعدة. تقول: «أتطلّع إلى الأطفال فأرى تلك السنّ التي تستحقّ الأفضل. لا تهمّ الجنسية ولا الانتماءات الأخرى. أريد لموسيقاي ورسومي الوصول إلى اللبناني وغيره. على هذا المستوى من العطف، لا فارق بين أصناف الألم. ليس للأطفال ذنب. ضآلة مدّهم بالعِلم والموسيقى والرسوم، تُوجِّه مساراتهم نحو احتمالات مُظلمة. الطفل اللبناني، كما السوري والفلسطيني، جدير بالحياة».

تعود إلى لبنان لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه للأطفال (صور تانيا صالح)

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال، تشعر أنها تستريح: «الآن أدّيتُ دوري». الفعل الفنّي هنا، تُحرّكه مشهديات الذاكرة. تتساءل: «كم حرباً أمضينا وكم منزلاً استعرنا لننجو؟». ترى أولاداً يعيشون ما عاشت، فيتضاعف إحساس الأسى. تذكُر أنها كانت في نحو سنتها العشرين حين توقّفت معارك الحرب الأهلية، بعد أُلفة مريرة مع أصوات الرصاص والقذائف منذ سنّ السادسة. أصابها هدوء «اليوم التالي» بوجع: «آلمني أنني لستُ أتخبَّط بالأصوات الرهيبة! لقد اعتدْتُها. أصبحتُ كمَن يُدمن مخدِّراً. تطلَّب الأمر وقتاً لاستعادة إيقاعي الطبيعي. اليوم أتساءل: ماذا عن هؤلاء الأطفال؛ في غزة وفي لبنان، القابعين تحت النار... مَن يرمِّم ما تهشَّم؟».

تريد الموسيقى والرسوم الوصول إلى الجميع (صور تانيا صالح)

سهَّلت إقامُتها الباريسية ولادةَ الألبوم المُحتفَى به في «دار المنى» بمنطقة البترون الساحلية، الجمعة والأحد، بالتعاون مع شباب «مسرح تحفة»، وهم خلف نشاطات تُبهج المكان وزواره. تقول إنّ المسافة الفاصلة عن الوطن تُعمِّق حبَّه والشعور بالمسؤولية حياله. فمَن يحترق قد يغضب ويعتب. لذا؛ تحلَّت بشيء من «راحة البال» المحرِّضة على الإبداع، فصقلت ما كتبت، ورسمت، وسجَّلت الموسيقى؛ وإنْ أمضت الليالي تُشاهد الأخبار العاجلة وهي تفِد من أرضها النازفة.

في الألبوم المُسمَّى «لعب ولاد زغار»، تغنّي لزوال «الوحش الكبير»، مُختَزِل الحروب ومآسيها. إنها حكاية طفل يشاء التخلُّص من الحرب ليكون له وطن أحلى. تقول: «أريد للأطفال أن يعلموا ماذا تعني الحروب، عوض التعتيم عليها. في طفولتي، لم يُجب أحد عن أسئلتي. لم يُخبروني شيئاً. قالوا لي أنْ أُبقي ما أراه سراً، فلا أخبره للمسلِّح إنْ طرق بابنا. هنا أفعل العكس. أُخبر الأولاد بأنّ الحروب تتطلّب شجاعة لإنهائها من دون خضوع. وأُخبرهم أنّ الأرض تستحق التمسُّك بها».

وتُعلِّم الصغار الأبجدية العربية على ألحان مألوفة، فيسهُل تقبُّل لغتهم والتغنّي بها. وفي الألبوم، حكاية عن الزراعة وأخرى عن النوم، وثالثة عن اختراع طفل فكرة الإضاءة من عمق خيمته المُظلمة. تقول إنّ الأخيرة «حقيقية؛ وقد شاهدتُ عبر (تيك توك) طفلاً من غزة يُفكّر في كيفية دحض العتمة لاستدعاء النور، فألهمني الكتابة. هذه بطولة».

من القصص، تبرُز «الشختورة» (المركب)، فتروي تانيا صالح تاريخ لبنان بسلاسة الكلمة والصورة. تشاء من هذه الحديقة أن يدوم العطر: «الألبوم ليس لتحقيق ثروة، وربما ليس لاكتساح أرقام المشاهدة. إنه شعوري بتأدية الدور. أغنياته حُرّة من زمانها. لم أعدّها لليوم فقط. أريدها على نسق (هالصيصان شو حلوين)؛ لكلّ الأيام».