التصعيد يقوّض الهدنة الثالثة في قره باغ... ويريفان مستعدة لـ«تنازلات مؤلمة»

مواطن يتفقد أمس أضراراً لحقت بمبنى مدني في مدينة غنجة الأذربيجانية جراء المعارك الدائرة في قره باغ (أ.ف.ب)
مواطن يتفقد أمس أضراراً لحقت بمبنى مدني في مدينة غنجة الأذربيجانية جراء المعارك الدائرة في قره باغ (أ.ف.ب)
TT

التصعيد يقوّض الهدنة الثالثة في قره باغ... ويريفان مستعدة لـ«تنازلات مؤلمة»

مواطن يتفقد أمس أضراراً لحقت بمبنى مدني في مدينة غنجة الأذربيجانية جراء المعارك الدائرة في قره باغ (أ.ف.ب)
مواطن يتفقد أمس أضراراً لحقت بمبنى مدني في مدينة غنجة الأذربيجانية جراء المعارك الدائرة في قره باغ (أ.ف.ب)

لم تصمد طويلاً الهدنة الثالثة في قره باغ التي يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها برعاية أميركية. وعاد الطرفان الأرميني والأذري أمس، إلى تبادل الاتهامات بشأن المسؤولية عن التصعيد. وفي حين أُعلن في باكو عن إحراز تقدم ميداني جديد، أعرب الجانب الأرميني عن استعداد لتقديم «تنازلات مؤلمة»، لكنه شدد على أن «أرمينيا لن تستلم». في غضون ذلك برزت محاولات إيرانية للدخول على خط الوساطة، بالتوازي مع معطيات عن تعزيز القوات العسكرية الإيرانية حضورها على طول الحدود مع أذربيجان وأرمينيا.
وقالت وزارة الدفاع الأذرية إن مواقع تسيطر عليها القوات الأذرية ومناطق سكنية في قره باغ تعرضت لقصف أرميني مباشر بعد مرور وقت قصير على بدء سريان الهدنة. وأوضحت باكو أن القصف استهدف وحدات عسكرية أذرية في قرية سفيان في محيط قره باغ، إضافة إلى مدينة تيرتير ومحيطها غربي الإقليم. وأكدت الدفاع الأذرية التزامها بوقف النار.
لكن «جيش الدفاع» في قره باغ نفى من جانبه صحة الاتهامات الأذرية، فيما حمّلت وزارة الدفاع الأرمينية أذربيجان مسؤولية خرق الهدنة عبر قصف مواقع عسكرية في شمال شرقي قره باغ، ووصفت الاتهامات الأذرية للطرف الأرميني بانتهاك الهدنة بأنها «معلومات مضللة». وفي وقت لاحق، قالت شوشان ستيبانيان، السكرتيرة الصحافية لوزارة الدفاع في أرمينيا، إن القوات الأذرية قصفت بالمدفعية وبطائرات مقاتلة من دون طيار، قطعة عسكرية أرمينية قرب الحدود الإيرانية. وقالت إن القوات الأرمينية «سوف تضطر إلى الرد بعد أن سجلت انتهاكاً آخر لنظام وقف إطلاق النار».
وكانت وزارة الدفاع الأرمينية قد نددت قبل ذلك بانتهاك باكو لوقف النار، مشيرةً إلى أن القوات الأذرية أطلقت النار على مواقع جيش قره باغ، في القسم الشمالي الشرقي من خط المواجهة.
إلى ذلك، أقرت سلطات قره باغ المدعومة من جانب يريفان بإصابة وزير الدفاع في الإقليم الانفصالي بجروح بليغة. ووقّع رئيس الإقليم أرايك أروتونيان، أمس، مرسوماً بإقالة وزير دفاع وقائد جيش الجمهورية الفريق جلال أروتونيان بعد تعرضه للإصابة. وأوضح أن «قائد الجيش أُصيب بجروح قبل أيام خلال وجوده في أحد المواقع العسكرية»، متمنياً له الشفاء العاجل. وعَيّن أروتونيان بمرسوم آخر ميكايل أرزومانيان وزيراً جديداً للدفاع وقائداً للجيش، ومنحه رتبة فريق.
في غضون ذلك، أعلن الناطق باسم وزارة الدفاع الأرمينية أرتسرون هوفهانيسيان أن القوات الأذرية سيطرت على مدينة قوباتلي جنوب «جمهورية قره باغ» غير المعترف بها دولياً. وقال هوفهانيسيان في موجز صحافي إنه «خلال المعارك، نجح الجانب الأذري في الاستيلاء على مدينة قوباتلي والتقدم في عدد من الاتجاهات». وتابع أن القوات الأذرية استطاعت تثبيت نجاحاتها العسكرية في بعض المناطق، وأن القوات الأرمينية «تجد نفسها مضطرة للتراجع أحياناً». لكنه أشار إلى أن «الوضع ليس ميؤوساً منه». كما ذكر أن القوات الأذرية شنت منذ الاثنين هجمات عدة واسعة النطاق، رافقها قصف لبعض مدن قره باغ. وتابع أن «العدو فشل في اختراق خط الجبهة وفي قرى شمالي مدينة هدروت تم القضاء على المجموعات التخريبية للعدو، ولا تزال المعارك مستمرة في بعض القرى».
وبذلك تكون يريفان قد أقرت بصحة المعطيات التي أعلنها الرئيس الأذري إلهام علييف، قبل يومين، حول «تحرير عدد من قرى مناطق زنعلان وجبرائيل وقوباتلي، ومدينة قوباتلي».
في الأثناء، أعلن رئيس وزراء أرمينيا، نيكول باشينيان، أن الشعب الأرميني «مستعد لقبول حلول وسط لتسوية النزاع في قره باغ، لكنه لن يقبل الاستسلام». وقال باشينيان، في كلمة تم بثها مباشرة: «أريد أن ندرك جميعاً إدراكاً تاماً أن أذربيجان لا ترغب في قبول حل وسط من أجل تسوية المسألة بل تريد استسلام قره باغ. ونحن مستعدون لتنازلات متبادلة وحتى التنازلات التي قد تكون مؤلمة بالنسبة إلينا، لكن الشعب الأرميني لن يكون أبداً مستعداً للاستسلام».
على صعيد موازٍ، دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أنقرة، إلى استخدام «كامل نفوذها» من أجل ضمان وقف إطلاق النار في إقليم قره باغ والشروع في مفاوضات جادة حول تسوية الأزمة.
تزامن ذلك، مع بروز دور إيراني أنشط على خط جهود الوساطة. وأعلنت الخارجية الإيرانية أمس، أن عباس عراقجي المساعد السياسي للوزير، سيبدأ جولة إقليمية من أجل الدفع بمبادرة إيرانية لتسوية النزاع بين أذربيجان وأرمينيا.
في موازاة ذلك، بدأت إيران تعزيز تدابيرها العسكرية على الحدود المحاذية لإقليم قره باغ. وأفادت وسائل إعلام روسية بأن قائد مقر الدفاع الجوي الإيراني اللواء عبد الرحيم موسوي، أصدر أوامر بتكثيف الاستعدادات الدفاعية للجيش على الحدود مع المنطقة الساخنة. وأوضح موسوي أن بلاده ستتخذ إجراءات إضافية إذا اقتضت الضرورة في المستقبل، موضحاً أن ضمان أمن سكان المناطق الحدودية الإيرانية يعد أولوية بالنسبة إلى طهران.



أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
TT

أميركا وأوكرانيا تستعدان من جديد لتوقيع صفقة المعادن

صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)
صورة ملتقطة في 28 فبراير 2025 في العاصمة الأميركية واشنطن تظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب يرحب بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل اجتماعهما في البيت الأبيض (د.ب.أ)

قال 4 أشخاص مطلعين، الثلاثاء، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب وأوكرانيا تخططان لتوقيع صفقة المعادن التي نوقشت كثيراً بعد اجتماع كارثي في ​​المكتب البيضاوي، يوم الجمعة، الذي تم فيه طرد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي من المبنى.

وقال 3 من المصادر إن ترمب أبلغ مستشاريه بأنه يريد الإعلان عن الاتفاق في خطابه أمام الكونغرس، مساء الثلاثاء، محذرين من أن الصفقة لم يتم توقيعها بعد، وأن الوضع قد يتغير.

تم تعليق الصفقة يوم الجمعة، بعد اجتماع مثير للجدل في المكتب البيضاوي بين ترمب والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، أسفر عن رحيل الزعيم الأوكراني السريع من البيت الأبيض. وكان زيلينسكي قد سافر إلى واشنطن لتوقيع الصفقة.

في ذلك الاجتماع، وبّخ ترمب ونائب الرئيس جي دي فانس زيلينسكي، وقالا له إن عليه أن يشكر الولايات المتحدة على دعمها بدلاً من طلب مساعدات إضافية أمام وسائل الإعلام الأميركية.

وقال ترمب: «أنت تغامر بنشوب حرب عالمية ثالثة».

وتحدث مسؤولون أميركيون في الأيام الأخيرة إلى مسؤولين في كييف بشأن توقيع صفقة المعادن على الرغم من الخلاف الذي حدث يوم الجمعة، وحثوا مستشاري زيلينسكي على إقناع الرئيس الأوكراني بالاعتذار علناً لترمب، وفقاً لأحد الأشخاص المطلعين على الأمر.

يوم الثلاثاء، نشر زيلينسكي، على موقع «إكس»، أن أوكرانيا مستعدة لتوقيع الصفقة، ووصف اجتماع المكتب البيضاوي بأنه «مؤسف».

وقال زيلينسكي، في منشوره: «اجتماعنا في واشنطن، في البيت الأبيض، يوم الجمعة، لم يسر بالطريقة التي كان من المفترض أن يكون عليها. أوكرانيا مستعدة للجلوس إلى طاولة المفاوضات في أقرب وقت ممكن لإحلال السلام الدائم».

ولم يتضح ما إذا كانت الصفقة قد تغيرت. ولم يتضمن الاتفاق، الذي كان من المقرر توقيعه الأسبوع الماضي، أي ضمانات أمنية صريحة لأوكرانيا، لكنه أعطى الولايات المتحدة حقّ الوصول إلى عائدات الموارد الطبيعية في أوكرانيا. كما نصّ الاتفاق على مساهمة الحكومة الأوكرانية بنسبة 50 في المائة من تحويل أي موارد طبيعية مملوكة للدولة إلى صندوق استثماري لإعادة الإعمار تديره الولايات المتحدة وأوكرانيا.

يوم الاثنين، أشار ترمب إلى أن إدارته لا تزال منفتحة على توقيع الاتفاق، وقال للصحافيين إن أوكرانيا «يجب أن تكون أكثر امتناناً».

وأضاف: «وقف هذا البلد (الولايات المتحدة) إلى جانبهم في السراء والضراء... قدمنا لهم أكثر بكثير مما قدمته أوروبا لهم، وكان يجب على أوروبا أن تقدم لهم أكثر مما قدمنا».