«محكمة الحريري» تصدر مذكرة توقيف جديدة بحق سليم عيّاش

TT

«محكمة الحريري» تصدر مذكرة توقيف جديدة بحق سليم عيّاش

بدأت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تحضيراتها لانطلاق المحاكمات العلنية في القضايا المتلازمة مع جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، وهي محاولتا اغتيال الوزيرين السابقين مروان حمادة وإلياس المر، وجريمة اغتيال القيادي في الحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي، حيث تسلّم القضاء اللبناني أمس الثلاثاء قائمة بأسماء شهود طلبت المحكمة مثولهم أمامها للإدلاء بإفاداتهم.
قائمة الشهود هذه ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وفق تعبير مصدر قضائي لبناني أكد لـ«الشرق الأوسط»، أن المحكمة «استدعت في مذكرتها الجديدة ستة أشخاص وطلبت من السلطات اللبنانية إبلاغهم بضرورة المثول أمامها لتقديم شهاداتهم في مقرّها في لاهاي، كما سبق للمحكمة أن أرسلت لائحة مماثلة بأسماء شهود آخرين جرى إبلاغهم وفق الأصول»، متوقعاً صدور لائحة شهود جديدة في مرحلة المحاكمات. إلا أن المصدر نفسه لفت إلى أن الوزير السابق إلياس المر «أسقط حقه الشخصي عن كلّ من يثبت تورطه في محاولة اغتياله، لكن هذا الإسقاط لا يلغي متابعة القضية بما خصّ الحقّ العام».
وينتظر أن تشهد المحكمة الخاصة بلبنان مرحلة جديدة من المحاكمة الغيابية تبدأ خلال الأشهر المقبلة، وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر خاصة في المحكمة الدولية أن المدعي العام نورمن فاريل «ضمّن قراره الاتهامي الخاص بملفات حمادة والمرّ وحاوي، مذكرة توقيف غيابية بحقّ القيادي في (حزب الله) سليم عيّاش»، الذي أدانته المحكمة الدولية في حكم أصدرته في 18 أغسطس (آب) الماضي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري و22 آخرين، واتهم عيّاش مجدداً بالانتماء «إلى عصابة أشرار، وارتكاب جرائم إرهابية نتج عنها قتل ومحاولة قتل أبرياء»، مشيرة إلى أن قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة دانيال فرانسين «صادق على مضمون القرار وأحاله على غرفة الدرجة الأولى للشروع بالمحاكمة».
وفي سياق استكمال الإجراءات القانونية المرتبطة بهذه الملفات، طلبت المحكمة الدولية من السلطات اللبنانية توقيف عيّاش وتسليمه إلى المحكمة، وأوضح المصدر القضائي اللبناني أن النيابة العامة التمييزية «تسلمت قبل أسابيع مذكرة توقيف غيابية صادرة بحق عياش»، مشيراً إلى أن هذه المذكرة «وزعت عبر النشرة الحمراء وتحولت إلى مذكرة توقيف دولية جرى تعميمها على الدول المنضوية في منظمة الشرطة الدولية (الإنتربول) لتنفيذها عند العثور عليه». ويبدو أن محاولات فريق الدفاع الهادفة إلى كفّ يد المحكمة الدولية عن محاكمة عيّاش غيابياً باءت بالفشل، وأوضحت مصادر المحكمة أن «محامي الدفاع عن سليم عيّاش ولدى تبلغهم مضمون القرار الاتهامي، تقدّموا بدفوع شكلية أمام غرفة الدرجة الأولى طالبوا فيها بوقف إجراءات الملاحقة، لكون الموضوع يخرج عن صلاحية المحكمة»، معتبرين أن «عناصر التلازم بين هذه الملفات وجريمة اغتيال رفيق الحريري غير متوفرة». وقالت المصادر إن «غرفة الدرجة الأولى (ردّت طلب فريق الدفاع)، وأصدرت قراراً معللاً من 40 صفحة، تفنّد فيه عناصر التلازم المشار إليها». ولفتت المصادر إلى أن فريق الدفاع عن عياش «طعن بهذا القرار أمام محكمة الاستئناف، التي صدّقت قرار غرفة الدرجة الأولى وقررت السير بالمحاكمة». وكشفت المصادر أيضاً، أن «القاضي ديفيد راي الذي ترأس غرفة الدرجة الأولى خلال المحاكمة باغتيال الحريري لن يكون رئيساً لغرفة الدرجة الأولى في المحاكمات المقبلة، بسبب التغيير الواسع الذي طرأ على أعضاء هيئة المحكمة». وكشفت أن الغرفة «سيرأسها القاضي الإيطالي نيكولا لاتييري، الذي بقي معه القاضي اللبناني وليد عاكوم عضواً أصيلاً من بين أعضاء المحكمة».
وتحدثت المصادر عن «تخفيض موازنة المحكمة للسنوات المقبلة بنسبة 40 في المائة، إذ جرى الاستغناء عن 120 موظفاً، بالإضافة إلى تخفيض كبير في مخصصات القضاة، بحيث إن عدداً كبيراً منهم بدأ يتقاضى مخصصات عن أيام العمل فحسب، ولم يعد لديهم رواتب ثابتة كما كان في السابق».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.