أحداث العام 2014: الأسهم الأرجنتينية في المقدمة.. والدولار الأقوى

المخاطر الجيوسياسية تحكمت في معدلات النمو وتحرك أسعار السلع والمعادن

أحداث العام 2014: الأسهم الأرجنتينية في المقدمة.. والدولار الأقوى
TT

أحداث العام 2014: الأسهم الأرجنتينية في المقدمة.. والدولار الأقوى

أحداث العام 2014: الأسهم الأرجنتينية في المقدمة.. والدولار الأقوى

بدأ عام 2014 ساخنا على الصعيد السياسي، وسط أجواء عاصفة ألقت بظلالها على الاقتصاد العالمي بشكل ملحوظ، لتنخفض توقعات النمو للاقتصاد العالمي، وتنكمش اقتصادات وتنمو أخرى.
وكانت المخاطر الجيوسياسية هي المحرك الأهم خلال العام المنقضي، وسط تصاعد حدتها تارة بين روسيا والغرب وتارة أخرى في الشرق الأوسط في العراق وليبيا وغزة. ودفعت تلك التوترات البنك الدولي لتخفيض توقعاته للنمو الاقتصادي في العام المقبل، متأثرا بتفاقم التوترات الجغرافية - السياسية.
وقال البنك الدولي في تقريره الأخير إن مخاطر الركود وانخفاض النمو في الاقتصادات المتقدمة وتراجعه في الأسواق الصاعدة، على المدى المتوسط، دفعته لتخفيض توقعاته.
ورغم هذا الأداء الاقتصادي الباهت للعديد من الدول حول العالم، فإنه ارتفع 40 مؤشرا بأسواق الأسهم خلال عام 2014، حيث أظهر رصد الوحدة الاقتصادية في جريدة «الشرق الأوسط» لـ55 مؤشرا للأسهم حول العالم من خلال 51 دولة، انخفاض 15 مؤشرا لأسواق الأسهم فقط، وتصدر مؤشر بوينس آيرس الأرجنتيني مؤشرات الأسهم العالمية المرتفعة خلال عام 2014، بنسبة نمو قدرها 53 في المائة، حيث أغلق في نهاية الأسبوع الماضي عند 24724 نقطة.
ورغم هذا النمو في مؤشر الأسهم الأرجنتيني فإن بوينس آيرس كانت خلال هذا العام على شفا الإفلاس، وصنفتها الوكالات الدولية بشكل سلبي، وذلك بسبب إصرار الدائنين على رفض تسوية ديونهم معها والتي تقدر بنحو 105 مليارات دولار.
والدائنون هما صندوق التحوط «أوريليوس» و«إن إم إل للمضاربة»، اللذان حصلا على حكم لمصلحتهما من محكمة في نيويورك، لتقر لجنة تابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا في نهاية الشهر الحالي ينص على تشكيل «هيئة خاصة» مهمتها وضع «إطار قضائي متعدد الأطراف يطبق على عمليات إعادة هيكلة الديون السيادية».
أما عن أكثر الأسواق العالمية تراجعا خلال عام 2014، فكان مؤشر أثينا للأوراق المالية، حيث انخفض بنسبة 27 في المائة ليصل مع نهاية الأسبوع الماضي إلى 853 نقطة. ورغم هذا التراجع بسوق الأسهم اليونانية، فإن الاقتصاد استطاع أن يخرج من عنق الزجاجة خلال الربع الثالث من عام 2014، حيث حقق نموا بمقدار 1.7 في المائة على أساس سنوي، وبنسبة 0.7 في المائة على أساس فصلي، ليخرج بذلك من معاناة امتدت لست سنوات متتالية من الركود، ويضع نهاية لواحدة من أشد فترات الانكماش الاقتصادي في التاريخ الأوروبي الحديث.
واستطاعت اليونان أن تعود في أبريل (نيسان) الماضي لأسواق المال الدولية بعد غيابها لأربع سنوات، في إشارة لقدرتها على دفع عجلة النمو ومواجهة الديون التي تثقل كاهلها، ونجحت بالفعل في إصدار سندات حكومية بقيمة ثلاثة مليارات يورو (4.16 مليار دولار) استحقاق خمس سنوات، وشهدت إقبالا من المستثمرين الدوليين.
وعلى صعيد أداء العملات، فلم يستطع أحد أن ينجح أمام الدولار، حيث تراجعت 36 عملة رصدت أداءها الوحدة الاقتصادية أمام الدولار خلال العام الحالي، كما ارتفع مؤشر الدولار لأعلى مستوياته ليصل بنهاية تداولات الأسبوع الماضي إلى 90.03 نقطة، مرتفعا عن العام الماضي بنسبة 12 في المائة.
ورغم أداء الدولار الجيد المصحوب بنشاط الاقتصاد الأميركي، فإن بداية العام لم تتشابه مع نهايته، حيث بدأت الولايات المتحدة الربع الأول من عام 2014 بانكماش للمرة الأولى خلال ثلاث سنوات، تحت ضغط شتاء قارس البرودة، ألقى بظلاله على النشاط الاقتصادي، ليتراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.1 في المائة، في أسوأ أداء للاقتصاد منذ الربع الأول من 2009.
وكان تلك التراجع مرتبطا بالشتاء الذي أغلق العديد من المصانع وأدى لتراجع الإنفاق الاستهلاكي للمواطنين، ومع نهاية الشتاء تغير الحال، فعاد الاقتصاد للنمو خلال الربع الثاني، وانتعش خلال الربع الثالث، لترتفع تقديرات النمو لأعلى مستوياتها في 11 عاما، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5 في المائة، وذلك بسبب ارتفاع إنفاق المستهلكين بأعلى معدل له منذ نهاية عام 2013، وهو الذي يمثل أكثر من ثلثي النشاط الاقتصادي الأميركي.
وانعكس هذا النمو الاقتصادي على سوق العمل الأميركية، حيث ارتفع عدد الوظائف بأعلى وتيرة في نحو ثلاث سنوات، ليرتفع بمقدار 321 ألف وظيفة في الشهر الماضي، مسجلا بذلك أعلى زيادة منذ يناير (كانون الثاني) 2012، كما استقر معدل البطالة دون تغيير عند 5.8 في المائة، وهو أدنى مستوى له في ست سنوات، لتشهد بذلك الأشهر العشرة الأولى من عام 2014 أكبر فترة متواصلة من نوعها منذ عام 1994 لنمو الوظائف.
وأظهر تحليل الوحدة الاقتصادية تصدر العملة الروسية «الروبل» لأكثر العملات تراجعا أمام الدولار خلال عام 2014، حيث تراجع الروبل 39 في المائة أمام الدولار خلال عام 2014، ليصل إلى 0.0185 دولار في نهاية الأسبوع الماضي.
وشهد شهر فبراير (شباط) من عام 2014 بدء الأزمة الروسية، حيث طالبت الحركة الموالية لروسيا في أوكرانيا بضم شبه جزيرة القرم لروسيا، مع بدء حركات التمرد في كل من دونيتسك أوبلاست ولوغانسك أوبلاست. لتعلن بعدها روسيا في مارس (آذار) ضم شبه جزيرة القرم بعد موافقة مواطني شبه الجزيرة على الانفصال عن أوكرانيا، مما استدعى مجموعة الثماني لعقد اجتماع طارئ قامت فيه بتعليق عضوية روسيا، وقام بعدها الرئيس الأميركي في أبريل بتوقيع حزمة عقوبات على موسكو.
وعانت روسيا من العقوبات الغربية عليها، حيث صرح وزير الاقتصاد الروسي «أليكس أوليوكاييف» لوسائل الإعلام بأن تلك العقوبات ستؤثر على اقتصاد بلاده، وتنبأ البنك المركزي الروسي بخروج رؤوس أموال بنحو 120 مليار دولار العام المقبل و75 مليار دولار في عام 2016.
ولم تلتقط روسيا أنفاسها بعد من تلك العقوبات حتى واجهت تراجع أسعار النفط، والذي كان أحد العوامل المهمة المؤثرة على أداء الاقتصاد الروسي، الأمر الذي دعا البنك الدولي لتخفيض توقعاته للنمو في عام 2015، لتصل إلى 0.7 في المائة، محذرا من تراجع بنسبة 1.5 في المائة في حال تدني أسعار النفط عن 70 دولار للبرميل. وكانت توقعات المركزي الروسي أكثر تشاؤما حيث أشارت لانكماش الاقتصاد في الربع الأول من العام المقبل، وتراجعه بنسبة 4.5 في المائة خلال 2015 كله، إذا تراجع متوسط أسعار النفط إلى 60 دولارا للبرميل.
وأثرت أسعار النفط بشكل كبير على الأداء الاقتصادي للعديد من الدول، فليست روسيا فقط التي تأثرت، وإنما انتقل هذا الأثر لغالبية الدول المنتجة الكبرى، حيث حذر تقرير صادر من وكالة التصنيف العالمية «موديز» من تأثر الدول المصدرة للنفط والتي تعتمد إيراداتها بشكل كبير على العائدات النفطية، وأنها ستجد صعوبة في التكيف مع انخفاض أسعار النفط واستيعابها.
ورغم البداية القوية التي شهدتها أسعار النفط، حيث ارتفع خام برنت خلال يونيو (حزيران) لأعلى سعر له في تسعة أشهر متجاوزا مستوى 115 دولارا للبرميل، كما ارتفع الخام الأميركي متجاوزا 106 دولارات للبرميل في الفترة نفسها الزمنية، جاءت تلك القفزات بدعم من تصاعد أحداث العنف في العراق، وإرسال الولايات المتحدة لمستشارين عسكريين لدعم القوات العراقية في مواجهة المسلحين الساعين للسيطرة على المصافي العراقية.
لكن هدأت التوترات في العراق، مما دفع الأسعار للهدوء وخفض وتيرة الارتفاع، ومع هذا الهدوء بالوضع العراقي استأنفت ليبيا الإنتاج من حقل الشرارة الذي تبلغ طاقته 340 ألف برميل يوميا، بعد أن أنهى محتجون إضرابا استمر أربعة شهور، كما استعادت الحكومة الليبية سيطرتها على عدد من الموانئ لتنهي حصارا استمر قرابة العام.
ومع انحسار القلق بشأن الصراع في أوكرانيا تتراجع الأسعار لأدنى مستوياتها في أكثر من عام خلال أغسطس (آب)، ثم تكمل تلك التراجعات ليصل خام برنت إلى مستوى 58.50 دولار للبرميل، والخام الأميركي إلى 53.94 دولار للبرميل، وهي أدنى مستويات لهما منذ أكثر من خمس سنوات.
وجاء هذا التراجع مع بدء تخفيض التوقعات العالمية للطلب على النفط، حيث راجعت وكالة الطاقة الدولية توقعاتها لنمو الطلب في العام المقبل لينمو بمقدار 900 ألف برميل يوميا في 2015 - أي أقل 230 ألف برميل يوميا بالمقارنة مع توقعاتها السابقة - إلى 93.3 مليون برميل يوميا.
كما أعلنت إدارة معلومات الطاقة الأميركية عن تخفيض توقعاتها أيضا للطلب العالمي على النفط الخام بمقدار 200 ألف برميل يوميا، ليصل إلى 92.3 مليون برميل يوميا في عام 2015.
وفي السياق نفسه، خفضت «أوبك» توقعات الطلب على نفطها إلى 28.9 مليون برميل يوميا خلال العام المقبل، مقارنة بنحو 29.4 مليون برميل يوميا في عام 2014.
ومع إغلاقات الأسبوع الماضي، فقد النفط خلال هذا العام قرابة نصف مكاسبه التي حققها على مدار السنوات الخمس الماضية، حيث تراجع الخام الأميركي بنسبة 44 في المائة مقارنة بالعام الماضي، بينما تراجع خام برنت بنسبة 46 في المائة.
ومع تصاعد وتيرة الأحداث الجيوسياسية وانكماش الاقتصاد الأميركي في الربع الأول، كان الرابح الأكبر هو المعدن النفيس الذي ارتفع في مارس (آذار) متجاوزا مستوى 1388 دولارا للأوقية وهو الأعلى له خلال ستة أشهر، مرتفعا بذلك بنسبة 16 في المائة، إلا أنه مع انحسار تلك المخاوف وعودة الاقتصاد الأميركي للانتعاش تراجع إلى مستوى 1241 دولارا.
ولكن لم يدم هذا الانخفاض طويلا، فمع تصاعد الأحداث خلال شهري يونيو ويوليو (تموز) مع سيطرة «داعش» على عدد من المدن العراقية، واشتعال الحرب على غزة، عاد المعدن النفيس للارتفاع مرة أخرى، لكنه لم يستطع أن يكمل سلسلة الصعود، ليهبط بشكل متواصل إلى 1138 دولارا وهو الأدنى له في أربع سنوات.
ومع هذا التراجع، انخفضت حيازات الصناديق الكبرى مثل صندوق «SPDR» وهو أكبر صندوق مؤشرات مدعوم بالذهب في العالم لأقل مستوى له في ست سنوات، مما يظهر الإحجام عن المعدن النفيس كملاذ آمن للمستثمرين، لتصل الأسعار الفورية للذهب في نهاية الأسبوع الماضي إلى مستوى 1196 دولارا للأوقية، منخفضة بذلك بنسبة طفيفة قدرها 0.5 في المائة عن العام الماضي.
ولم تكن تلك المخاطر هي الوحيدة التي أثرت على أداء الأسواق العالمية، فمع ظهور وباء الإيبولا تراجع عدد من القطاعات المهمة حول العالم، وبوفاة مريض في الولايات المتحدة وإصابة آخر في إسبانيا بدأ الهلع يدب في أسعار أسهم شركات السفر والنقل.
واستهل عام 2014 بدايته مع وباء الإيبولا، حيث يتراوح قتلى الفيروس خمسة آلاف شخص غالبيتهم في غرب أفريقيا، مما دعا بنك «باركليز» للتحذير من تفشي المرض وتأثيره على الاقتصاد العالمي والأسواق، وزاد من توقعاته بأن تأثير المرض يمكن أن يتجاوز تأثير مرض الالتهاب الرئوي الحاد «سارس» في عام 2013.
وقال البنك الدولي في مذكرة بحثية له إن الأثر الاقتصادي للمرض يمكن أن يزيد إلى ثمانية أضعاف، مما سيوجه ضربة من المحتمل أن تكون كارثية لبلدان غرب أفريقيا، مشددا على أن أكبر الآثار الاقتصادية للأزمة ليست نتيجة للتكاليف المباشرة فقط (الوفيات، والإصابة بالأمراض، وتوفير الرعاية، والخسائر المرتبطة بأيام العمل) بل نتيجة للتكاليف الناشئة عن سلوك النفور بدافع الخوف من الإصابة بالعدوى. وهذا بدوره يؤدي إلى الخوف من التجمع والاختلاط بالآخرين، ويقلل من مشاركة القوى العاملة، ويغلق أماكن العمل، ويعطل وسائل النقل، ويدفع بعض صناع القرار في الحكومة والقطاع الخاص إلى إغلاق الموانئ البحرية والمطارات.
ومع تحذيرات تفشي الإيبولا كان هذا الوباء هو محور اجتماع مجموعة العشرين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، حيث تعهدوا بمكافحة الوباء والقيام بالجهود الرامية لإخماد تفشيه والقضاء على إضراره بالبشر. ووسط هذه المخاطر العالمية عانت أوروبا من مخاوف مختلفة ألقت بعبئها على النمو الاقتصادي للقارة العجوز، حيث بقي إجمالي الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو عند مستوياته في الربع الثاني، بسبب انكماش الاقتصاد الألماني، أكبر اقتصادات منطقة اليورو، كما لم ينجح الاقتصاد الفرنسي في تحقيق أي نتائج إيجابية وتوقف نموه الاقتصادي، مع انكماش الاقتصاد الإيطالي مجددا.
ومع دخول الربع الثالث تسارع نمو اقتصادات منطقة اليورو لنسبة 0.2 في المائة، مقابل نمو بنسبة 0.1 في المائة خلال الربع الثاني، والتي عدلت الثبات عند مستويات الصفر، لتعد بذلك القراءة الحالية أفضل من توقعات المحللين عند نمو بنسبة 0.1 في المائة.
ومع هذا الأداء الاقتصادي الباهت، تراجعت معدلات التضخم خلال شهر نوفمبر لتصل لأدنى مستوياتها في خمس سنوات، حيث تراجع مؤشر أسعار المستهلكين السنوي إلى 0.3 في المائة، ليزيد بذلك الضغط على البنك المركزي الأوروبي للقيام بالمزيد من البرامج التحفيزية. فمع استمرار تراجع الأسعار يعزف المستهلكون والمؤسسات عن الشراء، أملا منهم في أن تتراجع الأسعار أكثر من ذلك، مما يؤثر بشكل مباشر على اقتصاد منطقة اليورو، ويتسع هذا التأثير تباعا على النشاط الإنتاجي، وهو ما وضح جليا في ارتفاع عدد العاطلين عن العمل بنحو 60 ألف شخص في نوفمبر الماضي، وهو أكبر ارتفاع شهري منذ يناير (كانون الثاني) 2013.
وحاول البنك المركزي الأوروبي التصدي لتلك الظاهرة بتخفيض معدلات الفائدة إلى المنطقة السلبية، ورفض نائب رئيس البنك في تصريحات حديثة له دخول منطقة اليورو إلى حالة من الانكماش، وأن هذه الحالة يجب أن تستمر معدلات التضخم السلبية فيها لفترة طويلة حتى يحدث الانكماش، وهذا التباطؤ في نمو التضخم هو مجرد ظاهرة مؤقتة.
* الوحدة الاقتصادية بـ«الشرق الأوسط»

 



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.