البحث عن الطائرة الماليزية يتركز في قعر البحر

انتشال 30 جثة على الأقل.. والأولوية لتحديد مكان هيكل «الإيرباص» والصندوقين

إندونيسي يؤدي صلاة الجمعة بينما يظهر أمامه انعكاس لصورة طائرة تابعة لشركة «إير آسيا» في أحد مساجد سوبارايا أمس وخصص خطباء المساجد أمس دعواتهم لضحايا الطائرة (رويترز)
إندونيسي يؤدي صلاة الجمعة بينما يظهر أمامه انعكاس لصورة طائرة تابعة لشركة «إير آسيا» في أحد مساجد سوبارايا أمس وخصص خطباء المساجد أمس دعواتهم لضحايا الطائرة (رويترز)
TT

البحث عن الطائرة الماليزية يتركز في قعر البحر

إندونيسي يؤدي صلاة الجمعة بينما يظهر أمامه انعكاس لصورة طائرة تابعة لشركة «إير آسيا» في أحد مساجد سوبارايا أمس وخصص خطباء المساجد أمس دعواتهم لضحايا الطائرة (رويترز)
إندونيسي يؤدي صلاة الجمعة بينما يظهر أمامه انعكاس لصورة طائرة تابعة لشركة «إير آسيا» في أحد مساجد سوبارايا أمس وخصص خطباء المساجد أمس دعواتهم لضحايا الطائرة (رويترز)

تركزت أعمال البحث عن حطام الطائرة الماليزية التي سقطت في بحر جاوة في إندونيسيا في قعر البحر أمس، في محاولة للعثور على هيكلها والصندوقين الأسودين.
وبلغ حتى نهار أمس عدد الجثث التي تم انتشالها 30, إضافة إلى العثور على قطع حطام جديدة من الطائرة التابعة لشركة الطيران الماليزية «إير آسيا» التي اختفت عن شاشات الرادار الأحد الماضي بعيد إقلاعها من مدينة سورابايا الإندونيسية متوجهة إلى سنغافورة وعلى متنها 162 شخصا.
وفي أحوال جوية سيئة تحطمت الطائرة في بحر جاوة قبالة سواحل جزيرة بورنيو حيث أدى الطقس السيئ والأمواج العالية إلى تعليق عمليات البحث عن الضحايا وجسم الطائرة الموجودة على عمق 25 إلى 32 مترا. وتتركز الأبحاث في منطقة مساحتها 1575 ميلا بحريا مربع بمشاركة 29 سفينة و17 طائرة. ووصل خبراء أجانب من فرنسا وسنغافورة وروسيا للمشاركة في التحقيق. وصرح مدير عمليات البحث والإنقاذ الإندونيسي بامبانغ سوليستيو في مؤتمر صحافي بأن 29 سفينة و17 طائرة تشارك في عمليات البحث، مشددا على «مهمتين أساسيتين» حاليا؛ الأولى تقضي بتحديد مكان الجزء الأكبر من الطائرة، والثانية هي العثور على الصندوقين الأسودين أو جهازي تسجيل الرحلة. وقال مدير اللجنة الوطنية الإندونيسية لسلامة النقل تاتانغ كورنيادي إن 40 غواصا بينهم 20 خبيرا في أعماق البحر وصلوا من روسيا أمس وكذلك طائرتان إحداهما برمائية.
ورغم أن منطقة البحث تضيق، تواصل الفرق جهودها رغم الظروف المناخية الصعبة مع رياح عاتية وأمواج يبلغ ارتفاعها 3 إلى 4 أمتار. وقال ناطق باسم سلاح الجو الإندونيسي إن طائرتي مراقبة كوريتين جنوبيتين رصدتا 6 جثث. وتابع سوليستيو أن «غطاسين على السفينة باندا اتشيه ينتظرون الأمر للغوص في هذه المنطقة من أجل تحديد مكان جسم الطائرة وآمل أن نتمكن من تحقيق تقدم مهم». وقال مسؤول آخر عن عمليات البحث يدعى إس بي سوبريادي إنه تم انتشال الجثث والعثور على قطع الحطام في منطقة صغيرة نسبيا مما يشير إلى أن حطام الطائرة ليس بعيدا. وقال إنه بالإضافة إلى عمليات البحث الجوي، سنركز على البحث عن جسم الطائرة باستخدام أجهزة السونار» التي ترصد الأجسام تحت الماء. وأضاف لقناة التلفزيون الإندونيسية متروتيفي «عثرنا على أجزاء من الطائرة قد تكون لجناح أو من داخل الطائرة». وعرض قطعة من الخشب بطول متر ونصف المتر وعرضها متر. لكنه أضاف أن قطعة معدنية عثر عليها في المنطقة تبين أن لا علاقة لها بالطائرة، موضحا أنها عائدة لسفينة غرقت في بحر جاوة.
وفي أعماق بحر جاوة حطام عشرات السفن الحديثة أو التي غرقت في فترة الحرب العالمية الثانية التي شهدت خلالها المنطقة معارك حملة المحيط الهادي خلال الغزو البحري الياباني الذي أنزل هزيمة ساحقة ببحرية القوات الحليفة مطلع أربعينات القرن الماضي.
ويرجح خبراء يحاولون تفسير هذه الكارثة الجوية أن يكون الطيار نجح في القيام بهبوط اضطراري على سطح المياه قبل أن تغرق الطائرة بسبب الأمواج العالية. ويتوقع أن يكون جسم الطائرة على عمق 25 إلى 32 مترا.
وتم الخميس دفن أول ضحايا الرحلة «كيو زد 8501» في سورابايا حيث أقيم مركز أزمة للتعرف على الضحايا. وتم التعرف على 3 من الضحايا أمس بينهم المضيفة خيرونيسا حيدر فوزي التي نشرت صورة على
إنستغرام ورسالة لخطيبها تقول: «أحبك من على ارتفاع 38 ألف قدم». وكان على الطائرة 155 إندونيسيا ومساعد الطيار الفرنسي، و3 كوريين جنوبيين وبريطاني وماليزي وسنغافوري.
وكانت طائرة «إير آسيا» تحلق على ارتفاع 32 ألف قدم (9800 متر) حين طلب الطيار من برج المراقبة تحويل مسار الرحلة لتجنب العاصفة. ولم يمنح الإذن بالارتفاع على الفور بسبب حركة ملاحة جوية كثيفة، وعندما تم الاتصال به لإبلاغه أن بإمكانه الارتفاع كانت الطائرة قد اختفت عن شاشات الرادار. من جهته، قال وزير النقل الإندونيسي السابق عثمان سيفي جمال إنه مقتنع بأن العثور على باب مخرج الطوارئ يشير إلى أن «شخصا ما قد فتحه». وأضاف أن الركاب ربما انتظروا أحد أفراد الطاقم لكي يشغل قارب إنقاذ مطاطي قبل أن تضرب موجة عالية الطائرة وتغرقها. وتابع: «إن أمواجا عالية قد تكون ضربت الطائرة ومقدمتها وأغرقتها».



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».