50 ألفا محاصرون في ناحية البغدادي ويقاومون «داعش»

الأهالي يطلبون إمدادهم بالسلاح

جنود من الجيش العراقي يقصفون داعش من أجل السيطرة على (سيد غريب) الواقعة شمال الدجيل أمس (أ.ف.ب)
جنود من الجيش العراقي يقصفون داعش من أجل السيطرة على (سيد غريب) الواقعة شمال الدجيل أمس (أ.ف.ب)
TT

50 ألفا محاصرون في ناحية البغدادي ويقاومون «داعش»

جنود من الجيش العراقي يقصفون داعش من أجل السيطرة على (سيد غريب) الواقعة شمال الدجيل أمس (أ.ف.ب)
جنود من الجيش العراقي يقصفون داعش من أجل السيطرة على (سيد غريب) الواقعة شمال الدجيل أمس (أ.ف.ب)

تشهد ناحية البغدادي الصغيرة التي تبعد 90 كلم غرب مدينة الرمادي والتي تبلغ مساحتها 480 كيلومترا مربعا، وبمجموع سكان يبلغ عددهم أكثر من 50 ألف نسمة، منذ عدة أشهر حصارا قاسيا من قبل مسلحي تنظيم داعش الذي يسيطر على أكثر من 85 في المائة من مدن الأنبار، هذه الناحية أبت أن تخضع لسيطرة المسلحين وهجماتهم.
داخل البغدادي التي روى سكان لـ«الشرق الأوسط» قصة حياتهم، وقال حسن (27 عاما): «منذ مدة وأنا أحمل السلاح مع بقية شباب الناحية دفاعا عن مدينتنا. تركت العمل في أرضنا الزراعية واتجهت للقتال ضد المسلحين.. الكل هنا يعلم علم اليقين أنه في حالة دخول المسلحين للمدينة لا سمح الله.. فسوف تضيع الأرض وينتهك العرض.. وها نحن نصد الهجمات المستمرة لمسلحي (داعش) بصمودنا وتكاتفنا وصبرنا».
أما رئيس مجلس ناحية البغدادي الشيخ مال الله فتحدث بمرارة قائلا: «6 أشهر ونحن نتصدى لهجمات مسلحي تنظيم داعش، وفي كل مرة نكبدهم الخسائر تلو الخسائر، وبالأمس قتلنا 33 مسلحا بعد الهجمة الأخيرة على الناحية.. البغدادي تعاني من الحصار، وأطلقنا نداءات كثيرة لمساعدتنا.. والتقيت شخصيا رئيس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الصحة عند ذهابي إلى بغداد، وشرحت لهم الحال ووعدونا المساعدة الفورية والإمدادات العسكرية والمواد الغذائية والطبية.. ولكن لم نر على أرض الواقع شيئا من هذا، رغم أننا نتصدى بأرواحنا وشبابنا بمواجهة مباشر ويومية مع مسلحي تنظيم داعش.. المساند الوحيد لنا كان قائد الفرقة السابعة العميد الركن مجيد اللهيبي الذي يزودنا بين الحين والآخر بكميات من العتاد، إضافة إلى الأسلحة والأعتدة التي نغتنمها من مسلحي (داعش) بعد أن نهزمهم في كل مرة، وهنا لا بد للحكومة أن تستجيب لمطالبنا وتجهيزنا بالسلاح والعتاد اللازم للتصدي للهجمات المتكررة لمسلحي (داعش) على ناحيتنا، وهذا على صعيد الجانب العسكري وحماية المدينة». أما عما يجري بداخل المدينة فيقول الشيخ مال الله: «إن الناس هنا تستغيث من الحصار.. المواد الغذائية لم تصل للمدينة منذ 6 أشهر حتى أصبح الناس يستخدمون المواد الغذائية المنتهية الصلاحية، وأسعار المواد المتبقية والتي يتمكن البعض من إدخالها بشكل شخصي وصلت إلى أرقام خيالية، فسعر كيس الطحين يبلغ 150 ألف دينار، وأسطوانة الغاز وصل سعرها إلى 125 ألف دينار، والكيلو الواحد من البطاطا ارتفع 4 آلاف دينار، أما الوقود فحكايته حكاية، سعر اللتر الواحد من مادة البنزين وصلت إلى 8 آلاف دينار مع انعدام تام للتيار الكهربائي وشبكات مياه الشرب ونفاد للغذاء والدواء، حتى إننا رفعنا لافتات في الناحية نطالب بها عوائلنا الكريمة بمنع الإنجاب لعدم توفر المواد الطبية في المراكز الطبية وعدم وجود طبيبة نسائية. وناشد الحكومة العراقية التحرك لإنقاذ أرواح أكثر من 50 ألف نسمة يعانون الجوع والعوز، مع أننا مستمرون بالقتال ضد (داعش) وندرب الشباب لحمل السلاح والقتال، وبالأمس جرى تخريج دفعة جديدة من شباب المدينة».
الدكتور رعد عبود مدير المركز الصحي في المجمع السكني لناحية البغدادي يقول: «منذ 6 أشهر انقطعت تماما عملية التجهيز بالمواد الطبية والأدوية لكل المراكز الطبية البالغ عددها 11 مركزا صحيا في ناحية البغدادي إلى أن جرى نفاد ما هو متوفر لدينا في المخازن، ومنذ مدة شهر لم يبق لدينا ولا حتى علبة دواء واحدة.. حتى إننا شهدنا تزايدا في عدد الوفيات بين الأطفال وكبار السن، كان آخرها وفاة الحاج عطا الله؛ أحد مرضانا الذي كان يستلم بشكل شهري علاج السكري والضغط، وبسبب عدم توفر الدواء اللازم لعلاجه فارق الحياة، إضافة لعشرات الحالات المشابهة.. أما حالات الولادة فهي أكبر مشكلة تواجهنا، فنحن لا نمتلك أي شيء نقدمه للنساء الحوامل.. مناشدات كثيرة واتصالات هاتفية أجريناها مع مدير عام صحة الأنبار لتزويدنا بالدواء والمواد الطبية، لكن المانع والعائق كان الحصار المفروض على ناحيتنا من قبل المسلحين، يحول دون وصول المواد الطبية.. وإذا لم تجد الحكومة حلا فوريا لهذا الأمر فأنا أتوقع في الأيام القليلة المقبلة الإعلان عن حدوث كارثة إنسانية وصحية ستبلغ ذروتها قريبا».
أم سلام (60 عاما) تقول: «ابنتي على وشك الولادة وحالتها تحتاج إلى عملية ولادة قيصرية، والسبيل للخروج من المدينة فقط عن طريق المروحيات العسكرية التي تنقل المدنيين من قاعدة عين الأسد العسكرية، وهناك يتزاحم الآلاف من الناس حول مطار القاعدة للحصول على فرصة الهروب من مناطق الموت والنزاع المسلح.. أناشدكم أن تنقذوا ابنتي.. لا أمل لها بالنجاة سوى إجراء عملية الولادة في أحد مستشفيات التوليد».
من جهة أخرى، قال العقيد شعبان برزان العبيدي آمر فوج الطوارئ في ناحية البغدادي لـ«الشرق الأوسط»، إن 36 عنصرا من مسلحي تنظيم داعش قتلوا اليوم في اشتباكات مع قوات عراقية ومقاتلي أبناء عشيرة العبيد في ناحية البغدادي في محافظة الأنبار (غرب العراق).
وأضاف العبيدي أن قوة من الجيش والشرطة، بمساندة مقاتلي عشيرة العبيد وبقية مقاتلي العشائر، استطاعت صد هجوم من محورين شنه مسلحو تنظيم داعش على ناحية البغدادي قادم من الجهة الشمالية الشرقية (ضفاف نهر الفرات) وآخر من جهة منطقة الخسفة، ما أدى إلى وقوع مواجهات عنيفة أسفرت عن مقتل 13 عنصرا من التنظيم.
وتابع العبيدي أن القوات الأمنية استطاعت أيضا قتل 4 آخرين من مسلحي «داعش» بواسطة القنص أثناء محاولتهم زرع عبوات ناسفة شديدة الانفجار فوق أحد الجسور على ضفاف نهر الفرات (شمال شرقي الناحية)، موضحا أن الطيران الحربي لقوات التحالف الدولي تمكن من قصف 3 مركبات للتنظيم المسلح أثناء محاولتها الهجوم على ناحية البغدادي، ما أدى إلى تدميرها ومقتل من فيها من عناصر تنظيم داعش.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».