ما زال فيروس «كورونا» المستجد يواصل إثارة الألغاز، ليضيف هذه المرة لغزاً جديداً مصدره رجل من نيفادا بالولايات المتحدة الأميركية، أصيب مرتين بمرض (كوفيد - 19) الذي يسببه الفيروس، وكانت العدوى الثانية أكثر خطورة بكثير من الأولى.
والإصابة مرة أخرى بشكل عام نادرة، ولم يكن هناك سوى أمثلة قليلة بين أكثر من 37 مليون حالة إصابة مؤكدة حول العالم، وكانت حالة واحدة في الإكوادور مماثلة للحالة الأميركية في كون أن الإصابة الثانية كانت أكثر خطورة، ولكنها لم تكن بحاجة إلى علاج في المستشفى، وهذا هو الفارق بينها وبين الحالة الأميركية التي نشرت دورية (ذا لانسيت) الطبية تقريراً عنها أول من أمس.
واحتاج الرجل الأميركي البالغ من العمر 25 عاماً إلى العلاج في المستشفى بعد أن عجزت رئتيه عن إدخال ما يكفي من الأكسجين إلى جسده، ولم يكن لديه أي مشاكل صحية أو عيوب مناعية معروفة تجعله عرضة بشكل خاص للإصابة مرتين بالمرض، وهو ما أثار حيرة العلماء، وطرح تساؤلات عن مقدار المناعة التي يمكن أن تتشكل ضد الفيروس.
ووفق ما جاء بدورية (ذا لانسيت)، فإن المريض اشتكى في 25 مارس (آذار) الماضي من أعراض التهاب الحلق والسعال والصداع والغثيان والإسهال، وفي 18 أبريل (نيسان) الماضي، جاءت نتيجة اختباره إيجابية لأول مرة، لتختفي الأعراض تماماً بعد 9 أيام من ظهور نتيجة الاختبار، وفي 9 و26 مايو (أيار) الماضي، جاءت نتائج فحوصه سلبية للفيروس مرتين، وعادوته في 28 مايو الأعراض مرة أخرى، وهذه المرة تشمل الحمى والصداع والدوخة والسعال والغثيان والإسهال، وجاءت نتيجة الاختبار إيجابية للمرة الثانية في 5 يونيو (حزيران) مع معاناة من نقص الأكسجة (نقص الأكسجين في الدم) مع ضيق في التنفس، وهو ما استدعى علاجه في غرفة العناية الفائقة بالمستشفى.
وأظهرت مقارنة الشفرات الجينية للفيروس المأخوذة خلال كل نوبة من الأعراض أنها كانت مميزة للغاية بحيث لا يمكن أن تسببها نفس العدوى، ولا يزال من غير الواضح سبب إصابة مريض نيفادا بمرض شديد في المرة الثانية. إحدى الأفكار التي طرحها الباحثون في الدراسة هي أنه ربما يكون قد تعرض لجرعة أكبر من الفيروس في المرة الثانية، أو أن الاستجابة المناعية الأولية قد جعلت العدوى الثانية أسوأ، وقد تم توثيق ذلك مع أمراض مثل حمى الضنك، حيث تسبب الأجسام المضادة التي يتم إنتاجها استجابة لسلالة واحدة من فيروس حمى الضنك مشاكل في حالة الإصابة بسلالة أخرى.
ويميل الدكتور علي محمد زكي، أستاذ الفيروسات بجامعة عين شمس، ومكتشف فيروس متلازمة الشرق الأوسط التنفسية، إلى ترجيح السبب الثاني المتعلق بوجود الأجسام المضادة، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كانت هذه الحالة نادرة الحدوث ولم يتم توثيقها إلا في المريض الأميركي، إلا أنه في حالة إعطاء اللقاح الذي يولد أجساماً مضادة لعدد كبير من الناس فمن المرجح ظهورها في أكثر من حالة».
ويفضل الدكتور زكي أن يتم مواجهة المرض بالاعتماد على الإجراءات الوقائية وتجنب إعطاء اللقاحات التي قد تزيد المشكلة بدل حلها.
ويشكك الدكتور محمود شحاتة، الباحث بقسم الفيروسات بالمركز القومي للبحوث بمصر، في حدوث شفاء تام للمريض في المرة الأولى. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الفترة القصيرة بين المرتين (حوالي أسبوعين) تثير الشك، فربما لم يكن قد شفي تماماً في المرة الأولى، وكانت نتائج الاختبارات التي أجريت له غير دقيقة، وحدث تحور للفيروس داخل جسمه، أظهر سلالة جديدة مختلفة جينيا».
وحتى لو كان قد أصيب مرتين، فلا تزال تلك الحالة في رأي شحاتة نادرة، بحيث يكون من الخطأ تعميمها والبناء عليها، فيما يتعلق بخطط إنتاج اللقاحات.
وعلى الأقل، حتى لو لم يكن لهذه الدراسة تأثيرات على خطط إنتاج اللقاحات، فإنها تشير إلى أن العدوى السابقة قد لا تحمي بالضرورة من العدوى في المستقبل. ويقول مارك باندوري، من جامعة نيفادا، والباحث المشارك بالدراسة في تقرير نشرته أمس شبكة (بي بي سي): «دراستنا تؤكد على أن الأشخاص الذين تعافوا من الفيروس يجب أن يستمروا في اتباع الإرشادات حول التباعد الاجتماعي وأقنعة الوجه وغسل اليدين».
إصابة ثانية نادرة تزيد الألغاز حول «كوفيد ـ 19»
إصابة ثانية نادرة تزيد الألغاز حول «كوفيد ـ 19»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة