حزمة اجتماعات ليبية برعاية أممية

تعقد في القاهرة وتونس وجنيف لمناقشة المسارات الدستورية والعسكرية والسياسية

عناصر من حرس المنشآت النفطية أمام مقرهم في طرابلس أمس (رويترز)
عناصر من حرس المنشآت النفطية أمام مقرهم في طرابلس أمس (رويترز)
TT

حزمة اجتماعات ليبية برعاية أممية

عناصر من حرس المنشآت النفطية أمام مقرهم في طرابلس أمس (رويترز)
عناصر من حرس المنشآت النفطية أمام مقرهم في طرابلس أمس (رويترز)

دخلت الأزمة الليبية مرحلة جديدة، أمس، بإعلان بعثة الأمم المتحدة رسمياً عن استئناف المحادثات الشاملة في تونس، مطلع الشهر المقبل، إضافة إلى محادثات مباشرة بين وفدي اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في جنيف الأسبوع المقبل، ومشاورات انطلقت في القاهرة بين وفدي مجلسي النواب والدولة بشأن المسائل الدستورية.
واستهل مدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، أمس، اجتماع المسار الدستوري بالدعوة إلى نبذ الخلافات بين الأطراف الليبية، مؤكداً أن «مصر قطعت على نفسها تعهد مساندة أشقائها في الدولة الليبية لإيجاد الحل الملائم للأزمة، ومن ثم قامت خلال السنوات الماضية بتقريب وجهات النظر وإحداث تقارب بين مكونات الدولة الليبية كافة والانفتاح على الأطراف الساعية لحل الأزمة كافة، من دون الانحياز إلى أي طرف على حساب الأطراف الأخرى».
وأوضح أن بلاده تسعى إلى الحفاظ على وحدة الأراضي الليبية وسلامتها، مؤكداً أن «مصر تتمسك بالتسوية السياسية برعاية الأمم المتحدة، وضرورة أن يكون الحل ليبياً - ليبياً من دون تدخل أي أطراف خارجية». واعتبر أنه «حان الوقت لتحقيق تطلعات الشعب الليبي في الاستقرار عبر دفع المسار السياسي حتى يكون لليبيا دستور يحدد الصلاحيات والمسؤوليات وصولاً إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية».
وشدد رئيس اللجنة المصرية المعنية بالشأن الليبي اللواء أيمن بديع على أن «استقرار ووحدة الأراضي الليبية أمر لن تتم المساومة عليه». وقال إن «مصر قطعت على نفسها عهداً بمساعدة الليبيين عبر توفير المناخ المناسب للحوار في أجواء سلمية وديمقراطية بعيدة عن العنف مع الالتزام بمسار التسوية الذي نصت عليه الأمم المتحدة».
وأشاد رئيسا وفدي مجلسي النواب والدولة بجهود مصر لتجميع الأطراف الليبية على أراضيها؛ خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها ليبيا.
وقالت رئيسة البعثة الأممية بالإنابة، ستيفاني ويليامز، في بيان، مساء أول من أمس، إن استضافة تونس للاجتماع المباشر الأول لملتقى الحوار السياسي الليبي تستند إلى قرار مجلس الأمن رقم 2510 لسنة 2020 الذي تبنى نتائج مؤتمر برلين بشأن ليبيا، والذي انعقد مطلع العام الحالي.
وحددت البعثة أهداف الملتقى في «تحقيق رؤية موحدة حول إطار وترتيبات الحكم التي ستفضي إلى إجراء انتخابات وطنية في أقصر إطار زمني ممكن من أجل استعادة سيادة ليبيا وشرعية الديمقراطية للمؤسسات». وأوضحت أنه سيتم اختيار المشاركين في الملتقى من مختلف المكوّنات الرئيسية للشعب الليبي «على أساس مبادئ الشمولية والتمثيل الجغرافي والعرقي والسياسي والقبلي والاجتماعي العادل»، مشيرة إلى أن «اجتماعات تمهيدية ستبدأ في 26 من الشهر الحالي عبر الاتصال المرئي ستشمل أيضاً مشاورات مع شرائح كبيرة من المجتمع الليبي، بما في ذلك الشباب والنساء والبلديات، سيُطلب منها تقديم توصيات ملموسة للمشاركين في ملتقى الحوار السياسي».
وكشفت البعثة أنها اشترطت على المدعوين للمشاركة في هذا الملتقى «الامتناع عن تولي أي مناصب سياسية أو سيادية في أي ترتيب جديد للسلطة التنفيذية، وأن يجتمعوا بحسن نية وبروح من التعاون والتضامن من أجل مصلحة بلادهم، وأن يحجموا عن استخدام خطاب الكراهية والتحريض على العنف».
وطبقاً لما أعلنته البعثة، فإن محادثات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) سترتكز على المداولات السابقة والتوصيات التي خرج بها اجتماع الغردقة مؤخراً. وحثت على «الوقف التام لجميع المناورات والتعزيزات العسكرية بغية تمكين التوصل إلى اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار، بما في ذلك إقامة منطقة منزوعة السلاح في وسط ليبيا، فضلاً عن توفير حيز مناسب لإجراء مناقشات سياسية بناءة».
وقالت البعثة إن مصر تستضيف مناقشات لمجلسي النواب والدولة حول الخيارات القانونية والدستورية التي يمكن طرحها على ملتقى الحوار السياسي لتسهيل المداولات حول المضي قدماً في الترتيبات الدستورية. كما دعت جميع الليبيين إلى «الاستفادة على نحو أوفى من هذه الفرصة السانحة من أجل استعادة السلام الدائم والأمن والازدهار وضمان المساءلة وصون حقوق الإنسان للشعب الليبي الذي تحمّل سنوات طويلة من النزاع والتشرذم السياسي».
بدوره، قال رئيس حكومة «الوفاق» فائز السراج إنه بحث أمس في طرابلس مع السفير الإيطالي جوزيبي بوتشيني، المسارات الثلاثة لحل الأزمة الليبية (الأمنية والاقتصادية والسياسية) وفقاً لمخرجات مؤتمر برلين، لافتاً إلى اتفاق الطرفين على الأهمية البالغة لاستئناف إنتاج النفط وتصديره في كامل الحقول والموانئ، والتأكيد على عدم قفل مواقع الإنتاج والتصدير مرة أخرى.
ورحّب خلال اجتماعه بسفير الاتحاد الأوروبي الجديد لدى ليبيا خوسيه أنطونيو سابادل، بدور أكثر فعالية للاتحاد الأوروبي في مسارات برلين الثلاثة، معلناً دعم الجانبين إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وأن يشارك الاتحاد الأوروبي في عملية الإشراف والمراقبة على هذه الانتخابات. كما تطرق الاجتماع لملف الهجرة غير الشرعية والجهود التي يبذلها خفر السواحل الليبي في مكافحة هذه الظاهرة.
واتفق الجانبان أيضاً على ضرورة الاستمرار في فتح المواقع النفطية والالتزام بعدم تكرار عملية الإغلاق التي تسببت بمعاناة شديدة لليبيين في جميع المناطق.
وأعلنت فرنسا على لسان سفارتها لدى ليبيا في بيان مقتضب، أمس، دعمها جهود البعثة الأممية والالتزام القوي لدول الجوار، مشيرة إلى التزامها الوصول إلى حل دائم وشامل للتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.