هل فات الأوان لوقف انحدار كرة القدم نحو تغيير مفاجئ لا نهاية له؟

سيطرة التلفزيون على اللعبة في ظل غياب الجماهير عن الملاعب ستصبح واقعاً حتمياً

ملعب إيفرتون مكتظ عن آخره في فبراير الماضي... تُرى كم عدد من سيعودون إليه؟ (غيتي)
ملعب إيفرتون مكتظ عن آخره في فبراير الماضي... تُرى كم عدد من سيعودون إليه؟ (غيتي)
TT

هل فات الأوان لوقف انحدار كرة القدم نحو تغيير مفاجئ لا نهاية له؟

ملعب إيفرتون مكتظ عن آخره في فبراير الماضي... تُرى كم عدد من سيعودون إليه؟ (غيتي)
ملعب إيفرتون مكتظ عن آخره في فبراير الماضي... تُرى كم عدد من سيعودون إليه؟ (غيتي)

دائماً ما تبدو كرة القدم وكأنها صناعة تبحث عن الشكل النهائي لمنتجها، وقد شهدت السنوات الخمس والعشرون الماضية تغييراً هائلاً في شكل اللعبة. ومع ذلك، يبدو من المرجح أن كل ما حدث لم يكن سوى «جزء تدريجي» من شيء أكبر يتوقع أن يحدث خلال السنوات المقبلة. ويبدو أن كرة القدم قد وصلت في عام 2020 إلى نقطة اللاعودة، وباتت جاهزة للانزلاق بسرعة نحو تغيير مفاجئ وجذري.
ولا يوجد أدنى شك في أن الأزمة العالمية الحالية قد قدمت أيضاً فرصة رائعة لمن هم في مواقع القوة، والذين كانت خططهم من أجل التغيير ستشهد مقاومة قوية لولا حدوث هذه الأزمة. وفي أحدث مؤتمر للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، تحدث رئيس الاتحاد جياني إنفانتينو - الذي يبدو أنه قضى الأشهر الثمانية الماضية في محاولة جاهدة للحفاظ على التعبير عن القلق الشديد بينما كان يتوق سراً للتباهي بشأن التجديد الذي يحدثه في اللعبة - عن إعادة تصور لجدول مباريات كرة القدم بشكل كامل، وتحريك كل مسابقة إلى فترة زمنية مميزة خاصة بها.
ويبدو أنه لا يوجد أي شخص يمانع القيام بذلك، أو لم يعرب حتى عن مخاوفه، وهو الأمر الذي سيسمح لجياني بالمضي قدماً في خططه. وربما تتمثل الملاحظة الأكثر إثارة للقلق في الوقت الحالي في أنه إذا كان الربع الأخير من القرن الماضي قد شهد تغييراً ملحوظاً وسريعاً في كرة القدم، فإن هذه الفترة قد شهدت أيضاً مقاومة شديدة لأي تغيير، على عكس ما يحدث تماماً في الوقت الحالي، حيث تسير الأمور من دون أي مقاومة أو اعتراض!
ودائماً ما كانت كرة القدم تتميز ببعض الطقوس المميزة والخطوط التي لا يمكن تجاوزها، والإحساس بأنها شيء نبيل ومحمي. لكن في الوقت الحالي لم يعد هناك أي درع تحمي هذه اللعبة، وبات من السهل التنازل عن أي شيء وتغيير الهياكل والأنظمة الراسخة منذ سنوات طويلة. وفي الماضي، كانت المقاومة تتمثل في مجالين رئيسيين. أولاً، إعطاء الأولوية للمشجعين والجمهور، والتركيز على أن كرة القدم من دون جمهور لا تعني أي شيء. لكن الحقيقة أن هذه الفكرة قد تبخرت تماماً الآن، وأصبح بإمكان الناس الذهاب إلى المتاجر والمطارات، لكن لم يعد بإمكانهم الذهاب لمشاهدة مباراة لكرة القدم، وهو أمر غير منطقي بالمرة. ويبدو أن مشجعي كرة القدم في الملاعب، على الرغم من أهميتهم، لم يعودوا يلعبوا دوراً محورياً في نموذج عمل كرة القدم، وكأن لسان حال المسؤولين عن كرة القدم يقول: إننا نقدّر وجودكم، لكننا لسنا في حاجة إليكم!
ويجب الإشارة إلى أن هذه اللحظة هي لحظة تحول هائلة في المشهد الكروي، ليس فقط من الناحية النظرية، لكن على المستوى العملي أيضاً. وبينما يسعى الدوري الإنجليزي الممتاز إلى تعديل أوضاعه بسبب خوفه من تراجع عائدات البث التلفزيوني، فقد تحول إلى منتج ترفيهي قابل للتبديل والتغيير. وفي نهاية الأسبوع الماضي، كان من الممكن مشاهدة مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز على الهواء مباشرة من منتصف النهار وحتى الساعة العاشرة مساءً، وكانت كل المباريات عبارة عن المحتوى المتجانس نفسه والمتواصل وغير المحدد جغرافياً.
فهل هذا الأمر قابل للاستمرار والاستدامة؟ وبعدما حقق بايرن ميونيخ الفوز على بوروسيا دورتموند في كأس السوبر الألمانية، أشار نجم العملاق البافاري، روبرت ليفاندوفسكي، إلى أن اللاعبين لم يحتفلوا لأنهم كانوا «مرهقين للغاية». وأصبحنا نرى لاعباً مثل إريك داير على شاشات التلفزيون بشكل دائم بسبب كثرة مشاركته في المباريات. لقد تحولت اللعبة إلى سيرك رقمي يتكرر بلا نهاية ومن دون توقف، وأصبحت بعض المباريات تلعب في وقت متأخر من الليل، وبالتالي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: هل ستسمح محطات البث التلفزيونية بذلك عندما يتم السماح للجمهور بالعودة إلى الملاعب؟ وفي هذه الأثناء، سيطر التلفزيون تماماً على المشهد الكروي، وأصبحنا نرى كل شيء من خلال الشاشات، وحتى حكام المباريات باتوا يعتمدون على الشاشات والإعادات التلفزيونية في معظم القرارات المهمة والمثيرة للجدل، ولا ينقصنا سوى أن نرى التلفزيون وهو يقرر كيف سيقف اللاعبون ويركضون ويصطدمون ببعضهم بعضاً داخل الملعب!
ووصل الأمر إلى درجة أن المرء بات يشعر بأنه من السهل التخلي عن التجربة الواقعة ومشاهدة المباريات من الملعب بمشاهدة المباريات عبر شاشات التلفزيون. وبات هناك تساؤل بشأن ما إذا كان هذا التغيير سيصبح دائماً خلال الفترة المقبلة. إن الجمهور العاشق لفريقه يكون لديه انتماء كبير وينفق الكثير من الأموال ويبذل الكثير من الجهد من أجل متابعة هذا الفريق من ملعب المباراة، لكن عدم السماح للجمهور بحضور المباريات لفترات طويلة سوف يؤثر على هذه العلاقة القوية، ويجعل كثيرين يفكرون في الاستمرار في متابعة المباريات عبر شاشات التلفزيون.
وفي هذه الأثناء، تواصل كرة القدم النسائية، وهي صناعة نامية، لكنها ليست مربحة بدرجة كافية في الوقت الحالي، الكفاح من أجل الاستحواذ على حصة من البث التلفزيوني. وحتى كرة القدم الدولية على مستوى المنتخبات يبدو وكأنها قد تبدأ في مواجهة الديكتاتورية الاقتصادية القاسية لأندية النخبة في عالم كرة القدم. وهذا هو العنصر الثاني الذي يواجه تهديداً كبيراً. ومن المعروف للجميع، أن الأندية في الدوريات الأدنى من الدوري الإنجليزي الممتاز تقترب من الانهيار. وفي الوقت نفسه، أصبح من البديهي أن نقول، إن أندية النخبة لن تنجو من دون وجود هذا الهرم القديم للدوريات الأدنى.
في الواقع، لا تهتم الأندية الكبرى بهذه العملية على الإطلاق وكأنها لا تعنيها من الأساس، فما الذي يدفع تلك الأندية الكبرى إلى الاهتمام بمصير أندية مثل سندرلاند وغيلينغهام؟ لقد توقعت رابطة الأندية الأوروبية خسائر بقيمة أربعة مليارات يورو هذا الموسم في بطولات الدوري الممتاز. ويعني ذلك أنه سيكون هناك تغيير حقيقي في المشهد الكروي خلال المرحلة المقبلة. ودائماً ما يؤكد المدير الفني الفرنسي آرسين فينغر على أنه لا مفر من إقامة «دوري سوبر» بلا حدود؛ لأن هذا هو ما يريده المسؤولون. لكن لا أحد يعرف حقاً الشكل الذي قد يتخذه هذا الأمر. لكن في حالة حدوث ذلك، فمن المرجح أن يحدث التغيير بوتيرة أكبر، وسيتم تشتيت الانتباه عن ذلك من خلال الحديث عن الكارثة الاقتصادية العالمية!
ومن المغري بالطبع في خضم كل هذا أن نعلن عن غضبنا من القواعد الخاصة باحتساب لمسات اليد، وأن نتحدث عن إخفاقات مانشستر سيتي في سوق انتقالات اللاعبين، ومعاناة مانشستر يونايتد تحت قيادة المدير الفني النرويجي أولي غونار سولسكاير. إن التغيير الذي شهدته كرة القدم على مدار الثلاثين عاماً الماضية قد يحدث تغيير أكبر منه في غضون ستة أشهر فقط بسبب حالة الارتباك التي تهيمن على المشهد الكروي في الوقت الحالي! ويتمثل الخطر الحقيقي في أن يصبح هذا التغيير الغريب والشاذ أمراً طبيعياً. وكما هو الحال دائماً، فإن المسار الوحيد المتاح هو المقاومة بأي شكل من الأشكال.


مقالات ذات صلة

«لا ليغا»: فالنسيا يغادر مؤخرة الترتيب بنقاط بيتيس

رياضة عالمية لاعبو فالنسيا يحتفلون بأحد الأهداف الأربعة في مرمى بيتيس (إ.ب.أ)

«لا ليغا»: فالنسيا يغادر مؤخرة الترتيب بنقاط بيتيس

كلّل فريق فالنسيا عودته إلى المنافسة عقب الفيضانات المدمرة في شرق البلاد، بفوز كبير على ضيفه ريال بيتيس 4-2.

«الشرق الأوسط» (فالنسيا)
رياضة عالمية ليفركوزن اكتسح ضيفه هايدنهايم بخماسية (أ.ف.ب)

«البوندسليغا»: ليفركوزن ودورتموند يستعيدان ذاكرة الانتصارات

استعاد فريقا باير ليفركوزن، حامل اللقب، وبوروسيا دورتموند نغمة الانتصارات في دوري الدرجة الأولى الألماني لكرة القدم (البوندسليغا).

«الشرق الأوسط» (ليفركوزن)
رياضة عالمية الإنجليزي هاري كين مهاجم بايرن ميونيخ الألماني (د.ب.أ)

كين: سأواجه الانتقادات «في أرض الملعب»

ردّ الإنجليزي هاري كين، مهاجم بايرن ميونيخ الألماني، على الانتقادات الموجَّهة إليه، قائلاً إنه سيتحدَّث «في أرض الملعب».

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
رياضة عالمية انتر ميلان سحق فيرونا بخماسية (رويترز)

«الدوري الإيطالي»: إنتر إلى الصدارة بخماسية في فيرونا

حقق إنتر ميلان فوزاً ساحقاً 5 - صفر على مضيفه هيلاس فيرونا السبت ليعتلي صدارة دوري الدرجة الأولى الإيطالي.

«الشرق الأوسط» (فيرونا)
رياضة عالمية كيليان مبابي مهاجم ريال مدريد (يسار) يسعى إلى العودة للتهديف (د.ب.أ)

أنشيلوتي: مبابي سيعود للتسجيل عاجلاً أم آجلاً

لم يسجل كيليان مبابي، مهاجم ريال مدريد المنافس في دوري الدرجة الأولى الإسباني لكرة القدم، أي هدف منذ أكثر من شهر.

«الشرق الأوسط» (مدريد)

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
TT

«خليجي 26»... السعودية والعراق وجهاً لوجه في المجموعة الثانية

الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)
الكويت ستحتضن كأس الخليج بنهاية العام الحالي (الشرق الأوسط)

أسفرت قرعة بطولة كأس الخليج (خليجي 26) لكرة القدم التي أجريت السبت، وتستضيفها الكويت خلال الفترة من 21 ديسمبر (كانون الأول) 2024، وحتى 3 يناير (كانون الثاني) 2025، عن مجموعتين متوازنتين.

فقد ضمت الأولى منتخبات الكويت، وقطر، والإمارات وعمان، والثانية العراق والسعودية والبحرين واليمن.

ويتأهل بطل ووصيف كل مجموعة إلى الدور نصف النهائي.

وسُحبت مراسم القرعة في فندق «والدورف أستوريا» بحضور ممثلي المنتخبات المشارِكة في البطولة المقبلة.

وشهد الحفل الذي أقيم في العاصمة الكويت الكشف عن تعويذة البطولة «هيدو»، وهي عبارة عن جمل يرتدي قميص منتخب الكويت الأزرق، بحضور رئيس اتحاد كأس الخليج العربي للعبة القطري الشيخ حمد بن خليفة، إلى جانب مسؤولي الاتحاد وممثلين عن الاتحادات والمنتخبات المشاركة ونجوم حاليين وسابقين.

السعودية والعراق وقعا في المجموعة الثانية (الشرق الأوسط)

وجرى وضع الكويت على رأس المجموعة الأولى بصفتها المضيفة، والعراق على رأس الثانية بصفته حاملاً للقب النسخة السابقة التي أقيمت في البصرة، بينما تم توزيع المنتخبات الستة المتبقية على 3 مستويات، بحسب التصنيف الأخير الصادر عن الاتحاد الدولي (فيفا) في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وتقام المباريات على استادي «جابر الأحمد الدولي» و«جابر مبارك الصباح»، على أن يبقى استاد علي صباح السالم بديلاً، ويترافق ذلك مع تخصيص 8 ملاعب للتدريبات.

وستكون البطولة المقبلة النسخة الرابعة التي تقام تحت مظلة اتحاد كأس الخليج العربي بعد الأولى (23) التي استضافتها الكويت أيضاً عام 2017. وشهدت النسخ الأخيرة من «العرس الخليجي» غياب منتخبات الصف الأول ومشاركة منتخبات رديفة أو أولمبية، بيد أن النسخة المقبلة مرشحة لتكون جدية أكثر في ظل حاجة 7 من أصل المنتخبات الثمانية، إلى الاستعداد لاستكمال التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم 2026 المقررة في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.

وباستثناء اليمن، فإن المنتخبات السبعة الأخرى تخوض غمار الدور الثالث الحاسم من التصفيات عينها، التي ستتوقف بعد الجولتين المقبلتين، على أن تعود في مارس (آذار) 2025.

ويحمل المنتخب الكويتي الرقم القياسي في عدد مرات التتويج باللقب الخليجي (10) آخرها في 2010.

الكويت المستضيفة والأكثر تتويجا باللقب جاءت في المجموعة الأولى (الشرق الأوسط)

ووجهت اللجنة المنظمة للبطولة الدعوة لعدد من المدربين الذين وضعوا بصمات لهم في مشوار البطولة مع منتخبات بلادهم، إذ حضر من السعودية ناصر الجوهر ومحمد الخراشي، والإماراتي مهدي علي، والعراقي الراحل عمو بابا، إذ حضر شقيقه بالنيابة.

ومن المقرر أن تقام مباريات البطولة على ملعبي استاد جابر الأحمد الدولي، الذي يتسع لنحو 60 ألف متفرج، وكذلك استاد الصليبيخات، وهو أحدث الملاعب في الكويت، ويتسع لـ15 ألف متفرج.

وتقرر أن يستضيف عدد من ملاعب الأندية مثل نادي القادسية والكويت تدريبات المنتخبات الـ8.