واشنطن تدعو إلى عدم التطبيع مع الأسد «ما لم يغيّر سلوكه»

المعلم يحضر افتتاح سفارة أبخازيا في دمشق

وزير الخارجية السوري وليد المعلم في افتتاح سفارة أبخازيا في دمشق أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية السوري وليد المعلم في افتتاح سفارة أبخازيا في دمشق أمس (إ.ب.أ)
TT

واشنطن تدعو إلى عدم التطبيع مع الأسد «ما لم يغيّر سلوكه»

وزير الخارجية السوري وليد المعلم في افتتاح سفارة أبخازيا في دمشق أمس (إ.ب.أ)
وزير الخارجية السوري وليد المعلم في افتتاح سفارة أبخازيا في دمشق أمس (إ.ب.أ)

قال متحدث باسم الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط»، إن نظام الرئيس بشار الأسد «كان مسؤولا عن فظائع لا حصر لها، إضافة إلى استخدامه بشكل متكرر للأسلحة الكيماوية، ودعوته للقوات الإيرانية والروسية، الأمر الذي ساهم في تهديد جيرانه، وهو ما يمثل خطرا قاتما على المنطقة بأكملها».
وأضاف «لذلك فإننا نحث جميع الدول على عدم إعادة العلاقات الدبلوماسية أو التعاون الاقتصادي مع النظام السوري أو تطويرها». وأكد أن «أي محاولة لإعادة العلاقات أو تطويرها دون معالجة فظائع النظام ضد الشعب السوري، تقوض الجهود المبذولة لتعزيز المساءلة والتحرك نحو حل دائم وسلمي وسياسي للصراع السوري بما يتماشى مع قرار مجلس الأمن رقم 2254».
وختم «يجب على بشار الأسد ونظامه اتخاذ خطوات لا رجعة فيها لإنهاء حملة العنف ضد الشعب السوري، وتنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2254 بصدق أو مواجهة العزلة الدبلوماسية والاقتصادية المستمرة».
جاء كلام المتحدث الأميركي بعد تقديم سفير عمان أوراق اعتماده لوزير الخارجية السوري وليد المعلم، علما بأن الإمارات والبحرين نشطتا عمل سفارتيهما في العاصمة السورية نهاية 2018.
وشكل الموقف الأميركي العنصر الرئيسي لفرملة جهود بعض الدول العربية للتطبيع مع النظام السوري، حيث رفضت واشنطن هذه الخطوات ما لم تقترن بخطوات جدية من النظام تساهم في تسهيل الحل السياسي للأزمة السورية.
وصعدت واشنطن من ضغوطها السياسية على مختلف الأطراف وخصوصا على روسيا وإيران حليفتي دمشق، لوقف جهود الأولى التي سعت إلى استثمار تدخلها العسكري لفرض تصورها الخاص، ومنع إيران من التموضع في سوريا وإخراجها منها في نهاية المطاف. وتوالت عقوباتها الاقتصادية على دمشق وتوجتها بـ«قانون قيصر» الذي بدأ تطبيقه في يونيو (حزيران) الماضي، وبحزمة العقوبات الأخيرة التي طالت شخصيات سياسية وعسكرية وكيانات سورية.
في غضون ذلك، افتتحت في دمشق أمس سفارة جمهورية أبخازيا ورفع العلم على مقر السفارة بحضور وزير الخارجية وليد المعلم ووفد حكومي أبخازي رفيع المستوى. وقال المعلم: «السفارة ستكون حجر الأساس في انطلاق علاقاتنا الثنائية بشكل عملي وهي قد تكون باكورة تشجع الآخرين الذين أغلقوا سفاراتهم في دمشق من أجل إعادة افتتاحها».
بدوره، لفت وزير شؤون خارجية أبخازيا داوور كوفيه فاديموفيتش إلى أن جمهورية أبخازيا «جسر يفتح آفاق التعاون مع البلدان الأخرى».
وكانت سوريا وأبخازيا قد وقعتا اتفاقية تعاون وصداقة في 2018 خلال زيارة رسمية قام بها وفد أبخازي إلى دمشق كما تم توقيع اتفاقية تعاون تجاري واقتصادي. وجاء اعتراف دمشق باستقلال أبخازيا وأوسيتيا وسط انتقادات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، ليثير استياء جورجيا التي اعتبرته «مجاملة لموسكو عبر اعتراف باستقلال أراضٍ محتلة»، فأعلنت قطع علاقاتها الدبلوماسية مع دمشق، مشيرة إلى أن الاعتراف يعد «انتهاكاً لقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة التي رفضت بغالبية ساحقة قرار انفصال الإقليمين».
وأبخازيا الواقعة على الساحل الشرقي للبحر الأسود، تعد منطقة نزاع منذ أعلنت استقلالها عن جورجيا عام 1991 وأعرب الأسد خلال اجتماعه مع الوفد الأبخازي، الاثنين، عن ارتياحه لافتتاح سفارة لجمهورية أبخازيا في دمشق.
ويندرج تعزيز دمشق لعلاقاتها مع أبخازيا في إطار تعزيز علاقاتها مع أقاليم مناطق أوراسيا المدعومة من روسيا، وهو توجه بدأ بالاعتراف بقرار موسكو ضم شبه جزيرة القرم 2016 واعتبارها «جزءاً لا يتجزأ من روسيا»، رغم استياء أوكرانيا والغرب وتخفيض كييف العلاقات الدبلوماسية مع دمشق، وإغلاق السفارة السورية في العاصمة الأوكرانية. واعتبر سياسيون روس أن الاعتراف السوري مهم لموسكو، لأنه «للمرة الأولى في التاريخ الحديث، يدعم أحد الحلفاء موقف روسيا بشأن قضية لا تدخل في نطاق اهتماماته الخاصة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».