«اتفاق الإطار» يحيي «تنازع الصلاحيات» لبنانياً

عون يقول إنه سيؤلف الوفد إلى المفاوضات بعد إعلان بري أن الجيش سيتولى هذه المهمة

TT

«اتفاق الإطار» يحيي «تنازع الصلاحيات» لبنانياً

أيقظ البيان الذي أصدره الرئيس اللبناني ميشال عون حول تأليف الوفد المفاوض على ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل بوساطة أميركية، التنازع على الصلاحيات بين المؤسسات، رغم نفي رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يفاوض منذ عشر سنوات مخالفة الدستور، مشدداً على أن ما تم التوصل إليه هو «اتفاق إطار».
وتجاهل الرئيس عون، كما فعل صهره رئيس تكتل «لبنان القوي» جبران باسيل، المؤتمر الصحافي لبري، فرحب عون بالإعلان الذي صدر عن وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو عن التوصل إلى اتفاق إطار للتفاوض على ترسيم الحدود برعاية الأمم المتحدة وتحت رايتها، وبوساطة مسهلة من الولايات المتحدة.
وقال مكتب الإعلام في الرئاسة اللبنانية في بيان، إن رئيس الجمهورية «سوف يتولى المفاوضة وفقاً لأحكام المادة 52 من الدستور، بدءاً من تأليف الوفد اللبناني المفاوض ومواكبة مراحل التفاوض، آملاً من الطرف الأميركي أن يستمر في وساطته النزيهة».
وجاء البيان بعد إعلان بري أن الجيش اللبناني سيتولى المفاوضات في مركز الأمم المتحدة وتحت رايتها، وأن دور بري انتهى. وكان بري قد بدأ حراكه في هذا الملف بتكليف من رؤساء الحكومات المتعاقبين منذ 2010 ورئيسي الجمهورية: السابق ميشال سليمان، والحالي ميشال عون، وباتفاق مع معظم القوى السياسية في الداخل اللبناني، للوصول إلى النقطة التي تم إعلانها أمس.
وأشار بري إلى اتهامات له من الداخل اللبناني بأنه يأخذ صلاحيات رئيس الجمهورية، مؤكداً: «إننا قلنا لهم لا، وآخر من يخالف الدستور هو أنا»؛ مشدداً على أن «المادة 52 من الدستور هي التي تعطي الصلاحية لرئيس الجمهورية في موضوع المفاوضات والاتفاقيات الدولية؛ لكن هذا اتفاق إطار، وهو كالذي يرشدك إلى الدرب الذي يجب أن تسلكه فقط».
وتنص المادة 52 على أن رئيس الجمهورية يتولى المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها، بالاتفاق مع رئيس الحكومة، ولا تصبح مبرمة إلا بعد موافقة مجلس الوزراء. وتطلع الحكومة مجلس النواب عليها حينما تمكنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة. أما المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، فلا يمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب.
وأظهرت تغريدتان لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، ملامح انتقاد مبطن لدور بري، وتوجيه المرحلة المقبلة نحو فريقه ونحو رئاسة الجمهورية بقوله: «اليوم يبدأ لبنان مرحلة جديدة من استعادة حقوقه، ولكن بالتفاوض هذه المرة... إذا كان اتفاق الإطار تطلب كل هذا الوقت والجهد والتضامن الداخلي والتعاون الإيجابي من المعنيين، فكيف باتفاق الترسيم واتفاق التقاسم؟». وأضاف: «هذه المرة علينا أن نفاوض، لا على الطريقة الفارسية ولا على الطريقة العربية؛ بل على طريقتنا اللبنانية، صلابة ومرونة... صلابة بالتمسك بالحقوق ومرونة بالعلم والحلول. القضية فيها مزيج من السيادة والموارد، ويجب أن نعرف أن نحافظ على الاثنين ونوفق بين الاثنين».
ويظهر هذا التصريح انتقاداً لبري الذي شدد على ضرورة أن يتمتع الفريق المفاوض بخبرة ومراس، قائلاً في مؤتمره الصحافي: «صفحة ونصف (اتفاق الإطار) احتاج إلى عشر سنوات لإنجازه».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.