موقف تركيا يصب الزيت على نار العلاقات المتوترة مع فرنسا

TT

موقف تركيا يصب الزيت على نار العلاقات المتوترة مع فرنسا

ملف صدامي آخر بين تركيا وفرنسا يضاف إلى الملفات الخلافية السابقة: فبعد إشكالية الدور التركي في سوريا، وتحديداً العمليات العسكرية ضد القوات الكردية المنضوية تحت لواء «قوات سوريا الديمقراطية»، والخلاف بين باريس وأنقرة في إطار الحلف الأطلسي، ثم بصدد الدور التركي في ليبيا وأطماع الرئيس رجب طيب إردوغان في ثروات الغاز في مياه شرق المتوسط والتوتر مع اليونان وقبرص، جاءت مواقف تركيا من الاشتباكات الدائرة بين القوات الأذرية من جهة وقوات «جمهورية ناغورنو – قره باغ» الأرمينية، من جهة أخرى، التي تحظى بدعم جمهورية أرمينيا لتصب الزيت على نار العلاقات الفرنسية - التركية المتوترة أصلاً.
تعتبر باريس أنها معنية بما يحصل في منطقة القوقاز من حرب بين الآذريين والأرمن لأكثر من سبب: فهي من جهة تشارك في رئاسة ما يسمى «مجموعة مينسك» التي تضم إليه الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، والمخولة القيام بوساطة بين الأطراف المتنازعة، منذ سنوات، لإيجاد مخارج سياسية لهذه المعضلة التي برزت بعد تفكك الاتحاد السوفياتي. كما أن فرنسا، من جهة أخرى، تحتضن جالية أرمنية كبيرة وصلت إليها في بدايات القرن العشرين هرباً من المجازر التي تعرضت لها تحت الخلافة العثمانية في عشرينات القرن الماضي. وخصصت باريس يوماً لإحياء هذه الذكرى بعد أن صوّت البرلمان رسمياً على الاعتراف بحصولها. من هذه الزاوية يمكن فهم موقف باريس وتصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون التي أدلى بها أمس بمناسبة مؤتمر صحافي في مدينة ريغا، عاصمة لاتفيا. فقد عبر ماكرون، بداية، عن «قلق فرنسا العميق إزاء الرسائل الحربية التي صدرت عن تركيا في الساعات الأخيرة والتي تشجع أذربيجان على مواصلة القتال بهدف استعادة السيطرة على شمال قره باغ (ناغورنو - قره باغ)، وهذا أمر لا يمكن أن نقبله أبداً». ووصف ماكرون تصريحات المسؤولين الأتراك بأنها «متهورة وخطيرة».
بيد أن ماكرون الذي ليّن لهجته إزاء أنقرة في الأسابيع الماضية بشأن أنشطتها في شرق المتوسط وأجرى اتصالاً هاتفياً مطولاً مع إردوغان بعد قطيعة دامت أشهراً، حرص، على ما يبدو، على الإبقاء على «شعرة معاوية» في الملف الأرمني ــ الآذري. فمن جهة، رفض تأكيد أن النزاع تحول إلى «نزاع إقليمي» بمعنى أن تركيا أصبحت جزءاً لا يتجزأ منه. ومن جهة ثانية، أشار إلى ضرورة التثبت مما حصل «من أجل تحديد المسؤوليات»، ما يعني أنه يترك الباب مفتوحاً للتواصل مع الأطراف كافة. بيد أنه، بالمقابل، وفي رسالة مباشرة إلى الأرمن تحمل أكثر من معنى، قال ما حرفيته: «أقول للأرمن ولأرمينيا إن فرنسا سوف تلعب دورها».
منذ اندلاع النزاع الأخير، دعت باريس، إلى جانب إعرابها عن القلق العميق، إلى «الوقف الفوري للعمليات العدائية ولمعاودة الحوار» وفق ما جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية في 27 سبتمبر (أيلول). وفي السياق عينه، جددت التزامها بالعمل مع شريكيها الأميركي والروسي من أجل التوصل إلى اتفاق دائم عبر المفاوضات» فيما خص وضع قره باغ، يحترم منطوق القانون الدولي. من هنا، فإن ماكرون أعلن أنه سيقوم بجملة اتصالات، أهمها مع الرئيسين فلاديمير بوتين ودونالد ترمب، وأنه سيثير الملف في اجتماع القادة الأوروبيين اليوم في بروكسل. وتندرج جهود باريس في سياق الجهود الأوروبية والروسية والدولية الداعية كلها إلى تهدئة الوضع ووقف الأعمال الحربية، بينما تأخذ التصريحات التركية منحى مختلفاً تماماً، حيث إنها تدفع الطرف الآذري إلى رفض التهدئة والسعي لحسم النزاع عسكرياً ما يبين نهج تركيا الدافع باتجاه الانخراط في أكثر من نزاع في وقت واحد. ومعروف أن «جمهورية ناغورنو ــ قره باغ» الأرمينية التي انفصلت عن أذربيجان في تسعينات القرن الماضي، لا تحظى بأي اعتراف دولي بما في ذلك من قبل أرمينيا نفسها وهي شبيهة، إلى حد ما، بوضع «جمهورية شمال قبرص التركية» التي أنشأتها أنقرة بعد غزو الجزيرة في عام 1974.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.