«لقاء الغردقة» لا يستبعد بقاء حفتر «قائداً للجيش»

اتهامات بتحصين «الجفرة» ترفع التوتر مجدداً بين طرفي النزاع

المشير خليفة حفتر (أ.ب)
المشير خليفة حفتر (أ.ب)
TT

«لقاء الغردقة» لا يستبعد بقاء حفتر «قائداً للجيش»

المشير خليفة حفتر (أ.ب)
المشير خليفة حفتر (أ.ب)

تراوح المشهد السياسي والعسكري في ليبيا، مجدداً، بين التوتر العسكري والاتجاه لحل سياسي، بعدما اتهمت قوات حكومة «الوفاق»، برئاسة فائز السراج، «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، بإقامة تحصينات حول قاعدة الجفرة الجوية، رغم إعلان مصادر ليبية مطلعة أن الاجتماع العسكري الذي عقده مسؤولون من الجانبين، أول من أمس في منتجع الغردقة المصري، أبقى على فرص بقاء المشير حفتر قائداً للجيش في حال التوصل إلى اتفاق هدنة شاملة، والتشاور حول إنشاء مجلس عسكري موحد.
ونقلت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات «الوفاق»، عن المتحدث باسمها العقيد طيار محمد قنونو، أنها رصدت قيام وحدة ممن وصفتها بعصابات «فاغنر» الإجرامية، الداعمة لـ«الجيش الوطني»، بتحصين قاعدة الجفرة الجوية بأكثر من 31 موقعا، لافتا في بيان له أمس إلى إقامة بعض المواقع الدفاعية، والتحصينات الجديدة بدائرة قطرها 25 كيلومترا، وتحصين مواقع أخرى داخل القاعدة بجانب المدرج تم تنفيذها خلال الشهر الحالي.
وأضاف قنونو موضحا أن «تحصين القاعدة تم بعد تحركات سابقة، تزامنت مع تحشيدات عسكرية مريبة في اتجاه محيط سرت، والجنوب إلى قاعدة براك الجوية»، مؤكدا أن تعليمات قوات «الوفاق» ما زالت بالاستعداد التام، وانتظار تعليمات السراج للتعامل والرد على مصادر النيران في المكان والزمان المناسبين، على حد تعبيره.
ولم يعلق «الجيش الوطني» رسميا على هذه الاتهامات الجديدة، بينما قال مسؤولوه إن لقاء الغردقة الذي جمع مسؤولين عسكريين من «الجيش الوطني» وحكومة «الوفاق»، انتهى بإعداد قائمة توصيات تم رفعها إلى بعثة الأمم المتحدة، في إطار الاستعداد لاستئناف محادثات اللجنة العسكرية المشتركة الجارية (5 + 5).
وإلى جانب التفاهم على بقاء المشير حفتر قائدا عاما للجيش «الوطني»، وخضوعها بكافة وحداتها العسكرية لسيطرته، تقرر إنشاء مجلس أعلى للجيش، يتم توزيع مناصبه بحسب الأقاليم، كما تم أيضا من حيث المبدأ الاتفاق على تشكيل قوة للتدخل السريع من الجيش والشرطة، تكون مهمتها حماية مقر السلطة الجديدة في مدينة سرت الاستراتيجية، ومنشآت النفط في منطقة الهلال النفطي، الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني حاليا. وأشاد «الجيش الوطني» على لسان اللواء خالد المحجوب، مدير توجيهه المعنوي، باجتماعات الغردقة، التي قال إنها قائمة على مبادرة إعلان القاهرة، مشيرا إلى أنه تم خلال هذه الاجتماعات مناقشة ما وصفها بأفكار حقيقية لحل الميليشيات، ووجود الأسلحة في يد «الجيش الوطني» فقط، كما أوضح أن «المرتزقة التابعين لتركيا في صفوف قوات حكومة الوفاق بدأوا بمغادرة الأراضي الليبية بالفعل».
من جانبه، استبق خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، الموالي لحكومة «الوفاق»، مشاركته في حوار المغرب مع مجلس النواب، الذي تأجل أمس مجددا لأسباب لوجيستية، وفقا لما أعلنه ناطق باسم مجلس الدولة، بالكشف عن تفاهم جديد يتعلق بمصرف ليبيا المركزي، عبر اختيار رئيسه الجديد من الشرق وفق معايير، وليس بالتسمية من قبل البرلمان، بينما يكون لمجلس الدولة تسمية غالبية أعضاء مجلس إدارة المصرف، ونائب المحافظ وعددهم خمسة، بينما للبرلمان ثلاثة من أعضاء مجلس الإدارة.
وأوضح المشري في تصريحات لقناة (ليبيا فبراير) أن الاتفاق ينص على أن تكون حصة مجلس النواب من أعضاء مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي (عددهم 3)، وأن يتم عرضهم على مجلس الدولة أولاً للموافقة، مشيرا إلى ضمانات بعدم تفرّد المحافظ باتخاذ القرارات.
وطبقا لما أعلنته وسائل إعلام محلية، موالية لحكومة «الوفاق»، فإن المشري وعقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، سيشاركان في جولات الحوار بالمغرب، بينما اعتبر المستشار الإعلامي لصالح أن محادثات جنيف تتضمن خطة زمنية لإنهاء الأزمة الليبية، وتؤسس للانتخابات الرئاسية.
وكانت بعثة الأمم المتحدة أعلنت على لسان المتحدث باسمها أن المنظمة الدولية ستستضيف مع ألمانيا اجتماعاً وزارياً امتداداً لمؤتمر برلين في الخامس من الشهر القادم، وذلك في إطار الجهود المبذولة لضمان الوفاء بالالتزامات، التي جرى التعهد بها خلال مؤتمر برلين بشأن ليبيا في يناير (كانون الثاني) الماضي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».