أميركا: كيف يواجه المسلمون السود التمييز أكثر من غيرهم

مجموعة من المسلمين يصلون الجمعة قبل الانطلاق في مسيرة لحركة «حياة السود مهمة» في نيويورك (إ.ب.أ)
مجموعة من المسلمين يصلون الجمعة قبل الانطلاق في مسيرة لحركة «حياة السود مهمة» في نيويورك (إ.ب.أ)
TT

أميركا: كيف يواجه المسلمون السود التمييز أكثر من غيرهم

مجموعة من المسلمين يصلون الجمعة قبل الانطلاق في مسيرة لحركة «حياة السود مهمة» في نيويورك (إ.ب.أ)
مجموعة من المسلمين يصلون الجمعة قبل الانطلاق في مسيرة لحركة «حياة السود مهمة» في نيويورك (إ.ب.أ)

قبل أن يتحدث والد الأميركي من أصول أفريقية جاكوب بليك إلى وسائل الإعلام الشهر الماضي حول كيف أطلقت الشرطة النار على ابنه سبع مرات في مدينة كينوشا بولاية ويسكونسن الأميركية، استغرق دقيقة لتلاوة آيات من القرآن الكريم.
ويظهر في مقطع فيديو تداوله مستخدمون على «تويتر» والد جاكوب بليك وهو يتحدث للصحافة ويبدو عليه التأثر، وطلب من الحاضرين قبل البدء «عائلتنا متنوعة للغاية ولا نمثل شيئاً واحداً فقط؛ لذا إذا كان بإمكانكم جميعاً إعطائي ثانية من فضلكم... هذا لولدي جاكوب بليك» ورفع يديه ليقرأ سورة الفاتحة بصوت عالِ وسط صمت الحضور.
وأضاف وهو يذرف الدموع «أطلقوا عليه النار سبع مرات... وكأن حياة ابني لا تهم... ولكن ابني يهم... فهو إنسان».
تلاوة الأب القرآن حركت مشاعر إيسا لويس، وهو طالب دراسات عليا أسود مسلم في جامعة شيكاغو يعمل بدوام جزئي بجانب الدراسة، وأثارت إعجابه «بمدى عمق الإسلام في المجتمع الأسود» في أميركا. لكن اللحظة لخصت أيضاً العلاقة المعقدة التي تربط الجالية المسلمة السوداء بالمسلمين غير السود، وفق ما ذكرته مجلة «تايم» الأميركية.
ويقول لويس، إنه في حين أن الكثير من المسلمين غير السود من المحتمل أن يتقبلوا بسرور قرار بليك الأب بتلاوة القرآن، إلا أن الكثير منهم سيستمر في معاداة السود من خلال تصرفات مثل عدم رد التحية، إلى افتراض جهلهم (السود) بالإسلام، وحتى عدم اعتبار المسلمين السود جديرين بالزواج من أبنائهم غير السود.
وحسب المجلة الأميركية، فقد أجبرت حركة «حياة السود مهمة»، التي انطلقت بعد مقتل الأميركي الأسود جورج فلويد بيد الشرطة، المجتمع المسلم على مواجهة مناهضته للسود والتدقيق في علاقته المتوترة بالفعل مع تطبيق القانون.
يمثل المسلمون السود ما لا يقل عن خُمس المسلمين في الولايات المتحدة، وهم يواجهون التمييز من داخل مجتمعهم الديني، حيث يتم فصل بعض المساجد على أساس العرق. ويقول لويس، إن رفض الاندماج الكامل للمجتمعات الإسلامية في أميركا «أمر عميق».
وبينما يريد بعض المسلمين الحفاظ على علاقات جيدة والتعاون مع الشرطة في محاولة للاندماج دون التسبب في مشاكل، فقد يغضب البعض الآخر من برامج المراقبة السرية التي تستهدف المسلمين، بالإضافة إلى وحشية الشرطة الموجهة ضد الأميركيين السود.
ويتعامل المسلمون السود وغير السود منذ فترة طويلة مع المراقبة الحكومية والتنميط في أمور تتعلق بتطبيق القانون. ووجد استطلاع في عام 2017، أن ما يقرب من واحد من كل خمسة مسلمين أميركيين قد تم تسميتهم بأسماء مسيئة أو التعامل معهم بتمييز من قبل أفراد أمن المطارات. وأشار الاستطلاع إلى أن «المظهر الإسلامي الواضح»، مثل ارتداء الحجاب، هو أمر شائع بين المسلمين الذين عانوا من التمييز.
وأتاحت قوانين وسياسات فيدرالية تم سنّها في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) مراقبة حكومية واسعة، تقول جماعات حقوقية، إنها «ألقت بظلال من الشك» على المسلمين، ومهدت الطريق لاعتقالهم واستجوابهم.
وعلى الرغم من أن المسلمين من جميع الأعراق قد يواجهون تحديات مع تطبيق القانون، فإن كونك مسلماً أسود يجعل الحياة أكثر صعوبة. ويقول لويس إنه بصفتك مسلماً أسود، لا مفر من «الآثار اليومية لمجرد رؤيتك كشخص أسود».
ويضيف «لا أعتقد أن الناس يتجولون ويمكنهم التعرف عليّ كمسلم... أول ما يتبادر إلى الذهن هو أن هذا رجل أسود»، «لذلك؛ يتم تصنيفي باستمرار (لكوني أسود) ولكن بعد ذلك كمسلم» يتعين عليه التفكير في قضايا المراقبة الحكومية.
وبالنسبة للكثير من المسلمين السود، كانت التفاعلات مع سلطات إنفاذ القانون في السنوات الأخيرة قاتلة.
أطلق شرطي النار على المهاجر السوداني الأميركي ياسين محمد فأرداه قتيلاً في جورجيا في مايو (أيار) الماضي. وأطلقت الشرطة المحلية النار وقتلت شكري علي سعيد، وهي امرأة سوداء مسلمة في عام 2018 في جورجيا أيضاً. وقتلت شرطة سكرامنتو، ستيفون كلارك، وهو مسلم أسود آخر بينما كان في الفناء الخلفي لعائلته في عام 2018. وفي 2017، قامت شرطة فينيكس بضبط وقتل محمد مهيمن جونيور، وهو مسلم أسود.
وتقول نبيهة مقبول، وهي محامية مسلمة تركز على قضايا المراقبة والعدالة العرقية في الولايات المتحدة، إن التفاعل مع الشرطة سيؤدي في نهاية المطاف إلى إلحاق الضرر بالمسلمين السود أكثر؛ لأنهم «عند تقاطع هويتين يُنظر إليهما أنهما مجرمتان».


مقالات ذات صلة

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

آسيا مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مرة أخرى وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام».

«الشرق الأوسط» (باراشينار (باكستان))
رياضة عالمية رودريغو بنتانكور (إ.ب.أ)

إيقاف بنتانكور 7 مباريات بعد تعليق عنصري ضد سون

أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، اليوم الاثنين، إيقاف رودريغو بنتانكور، لاعب وسط توتنهام هوتسبير، 7 مباريات، بعد ملاحظة عنصرية من اللاعب القادم من أوروغواي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية احتجاجات في إسرائيل ضد تفشي الجريمة المنظمة في المجتمع العربي مارس 2021 (غيتي)

«قوانين الفجر الظلامية»... كيف يُشرعن الكنيست التمييز ضد العرب في إسرائيل؟

يواصل ائتلاف اليمين في الكنيست سن تشريعات ضد المواطنين العرب في إسرائيل بهدف ترهيبهم واضطهادهم... فما أبرز تطورات تلك الحملة المتواصلة لشرعنة التمييز ضدهم؟

نظير مجلي (تل أبيب)
رياضة عالمية فينيسيوس غاضب جداً بسبب خسارة الجائزة (أ.ف.ب)

بعد زلزال الجائزة الذهبية... مَن الذين يخافون من وجود ريال مدريد؟

بعد أقل من 24 ساعة على الضربة القاسية التي تلقاها ريال مدريد بخسارة الكلاسيكو 4 - 0 أمام برشلونة في البرنابيو، الأحد، حدث تحول آخر مزلزل في ريال مدريد.

The Athletic (باريس)
رياضة عالمية لامين يامال يحتفل بتسجيل الهدف الثالث لبرشلونة (أ.ف.ب)

كلاسيكو العالم: الريال يحقق في تعرض يامال لإساءات عنصرية

ذكرت تقارير إعلامية إسبانية أن لامين يامال، نجم فريق برشلونة الإسباني لكرة القدم، تعرض لإساءات عنصرية في مباراة الكلاسيكو التي فاز بها فريقه على ريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (برلين)

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.