ماذا نتوقع من اللقاح؟

لقاح يُجرّب على متطوع في مختبر بلندن الشهر الماضي (أ.ب)
لقاح يُجرّب على متطوع في مختبر بلندن الشهر الماضي (أ.ب)
TT

ماذا نتوقع من اللقاح؟

لقاح يُجرّب على متطوع في مختبر بلندن الشهر الماضي (أ.ب)
لقاح يُجرّب على متطوع في مختبر بلندن الشهر الماضي (أ.ب)

من أكثر المواضيع المهمة في الوقت الحاضر فيما يتعلق بـ«كوفيد - 19» الحاجة إلى لقاح لهذا الوباء الجديد والذي كان له تأثير كبير على صحة الإنسان وعلى الاقتصاد العالمي على حد سواء.
وبعد أكثر من تسعة أشهر على اكتشافه، لم تظهر علامات على اختفائه أو تراجعه بشكل طبيعي كما حدث مع فيروسات أخرى سبقته.
تتمتع اللقاحات بجاذبية كبيرة من حيث قدرتها على حماية البشر، ومن الناحية النظرية فإن إنهاء الوباء وطمأنة الناس إلى أن المخاطر الصحية قد تقلصت أو أزيلت يعتمد فعلياً على اللقاحات. ومع ذلك فإن الكثير من الناس غير مقتنعين باللقاحات، حيث إن إعطاء دواء وقائي قد يعني للعديد من البشر تعرض الأشخاص الأصحاء إلى مخاطر حتى لو كانت بسيطة. وحتى لو نجح اللقاح فإن الفوائد ليست واضحة على الفور لأولئك الذين تم تطعيمهم، لذلك تم التركيز على تطوير لقاحات جديدة في السنوات الأخيرة بالتركيز على السلامة والمزيد من الأمان، وهو ما يؤدي إلى زيادة التكلفة في الإنتاج ويستغرق وقتاً طويلاً أيضاً قد يصل إلى عدة سنوات.
وغالباً ما تظهر مشكلات السلامة في المراحل النهائية من تطوير اللقاح وقد تكون أحداث نادرة نسبياً وقد تفشل اللقاحات بعد إنفاق مبالغ كبيرة ووقت طويل وهو ما يحدث بالفعل مع «كوفيد - 19» بسبب فيروس كورونا المستجد.
- تقييم المخاطر
إن الطريقة الحقيقية الوحيدة لإثبات فعالية لقاح «كوفيد - 19» هي المقياس المباشر فيما إذا كان يحمي البشر من العدوى بالفيروس، وهو أمر ليس سهلاً تحقيقه. يقول جوردون دوغان أستاذ في معهد كامبريدج للمناعة العلاجية والأمراض المعدية بجامعة كامبريدج في المملكة المتحدة في مقاله المنشور في 11 سبتمبر (أيلول) 2020 في Nature Medicine، إنه غالباً ما توفر اللقاحات حماية جزئية فقط وتحمي البعض دون البعض الآخر، وهو ما يطلق عليه فعالية اللقاح. وقد يوفر اللقاح حماية بين 50 و100 في المائة، لكن حتى اللقاح المنخفض الفعالية قد يوفر أحياناً تحفيز مناعة القطيع عن طريق الحد من انتقال الفيروس في المجتمع.
- عودة تجارب أكسفورد
أُعلن السبت 12 سبتمبر (أيلول) عن استئناف التجارب على لقاح محتمل لفيروس كورونا تطوره جامعة أكسفورد البريطانية بالتعاون مع شركة أسترازينيكا بعد توقف مؤقت بسبب مرض أحد المتطوعين. وقالت شركة أسترازينيكا إن التجارب توقفت مؤقتاً للتحقيق فيما إذا كان الأثر الجانبي المبلغ عنه مرتبطاً باللقاح. لكن الجامعة اعتبرت أن الوضع آمن للاستمرار بالتجارب وأن الدراسات يمكن أن تستأنف الآن باتباع توصيات لجنة مراجعة السلامة المستقلة والهيئة التنظيمية في بريطانيا. وكان قد تم تعليق تجربة المرحلة الثالثة من اللقاح يوم الأربعاء بعد أن تبين أن إحدى المشاركات البريطانية كانت تعالج للاشتباه بالتهاب النخاع المستعرض، وهي حالة خطيرة تصيب الجهاز العصبي. ومع ذلك لا يزال التشخيص الدقيق غير واضح والفحوصات الطبية جارية.
- ما مميزات لقاح أكسفورد؟
يعتمد لقاح أكسفورد على ما يسمى بالناقل الفيروسي حيث إن الهدف من اللقاح إنتاج استجابة مناعية لفيروس كورونا. لكن بدلاً من استخدام الفيروس نفسه يستخدم العلماء الفيروس الغدي adenovirus المأخوذ من قردة الشمبانزي. ومن المفترض أن يكون هذا الفيروس فيروساً معدلاً تم تعديله وراثياً ليصبح غير ضار بالبشر. وقام العلماء أيضاً بتعديله للتعبير عن بعض الجينات (التعبير الجيني هي العملية التي يتم من خلالها تحويل التعليمات الموجودة في الحامض النووي إلى منتجات وظيفية مثل البروتين) من فيروس كورونا. وتعتمد الفكرة على أن هذا الفيروس يمكنه إدخال جينات الفيروس التاجي إلى الجسم وبدوره سوف يسمح للجسم بالتفاعل مع منتجات جينات الفيروس التاجي دون أن يصاب به.
- الطرق المختلفة للقاح
يطور العلماء أكثر من 100 لقاح لفيروس كورونا باستخدام مجموعة من التقنيات بعضها بدأ بداية موفقة وبعضها الآخر لم تتم الموافقة عليه للاستخدام الطبي من قبل. وتستهدف معظم اللقاحات بروتين الاشواك التي تغطي أو تحيط بالفيروس والتي تساعده على غزو الخلايا البشرية حيث يقوم جهاز المناعة بتطوير اجسام مضادة ترتبط ببروتينات الاشواك وتوقف نشاط الفيروس دون التسبب بالمرض. وهناك مجموعة اللقاحات التي تحوّر الفيروس التاجي بأكمله لإثارة استجابة مناعية، وهي على نوعين النوع الأول اللقاحات التي تستخدم فيروسات حيّة مضعفة ومعطلة غير قادرة على التسبب بالمرض واستجابة لها تقوم الخلايا المناعية بتصنيع الأجسام المضادة. ومن أمثلتها اللقاحات التقليدية للإنفلونزا وجدري الماء والحصبة والنكاف والحصبة الألمانية حيث تقع جميعها في هذه الفئة. وتقوم شركة سينوفاك Sinovac وغيرها بتطوير لقاح «كوفيد - 19» على نفس الأساس. أما النوع الثاني من اللقاحات والمعروفة باللقاحات الوراثية وهي لقاحات تستخدم جزءاً من الشفرة الجينية لفيروس كورونا للحامض النووي أما DNA أو RNA إذ يمكن إنتاج كليهما بأسرع من الطرق التقليدية. ولا توجد لقاحات معتمدة من RNA لكنها قيد التجارب السريرية لفيروس كورونا تقوم بها شركات موديرنا Moderna وفايزر Pfizer وبايونتك BioNTech وكيورفاك CureVac وغيرها. وما زال هناك مجموعة أخرى من اللقاحات التي تستخدم فيروسات غدانية لإيصال جينات الفيروس التاجي إلى الخلايا، كما ورد سابقاً، وتقوم شركة جونسن وجونسن Johnson & Johnson وشركة أسترا زينيكا Astra Zenika بتطوير هذه اللقاحات. وهناك مجموعة أخرى من اللقاحات وهي مجموعة لقاحات الجسيمات الشبيهة بالفيروسات وهي عبارة عن جزيئات تحتوي على أجزاء من البروتينات الفيروسية لا يمكن أن تسبب المرض لأنها ليست فيروسات فعلية لكن لا يزال بإمكانها إظهار شكل بروتينات فيروس كورونا للجهاز المناعي وتوليد استجابة مناعية وتقوم شركة ميديكاغو Medicago ومعهد دوهيرتي Doherty بتطوير تلك التقنية.
- ماذا بعد؟
تقول هانا ستاور Hannah Stower محرر مساعد أول في Genome Biology وعلى نطاق أوسع في علم الوراثة كمحرر مشارك في Nature Reviews Genetic في مقالها المنشور في Nature Medicine في 10 سبتمبر (أيلول) 2020: نحن الآن في منتصف الطريق لتطوير لقاحات جديدة في الوقت الفعلي وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيحدث كل هذا خلال الأشهر والسنوات المقبلة. ويمكننا أن نتوقع بعض المخاوف وبعض اللقاحات التي تخرج من السباق. وسنرى تدافعاً للتحصين بمجرد أن تبدأ الإمدادات في الظهور. حيث من المحتمل أن تشتري الدول الغنية الإمدادات التي تشتد الحاجة إليها وتترك البلدان الفقيرة خالية اليدين. وسيستغرق الأمر عدة سنوات لمعرفة ما إذا كان التطعيم فعالاً حقاً وآمناً تماماً. ومهما كانت النتيجة، نحن بحاجة إلى التعلم من هذا الوباء وأن نكون مستعدين للوباء التالي القادم.


مقالات ذات صلة

أكثر من 14 مليار دولار تكلفة الاحتيال المتعلق بـ«كوفيد - 19» في بريطانيا

أوروبا سجّلت بريطانيا أحد أعلى معدلات الوفيات المرتبطة بجائحة كورونا في أوروبا إذ حصد «كوفيد - 19» أرواح نحو 226 ألف شخص (رويترز)

أكثر من 14 مليار دولار تكلفة الاحتيال المتعلق بـ«كوفيد - 19» في بريطانيا

بلغت تكلفة الاحتيال المتعلق ببرامج الدعم الحكومي خلال جائحة كوفيد - 19 في بريطانيا 10.9 مليار جنيه إسترليني (14.42 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق امرأة ترتدي الكمامة خلال فترة انتشار الجائحة في كندا (رويترز)

كيف أثّر وباء «كوفيد» على مرحلة البلوغ لدى الفتيات؟

تسبب الإغلاق الذي فُرض بعد انتشار جائحة «كوفيد - 19» في توقف شبه تام للحياة، وشهد مئات الملايين من الأشخاص تغيُّرات جذرية في أنماط حياتهم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك طفلة تتلقى جرعة من لقاح «موديرنا» لفيروس «كورونا» بصيدلية سكيباك في شوينكسفيل - بنسلفانيا (رويترز)

تقرير أميركي: وفاة 10 أطفال بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا»

قال مارتي ماكاري، مفوض إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية، اليوم (السبت)، إن البيانات أظهرت وفاة 10 أطفال؛ بسبب جرعات التطعيم ضد فيروس «كورونا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل في المكسيك يتلقى جرعة من لقاح الحصبة (رويترز)

لقاحات شائعة تمنع الأمراض المزمنة وبعض أنواع السرطان... تعرّف عليها

لا تقتصر فوائد اللقاحات على حمايتك من أمراض معدية محددة أو تخفيف حدة الأعراض عند الإصابة بالمرض، بل يمكنها أيضاً الوقاية من الأمراض المزمنة الشائعة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ شخص يجهز جرعة من لقاح «كوفيد-19» (رويترز)

تقرير: «الغذاء والدواء» الأميركية تربط وفاة 10 أطفال بلقاحات «كوفيد»

كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس (الجمعة) أن إدارة الغذاء والدواء الأميركية ذكرت في مذكرة داخلية أن 10 أطفال على الأقل لقوا حتفهم على «بسبب» لقاحات «كوفيد-19».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

منصة «روبلوكس» الأميركية تتعهد بإجراء تغييرات لرفع الحظر الروسي المفروض عليها

صبي يقف لالتقاط صورة وهو يحمل جهاز تحكم ألعاب أمام شاشة تعرض شعار منصة ألعاب الأطفال الأميركية «روبلوكس» (رويترز)
صبي يقف لالتقاط صورة وهو يحمل جهاز تحكم ألعاب أمام شاشة تعرض شعار منصة ألعاب الأطفال الأميركية «روبلوكس» (رويترز)
TT

منصة «روبلوكس» الأميركية تتعهد بإجراء تغييرات لرفع الحظر الروسي المفروض عليها

صبي يقف لالتقاط صورة وهو يحمل جهاز تحكم ألعاب أمام شاشة تعرض شعار منصة ألعاب الأطفال الأميركية «روبلوكس» (رويترز)
صبي يقف لالتقاط صورة وهو يحمل جهاز تحكم ألعاب أمام شاشة تعرض شعار منصة ألعاب الأطفال الأميركية «روبلوكس» (رويترز)

قالت منصة «روبلوكس» الأميركية لألعاب الأطفال، الأربعاء، إنها مستعدة لإجراء تغييرات على بعض خصائصها في روسيا، في الوقت الذي تسعى فيه لإلغاء الحظر الذي فرضته عليها موسكو هذا الشهر.

وأعلنت هيئة مراقبة الاتصالات الروسية (روسكومنادزور) الحظر في الثالث من ديسمبر (كانون الأول) لأسباب تتعلق بسلامة الأطفال، مما أزعج بعض المستخدمين الروس، بل وأثار احتجاجاً نادراً بمدينة تومسك السيبيرية في مطلع الأسبوع.

ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء، الأربعاء، عن روسكومنادزور قولها إن المنصة الأميركية اتصلت بها وعبّرت عن استعدادها للامتثال للقانون الروسي.

وقالت الوكالة نقلاً عن الهيئة الرقابية: «إذا لم يكن هذا مجرد تصريح، وإنما رغبة حقيقية من المنصة في تغيير نهجها لضمان سلامة الأطفال على الإنترنت، فستتعامل معها روسكومنادزور مثلما تتعامل مع أي خدمة أخرى تمتثل للقانون الروسي».

وأكد المتحدث باسم «روبلوكس» لوكالة «رويترز» للأنباء في رسالة بالبريد الإلكتروني، أن المنصة تواصلت مع الهيئة الرقابية.

طالب هندسة تكنولوجية يقوم بتطوير ألعاب ذات طابع حربي لمنصة ألعاب «روبلوكس» في مونتيري بالمكسيك يوم 19 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

وقال المتحدث إن «روبلوكس» مستعدة «للحد مؤقتاً من خصائص التواصل في روسيا ومراجعة عمليات الإشراف على المحتوى لدينا لاستيفاء المتطلبات القانونية اللازمة لوصول جمهورنا من جديد إلى المنصة».

وأحجم المتحدث عن التعليق على موعد رفع الحظر.

وحظرت دول عدة، منها العراق وتركيا، المنصة بسبب مخاوف من استغلال الأطفال. وتقول المنصة إنها تحترم القوانين الوطنية وتلتزم بشدة بسلامة المستخدمين.

وسيكون أي اتفاق لاستعادة الوصول إلى «روبلوكس» تسوية نادرة لأحد الخلافات طويلة الأمد بين روسيا وشركات التكنولوجيا الأميركية.

وفرضت روسيا رقابة خلال سنوات الحرب مع أوكرانيا، وحجبت أو قيّدت الوصول إلى منصات تواصل اجتماعي، مثل «سناب شات» و«فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب» و«يوتيوب».

ويقول مسؤولون روس إن هذه الإجراءات ضرورية للدفاع عن البلاد في «حرب معلومات» معقدة تشنها قوى غربية، ولحمايتها مما يصفونه بالثقافة الغربية المنحلة التي تقوّض القيم الروسية التقليدية.


شرطة أستراليا توجه 59 اتهاماً للمشتبه به في هجوم سيدني

أناس يقفون قرب باقات من الزهور الأربعاء تكريماً لضحايا حادثة إطلاق النار في شاطئ بونداي في سيدني (أ.ف.ب)
أناس يقفون قرب باقات من الزهور الأربعاء تكريماً لضحايا حادثة إطلاق النار في شاطئ بونداي في سيدني (أ.ف.ب)
TT

شرطة أستراليا توجه 59 اتهاماً للمشتبه به في هجوم سيدني

أناس يقفون قرب باقات من الزهور الأربعاء تكريماً لضحايا حادثة إطلاق النار في شاطئ بونداي في سيدني (أ.ف.ب)
أناس يقفون قرب باقات من الزهور الأربعاء تكريماً لضحايا حادثة إطلاق النار في شاطئ بونداي في سيدني (أ.ف.ب)

وجّهت الشرطة الأسترالية، الأربعاء، 59 اتهاماً للمشتبه بتنفيذه هجوماً على شاطئ بونداي بمدينة سيدني، وذلك بعد أسوأ عملية إطلاق نار جماعية تشهدها أستراليا منذ عقود.

وقالت شرطة نيو ساوث ويلز إن الشرطة ستتهم في المحكمة نافيد أكرم، ذا الأصول الهندية، الذي يحمل الجنسية الأسترالية، «بالقيام بسلوك تسبب بالقتل وبإصابات خطيرة، وبتعريض حياة أشخاص للخطر من أجل الدفاع عن قضية دينية وإثارة الخوف في المجتمع».

وإلى جانب تهمتي الإرهاب وقتل 15 شخصاً، تشمل الاتهامات 40 تهمة بالإيذاء بنية القتل، فيما يتعلق بسقوط جرحى ووضع عبوة ناسفة قرب مبنى. وأفادت الشرطة، في بيان، بأن المؤشرات الأولية تدل على أن الهجوم هجوم إرهابي مستوحى من تنظيم «داعش»، المدرج على قائمة الإرهاب في أستراليا.

وأقامت أستراليا أول جنازة لضحايا الحادث، وتجمعت حشود كبيرة لتأبين الحاخام إيلي شلانغر، الذي كان بين القتلى حين أطلق ساجد أكرم، الهندي المقيم في أستراليا، وابنه نافيد، النار على جمع من المحتفلين بعيد «حانوكا» اليهودي على الشاطئ الشهير، مساء الأحد.

من جهته، قال رئيس الوزراء أنتوني ألبانيز، الأربعاء: «قلبي مع المجتمع اليوم وكل يوم». وأضاف، في تصريح لمحطة إذاعية محلية: «لكن اليوم سيكون بالغ الصعوبة مع بدء أولى الجنازات».

وكان قد قال، الثلاثاء، إن المسلحَين كانا مدفوعين بـ«آيديولوجية الكراهية»، مضيفاً أن نافيد أكرم (24 عاماً) لفت انتباه وكالة الاستخبارات الأسترالية عام 2019 «بسبب صلته بآخرين»؛ لكن لم يُعتبر تهديداً وشيكاً وقتها. وأضاف: «لقد حققوا معه، وحققوا مع أفراد أسرته، وحققوا مع محيطين به... ولكنه لم يُعتبر في ذلك الوقت شخصاً مثيراً للاهتمام».

وأطلق ساجد (50 عاماً) وابنه النار على الحشد المتجمع عند الشاطئ لمدة 10 دقائق، قبل أن تفتح الشرطة النار على ساجد وتقتله، في حين أصيب نافيد بالرصاص، ونُقل إلى المستشفى في حالة حرجة.

واتفق قادة أستراليا، الاثنين، على تشديد القوانين التي سمحت للأب بحيازة 6 أسلحة نارية.

ولم تشهد أستراليا حوادث إطلاق نار مماثلة منذ قتل مسلح 35 شخصاً في مدينة بورت آرثر السياحية عام 1996. وأدّت تلك الحادثة إلى حملة، تضمنت برنامجاً لإعادة شراء الأسلحة، وفرض قيود على الأسلحة نصف الآلية. لكن في السنوات الأخيرة، سجّلت أستراليا ارتفاعاً مطرداً في عدد الأسلحة النارية التي يملكها أفراد.

زيارة للفلبين

وتجري الشرطة تحقيقات لمعرفة ما إذا كان الأب وابنه قد التقيا متطرفين خلال زيارة قاما بها للفلبين، قبل أسابيع من الهجوم. وأكّدت إدارة الهجرة في مانيلا لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنهما أمضيا معظم شهر نوفمبر (تشرين الثاني) في البلاد، وكانت دافاو وجهتهما النهائية.

ولهذه المنطقة، الواقعة في جزيرة مينداناو الجنوبية، تاريخ طويل من حركات التمرد والتطرف.

عناصر من الشرطة متجمعون الثلاثاء قرب شاطئ بونداي في سيدني الذي شهد واقعة إطلاق نار خلال احتفال اليهود بعيد حانوكا (رويترز)

لكن الفلبين نفت، الأربعاء، استخدام أراضيها لتدريب «إرهابيين». وقالت الناطقة باسم الرئاسة، كلير كاسترو، لدى تلاوتها بياناً صدر عن مجلس الأمن القومي: «لم يُقدَّم أي دليل لدعم المزاعم بأن البلاد استُخدمت لتدريب إرهابيين».

وأضافت: «لا يوجد أي تقرير معتمد أو تأكيد بأن أفراداً تورطوا في حادثة شاطئ بونداي تلقوا أي شكل من أشكال التدريب في الفلبين».

وكان مكتب الهجرة في الفلبين قد ذكر، الثلاثاء، أن المسلحَين المتهمَين بتنفيذ إطلاق النار الجماعي بشاطئ بونداي سافرا إلى الفلبين في أول نوفمبر على متن الرحلة «بي آر 212» التابعة لـ«الخطوط الجوية الفلبينية»، من سيدني إلى مانيلا، ومنها إلى مدينة دافاو.

وغادر الرجل وابنه الفلبين في 28 نوفمبر على الرحلة نفسها من دافاو عبر مانيلا إلى سيدني. ولم تتضح بعد الأنشطة التي قام بها الرجلان في الفلبين، أو ما إذا كانا قد سافرا إلى مكان آخر بعد الهبوط في دافاو.

وفي عام 2017، سيطر مسلحون متأثرون بفكر «داعش» على أجزاء من مدينة ماراوي في جنوب الفلبين، وتمكنوا من الاحتفاظ بها 5 أشهر، رغم عمليات برية وجوية ظل الجيش يشنّها.

وأدّى حصار ماراوي، الذي شكَّل أكبر معركة تشهدها البلاد منذ الحرب العالمية الثانية، إلى نزوح نحو 350 ألف شخص ومقتل أكثر من 1100، معظمهم من المسلحين.

«قوى الشر الإرهابية»

من جانبه، دعا الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، إلى حرب دولية ضد «الإرهاب المتطرف»، وقال في حفل استقبال في البيت الأبيض بمناسبة عيد حانوكا: «يجب على كل الدول أن تتّحد ضد قوى الشر الإرهابية الراديكالية، ونحن نفعل ذلك».

واتفق الرئيس الأميركي مع توصيف السلطات الأسترالية للهجوم بأنه «هجوم إرهابي»، كما اتفق مع الوصف الإسرائيلي لما حدث بأنه «مظهر من مظاهر تصاعد معاداة السامية»، وقال: «هذا هجوم إرهابي شنيع معادٍ للسامية»، مشدداً على تكاتف جميع الدول «ضد قوى الشر الإسلامي الراديكالي».

وربط ترمب هجوم الشاطئ الأسترالي بهجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، التي شنّتها حركة «حماس» على بلدات إسرائيلية في غلاف غزة، قائلاً: «رأيت أشرطة تمنيت لو لم أرها»، ومحذراً من تكرار الهجمات الإرهابية.

وقال: «يجب أن تكونوا حذرين جداً، فأمور سيئة يمكن أن تحدث؛ رأيتم ما حدث في أستراليا وما حدث في السابع من أكتوبر».

السوري الذي أنقذ العشرات

أما السوري أحمد الأحمد (44 عاماً)، الذي أصيب بطلقات عدة خلال انتزاعه سلاح أحد المهاجمين، تفادياً لإصابة ومقتل آخرين، فقد توالت التعهدات بمساعدته مادياً.

لقطة من فيديو على حساب رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز على «إكس» تُظهره وهو يلتقي السوري أحمد الأحمد الذي انتزع سلاح أحد المهاجمين خلال هجوم شاطئ بونداي في مستشفى بسيدني (أ.ف.ب)

وجذبت صفحة لجمع الأموال أنشأها أستراليون لم يلتقوا الأحمد قط تبرعات من نحو 40 ألف شخص، حيث تبرعوا بـ2.3 مليون دولار أسترالي (1.5 مليون دولار أميركي)، بحلول مساء الثلاثاء. ومِن بين الداعمين الملياردير مدير صندوق التحوط وليام أكمان، الذي تعهّد بتقديم 99 ألف دولار أسترالي.

وقالت مديرة الإعلام في جمعية «الأستراليون من أجل سوريا»، التي زارت الأحمد في المستشفى في ساعة متأخرة من يوم الاثنين، إنه خضع لجراحة، ومن المقرر إجراء مزيد من العمليات الجراحية.

من جهة أخرى، أُعلن إلغاء احتفالات ليلة رأس السنة التي كانت مقررة على شاطئ بونداي إثر الهجوم الدامي.

وقال منظمو الاحتفالات، في بيان، الأربعاء، إن القرار اتُخذ بالتشاور مع المجلس المحلي.


الصين تعرب عن دعمها لفنزويلا... وتعارض أساليب «الترهيب»

وزير الخارجية الصيني وانغ يي (رويترز - أرشيفية)
وزير الخارجية الصيني وانغ يي (رويترز - أرشيفية)
TT

الصين تعرب عن دعمها لفنزويلا... وتعارض أساليب «الترهيب»

وزير الخارجية الصيني وانغ يي (رويترز - أرشيفية)
وزير الخارجية الصيني وانغ يي (رويترز - أرشيفية)

قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، لنظيره الفنزويلي، الأربعاء، إن الصين تعارض أسلوب «الترهيب بشكل أحادي» وتدعم الدول في حماية سيادتها، في الوقت الذي يكثف فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب الضغط على الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية.

وقال وانغ، في مكالمة هاتفية مع وزير الخارجية الفنزويلي إيفان جيل، إن الصين وفنزويلا شريكان استراتيجيان، وإن الثقة والدعم المتبادلين تقليد في العلاقات الثنائية، حسبما ورد في بيان صادر عن وزارة الخارجية الصينية.

وأضاف: «تعتقد الصين أن المجتمع الدولي يتفهم ويدعم موقف فنزويلا في الدفاع عن حقوقها ومصالحها المشروعة»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز» للأنباء.