اتفاق بين القاهرة وطرابلس على استئناف الطيران

وفد من الغرب الليبي يأمل بحوار «عبر البوابة المصرية»

TT

اتفاق بين القاهرة وطرابلس على استئناف الطيران

اختتمت في القاهرة، أمس، اجتماعات «اللجنة المكلفة بمتابعة الملف الليبي» في الحكومة المصرية، مع وفد من الغرب الليبي ضم أعضاء من مجلس النواب و«المجلس الأعلى للدولة».
وبحسب بيان صدر في ختام الاجتماع: «اتفق الجانبان على ضرورة الإعلان عن خريطة طريق تحدد تواريخ كل مرحلة لإنهاء المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها تحديد موعد إجراء انتخابات في مدة لا تتجاوز شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2021». وفيما يخص العلاقة بين القاهرة وطرابلس، أكد البيان أن «الطرفين اتفقا على استمرار المشاورات وتوسعة قاعدة المشاركة فيها للتنسيق في إنهاء الأزمة في ليبيا، وكذلك تبادل الزيارات بين المسؤولين في حكومتي البلدين، والعمل على معالجة العقبات التي تحول دون تنقل مواطني الدولتين في البلدين الشقيقين، بما فيها النقل الجوي، وكذلك انسياب الحركة الطبيعية للتجارة بينهما، بما يحقق مصلحة البلدين».
وقال عضو «المجلس الأعلى للدولة» سعد بن شرادة لـ«الشرق الأوسط» إن «التفاهمات تصب لصالح الشعبين المصري والليبي، وفي مقدمتها الاتفاق على فتح خطوط الطيران المباشر بين طرابلس والقاهرة».
وكشف رئيس لجنة الاقتصاد والتجارة والاستثمار في مجلس النواب بطرابلس النائب محمد الرعيض الذي يزور القاهرة، ضمن مجموعة من النواب والعسكريين، أن الهدف الرئيسي من هذه اللقاءات هو التوصل إلى حوار ليبي - ليبي «عبر بوابة القاهرة». وقال الرعيض لـ«الشرق الأوسط» إن مصر «دولة ذات دور محوري لا يمكن تجاهله بالملف الليبي، وتستطيع بما تملك من علاقات مع الأخوة في المنطقة الشرقية تحقيق هدفنا، خصوصاً أنه لا توجد بيننا وبين الأخوة هناك أي خلافات... مشكلتنا فقط مع (القائد العام للجيش الوطني) خليفة حفتر الذي شن حرباً على العاصمة».
وكان وفد من الغرب الليبي وصل إلى القاهرة، الأربعاء الماضي، يضم 3 أعضاء من مجلس النواب في طرابلس، هم الرعيض ورئيس لجنة الصحة والبيئة أيمن سيف النصر والنائب عن ترهونة أبو بكر سعيد، إلى جانب أعضاء من المجلس الأعلى للدولة، وهم سعد بن شرادة وبلقاسم قزيط وعبد الله جوان، إضافة إلى حسن شابا وتهامي الجطلاوي وفهيم بن رمضان من القيادات العسكرية في عملية «بركان الغضب» التابعة لقوات حكومة «الوفاق».
ورداً على تساؤل عما إذا كان التوصل إلى اتفاق ليبي - ليبي عبر القاهرة يعني مراجعة الاتفاقيات كافة التي عقدتها حكومة «الوفاق» مع تركيا، والبدء في إنهاء وجود قواتها على الأراضي الليبية، طالب الرعيض بـ«ضرورة عدم التركيز في الربط بين حدوث الاتفاق وخروج تركيا من ليبيا... كلما كانت المشكلات أكبر بين الليبيين بعضهم مع بعض زاد وجود الأتراك، وإذا انتهت تلك المشكلات أو حُجّمت سيقتصر وجودهم على مصالحهم الاقتصادية فقط».
وتابع: «نحن لدينا مذكرة تفاهم أمنية موقعة مع تركيا فوق الطاولة، وبعلم الجميع، اضطررنا لتوقيعها بسبب تزايد استعانة حفتر بقوات (فاغنر) الروسية، فضلاً عما كان يقدم له من دعم كبير، لذا اضطررنا إلى الذهاب باتجاه الأتراك، نحن لم نأتِ بهم حباً في قواتهم».
ورأى الرعيض أن المذكرة والاتفاقيات الموقعة مع أنقرة محددة بشروط وزمن، وقال: «أكيد لن يكون للأتراك وجود عسكري كبير في ليبيا، فهم لا يهدفون إلى احتلال بلادنا عسكرياً. وهم لديهم حاملة طائرات موجودة في البحر المتوسط». وأضاف: «لا نريد قوات روسية أو تركية أو غيرها على أراضينا، ولا نريد أيضاً جيشاً... ماذا سنفعل به؟ ومن سنحارب؟ لا توجد لدينا خلافات أو مشكلات مع دول الجوار أو غيرها. فقط نريد سلطة قوية وقوات لتأمين الحدود لمحاربة التهريب والهجرة غير المشروعة».
ورداً على سؤال عن كيفية الجمع بين تحالفهم مع أنقرة وتواصلهم مع القاهرة، قال الرعيض: «نحن نطالب القيادتين المصرية والتركية بتذويب الخلافات وتحسين العلاقات، فاتفاقهما في الملف الليبي سينعكس إيجابياً لصالح ليبيا. وفي هذه الحالة، فإن الدول الثلاث يمكن أن تجعل من البحر المتوسط معبراً للتعاون والتكامل الاقتصادي، بدلاً من استمرار الخلاف الدولي، ووضع مصر بمواجهة تركيا، والعكس».
وبخصوص ما تردد عن أن زيارتهم إلى القاهرة جاءت تحت ضغوط أميركية وشعبية تعرضت لها حكومة «الوفاق»، إضافة إلى اجتماعات المغرب التي جاءت كسعي منفرد من قبل «مجلس الدولة»، ممثلاً في رئيسه خالد المشري، بالتنسيق والحوار مع رئيس مجلس النواب في طبرق عقيلة صالح، قال: «نحن دائماً مع الحل السلمي، وزيارتنا إلى القاهرة تأخرت بسبب تفشي وباء كورونا، وبالتالي ليس هناك ضغوط، لا أميركية ولا غيرها». وأضاف أن «المظاهرات لها مطالب شعبية مقدرة، ولكن بعضهم تجاوز في التعبير عن آرائه، وتم ردعه، والجميع غير راضٍ عن سلوك المشري الذي حاول باختصار أن يتقاسم السلطة مع صالح».
وأكد أن هدف الحوار الليبي - الليبي الذي يسعى إليه الوفد في القاهرة هو التوصل والتعاون مع النواب من المنطقة الشرقية، على غرار ما اعتمدته الأمم المتحدة في تشكيل لجان الحوار السابقة ممن اختيروا بمعزل عن ترشيحات صالح. وقال: «سنحاول جمع البرلمان، وتعديل الاتفاق السياسي عن طريقه، بالتنسيق مع المجلس الأعلى للدولة والبعثة الأممية... نحن لا نتمسك بحكومة الوفاق الراهنة، ولكننا نرى أن تغييرها يجب أن يكون بالشكل الصحيح».
وشدد على أن «التشكيلات العسكرية في الغرب الليبي تلتزم بما يصدر من قرارات رسمية من جانب مجلس النواب وحكومة الوفاق، أما السراج ذاته فيريد فقط الاستمرار إلى أن يحصل غيره على رخصة شرعية بتسلم المسؤولية، فيسلمها له بكل سرور».
واختتم تصريحاته بأن اللقاء الذي جمع وفد طرابلس مع اللجنة المصرية المعنية بالملف الليبي في القاهرة «شهد أجواء إيجابية وتقارباً ملموساً في وجهات النظر».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.