الأمم المتحدة تتبنى قراراً يطالب بـ«استجابة شاملة» للتعامل مع «كوفيد ـ 19»

أميركا وإسرائيل اعترضتا بسبب تعديل من كوبا ودور «الصحة العالمية»

جانب من جلسة الجمعية العامة حول جهود مواجهة «كوفيد-19» (الأمم المتحدة)
جانب من جلسة الجمعية العامة حول جهود مواجهة «كوفيد-19» (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تتبنى قراراً يطالب بـ«استجابة شاملة» للتعامل مع «كوفيد ـ 19»

جانب من جلسة الجمعية العامة حول جهود مواجهة «كوفيد-19» (الأمم المتحدة)
جانب من جلسة الجمعية العامة حول جهود مواجهة «كوفيد-19» (الأمم المتحدة)

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بغالبية ساحقة على قرار يدعو إلى «استجابة شاملة» للتعامل مع جائحة «كوفيد - 19»، ويمنح دوراً رئيسياً لمنظمة الصحة العالمية في مواجهة هذا الفيروس القاتل. بيد أن الولايات المتحدة وإسرائيل انفردتا بالاعتراض عليه احتجاجاً على تعديل طلبته كوبا في اللحظة الأخيرة لحض الدول الأعضاء على معارضة أي عقوبات اقتصادية أو مالية أو تجارية أحادية.وفي جلسة شاركت فيها 173 من الدول الـ193 الأعضاء في الجمعية العامة، حصل القرار على أكثرية 169 صوتاً مقابل اعتراض صوتي الولايات المتحدة وإسرائيل، مع امتناع أوكرانيا والمجر عن التصويت.
ومثل القرار عرضاً قوياً لوحدة أوسع الهيئات تمثيلاً في الأمم المتحدة، رغم أن العديد من الدول كانت تأمل في اعتماده بالإجماع. والقرار غير ملزم قانوناً، ولكنه الثالث من نوعه وهو الأكثر شمولاً الذي تصدره الجمعية العامة، التي تبنت قراراً في 2 أبريل (نيسان) الماضي يعترف بـ«الآثار غير المسبوقة» للوباء، ويدعو إلى «تكثيف التعاون الدولي لاحتواء الفيروس وتخفيف أثره والقضاء عليه». وكذلك حض قرار رعته المكسيك وجرت الموافقة عليه في 20 أبريل (نيسان) على اتخاذ إجراءات عالمية لتسريع التنمية والتصنيع والحصول على الأدوية واللقاحات والمعدات الطبية لمواجهة الوباء.
ونص القرار الذي يتألف من نحو 60 مادة والذي جرت الموافقة عليه مساء الجمعة على أن الجائحة تشكل «أحد أكبر التحديات العالمية في تاريخ الأمم المتحدة»، داعياً إلى «تكثيف التعاون والتضامن الدوليين لاحتواء الوباء والتخفيف منه والتغلب على عواقبه». وحض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على «تمكين كل البلدان من الوصول في الوقت المناسب ومن دون عوائق إلى تشخيص وعلاجات وأدوية ولقاحات عالية الجودة وآمنة وفعالة ومعقولة التكلفة (...) بالإضافة إلى المعدات اللازمة للاستجابة لـ«كوفيد - 19»، مقراً بـ«بدور المناعة المكثف ضد كوفيد - 19 باعتبارها منفعة عامة عالمية للصحة في منع واحتواء ووقف انتقال العدوى من أجل إنهاء الوباء، بمجرد الحصول على لقاحات آمنة وعالية الجودة وفعالة وسهلة المنال»، على أن «تتوافر بأسعار معقولة».
وأبلغت المندوبة الأفغانية الدائمة لدى الأمم المتحدة عديلة راز، التي نسقت صياغة القرار مع نظيرها الكرواتي إيفان سيمونوفيتش، الجمعية العامة أن القرار ليس فقط استجابة للمرض بل هو «تكريم للضحايا»، مشيرة إلى أن أكثر من 900 ألف شخص قضوا وأكثر من 25 مليونا أصيبوا حتى الآن. وقالت: «يشهد العالم أسوأ ركود اقتصادي منذ الحرب العالمية الثانية، وعدم المساواة والفقر يتزايدان، ويعاني المزيد من الجوع». وأضافت: «نواجه بالفعل أكبر كارثة عالمية منذ تأسيس هذه المنظمة المهمة، الأمم المتحدة»، معتبرة أن تبني القرار يظهر أن دول العالم مستعدة للاستجابة، رغم عدم التوصل إلى إجماع في الآراء، وملتزمة أهداف الأمم المتحدة لعام 2030. بما في ذلك إنهاء الفقر المدقع والحفاظ على البيئة وتحقيق المساواة بين الجنسين «لإعادة البناء بشكل أفضل بعد الوباء».
بدوره، قال سيمونوفيتش إن الغالبية العظمى من الدول «اختارت طريق التضامن والتعددية»، واصفاً القرار بأنه «أداة قوية لتعبئة الإرادة السياسية والموارد المالية». وأكد أن هناك حاجة ماسة للدعم السياسي والمالي «للحد من كوفيد - 19. وتعزيز أنظمتنا الصحية المجهدة وإنقاذ الوظائف وسبل العيش».
ودعا القرار كل البلدان وأصحاب المصلحة الآخرين ذوي الصلة إلى المضي بتصميم وإصرار في اتخاذ إجراءات جريئة ومنسقة لمعالجة الآثار الاجتماعية والاقتصادية الفورية لوباء «كوفيد - 19»، مع السعي للعودة إلى المسار الصحيح لتحقيق أهداف عام 2030. وحض الحكومات والمؤسسات المالية الدولية على «توفير المزيد من السيولة في النظام المالي، وخاصة في كل البلدان النامية». وهو يدعم خطط التعافي التي «تقود التغيير التحويلي نحو مجتمعات أكثر شمولاً وعدلاً، بما في ذلك عن طريق تمكين وإشراك جميع النساء والفتيات». وطالب الدول بـ«اعتماد نهج يستجيب للمناخ والبيئة ولجهود التعافي من فيروس كورونا»، بما في ذلك من خلال مواءمة الاستثمارات والسياسات المحلية مع أهداف الأمم المتحدة واتفاقية باريس لعام 2015 لمكافحة تغير المناخ.
ونجحت كوبا في تغيير فقرة في القرار دعت في الأصل إلى «الإزالة العاجلة للعقبات غير المبررة من أجل ضمان الوصول الشامل وفي الوقت المناسب والمنصف إلى كل التكنولوجيات الصحية الأساسية الجيدة والآمنة والفعالة والميسورة التكلفة والتوزيع العادل لها، بما في ذلك مكوناتها وسلائفها المطلوبة للاستجابة لوباء كوفيد 19». وبغالبية 132صوتاً مقابل 3 أصوات، عدلت المادة لحض كل الدول على «الامتناع عن إصدار وتطبيق أي إجراءات اقتصادية أو مالية أو تجارية أحادية لا تتفق مع القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وتعيق الإنجاز الكامل للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولا سيما في البلدان النامية».
وفشلت الولايات المتحدة بأكثرية ساحقة في محاولاتها لإزالة فقرتين من القرار، تشير إحداهما إلى حقوق المرأة في «الصحة الجنسية والإنجابية»، والأخرى إلى «تعزيز الصحة العالمية». ويعترف النص بـ«الدور الحاسم لمنظمة الصحة العالمية والدور الأساسي لمنظومة الأمم المتحدة في تعبئة وتنسيق الرد العالمي الشامل ضد الوباء».
وانسحبت الولايات المتحدة في الربيع من منظمة الصحة العالمية متهمة إياها بسوء إدارة أزمة فيروس كورونا المستجد وبالتأخر في إطلاق تحذير عالمي.
وأوضح ممثل الولايات المتحدة أمام الجمعية العامة أن بلاده لا تستطيع دعم قرار يبرز دور منظمة الصحة العالمية، ولا يأتي على ذكر المدافعين عن حقوق الإنسان.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.