روسيا تعرض الوساطة شرق المتوسط

«الناتو» يؤجل اجتماعاً فنياً تركياً ـ يونانياً

الرئيس القبرصي خلال اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي في نيقوسيا أمس (أ.ف.ب)
الرئيس القبرصي خلال اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي في نيقوسيا أمس (أ.ف.ب)
TT

روسيا تعرض الوساطة شرق المتوسط

الرئيس القبرصي خلال اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي في نيقوسيا أمس (أ.ف.ب)
الرئيس القبرصي خلال اجتماعه مع وزير الخارجية الروسي في نيقوسيا أمس (أ.ف.ب)

تأجل اجتماع بين وفدين عسكريين تركي ويوناني في مقر حلف شمال الأطلسي «ناتو» في بروكسل، إلى الغد، لبحث إنهاء التوتر في شرق المتوسط، بينما عرضت روسيا الوساطة من أجل الحوار إذا رغبت الأطراف المعنية.
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده تتابع عن كثب الوضع في شرق البحر المتوسط، ومستعدة لتقديم المساعدة في المحادثات من أجل تطوير حوار حقيقي يهدف إلى حلول مقبولة للطرفين. وزار لافروف قبرص، أمس، والتقى كلاً من رئيس قبرص نيكوس أناستاسياديس ووزير خارجيتها نيكوس خريستودوليديس، واستعرض معهما الوضع في شرق البحر المتوسط وعمليات تركيا للتنقيب عن النفط والغاز التي تعتبرها كل من قبرص واليونان والاتحاد الأوروبي استفزازية وغير قانونية.
وأكد لافروف أن روسيا ستقدم دعمها لإجراء حوار في شرق المتوسط، إذا طلبت الأطراف المعنية ذلك. وعبر في الوقت ذاته عن مخاوف بلاده من «تصرفات الولايات المتحدة في شرق البحر المتوسط» التي قال إنها «تساهم في تأجيج الصراع بدلاً من إيجاد حلول سلمية». وقال خلال اجتماع مع الرئيس القبرصي: «بالنسبة لعلاقاتكم مع تركيا، نحن مستعدون لتشجيع الحوار المستند إلى المصالح المشتركة والسعي لقرارات عادلة وتستند إلى القانون الدولي». وأضاف أن روسيا «تعتبر أي خطوات يمكن أن تؤدي إلى تصاعد التوتر (في شرق المتوسط) غير مقبولة».
وقالت مصادر وزارة الدفاع التركية، أمس، إن رئاسة اللجنة العسكرية لحلف شمال الأطلسي قررت تأجيل الاجتماع المخطط بين الوفدين العسكريين التركي واليوناني في بروكسل إلى الخميس. وتقرر عقد الاجتماع عقب اتصال هاتفي، الأسبوع الماضي، بين الرئيس التركي رجب طيب إردوغان والأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ، قالت أنقرة إن أثينا رفضت المشاركة فيه.
في السياق ذاته، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إنه «إذا كانت اليونان لديها الجرأة الكافية لمواجهة تركيا وتثق في أوراقها، فلتجلس على طاولة المفاوضات وتثبت حقها»، مضيفاً أن «تركيا أقوى من اليونان في الميدان». وأضاف في مؤتمر صحافي مع وزير خارجية الكونغو برازافيل جان كلود جاكوسو عقب مباحثاتهما في أنقرة، أمس، أن اليونان رفضت كل المبادرات التي أعلنها الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو أخيراً.
وادعى أن أثينا «لا تستطيع أن تكشف ذلك بشكل علني، لكنها في الوقت نفسه تلقي بالتهمة في وجه تركيا مباشرة». وتابع أن بلاده «رحبت بجميع مبادرات الحلف لعودة الحوار مع اليونان... نحن مستعدون لذلك تماماً، ووافقنا على المبادرة المطروحة من قبل الناتو، ولكن اليونان رفضت ذلك». واعتبر أن «جميع المناورات التي نجريها في شرق المتوسط، مطابقة لمعايير وقرارات حلف الناتو»، رافضاً اتهامات نظيره اليوناني نيكوس ديندياس لتركيا باستخدام الذخيرة الحية في مناوراتها.
وكانت اليونان اشترطت توقف تركيا عن تهديداتها إذا ما أرادت البدء بمحادثات لخفض التوتر بين البلدين. ورد رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميكوتاكيس على دعوة الحوار التي أطلقها حلف الناتو، قائلاً: «يجب على تركيا التخلي عن سياسات التهديد قبل بدء أي حوار». ووصف وزير الخارجية اليوناني التحركات التركية في منطقة شرق البحر المتوسط بـ«العدوان التركي» على بلاده، وقال إن النظام الحاكم في أنقرة «يقترب من نقاط العبث».
وأكد ديندياس في تغريدة نشرها عبر «تويتر»، أمس، أعقبت اجتماعه برئيسة بلاده كاترينا ساكيلاروبولو، أن «اليونان بلد يتعامل بجدية ومنطقية ويحترم القانون الدولي في كل مكان، بهدف الحفاظ على السلام والاستقرار... إنه لأمر مؤسف أن يكون لدينا جار لا يرى الواقع بالطريقة نفسها... نواجه عدواناً تركياً متصاعداً في الشرق، يجب أن أقول إنه يقترب الآن من نقاط العبث».
وتابع في سلسلة لاحقة من التغريدات أن «اليونان مرت بفترة صعبة، ولكنها حققت نجاحات كبيرة أخيراً»، معتبراً أن «توقيع اتفاقيات لترسيم الحدود البحرية مع كل من إيطاليا ومصر يعكس دور اليونان كعامل استقرار في المنطقة». وأشار إلى أن حكومته تسعى لإضافة الاتفاقيتين إلى اتفاقية الدفاع مع الولايات المتحدة، وأنه «لا توجد أي دولة في العالم أبرمت ثلاث اتفاقيات في عام واحد».



الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».