تقرير: «حزب الله» يواجه تحدياً كبيراً لحماية نفوذه بعد انفجار المرفأ

عنصر من ميليشيا «حزب الله» (أرشيفية - رويترز)
عنصر من ميليشيا «حزب الله» (أرشيفية - رويترز)
TT

تقرير: «حزب الله» يواجه تحدياً كبيراً لحماية نفوذه بعد انفجار المرفأ

عنصر من ميليشيا «حزب الله» (أرشيفية - رويترز)
عنصر من ميليشيا «حزب الله» (أرشيفية - رويترز)

أدى انفجار 2750 طناً من نتيرات الأمونيوم في مرفأ بيروت في وقت سابق من هذا الشهر إلى تعريض «حزب الله» للغضب العام، حيث توقع بعض المراقبين اللبنانيين أن تسلك الجماعة طريقاً وعرا وكئيبا الفترة القادمة.
ودفع الحادث الحكومة المدعومة من «حزب الله» إلى الاستقالة وسط مظاهرات حاشدة تطالب بإصلاحات جذرية.
وتزعم بعض التقارير المحلية أن الانفجار حدث من مستودع أسلحة تابع لـ«حزب الله» المدعوم من إيران. ونفى زعيم الحزب حسن نصر الله تلك الاتهامات ووصف التهمة بـ«الظلم الاستثنائي».
وبحسب موقع «صوت أميركا»، يقول الخبراء إن «حزب الله» يواجه الآن تحدياً كبيراً لحماية نفوذه وتشكيل الحكومة المستقبلية للبلاد؛ لأن العديد من المحتجين يرون أن الجماعة تشكل عقبة رئيسية في طريق القضاء على الفساد في النظام السياسي في البلاد.
وقال رامي خوري أستاذ الصحافة في الجامعة الأميركية في بيروت: إن «(حزب الله) لا يريد الآن إدارة البلاد، ولا يريد رؤيتها تنهار في الفوضى. سيتعين عليه استخدام قدراته للانخراط مع المتظاهرين والنخب الطائفية اللبنانية. هذا تحد كبير لم يواجهه الحزب من قبل».
وأضاف خوري أن كثيرين في لبنان انتقدوا «حزب الله» علانية في الماضي لكن نادرا ما طالبوا بالتخلص من زعيمه حسن نصر الله. وتابع «ومع ذلك، بعد انفجار المرفأ، قام المتظاهرون بوسط بيروت بنصب المشانق الرمزية في الشارع ولفوها حول رقبة مجسم كرتوني لقادة لبنانيين بمن فيهم نصر الله».
ويريد العديد من عائلات الضحايا ومن المتظاهرين إجراء تحقيق دولي في الحادث.
وقال جاد يتيم، الناشط والصحافي اللبناني، إن المحتجين اللبنانيين لا يثقون في نتيجة أي تحقيق من قبل الحكومة، خوفاً من التستر إذا وجد التحقيق أن الانفجار كان نتيجة إهمال من قبل السلطات.
وأضاف يتيم: «نحن ندعو إلى حكومة انتقالية... مصحوبة بلجنة دولية للتحقق من الحقائق للكشف عن سبب الانفجار». وتابع: «(حزب الله) متورط سواء كانت نتيرات الأمونيوم المخزنة تخص الحزب، أو من خلال كونه جزءاً من الحكومة الفاسدة».
ويُنظر إلى «حزب الله»، الموصوف بأنه «دولة داخل دولة» لاستخدامه النفوذ السياسي في الحكومة لحماية مصالحه، على أنه سبب رئيسي لعجز الحكومة عن محاربة أسوأ أزمة اقتصادية منذ انتهاء الحرب الأهلية في عام 1990.
وفي الوقت الذي يسعى فيه لبنان إلى الحصول على الدعم من المجتمع الدولي، يقول بعض الخبراء إن مؤيدي الأحزاب السياسية اللبنانية يرون في ذلك فرصة لتغيير الولاءات.
وزار ممثلو عشرات الكيانات الإقليمية والدولية بيروت لتقديم المساعدة الطبية الطارئة وإظهار التضامن معها، بما في ذلك إيران الداعم الرئيسي لـ«حزب الله».
وقال ديفيد داود، الباحث المتخصص في شؤون لبنان و«حزب الله»: «من قلب الكوارث يغتنم البعض الفرص. فإذا بدت إيران وكأنها الرجل الطيب هنا، فإنها قد تكسب تعاطف الشارع اللبناني». وأضاف أن «حزب الله» يحاول تصوير أزمات لبنان التي لا تعد ولا تحصى ليس على أنها نتاج لسوء الإدارة ولكن بسبب العقوبات الأميركية ضد الجماعة.
يذكر أن انفجار المرفأ الذي وقع في 4 أغسطس (آب)، قد تسبب في مقتل أكثر من 180 شخصا وإصابة 6 آلاف آخرين على الأقل.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».