بروتوكول جديد يمنح موسكو مناطق إضافية في اللاذقية... براً وبحراً

تضمن ملحقاً سرياً وخرائط... وتاريخ سريانه مفتوح

الرئيسان السوري بشار الأسد والروسي فلاديمير بوتين ووزير دفاعه في قاعدة حميميم في 11 ديسمبر 2017
الرئيسان السوري بشار الأسد والروسي فلاديمير بوتين ووزير دفاعه في قاعدة حميميم في 11 ديسمبر 2017
TT

بروتوكول جديد يمنح موسكو مناطق إضافية في اللاذقية... براً وبحراً

الرئيسان السوري بشار الأسد والروسي فلاديمير بوتين ووزير دفاعه في قاعدة حميميم في 11 ديسمبر 2017
الرئيسان السوري بشار الأسد والروسي فلاديمير بوتين ووزير دفاعه في قاعدة حميميم في 11 ديسمبر 2017

سارت موسكو خطوة إضافية نحو توسيع مساحة نفوذها ووجودها العسكري المباشر على الأراضي السورية، عبر توقيع بروتوكول إضافي ملحق لاتفاق تنظيم الوجود الروسي في سوريا. ونشرت البوابة القانونية الإلكترونية للحكومة الروسية نص الوثيقة التي وقعتها حكومة سوريا في 21 يوليو (تموز) الماضي، بعدما كانت أقرتها الحكومة الروسية في 30 يونيو (حزيران).
وجاء نشر الوثيقة أول من أمس، ليضعها رسميا قيد التنفيذ وفقا لبند في البروتوكول. وحملت الوثيقة عنوان «البروتوكول الأول الملحق باتفاق تنظيم الوجود العسكري للقوات الفضائية الجوية الروسية على أراضي الجمهورية العربية السورية».
وبذلك تكون الوثيقة ارتبطت بالاتفاق المبرم بين الطرفين في 26 أغسطس (آب) عام 2015. والذي تم بموجبه منح قاعدة «حميميم» للروس، مع مساحة واسعة من الأراضي والمنشآت المحيطة بها. وكما نص الاتفاق الأول على أن تكون فترة سريانه مفتوحة، ولا ترتبط بتاريخ ما يعني تكريسا لوجود «إلى الأبد» إلا في حال اتفاق الطرفين على إنهاء الاتفاق بشكل ثنائي، فإن البروتوكول الإضافي ربط تاريخ سريانه بالاتفاق الأساسي.
ووفقا للوثيقة، فإن «حكومة الجمهورية العربية السورية توافق على منح روسيا الاتحادية أراضي برية ومساحات بحرية حول اللاذقية بهدف تأسيس ونشر منشآت تابعة لمركز للرعاية الصحية يتبع القوات الفضائية الجوية الروسية». ونص البند الثاني على أن هذا المنح مجاني ولن يكون على روسيا أن تقدم أي تعويضات، كما أن البروتوكول يكون ساريا ما دام اتفاق الأساسي للوجود العسكري الروسي ساريا.
وحدد البند الثالث في الوثيقة تفاصيل ومساحة الأراضي والمساحة البحرية الممنوحة للروس، وجاء فيه أن مساحة الأراضي التي ستنتقل لملكية الروس تبلغ 8 هكتارات ملاصقة لقاعدة «حميميم» والمنشآت التابعة لها، ويتم تحديدها وفقا لخريطة تعد جزءا من هذا الاتفاق. لكن اللافت أن البوابة القانونية الروسية لم تنشر هذه الخريطة إلى جانب الوثيقة المعلنة. وهو الأمر الذي انسحب على خريطة أخرى أشار إليها البروتوكول تحدد المساحة البحرية التي سوف تنتقل لملكية روسيا بموجب هذا البروتوكول. واكتفت الوثيقة بالإشارة إلى مساحة القطعة البحرية تبلغ أيضا 8 هكتارات في المياه الإقليمية المحاذية للرصيف البحري للاذقية، وهي ستكون على شكل شريط بحري على طول الضفة السورية للبحر قرب اللاذقية بعمق يراوح بين 65 مترا و180 مترا.
وأكدت الوثيقة أن الخريطة التي تم الاتفاق عليها تحدد بشكل واضح حدود وملامح الأراضي والمناطق البحرية الممنوحة للروس.
كما اشتملت على بند يلزم الجانب السوري بأن يأخذ على عاتقه ترتيب الآليات القانونية التي تضمن نقل ملكية الأراضي والقطعة البحرية، في إشارة إلى التزام دمشق بترتيب التشريعات القانونية اللازمة لذلك.
في المقابل، لن يكون على دمشق أن تدفع تكاليف تطوير البنى التحتية في هذه المنطقة بما في ذلك عمليات الإنشاء أو مد خطوط الكهرباء وكل العمليات الأخرى اللازمة للبناء أو تطوير المنطقة.
ومنح البروتوكول روسيا حق التعاقد مع جهات أو شخصيات أو شركات روسية أو محلية سورية للقيام بأعمال البناء والتطوير اللازمة، لكنه ألزم موسكو بإبلاغ الجانب السوري عن حجم وقوة الإنشاءات والبنى التحتية التي سيتم تطويرها في المنطقة.
لكن أكثر ما لفت الأنظار في الوثيقة المعلنة هو الإشارة فيها إلى «ملحق سري» لم يتم نشره. وأشار البروتوكول إلى «بند خاص حول ملحق سري يلتزم الطرفان بعدم نشر أي معطيات حوله» مع إشارة إلى أن الحظر ينسحب على مراسلات الطرفين والمفاوضات وكل التفاصيل التي يضمها هذا الملحق، مع إشارة إلى أن الكشف عن هذه التفاصيل ممكن فقط باتفاق بين الطرفين.
ومع الإبقاء على جانب من المعلومات المتعلقة بالبروتوكول الإضافي قيد الكتمان، بدا أن موسكو تسعى إلى تجنب إحراج حكومة الرئيس بشار الأسد، عبر ضمان سرية بعض التفاصيل التي أدت توقيع هذا البروتوكول. وينسحب ذلك، على إضافة فكرة إنشاء مركز طبي في البروتوكول المعلن، إذ لم يكن هذا الموضوع مطروحا في البداية، عندما وضعت موسكو هذه الوثيقة وجرى توقيعها سلفا من جانب واحد من طرف الحكومة السورية في نهاية يونيو (حزيران) الماضي. وعندها ظهر الرئيس فلاديمير بوتين في تغطية تلفزيونية أثناء اجتماع مع أركان الحكومة الروسية، وكلف وزارتي الدفاع والخارجية الروسيتين بالبدء بمفاوضات مع الجانب السوري لإقرار الوثيقة من جانبه. وأشار إلى أن مفاوضات إقرار الوثيقة قد تسفر عن تغيير طفيف على ألا يمس الجوهر فيها، ما يعني أن استحداث فكرة إنشاء المركز الطبي قد تكون واحدة من العناصر التي طلبت دمشق إدراجها لتسهيل إقرار الوثيقة من جانبها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».