«كورونا» يكشف عن الوجه الآخر لعدم المساواة الاجتماعية حول العالم

سيدة تسير إلى منزلها بعد تلقي حصة من الحساء في وعاء بلاستيكي بالأرجنتين (رويترز)
سيدة تسير إلى منزلها بعد تلقي حصة من الحساء في وعاء بلاستيكي بالأرجنتين (رويترز)
TT

«كورونا» يكشف عن الوجه الآخر لعدم المساواة الاجتماعية حول العالم

سيدة تسير إلى منزلها بعد تلقي حصة من الحساء في وعاء بلاستيكي بالأرجنتين (رويترز)
سيدة تسير إلى منزلها بعد تلقي حصة من الحساء في وعاء بلاستيكي بالأرجنتين (رويترز)

لقد صارت «الفجوة بين الأغنياء والفقراء» تعريفاً للقرن الـ21 قبل فترة طويلة من تسليط فيروس «كورونا» المستجد الضوء على التفاوتات العرقية وكفاح العمال من ذوي الأجور المنخفضة من أجل العيش. ثم أثار مقتل المواطن الأميركي ذي البشرة السمراء، جورج فلويد، تحت ركبة أحد أفراد شرطة مينيابوليس من ذوي البشرة البيضاء في شهر مايو (أيار) الماضي، التركيز من جديد على الجدل العالمي بشأن أسباب أوجه عدم المساواة بصورة حادة حول العالم، وما يمكن القيام به للحد منها.
وقد ظهرت مناطق فقيرة وخاصة بالأقليات وذات كثافات سكانية عالية، بوصفها بؤراً لتفشي الوباء، وعانت من تسجيل نسب غير متناسبة من الوفيات في الدول الأكثر تضرراً، والتي تتضمن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والبرازيل، حسبما ذكرت وكالة «بلومبرغ» للأنباء.
وبينما كان كثيرون من ميسوري الحال يعملون من المنزل أو يستمتعون بقضاء العطلات، استمر أفراد الأطقم الطبية وأطقم التمريض وغيرهم من العاملين الأساسيين في مختلف القطاعات، في المخاطرة بحياتهم في الخطوط الأمامية.
وقد تضرر العمال من ذوي الأجور المنخفضة بشدة - وعلى نحو غير متناسب - من شطب الوظائف. وفي الولايات المتحدة، وصلت البطالة إلى أعلى مستوياتها منذ فترة «الكساد الكبير». وقد كان كل ذلك بمثابة خلفية لمقتل فلويد، الذي أثار حفيظة كبرى الحركات الحقوقية المدنية في الولايات المتحدة، وأدى إلى تنظيم احتجاجات في مختلف أنحاء العالم.
من جانبها، جمعت الدول الغنية تريليونات الدولارات من أجل إغاثة مواطنيها من تداعيات الوباء، بينما عانت الدول الأفقر في أميركا الجنوبية وأفريقيا، من أجل جمع المساعدات. كما تدخلت الحكومات لدعم شبكات الأمان والنظم الصحية.
وتدفقت الشركات الأوروبية على البرامج الحكومية التي أبقت على رواتب ملايين العاملين لأشهر عدة. كما تدخلت الحكومة الأميركية لتقديم مزايا أكثر قوة من أي وقت مضى، تتضمن صرف شيكات مصرفية تحفيزية للأسر، بالإضافة إلى إصدار قرارات لم يسمع بها من قبل، مثل الإعفاءات الضريبية للإجازات المرضية المدفوعة، والتأمين ضد البطالة للعاملين المستقلين.
ويبدو أن الأزمة زادت من فجوة عدم المساواة، حيث حذر البنك الدولي من أنه من الممكن أن يؤدي الوباء إلى عكس أعوام من التقدم بالنسبة للفقراء في الدول الأقل تقدماً، مثل الهند ونيجيريا، مع توقع دخول ما يصل إلى 100 مليون شخص آخر في دائرة الفقر المدقع.
ولكن، ما المقصود تحديداً بـ«عدم المساواة»؟ لقد تطور هذا المصطلح ليصبح جامعاً لكثير من العلل ذات الصلة، والتي تتضمن الفقر وجمود الأجور والانقسام الطبقي والاضطراب الاجتماعي.
وعمّا إذا كان من الممكن أن يؤدي الوباء إلى تغيير الأمور، فمن الجدير بالذكر أن الأحداث الكارثية مثل تفشي الأوبئة، كانت - من الناحية التاريخية - حافزاً لإعادة تشكيل النظام الاقتصادي. ويشار إلى أنه خلال فترة «الكساد الكبير»، اكتسب العمال الأميركيون شبكة أمان، من خلال «الصفقة الجديدة» (وهي مجموعة من البرامج الاقتصادية التي ركزت على الإغاثة والإنعاش والإصلاح). وبعد الحرب العالمية الثانية فازوا بتحسن المستوى المالي لأصحاب العمل وحصول العاملين على أجور أعلى.
من ناحية أخرى، فقد فشلت - إلى حد كبير - الجهود التي بذلت من أجل توظيف الأقليات والاحتفاظ بها في العمل وتعزيز موقفها، في تضمين مزيد من الفئات ممن لا يوجد من يساندها أو يدافع عنها ضمن الوظائف الأعلى أجراً.
من جانبها، وعدت شركة «أديداس إيه جي» الألمانية للملابس الرياضية بأن يمثل ذوو البشرة السمراء أو اللاتينيون نسبة 30 في المائة على الأقل من الموظفين الجدد في الولايات المتحدة. كما التزمت شركة «بلاك روك» بزيادة قوة العمل لديها من الموظفين من ذوي البشرة السمراء بنسبة 30 في المائة بحلول عام 2024، ومضاعفة نسبة القادة من كبار السن من الحصة الحالية التي تبلغ نسبتها 3 في المائة. كما أن هناك دعوات أيضاً لإجبار مزيد من الشركات على الكشف عن بيانات حول التركيبة العرقية وتلك القائمة على نوع الجنس لقوتها العاملة.
وقد جددت الاحتجاجات العالمية ضد العنصرية الدعوات من أجل دفع تعويضات لتصحيح المخالفات الموروثة. ففي المملكة المتحدة، أقرت مؤسسات يعود تاريخها لمئات السنين، بصلاتها بتجارة الرقيق في بريطانيا. كما تعهدت شركة «لويدز» للتأمين في لندن خلال يونيو (حزيران) الماضي، بالتبرع بمبلغ غير محدد للجمعيات الخيرية التي تعزز فرص عمل ذوي البشرة السمراء والأقليات.
وتصل قيمة المقترحات الخاصة بتعويض الأميركيين من ذوي الأصول الأفريقية عن أيام العبودية، إلى تريليونات الدولارات. وقد تشمل الخطوات المؤقتة تأسيس صناديق ائتمان ذات تمويل اتحادي للأطفال من ذوي البشرة السمراء، يمكن استفادتهم منها لاحقاً لدفع مصاريف التعليم، أو بدء عمل تجاري أو شراء منزل.
وقد سلطت محنة العمال الأساسيين التي ظهرت خلال فترة تفشي الوباء، الضوء على عدم تمتع العمال بالحماية الكافية، بالإضافة إلى تدني أجور من يحافظون على سير الحياة داخل المجتمع.


مقالات ذات صلة

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

صحتك تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهميةً الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

بعد ظهوره بـ5 سنوات.. معلومات لا تعرفها عن «كوفيد 19»

قبل خمس سنوات، أصيبت مجموعة من الناس في مدينة ووهان الصينية، بفيروس لم يعرفه العالم من قبل.

آسيا رجل يرتدي كمامة ويركب دراجة في مقاطعة هوبي بوسط الصين (أ.ف.ب)

الصين ترفض ادعاءات «الصحة العالمية» بعدم التعاون لتوضيح أصل «كورونا»

رفضت الصين ادعاءات منظمة الصحة العالمية التي اتهمتها بعدم التعاون الكامل لتوضيح أصل فيروس «كورونا» بعد 5 سنوات من تفشي الوباء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

الصين: شاركنا القدر الأكبر من بيانات كوفيد-19 مع مختلف الدول

قالت الصين إنها شاركت القدر الأكبر من البيانات ونتائج الأبحاث الخاصة بكوفيد-19 مع مختلف الدول وأضافت أن العمل على تتبع أصول فيروس كورونا يجب أن يتم في دول أخرى

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد أعلام تحمل اسم شركة «بيونتيك» خارج مقرها بمدينة ماينتس الألمانية (د.ب.أ)

«بيونتيك» تتوصل إلى تسويتين بشأن حقوق ملكية لقاح «كوفيد»

قالت شركة «بيونتيك»، الجمعة، إنها عقدت اتفاقيتيْ تسوية منفصلتين مع معاهد الصحة الوطنية الأميركية وجامعة بنسلفانيا بشأن دفع رسوم حقوق ملكية للقاح «كوفيد».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا على نحو مطرد (أ.ف.ب)

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

بعد مرور نحو خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا، تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بهذا الفيروس على نحو مطرد، وذلك حسبما أعلنته منظمة الصحة العالمية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.