«كورونا» ينهي الصفقات الباهظة في عالم كرة القدم

الأزمة المالية التي سببها الوباء ستضع حداً لأسعار اللاعبين الفلكية

TT

«كورونا» ينهي الصفقات الباهظة في عالم كرة القدم

في 12 يوليو (تموز) 2019، أصبح أنطوان غريزمان اللاعب التاسع الذي ينتقل من ناد لآخر بمقابل مادي يتجاوز 100 مليون يورو، خلال 35 شهراً فقط. وبدءاً من عودة بول بوغبا إلى مانشستر يونايتد قادما من يوفنتوس في أغسطس (آب) 2016، ثم صفقات انتقال نيمار وعثمان ديمبيلي وفيليب كوتينيو وكيليان مبابي وكريستيانو رونالدو وإيدن هازارد وجواو فيليكس، تكلفت كل صفقة من هذه الصفقات ما يتجاوز 100 مليون يورو خلال فترة قد يأتي اليوم ويُنظر إليها على أنها العصر الذهبي لسوق انتقالات اللاعبين أو اللحظة التي فقدت فيها كرة القدم بريقها، وفقا لوجهة نظر كل شخص.
ومع ذلك، بعد مرور 12 شهراً على الصيف الذي سجلت فيه الأندية في الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا رقماً قياسياً آخر من خلال إنفاق ما يقرب من 5.5 مليار يورو على اللاعبين، فإن الأزمة الاقتصادية العالمية التي يسببها وباء كورونا تعني أن بعض أكبر الأندية العالمية تعاني من مشاكل مالية في الوقت الحالي.
وقال إميليو بوتراغينيو، مهاجم ريال مدريد السابق ومدير العلاقات العامة بالنادي حاليا، هذا الشهر: «يمكننا أن نتوقع أن يكون الوضع في سوق الانتقالات مختلفاً عما كان عليه في فصول الصيف الماضية»، في حين طالب الرئيس التنفيذي لبايرن ميونيخ الألماني، كارل هاينز رومنيغه، صناعة كرة القدم بأن تكون أكثر عقلانية. وقال: «تجاوزت كرة القدم حدود المعقول خلال السنوات العشر الماضية، وأصبحت المبالغ التي تدفع في صفقات انتقال اللاعبين لا تتوقف عن الزيادة وبسرعة هائلة. علينا إيجاد حلول أفضل في أوروبا».
وكان نادي بايرن ميونيخ قد تعاقد مع ليروي ساني من مانشستر سيتي مقابل 45 مليون يورو في بداية يوليو الماضي، وهو ما يعني أن بطل الدوري الألماني كان أحد الأندية القليلة التي دخلت سوق انتقالات اللاعبين قبل افتتاحه رسميا. ويعني التوقف الذي تسبب فيه تفشي فيروس كورونا أن أندية الدوري الإنجليزي الممتاز سيكون أمامها 10 أسابيع، وبالتحديد حتى الخامس من أكتوبر (تشرين الأول)، لكي تنهي تعاقداتها مع اللاعبين القادمين من الخارج، في حين سيكون هناك أسبوعان آخران لإتمام صفقات انتقال اللاعبين محليا فقط.
لكن رغم أن الأندية لديها وقت إضافي لإتمام الصفقات الجديدة، فإن ماتياس ليبمان - وكيل اللاعبين الأرجنتيني الذي عمل وسيطا في صفقة انتقال ميغيل ألميرون إلى نيوكاسل يونايتد عام 2019 وعمل في عدة صفقات أخرى - يعتقد أنه سيكون هناك المزيد من الضغوط على لجان التعاقدات بالأندية في ظل المناخ الحالي. ويقول: «يجب اتخاذ بعض القرارات المهمة. إذا قام المدير الرياضي لناد صغير أو متوسط باتخاذ قرار خاطئ بشأن التعاقد مع لاعب لن يفيد الفريق، فإن هذا الأمر قد يكون مدمرا لهذا النادي الذي يحتاج إلى الأموال بشدة لتدعيم صفوف الفريق من أجل الاستمرار في المنافسة. أود أن أقول إن هذا هو أكبر تحدٍ يواجههم على الإطلاق».
وأضاف: «حتى الآن، من الصعب على سوق انتقالات اللاعبين أن تتحرك، فبعض الأندية لا تعرف حتى الآن حجم الميزانيات المخصصة للصفقات الجديدة لأنها لا تعرف مدى تأثر ميزانيتها بالوباء. وكما هو الحال في أي صناعة أخرى، سوف تنتظر الأندية الصغرى لترى كيف تنفق الأندية الكبرى أموالها. وحتى يحدث ذلك، فسيكون من الصعب أن نعرف ما سيحدث». وفي ظل انشغال العديد من الأندية الكبرى - من حيث الإنفاق - في المشاركة في البطولات الأوروبية الشهر المقبل، فقد يطول الانتظار. لقد تنبأت بعض التوقعات المالية بأن تخسر أندية الدوري الإنجليزي الممتاز نحو 20 في المائة من عائداتها نتيجة الوباء، في حين ستواجه الأندية مشكلة أخرى تتمثل في محاولة التخلص من اللاعبين الذين تعاقدت معهم بأسعار فلكية ويحصلون على رواتب عالية.
يقول ليبمان: «هذه الأندية تبحث عن صفقات تمكنها من استعادة الأموال التي أنفقتها، لكن هذا سيكون صعباً للغاية، لأن السوق ببساطة ليست كما كانت عليه في عام 2017. وحتى لو كان لديك خيار شراء لاعب بقيمة معينة، فإن بعض الأندية الأخرى ستقدم عروضا أقل لأنها تعرف أن الأمور تغيرت. ولم يعد هناك أي معنى أو منطق لكثير من الشروط الجزائية في عقود اللاعبين. من يتحكم في سوق الانتقالات الآن هي الأندية التي ستعقد صفقات الشراء، وهي التي ستحدد سقف الأسعار لباقي الأندية».
وفي مقابلة صحافية مع صحيفة «نيويورك تايمز» في أبريل (نيسان) الماضي، توقع كريستيان سيفرت، الرئيس التنفيذي للدوري الألماني الممتاز، انهيار سوق الانتقالات، مضيفاً أن «بعض الدوريات ستدرك أن الأموال لا تنزل عليها تلقائياً كل شهر من السماء». لكن مع اقتراب نهاية الموسم في معظم الدوريات المحلية الكبرى في أوروبا الآن، هناك بالفعل بعض الإشارات الإيجابية. إن سعي تشيلسي للتعاقد مع كاي هافيرتز من باير ليفركوزن، بعد إنفاق 90 مليون جنيه إسترليني على التعاقد مع تيمو فيرنر وحكيم زياش، يُظهر أن بعض الأندية على استعداد للمخاطرة، رغم أنه لا يزال من المبكر أن نعرف ما إذا كان اللاعبون الذين كانوا مطلوبين من العديد من الأندية، مثل لاعب بوروسيا دورتموند جادون سانشو، سينتقلون بالأسعار نفسها التي كانوا سينتقلون بها في الماضي أم لا.
يقول عمر تشودوري، رئيس لجنة المعلومات بمؤسسة «توينتي فرست كلوب» الاستشارية التي تعمل مع العديد من الأندية في أوروبا: «قد تكون الفرصة مواتية الآن لكي تتفوق بعض الأندية على منافسيها بشكل مفاجئ، لكن هذا لا يعني أن معظم ملاك الأندية سيكون لديهم حماس كبير للتحرك بشكل قوي في سوق الانتقالات. وسيكون هناك قدر أكبر من التدافع في الدوريات الأدنى، إذا كنت تلعب في بطولة دوري الدرجة الأولى أو دوري الدرجة الثانية في إنجلترا ولديك لاعب يمكنك أن تبيعه ببعض الأموال، فستحاول بيعه لأنك في حاجة إلى المال بشكل ملح في الوقت الحالي».
وقدرت أبحاث مؤسسة «توينتي فيرست كلوب» أنه في مقابل كل يورو يكسبه ناد من أندية الدوريات الأوروبية الممتازة خارج الدوريات الخمس الكبرى من أحد مصادر الدخل الثلاثة التقليدية، فإنه يحصل على 0.41 يورو من دخل انتقالات اللاعبين. ففي كرواتيا، التي وجدت دراسة أجراها مرصد «سي إي إي إس» لكرة القدم أنها أكبر مصدر للاعبين في العالم بالنسبة إلى عدد السكان في عام 2017، فإن هذا المبلغ يرتفع إلى ثلاثة يوروهات لكل واحد يورو من الدخل التقليدي، وهو ما يعني أن هبوط أسعار اللاعبين هذا الصيف سوف يؤثر بلا شك على الأندية التي تعتمد على بيع اللاعبين من أجل البقاء.
يقول تشودوري: «في إنجلترا، يعد برينتفورد أوضح مثال على الأندية التي تقوم بعمل جيد جداً في هذا الصدد. تتمثل المشكلة الكبرى الآن في أنه من الصعب التنبؤ بما سيحدث، إذا كان هذا العام سيئا في سوق الانتقالات فإنه سوف يعيد الأندية إلى الوضع الذي كانت عليه قبل خمس سنوات من الآن. لكن هناك ثقة في أن الأمور ستتعافى ببطء، وأعتقد أننا سنرى مزيدا من الصفقات التي تصل قيمة الواحدة منها إلى 100 مليون يورو خلال العامين أو الثلاثة أعوام المقبلة».


مقالات ذات صلة

الدوري الإنجليزي: العين على ديربي مانشستر... وليفربول لمواصلة التحليق

رياضة عالمية صلاح لقيادة ليفربول إلى فوز جديد في الدوري الإنجليزي (أ.ب)

الدوري الإنجليزي: العين على ديربي مانشستر... وليفربول لمواصلة التحليق

تتجه الأنظار الأحد، إلى استاد الاتحاد، حيث يتواجه مانشستر سيتي حامل اللقب، مع ضيفه وغريمه مانشستر يونايتد في ديربي المدينة، بينما يسعى ليفربول المتصدر إلى مواصل

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية المدرب الإيطالي يهنئ لاعبيه عقب إحدى الانتصارات (إ.ب.أ)

كيف أنهى ماريسكا كوابيس تشيلسي في لمح البصر؟

في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2008، كان الإيطالي إنزو ماريسكا يلعب محور ارتكاز مع إشبيلية، عندما حل فريق برشلونة الرائع بقيادة المدير الفني جوسيب غوارديولا ضيفاً

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية  فيرنانديز دعا إلى إصلاح الأخطاء الفنية في فريقه (إ.ب.أ)

فيرنانديز: علينا إصلاح أخطائنا قبل التفكير في مان سيتي

قال البرتغالي برونو فيرنانديز قائد فريق مانشستر يونايتد إن فريقه يجب أن يعمل على إصلاح أخطائه بدلاً من التفكير في الأداء السيئ لمنافسه في المباراة المقبلة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية استبدل بوستيكوغلو المهاجم فيرنر ودفع بالجناح ديان كولوسيفسكي (إ.ب.أ)

مدرب توتنهام يهاجم فيرنر: لم تكن مثالياً أمام رينجرز

وجه أنجي بوستيكوغلو، مدرب توتنهام هوتسبير، انتقادات لاذعة لمهاجمه تيمو فيرنر بعدما استبدله بين الشوطين خلال التعادل 1-1 مع رينجرز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوندوغان نجم السيتي خلال مواجهة اليوفي بدوري أبطال أوروبا (أ.ف.ب)

غوندوغان: على الجميع تقديم أفضل أداء لتبديل حظوظنا

اعترف الألماني إلكاي غوندوغان، لاعب وسط مانشستر سيتي الإنجليزي، بأن فريقه "لم يعد جيدا بشكل كاف"، في الوقت الذي فشل فيه في إيجاد حل لتبديل حظوظه بالموسم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».