احتدام معركة تطوير لقاح ضد «كورونا» وسط تحديات اقتصادية

باحثة طبية تجري اختبارات على لقاح محتمل ضد كورونا في سان دييغو بالولايات المتحدة (رويترز)
باحثة طبية تجري اختبارات على لقاح محتمل ضد كورونا في سان دييغو بالولايات المتحدة (رويترز)
TT

احتدام معركة تطوير لقاح ضد «كورونا» وسط تحديات اقتصادية

باحثة طبية تجري اختبارات على لقاح محتمل ضد كورونا في سان دييغو بالولايات المتحدة (رويترز)
باحثة طبية تجري اختبارات على لقاح محتمل ضد كورونا في سان دييغو بالولايات المتحدة (رويترز)

بدأت المعركة لتطوير لقاحات ضد فيروس «كورونا المستجد»، الذي يلحق أضراراً باقتصادات العالم على وَقْع إعادة فرض تدابير صحية، وارتفاع عدد الوفيات بـ«كوفيد - 19»، بينما تتوقع «منظمة الصحة العالمية» بقاء آثار الوباء «لعقود».
وبعد ستة أشهر على إعلان حالة الطوارئ العالمية، اجتمعت لجنة الطوارئ في «منظمة الصحة العالمية»، أمس (الجمعة)، لتقييم الوضع. وأعلن مدير عام «منظمة الصحة»، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن «هذه الجائحة أزمة صحية لا نشهد مثلها سوى مرة كل قرن، وسنشعر بآثارها لعقود».
وحتى اليوم أصيب 17 مليون شخص في العالم بالفيروس الذي تسبب بوفاة ما لا يقل عن 673 ألفاً وأشخاص، وفق حصيلة وضعتها «وكالة الصحافة الفرنسية»، استنادا إلى مصادر رسمية حتى أمس (الجمعة) في الساعة 11:00 بتوقيت غرينتش.
والولايات المتحدة هي الدولة الأكثر تضرراً في عدد الوفيات والإصابات، إذ سجلت 153 ألفاً و268 وفاة، منها 1442، أمس (الجمعة)، أي وفاة كل بضع دقائق، تليها البرازيل مع 91263 وفاة فالمكسيك التي سجلت 46688 وفاة ثم بريطانيا مع 46119 وفاة.
وسجلت المكسيك أيضا الجمعة عدداً قياسياً من الإصابات بلغ 8458 خلال 24 ساعة و688 وفاة.
وتخطت كولومبيا الجمعة عتبة الـ10 آلاف وفاة، في حين أعلنت كل من فيتنام وجزر فيدجي عن أول وفاة بالفيروس.
* منافسة محمومة
من الناحية الطبية، تتكثف التحالفات للتحقق من الحصول على لقاح ضد «كوفيد - 19»، وتشتد المنافسة، وهي دليل على السباق المحموم بين الدول لإنتاج لقاح.
وشكك خبير الأمراض المعدية أنطوني فاوتشي، عضو خلية مكافحة فيروس كورونا في الولايات المتحدة، الجمعة في سلامة اللقاحات التي يتم تطويرها حاليا في روسيا والصين. وأعلن في جلسة استماع أمام الكونغرس الأميركي: «آمل حقاً في أن يختبر الصينيون والروس لقاحاتهم قبل استخدامها على أي فرد».
وهذا الأسبوع، أعلنت روسيا أنها ستبدأ اعتبارا من سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الإنتاج الصناعي للقاحين ضد «كوفيد - 19» طورهما باحثون من مراكز حكومية. ولم تكشف موسكو البيانات العلمية التي تثبت فعالية لقاحاتها وسلامتها.

وأظهرت عدة مشاريع لتطوير لقاحات نتائج مشجعة، بينها مشروع صيني يتم بالتعاون بين معهد أبحاث عسكرية ومجموعة «كانسينو بيولوجيكس» لإنتاج الأدوية.
وأجاز الجيش الصيني نهاية يونيو (حزيران) استخدام اللقاح في صفوفه حتى قبل بدء المراحل الأخيرة لتجربته.
وأضاف مدير المعهد الأميركي للأمراض المعدية الذي يحظى باحترام كبير أن «الإعلان عن تطوير لقاح يمكن توزيعه حتى قبل اختباره يطرح في رأيي مشكلة. لكي لا أقول أكثر من ذلك».
وفي الجانب الأوروبي، أعلنت شركتا «سانوفي» الفرنسية و«غلاكسو سميث كلاين» البريطانية الجمعة عن اتفاق مع الولايات المتحدة لتمويل بأكثر من ملياري دولار، لتأمين 100 مليون جرعة للأميركيين. وحجز الاتحاد الأوروبي 300 مليون جرعة لمبلغ مالي غير محدد للعام المقبل.
من جهتها، وقعت اليابان اتفاقاً مع تحالف «بايونتك - بفايزر» الألماني - الأميركي للحصول على 120 مليون جرعة لقاح.
وهذا التنافس الحاد يثير جدلاً، لأنه يطرح مسألة حصول الدول ذات المداخيل المنخفضة على لقاحات.

* أضرار اقتصادية

على الصعيد الاقتصادي، التوقعات العالمية التي تأثرت بالقيود وتدابير العزل في دول عديدة سيئة جداً.
وسجلت منطقة اليورو في الربع الثاني تراجعا تاريخيا نسبته 12.1 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، كما أعلن المكتب الأوروبي للإحصاء، أمس (الجمعة).
في فرنسا بلغ التراجع في الفصل الثاني 13.8 في المائة وإسبانيا 18.5 في المائة وألمانيا المحرك الاقتصادي لأوروبا 10. 14 في المائة.
وفي الولايات المتحدة، تسبب العزل بتراجع إجمالي الناتج الداخلي بـ32.9 في المائة خلال الفترة نفسها على عام. ومقارنة مع الفصل الثاني من 2019 بلغ التراجع 9.5 في المائة.
وأعلنت مجموعتا «إكسون موبيل» و«شيفرون»، أمس (الجمعة)، عن خسائر ضخمة في الفصل الثاني من العام الحالي، في حين سترغم الآفاق الاقتصادية الضعيفة بسبب «كورونا»، قطاع الصناعة النفطية، على زيادة خفض النفقات.

* تدابير حجر صحي

وأمام وباء يبدو أن انتشاره لن يتوقف، تجدد السلطات التدابير الصحية بشكل مشتت.
وانتقد قطاع الطيران القيود على السفر «غير المتناسقة» في الاتحاد الأوروبي «التي تقوض ثقة المستهلكين». ودانت شركات الطيران في اتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا) «بعض هذه التدابير الوطنية الأحادية مخالفة لتوصيات الخبراء»، مطالبة بتنسيق أكبر.
واتخذت دول أوروبية تدابير حجر حيال دول أخرى أو منطقة في الاتحاد الأوروبي، كبريطانيا حيال إسبانيا، بسبب عودة تفشي الوباء، ما فاجأ آلاف السياح الذين كانوا في البلاد.
ودفع موسم الصيف مع تسجيل درجات حرارة خانقة في أوروبا الغربية، بالسلطات إلى تذكير أولئك الذين يتهافتون إلى السواحل أو يتخلون عن كماماتهم، بأن الوباء لم يختفِ.
وفي فرنسا يمكن للمسؤولين توسيع قرار وضع الكمامات حتى في الخارج.
وفي اليونان، مدد حتى نهاية أغسطس (آب) العزل المفروض على المهاجرين في المخيمات المكتظة في حين يزداد عدد إلإصابات في البلاد.
وقررت لندن تأجيل المرحلة المقبلة من رفع العزل في بريطانيا لأسبوعين على الأقل، التي كانت مقررة السبت، مع إعادة فتح بعض الأماكن العامة.
وأوصت الدنمارك بوضع الكمامات في وسائل النقل العام، في تغيير لنهجها المعتمد.


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».