عقيلة صالح وخالد المشري في الرباط لبحث تعديل «اتفاق الصخيرات»

مبادرة مغربية تسعى إلى لقاء وشيك بين رئيسي «النواب الليبي» و«مجلس الدولة»

TT

عقيلة صالح وخالد المشري في الرباط لبحث تعديل «اتفاق الصخيرات»

بينما قال عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي (برلمان طبرق)، أمس في الرباط، إنه لحد الآن لم يحدد أمر لقائه بخالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، الموجود أيضاً بالعاصمة المغربية، وإن اللقاء ربما سيترك بعد اجتماع المسؤولين المغاربة مع الطرفين الليبيين، كل على حدة؛ رد المشري على سؤال يتعلق بلقائه مع صالح، إنه لا يوجد ترتيب أو تنسيق مسبق لمثل هذا اللقاء، بيد أنه استدرك قائلاً: «لا مانع من لقاء الليبيين وكل الهيئات المنبثقة عن الاتفاق السياسي بمن فيهم أعضاء مجلس النواب».
وتأتي زيارة كل من صالح والمشري للمغرب في إطار رغبة الأطراف الليبية في إحياء دور الرباط في عملية الوساطة، وأيضاً إعادة تفعيل الاتفاق السياسي. وقالت مصادر دبلوماسية مطلعة في الرباط إن هذه الأخيرة تسعى لعقد لقاء بين صالح والمشري من أجل المضي قدماً في إيجاد حل للأزمة الليبية.
وقال رئيس مجلس النواب الليبي، إن زيارته للرباط هدفها «طلب الدعم» لمبادرته بشأن حل الأزمة الليبية، والوصول لاتفاق يفضي إلى «تشكيل سلطة تنفيذية جديدة تتولى شؤون البلاد في المرحلة المؤقتة»، ثم الانتقال إلى «مرحلة وضع دستور للبلاد وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية». وأشار صالح، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب المغربي (الغرفة الأولى في البرلمان)، إلى أن مبادرة مجلس النواب الليبي، وإعلان القاهرة، يهدفان لإيجاد حل «لا يتعارض مع اتفاق الصخيرات ومؤتمر برلين». وقال صالح إنه وجد في المغرب «انشغالاً وفهماً كبيراً لما يجري في وطننا ليبيا، وما توصل إليه الأطراف من خلال هذه الفترة الطويلة، من حلول للأزمة الليبية، آخرها مبادرة مجلس النواب الليبي، التي تتمثل في إيجاد حل لا يتعارض مع اتفاق الصخيرات ولا مؤتمر برلين».
وأوضح صالح أن عدم تنفيذ الاتفاق السياسي يتمثل في عدم القدرة على تفعيل ما تم الاتفاق عليه في الصخيرات، أهمها الترتيبات الأمنية واتخاذ القرارات بالإجماع والحصول على ثقة البرلمان الليبي. وقال رئيس مجلس النواب الليبي «تقدمنا بمبادرة نعتقد أنها مقبولة من قبل معظم الليبيين ووجدت ترحيباً من المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة».
وزاد: «وجدنا، بكل تقدير واحترام، الدعم الكامل، وأنهم وعدونا بعدم ادخار أي جهد من أجل الوصول إلى حل للأزمة الليبية». وبعد أن أبرز صالح أن زيارته للمغرب تأتي بغية مناقشة الشأن الليبي وإيجاد حل للأزمة في بلاده، أكد على العلاقات العريقة التاريخية القائمة بين الشعبين المغربي والليبي. ب
دوره، أكد رئيس مجلس النواب المغربي على دعم كل المبادرات الهادفة لاستتباب الأمن والاستقرار في ليبيا. وقال المالكي، خلال المؤتمر الصحافي المشترك: «إننا نؤازر مجلس النواب الليبي وكل المبادرات الهادفة إلى استرجاع واستتباب الأمن والاستقرار بالقطر الليبي الشقيق، الذي تجمعنا معه عدة عوامل منها الدين والتاريخ واللغة والمصير المشترك». وأضاف المالكي: «بقدر ما نتابع كل التطورات على مستوى الساحة الليبية، فإننا نسعى في إطار احترام السيادة الوطنية للقطر الليبي الشقيق، أن نقرب ما أمكن وجهات النظر بين كل الأطراف».
واعتبر المالكي أن كل «المبادرات الأخيرة للحل لا تتنافى وتتناقض مع اتفاق الصخيرات شكلا ومضمونا»، مبرزاً أن المبادرة الأخيرة التي انطلقت من مجلس النواب الليبي «ستفتح آفاقاً جديدة من أجل الوصول إلى حل». وعد المالكي الحوار وتقريب وجهات النظر المفتاح الرئيسي لتسترجع ليبيا استقرارها وازدهارها. ولفت رئيس مجلس النواب المغربي إلى أن «أمن واستقرار ليبيا هو جزء من أمن المنطقة واستقرارها».
وخلص المالكي إلى القول إن زيارة رئيس مجلس النواب الليبي تندرج في سياق المشاورات المنتظمة بين المؤسستين، مشيراً إلى أن المغرب يتابع كل التطورات التي تعرفها الساحة الليبية، خاصة منذ التوقيع على اتفاق الصخيرات سنة 2015.
بدوره، عد رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات، المرجعية الأولى في ليبيا. وقال المشري، في تصريح أدلى به للصحافة عقب مباحثات أجراها مع رئيس مجلس المستشارين المغربي (الغرفة الثانية بالبرلمان) حكيم بنشماش: «نبحث أيضاً مع الإخوة في المغرب موضوع تطبيق الاتفاق السياسي وتعديله بما يتلاءم ويتطور مع المرحلة الحالية من خلال الآليات المعتمدة». واستطرد المشري: «إن كل المبادرات التي يمكن أن تطرح في تعزير تفعيل الاتفاق السياسي أو تطويره بما لا يتعارض مع آليات عمله، هي أمور مقبولة ونبحث في التفاصيل أكثر».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.