حمدوك يشدد على اتفاق شامل وملزم بخصوص «سد النهضة»

TT

حمدوك يشدد على اتفاق شامل وملزم بخصوص «سد النهضة»

أصدر رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك قرارا، يقضي بتكوين لجنة عليا برئاسته لمتابعة ملف سد النهضة، وشدد على ضرورة التوصل لاتفاق شامل وملزم حول الملء الأول وتشغيل السد.
ويأتي القرار السوداني، عقب إعلان إثيوبيا اكتمال ملء العام الأول لبحيرة السد، والقمة الأفريقية المصغرة التي أوصت بمواصلة التفاوض بين السودان ومصر وإثيوبيا للوصول لاتفاق حول القضايا الخلافية في سد النهضة.
ودعا حمدوك في بيان أمس الأطراف إلى الامتناع عن اتخاذ أي إجراءات أحادية الجانب، من شأنها أن تؤثر سلباً على المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي. مشيدا بالمناقشات البناءة التي أجراها خبراء الاتحاد الأفريقي، ومؤكداً تمسك بلاده بمبدأ «الحلول الأفريقية للمشكلات الأفريقية».
كما شدد حمدوك على ضرورة التوصل إلى اتفاقية شاملة وملزمة، حول ملء وتشغيل سد النهضة لتمهيد الطريق أمام التعاون المستقبلي في منطقة النيل الشرقي، وفتح الباب أمام التعاون المستقبلي حول مياه النيل الأزرق بين الدول الثلاث. مجددا التأكيد على موقف السودان الثابت في مواصلة التفاوض بنية حسنة، وإرادة سياسية قوية للتوصل إلى اتفاق شامل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي، يكون مقبولا لجميع الأطراف.
وأشاد بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء بالدور الحيوي لرئيس الاتحاد الأفريقي، رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا، على قيادته للمفاوضات الثلاثية لسد النهضة الإثيوبي.
في سياق ذلك، قالت وزارة الري السودانية في بيان، أمس، إن رئيس الوزراء أصدر قرارا بتكوين لجنة عليا، مهمتها متابعة ملف التفاوض بشأن سد النهضة لتعزيز مصالح السودان الاستراتيجية.
وأضاف البيان أن اللجنة معنية بإقرار الموجهات ذات الصلة بالتركيز على وزارة الري لتعظيم الفوائد المتوقعة، وتقليل الإسقاطات السالبة، والاطلاع على الوثائق التي تعين اللجنة على أداء مهامها.
وحدد القرار مقر اللجنة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، على أن تتولى مهام سكرتاريتها التنسيق مع وزارة الري والموارد المائية، وتقدم تقارير دورية لمجلس الوزراء. كما وجه القرار وزارات شؤون مجلس الوزراء، والعدل، والخارجية، والري والموارد المائية، والجهات الأخرى المعنية بوضع القرار موضع التنفيذ.
وتضم عضوية اللجنة كلا من وزير شؤون مجلس الوزراء، ووزير العدل، ووزير الري والموارد المائية (عضوا ومقررا)، ووزير الخارجية المكلف، ومدير عام جهاز المخابرات العامة، إضافة إلى مدير هيئة الاستخبارات العسكرية.
وأمّن رؤساء كل من السودان ومصر وإثيوبيا في القمة الأفريقية المصغرة التي انعقدت الثلاثاء الماضي، على الحلول الأفريقية للخلافات، ومواصلة التفاوض في الفترة المقبلة. وتقدم الخبراء الأفارقة في القمة بمقترح لتجاوز الخلافات حول المشاريع المستقبلية على النيل الأزرق، وحظي المقترح بتوافق الأطراف الثلاثة.
وأبدى السودان موافقة مشروطة على حق إثيوبيا في إقامة مشاريع على النيل الأزرق، وفقا للقانون الدولي والاستخدام المنصف والعادل دون الإضرار بمصالح السودان ومصر. وستواصل الدول الثلاث خلال الفترة المقبلة التفاوض في النقاط الخلافية في الجوانب القانونية والفنية، المتبقية بحضور المراقبين الدوليين والخبراء الأفارقة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.