مبادرة افتراضية لدعم العارضات ومصممات الأزياء في مصر

تعمل على تصحيح «المفاهيم الخاطئة» وتنشر ثقافة الجمال والأناقة

 المبادرة تعزز الجمال العربي (صفحة المبادرة على إنستغرام)
المبادرة تعزز الجمال العربي (صفحة المبادرة على إنستغرام)
TT

مبادرة افتراضية لدعم العارضات ومصممات الأزياء في مصر

 المبادرة تعزز الجمال العربي (صفحة المبادرة على إنستغرام)
المبادرة تعزز الجمال العربي (صفحة المبادرة على إنستغرام)

لتعزيز مساحة «الجمال العربي» على خريطة عالم الموضة والأزياء، إلى جانب العمل على تصحيح «المفاهيم الخاطئة»، أطلقت المصريتان إيمان الديب وميرنا عبد العال، مبادرة افتراضية عبر موقع «إنستغرام»، يتم من خلالها تقديم قصص نجاح عارضات ومصممات الأزياء في مصر والمنطقة العربية للمساعدة في تمكينهن في هذا المجال ما يساعدهن على الانطلاق إلى العالمية، إضافة إلى نشر ثقافة الأناقة في المجتمع.
تقدم منصة ومبادرة «وجه» تسجيلات صوتية، ومقاطع فيديو، إلى جانب قصص السيرة الذاتية المكتوبة لعارضات الأزياء والمتخصصات في التصميم والموضة يتناولن عبرها قصص انطلاقهن والصعوبات المحلية والدولية التي تقف في طريقهن، كما يكشفن عن أبرز المفاهيم الخاطئة المرتبطة بهذا المجال في الداخل والخارج، وسعيهن الدائم إلى تغييرها، و«ذلك في محاولة لتغيير رؤية المجتمع لهن وإكساب المرأة العربية لا سيما العاملة في عالم الموضة مزيداً من الثقة في النفس والاعتزاز بالذات وبملامحها ولون بشرتها» وفق إيمان الديب الشريك المؤسس للمنصة، والتي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «لسنوات طويلة من تاريخ الموضة والأزياء في العالم كان مفهوم الجمال ضيقاً، ويقتصر على صاحبات البشرة البيضاء والملامح الغربية، وكأنه لا جمال سواه ولا مكان لمن لا تتمتع به على منصة الفاشون، وأسابيع الأزياء، وإذا كانت الفترة السابقة قد شهدت تغييراً فإنه لايزال محدوداً للغاية».
وتخاطب المبادرة الجميع بهدف إعادة النظر في مفاهيم الهوية والجمال ومقاييس الجاذبية داخل المرأة نفسها التي لا تعتز بشكل كاف بشكلها ما ينعكس على نظرة الرجل والمجتمع لها، وهو ما لمسته إيمان أثناء تدريب الفتيات وتأهيلهن للعمل في مجال الموضة وعرض الأزياء في إطار الوكالة التي أسستها قبل سنتين UNN Model» Management» في مصر بهدف دفع الجمال الأفريقي والعربي إلى العالم وتقول: «أثناء دراستي في أكاديميةNUOVA بإيطاليا ثم سفري للعمل في العديد من الدول كعارضة أزياء واستايليست مثل أميركا وفرنسا أدركت أن ثمة مشكلة تواجه عمل المرأة العربية في هذا المجال، لذلك عندما عدت إلى مصر قررت تأسيس وكالة متخصصة في تدريب عارضات الأزياء بشكل احترافي سليم».
وخلال السنوات الماضية شهد مجال الأزياء والموضة في مصر تطوراً ملحوظاً مع تزايد الاهتمام المجتمع بالموضة وتسارع استهلاكه لسلع الأزياء، وواكب ذلك تزايد المنصات والمبادرات الافتراضية المرتبطة بالجمال والأناقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة لا سيما «إنستغرام» لاحتفائه بالصور.
فيما ترى ميرنا عبد العال الحاصلة على بكالوريوس العلوم السياسية من الجامعة البريطانية في القاهرة، والشغوفة بالكتابة في قضايا تمكين المرأة، أن مصر من أولى الدول التي اهتمت بالجمال في التاريخ، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «في المنحوتات وعلى جدران المعابد الفرعونية، يظهر ولع المرأة المصرية بالتأنق والزينة، وساعدها على ذلك اهتمامها بقوامها الممشوق، وهو ما يدفع الآن أشهر مصممي الأزياء في أسابيع الموضة العالمية إلى تقديم تصاميم مستلهمة من أزيائها».
إلا أن الأمر تغير كثيراً الآن بحسب ميرنا: «ومن هنا نحاول أن نثبت من خلال منصتنا أن أي امرأة يمكنها أن تكون صاحبة جمال وجاذبية مختلفين، وسنقدم ما يساعد على ذلك من خلال تقديم أسس الجمال وطرق اختيار الأزياء، إلى جانب التوثيق لتاريخ الموضة لنؤكد على أنه حق أصيل للمرأة باختلاف هويتها وثقافتها».
عندما تطلع على المنصة الوليدة تتعرف على قصص نجاح وكفاح في عالم الموضة مثل قصة عارضة الأزياء مريم عبد الله التي تكتشف عبرها أنها مهنة شاقة، لا تتطلب الالتزام بمواعيد عمل محددة، إنما هي «أسلوب حياة، وحزمة من التحديات بالنسبة للمرأة العربية على وجه الخصوص».
وإمعاناً في تمكين المرأة توجه المنصة اهتماماً للمرأة حتى في الأماكن النائية والريف، حيث تعمل على تعريف كبار مصممي الأزياء بالفنون التراثية المرتبطة بعالم الموضة مثل التطريز السيناوي والسيرما السوهاجي لاستلهامها دعماً للنساء في هذه المناطق، كما تسلط الضوء على مصممات الأزياء المحافظات الأخرى، على غرار رغدة حسن، مصممة الأزياء في محافظة بني سويف، والتي تقول لـ«الشرق الأوسط»: «رحبت كثيراً بنشر قصتي على المنصة؛ لأنه يحزنني أن كثيرا من الفتيات في الصعيد لا يسايرن تطور الموضة بشكل كاف، وأحاول دوماً إقناعهن أن العادات والتقاليد لا تتعارض مع الأناقة المفعمة بالأنوثة».



«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجمل عبر العصور»... يجيب بلوحاته عن كل التساؤلات

جانب من المعرض (الشرق الأوسط)
جانب من المعرض (الشرق الأوسط)

يجيب معرض «الجمل عبر العصور»، الذي تستضيفه مدينة جدة غرب السعودية، عن كل التساؤلات لفهم هذا المخلوق وعلاقته الوطيدة بقاطني الجزيرة العربية في كل مفاصل الحياة منذ القدم، وكيف شكّل ثقافتهم في الإقامة والتّرحال، بل تجاوز ذلك في القيمة، فتساوى مع الماء في الوجود والحياة.

الأمير فيصل بن عبد الله والأمير سعود بن جلوي خلال افتتاح المعرض (الشرق الأوسط)

ويخبر المعرض، الذي يُنظَّم في «مركز الملك عبد العزيز الثقافي»، عبر مائة لوحة وصورة، ونقوش اكتُشفت في جبال السعودية وعلى الصخور، عن مراحل الجمل وتآلفه مع سكان الجزيرة الذين اعتمدوا عليه في جميع أعمالهم. كما يُخبر عن قيمته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية لدى أولئك الذين يمتلكون أعداداً كبيرة منه سابقاً وحاضراً. وهذا الامتلاك لا يقف عند حدود المفاخرة؛ بل يُلامس حدود العشق والعلاقة الوطيدة بين المالك وإبله.

الجمل كان حاضراً في كل تفاصيل حياة سكان الجزيرة (الشرق الأوسط)

وتكشف جولة داخل المعرض، الذي انطلق الثلاثاء تحت رعاية الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة؛ وافتتحه نيابة عنه الأمير سعود بن عبد الله بن جلوي، محافظ جدة؛ بحضور الأمير فيصل بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»؛ وأمين محافظة جدة صالح التركي، عن تناغم المعروض من اللوحات والمجسّمات، وتقاطع الفنون الثلاثة: الرسم بمساراته، والتصوير الفوتوغرافي والأفلام، والمجسمات، لتصبح النُّسخة الثالثة من معرض «الجمل عبر العصور» مصدراً يُعتمد عليه لفهم تاريخ الجمل وارتباطه بالإنسان في الجزيرة العربية.

لوحة فنية متكاملة تحكي في جزئياتها عن الجمل وأهميته (الشرق الأوسط)

وفي لحظة، وأنت تتجوّل في ممرات المعرض، تعود بك عجلة الزمن إلى ما قبل ميلاد النبي عيسى عليه السلام، لتُشاهد صورة لعملة معدنية للملك الحارث الرابع؛ تاسع ملوك مملكة الأنباط في جنوب بلاد الشام، راكعاً أمام الجمل، مما يرمز إلى ارتباطه بالتجارة، وهي شهادة على الرّخاء الاقتصادي في تلك الحقبة. تُكمل جولتك فتقع عيناك على ختمِ العقيق المصنوع في العهد الساساني مع الجمل خلال القرنين الثالث والسابع.

ومن المفارقات الجميلة أن المعرض يقام بمنطقة «أبرق الرغامة» شرق مدينة جدة، التي كانت ممراً تاريخياً لطريق القوافل المتّجهة من جدة إلى مكة المكرمة. وزادت شهرة الموقع ومخزونه التاريخي بعد أن عسكر على أرضه الملك عبد العزيز - رحمه الله - مع رجاله للدخول إلى جدة في شهر جمادى الآخرة - ديسمبر (كانون الأول) من عام 1952، مما يُضيف للمعرض بُعداً تاريخياً آخر.

عملة معدنية تعود إلى عهد الملك الحارث الرابع راكعاً أمام الجمل (الشرق الأوسط)

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال الأمير فيصل بن عبد الله، رئيس مجلس أمناء شركة «ليان الثقافية»: «للشركة رسالة تتمثّل في توصيل الثقافة والأصالة والتاريخ، التي يجهلها كثيرون، ويشكّل الجمل جزءاً من هذا التاريخ، و(ليان) لديها مشروعات أخرى تنبع جميعها من الأصالة وربط الأصل بالعصر»، لافتاً إلى أن هناك فيلماً وثائقياً يتحدّث عن أهداف الشركة.

ولم يستبعد الأمير فيصل أن يسافر المعرض إلى مدن عالمية عدّة لتوصيل الرسالة، كما لم يستبعد مشاركة مزيد من الفنانين، موضحاً أن المعرض مفتوح للمشاركات من جميع الفنانين المحليين والدوليين، مشدّداً على أن «ليان» تبني لمفهوم واسع وشامل.

نقوش تدلّ على أهمية الجمل منذ القدم (الشرق الأوسط)

وفي السياق، تحدّث محمد آل صبيح، مدير «جمعية الثقافة والفنون» في جدة، لـ«الشرق الأوسط» عن أهمية المعرض قائلاً: «له وقعٌ خاصٌ لدى السعوديين؛ لأهميته التاريخية في الرمز والتّراث»، موضحاً أن المعرض تنظّمه شركة «ليان الثقافية» بالشراكة مع «جمعية الثقافة والفنون» و«أمانة جدة»، ويحتوي أكثر من مائة عملٍ فنيّ بمقاييس عالمية، ويتنوع بمشاركة فنانين من داخل المملكة وخارجها.

وأضاف آل صبيح: «يُعلَن خلال المعرض عن نتائج (جائزة ضياء عزيز ضياء)، وهذا مما يميّزه» وتابع أن «هذه الجائزة أقيمت بمناسبة (عام الإبل)، وشارك فيها نحو 400 عمل فني، ورُشّح خلالها 38 عملاً للفوز بالجوائز، وتبلغ قيمتها مائة ألف ريالٍ؛ منها 50 ألفاً لصاحب المركز الأول».

الختم الساساني مع الجمل من القرنين الثالث والسابع (الشرق الأوسط)

وبالعودة إلى تاريخ الجمل، فهو محفور في ثقافة العرب وإرثهم، ولطالما تغنّوا به شعراً ونثراً، بل تجاوز الجمل ذلك ليكون مصدراً للحكمة والأمثال لديهم؛ ومنها: «لا ناقة لي في الأمر ولا جمل»، وهو دلالة على أن قائله لا يرغب في الدخول بموضوع لا يهمّه. كما قالت العرب: «جاءوا على بكرة أبيهم» وهو مثل يضربه العرب للدلالة على مجيء القوم مجتمعين؛ لأن البِكرة، كما يُقال، معناها الفتيّة من إناث الإبل. كذلك: «ما هكذا تُورَد الإبل» ويُضرب هذا المثل لمن يُقوم بمهمة دون حذق أو إتقان.

زائرة تتأمل لوحات تحكي تاريخ الجمل (الشرق الأوسط)

وذُكرت الإبل والجمال في «القرآن الكريم» أكثر من مرة لتوضيح أهميتها وقيمتها، كما في قوله: «أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ» (سورة الغاشية - 17). وكذلك: «وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ» (سورة النحل - 6)... وجميع الآيات تُدلّل على عظمة الخالق، وكيف لهذا المخلوق القدرة على توفير جميع احتياجات الإنسان من طعام وماء، والتنقل لمسافات طويلة، وتحت أصعب الظروف.