تراجع قياسي في أرباح أكبر البنوك الأميركية

مخاوف من استمرار حالة عدم اليقين بشأن التعافي الاقتصادي

أعلن بنك «جيه بي مورغان تشيس» عن تراجع أرباحه في الربع الثاني من 2020 (رويترز)
أعلن بنك «جيه بي مورغان تشيس» عن تراجع أرباحه في الربع الثاني من 2020 (رويترز)
TT

تراجع قياسي في أرباح أكبر البنوك الأميركية

أعلن بنك «جيه بي مورغان تشيس» عن تراجع أرباحه في الربع الثاني من 2020 (رويترز)
أعلن بنك «جيه بي مورغان تشيس» عن تراجع أرباحه في الربع الثاني من 2020 (رويترز)

يعاني القطاع المصرفي في الولايات المتحدة من أسوأ نشاط أعمال منذ الأزمة المالية العالمية، بسبب جائحة كورونا. وأظهرت بيانات نتائج الأعمال لبعض البنوك عن تراجع حاد في الأرباح بسبب تعثر ملايين المواطنين والشركات عن سداد أقساط الديون. كما أظهرت البيانات أيضاً خسائر محتملة لثالث أكبر البنوك الأميركية، للمرة الأولى منذ الكساد العظيم عام 1933.
وأعلن بنك «جيه بي مورغان تشيس»، أكبر البنوك في الولايات المتحدة، عن تراجع أرباحه بنسبة 51 في المائة في الربع الثاني من العام الحالي، وسط حالة عدم اليقين بشأن الانتعاش الاقتصادي، والوتيرة التي يمكن أن يتحقق بها. وقال البنك إن حالة عدم اليقين في الاقتصاد تسببت في ارتفاع نسبة المخاطر الائتمانية، وهو ما جعل البنك يزيد من مخصصات رأس المال للتحوط ضد الخسائر المحتملة. وأظهر تقرير نتائج أعمال البنك الذي صدر أمس، تحقيق أرباح فصلية بقيمة 4.7 مليار دولار خلال الربع الثاني، بانخفاض قدره 5 مليارات دولار عن الفترة نفسها من العام الماضي. كما فقد سهم البنك في بورصة وول ستريت ما يقرب من ثلث قيمته هذا العام.
وحقق قسم الخدمات المصرفية للأفراد في البنك خسائر وصلت إلى 176 مليون دولار خلال الربع الثاني، مقارنة بأرباح قوية بلغت 4.2 مليار دولار، في الفترة نفسها من العام السابق. وجاءت الخسائر مدفوعة بتقليص الإيرادات، والزيادة الكبيرة في مخصصات خسائر الائتمان.
وكشف التقرير أن البنك رفع من حجم مخصصات خسائر الائتمان لديه إلى 10.5 مليار دولار خلال هذا الربع، بزيادة نسبتها 900 في المائة عن الفترة نفسها من العام السابق. وأوضح البنك أن السبب في ذلك هو استعداده لخسائر كبيرة في القروض خلال الأشهر المقبلة. ويعكس ذلك زيادة النظرة التشاؤمية للبنك عن مستقبل الاقتصاد عما كان عليه في الربع الأول، عندما أبلغ عن تكاليف ائتمان بقيمة 8.3 مليار دولار، بما في ذلك تراكم الاحتياطي البالغ 6.8 مليار دولار.
وقال البنك إن ارتفاع الاحتياطي خلال الربع الثاني «يعكس مزيداً من التدهور، وزيادة عدم اليقين في التوقعات الاقتصادية الكلية نتيجة لتأثير (كوفيد-19)». وقال جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي للبنك، في بيان له أمس: «رغم بعض بيانات الاقتصاد الكلي الإيجابية الأخيرة، والإجراءات المهمة الحاسمة للحكومة، ما زلنا نواجه كثيراً من عدم اليقين بشأن المسار المستقبلي للاقتصاد. ومع ذلك، نحن على استعداد لجميع الاحتمالات لأن ميزانيتنا الحصينة تسمح لنا بالبقاء في مرسى ميناء في ظل العاصفة».
ورغم تراجع إيرادات البنك بشكل كبير، فقد جاءت أعلى بنسبة 15 في المائة من توقعات البنك، كما انخفض سعر السهم بنسبة أقل من توقعات بورصة وول ستريت، ليستقر عند 1.38 دولار. كما ارتفعت عائدات البنك من تجارة الأوراق المالية، لتصل إلى 9.7 مليار دولار، بزيادة نسبتها 77 في المائة، عن الفترة نفسها من العام السابق.
ومن المنتظر أن تكشف البنوك الخمسة الكبرى الأخرى (بنك أوف أميركا، وسيتي بنك، ومورغان ستانلي، وغولدمان ساكس، وويلز فارغو) عن نتائج أعمالها المالية عن الربع الثاني خلال الأسبوع الحالي. وهناك توقعات كبيرة أن يعاني «ويلز فارغو» الذي يعد ثالث أكبر البنوك الأميركية من أول خسارة فصلية منذ الركود العظيم 1933، فضلاً عن قطع محتمل لتوزيعات أرباح الأسهم.
وقال الرئيس التنفيذي لبنك «سيتي غروب»، مايكل كوربات، إن مصرفه «مستعد لمجموعة من السيناريوهات، وسيستمر في إدارة مؤسستنا بحكمة، في ظل هذا الوضع غير المسبوق». فيما حذر تشارلز شارف، الرئيس التنفيذي لبنك «ويلز فارغو»، من حالة عدم اليقين بشأن التعافي الاقتصادي. وقال في بيان أمس: «نعتقد أنه من الحكمة أن نكون حذرين للغاية حتى نرى طريقاً واضحاً للتحسن الاقتصادي الواسع». ويحذر المحللون من أن النتائج المالية للبنوك خلال الربعين الثاني والثالث يمكن أن تكون سيئة للغاية خلال الوباء.
ويقاتل المقرضون في عدة جبهات في وقت واحد. فمن ناحية، يصارعون مع تعثر ملايين الأفراد والشركات عن سداد أقساط القروض بجميع أنواعها، فضلاً عن إشهار كثير من الشركات إفلاسها، تاركة خلفها ملايين (بل مليارات) الدولارات ديوناً غير مدفوعة. علاوة على ذلك، تقلصت أرباح البنوك بشكل كبير بسبب أسعار الفائدة المنخفضة للغاية التي تقترب من الصفر. أما التحدي الأكبر للبنوك، والقطاع المصرفي بشكل عام، فيبدو في حالة عدم اليقين التي تواجه الاقتصاد، وسط أزمة صحية واسعة غير معروف متي أو كيف تنتهي، على الأقل في المستقبل المنظور.
ورغم الخسائر الفادحة التي تعاني منها ملايين الشركات الأميركية بسبب جائحة كورونا، فإن بورصة وول ستريت تتمتع بتعافٍ سريعٍ من الأزمة. فقد حققت مبيعات الأسهم في بورصة وول ستريت رقماً قياسياً، بلغ 190 مليار دولار، خلال الربع الثاني.
وبينما انهارت عمليات الاندماج والاستحواذ بين الشركات الأميركية، تمتعت البنوك الاستثمارية بأرباح قياسية، مدفوعة بمبيعات الديون، حيث سعت الشركات للحصول على النقد من أجل التغلب علي أزمة السيولة في ظل الوباء. واستخدمت البنوك الكبرى هذه الأرباح القياسية لتغطية خسائرها من القروض الفردية بسبب تعثر الأفراد عن السداد. ويرتبط مصير القطاع المصرفي في الوقت الحالي بمسار الفيروس التاجي لأن البطالة التي نتجت عنه تؤثر على قدرات العملاء على سداد الديون.



«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.