«النقد الدولي» يحذر لبنان من «تأخير الإصلاحات» وتقليل خسائره المالية

مسؤول سابق يكشف تهريب 6 مليارات دولار إلى الخارج

تجمع أمام السفارة الألمانية في بيروت أمس للمطالبة بمنح تأشيرات للراغبين في الهجرة من لبنان (إ.ب.أ)
تجمع أمام السفارة الألمانية في بيروت أمس للمطالبة بمنح تأشيرات للراغبين في الهجرة من لبنان (إ.ب.أ)
TT

«النقد الدولي» يحذر لبنان من «تأخير الإصلاحات» وتقليل خسائره المالية

تجمع أمام السفارة الألمانية في بيروت أمس للمطالبة بمنح تأشيرات للراغبين في الهجرة من لبنان (إ.ب.أ)
تجمع أمام السفارة الألمانية في بيروت أمس للمطالبة بمنح تأشيرات للراغبين في الهجرة من لبنان (إ.ب.أ)

حذر صندوق النقد الدولي، الاثنين، السلطات اللبنانية من أي تأخير في تنفيذ الإصلاحات الضرورية، وكذلك من محاولات تقليل الخسائر المالية، في وقت يبدو فيه أن المفاوضات بين الطرفين تراوح مكانها، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
ويتخبط لبنان في أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه الحديث، وقد خسر عشرات آلاف اللبنانيين وظائفهم، أو جزءاً من رواتبهم، وتآكلت قدرتهم الشرائية، فيما ينضب احتياطي الدولار لاستيراد مواد حيوية مدعومة، كالقمح والأدوية والوقود.
وتخلف لبنان في مارس (آذار) الماضي، للمرة الأولى في تاريخه، عن تسديد مستحقات سندات «اليوروبوندز»، التي تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من 30 مليار دولار، ثم طلب مساعدة صندوق النقد. ومنذ شهرين، وبناء على طلب من لبنان، عقدت 17 جلسة تفاوض بين صندوق النقد الدولي والحكومة اللبنانية، آخرها الجمعة، لبحث ملف الكهرباء، لكن مصادر مطلعة عدة قالت لوكالة الصحافة الفرنسية، الأسبوع الماضي، إن المفاوضات تراوح مكانها.
وخلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت، قال نائب مدير صندوق النقد لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا، أثناسيوس أرفانيتيس: «من أجل أن تتواصل المناقشات المثمرة في هذه المرحلة، من المهم جداً أن تتوحد السلطات حول خطة الحكومة. ونحن على استعداد للعمل معها لتحسين الخطة في حال الضرورة».
وتدارك: «لكننا نشعر بالقلق أيضاً من أن محاولات تقديم قيمة أقل للخسائر، وتأجيل الإجراءات الصعبة، لن يؤدي إلا لزيادة تكلفة الأزمة، من خلال تأخير التعافي، وإيذاء الفئات الأكثر ضعفاً».
وبدا خلال جلسات التفاوض التباين جلياً بين تقديرات الحكومة لإجمالي خسائر الدولة والمصارف المالية، وتقديرات المصرف المركزي وجمعية المصارف.
وقدرت الحكومة هذه الخسائر بـ241 ألف مليار ليرة، وتدخل البرلمان عبر لجنة تقصي حقائق قالت إن الخسائر تراوح بين 60 و91 ألف مليار ليرة، لكن صندوق النقد يعد أرقام الحكومة أقرب إلى الواقع.
ويعتمد لبنان في مفاوضاته مع الصندوق على خطة تقشفية أقرتها الحكومة نهاية أبريل (نيسان) الماضي، وتمتد على 5 سنوات، وتقترح إصلاحات على مستويات عدة، بينها السياسة المالية، وميزان المدفوعات، والبنى التحتية، وإعادة هيكلة الديون والمصارف. كما تنص على إصلاحات أساسية في البنى التحتية، بينها في قطاع الكهرباء المترهل الذي يشكل العبء المالي الأكبر.
ولاقت خطة الحكومة انتقادات من أطراف سياسية عدة، كما من المصارف التي يعود إليها القسم الأكبر من ديون الدولة.
والأزمة الاقتصادية الحالية هي وليدة سنوات من النمو المتباطئ، مع عجز الدولة عن إجراء إصلاحات بنيوية، وترهل المرافق العامة، وتفشي الفساد.
ويطالب الصندوق الحكومة باتخاذ تدابير سريعة، بينها تحرير سعر الصرف، والتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، وتقييد الرساميل بشكل رسمي، بحسب المصادر المطلعة.
ومنذ بدء المفاوضات، ارتفع سعر الصرف من 4 آلاف إلى 9 آلاف ليرة مقابل الدولار في السوق السوداء، قبل أن يتراجع إلى نحو 7 آلاف في الأيام الأخيرة، فيما تفرض المصارف قيوداً مشددة على الودائع، وتمنع الزبائن من سحب دولاراتهم. ولا يزال سعر الصرف الرسمي مثبتاً على 1507 ليرات.
ودعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الأسبوع الماضي، إلى الإسراع في الإصلاحات، وقال: «على السلطات اللبنانية أن تستعيد زمام الأمور... نحن حقاً مستعدون لمساعدتكم، لكن ساعدونا على مساعدتكم».

قضية تهريب الأموال من لبنان
وعلى صعيد آخر، استعادت قضية الأموال المحولة من المصارف اللبنانية إلى الخارج، في الفترة التي تلت اندلاع موجات الاحتجاجات الشعبية في 17 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي، بعضاً من حيويتها، رغم عدم غيابها عن مسرح التجاذبات السياسية والاتهامات بين الأطراف الداخلية.
فقد وجه المحامي العام التمييزي القاضي صبوح سليمان كتاباً إلى هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، طلب بموجبه التوسع بالتحقيق حول التحويلات المصرفية إلى الخارج التي جرت بين 17 أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2019 و31 ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، والتي بلغ مجموعها 160 مليوناً و441 ألف دولار، بحسب ما أفادت به الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.
وطلب سليمان من الهيئة التأكيد على المصارف بالتحقيق حول هذه الحسابات، ولا سيما كل حساب يعادل أو يزيد على المليون دولار أميركي، وذلك عملاً بالمادة (4) من قانون مكافحة تبييض الأموال رقم (44-2015). كذلك الطلب من المصارف إبلاغ رئيس هيئة التحقيق الخاصة عن كل حساب مصرفي مشبوه من الحسابات المحولة إلى الخارج، عملاً بالمادة (7) من القانون المذكور.
وسبق للهيئة أن امتنعت عن تزويد القضاء بأسماء أصحاب التحويلات إلى الخارج، كونه لا توجد أي شبهة حول حسابات هؤلاء الأشخاص، وفق الجواب الذي ورد للهيئة من المصارف. كما تلقى القضاء جواباً سلبياً من سويسرا حول هذه المسألة، على اعتبار أن التحقيق فيها يتطلب وجود جريمة أصلية، فضلاً عن أن الأموال التي تم تحويلها إلى حسابات مصرفية في سويسرا «هي أموال نظيفة إلى أن يثبت العكس».
وفي السياق عينه، نقلت صحيفة «فايننشال تايمز» عن مدير عام وزارة المال المستقيل ألان بيفاني قوله إن البنوك اللبنانية «هربت» ما يقرب من 6 مليارات دولار منذ أكتوبر (تشرين الأول)، رغم حجب التحويلات إلى الخارج مع دخول البلاد في أزمة مالية، علماً بأن القانون لا يمنع حتى الساعة إجراء مثل هذه التحويلات.
وقال بيفاني: «إن ما بين 5.5 مليار و6 مليارات دولار جرى تهريبها خارج البلاد» من قبل «مصرفيين (لا يسمحون) للمودع بسحب 100 دولار»، مبيناً أن «هذا التقييم من واقع فهمه لبيانات القطاع المصرفي، ومشاورات مع سلطة الرقابة المصرفية».
واتهم السياسيين والمصرفيين بمحاولة «الاستفادة من النظام، دون تحمل أدنى خسارة، بينما يجعلون اللبنانيين يدفعون ثمن الانهيار».
وكان الرئيس السابق للجنة الرقابة على المصارف، سمير حمود، قد كشف في تقرير عن تحويل نحو 2.3 مليار دولار من الجهاز المصرفي إلى سويسرا خلال الفترة عينها. لكنه بين حينها أن «ما ورد من معلومات، عن أن التحويلات بمبلغ تعود إلى أصحاب المصارف في لبنان، هو كلام غير دقيق ومغلوط، ولا يمت إلى الحقيقة بصلة»، مضيفاً أن «المعلومات لدى اللجنة تؤكد أن المصارف كلها، وليس 5 منها فقط، حولت ما يقرب من هذا المبلغ إلى مصارف في سويسرا، خلال الفترة الممتدة من 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 حتى 10 يناير (كانون الثاني) 2020، لكن لا يحق للجنة قانوناً معرفة أصحابها، وبالتالي لا أسماء معروفة على الإطلاق».
وبالمثل، ردت هيئة التحقيق الخاصة على طلب ورد إليها من مدعي عام التمييز غسان عويدات، مؤكدة أن «كل المصارف التي نفذت التحويلات (خلال الفترة عينها) قد أفادت بعدم وجود أي شبهة بالعمليات، أو بمصدر الأموال المودعة في الحسابات، وبالتالي فإن الأسماء التي أجرت التحويلات غير موجودة لدى الهيئة، ويتعذر عليها قانوناً اتخاذ أي قرار في خصوص هذه الحسابات، أو الطلب من المصارف تزويدها بالأسماء، لعدم وجود شبهات عليها، مع الإشارة إلى أنه في حال تم تجاوز القانون في هذه القضية، فإن ذلك سيفسر بأن الهيئة تقوم بتنفيذ قرار سياسي، ما يضرب الاستقلالية التشغيلية للهيئة التي يفترض ألا تتأثر بقرارات طابعها سياسي، وفقاً للمعايير الدولية التي ترعى عمل وحدات الإخبار المالي».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.