تحاول ألمانيا الاستعانة بالبيئة للتخفيف من تداعيات فيروس كورونا الاقتصادية عليها. وللمرة الأولى منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، قرّرت حكومة برلين دخول حقل مالي جديد هو سوق السندات البيئية المعروفة باسم «غرين بوند». وسيتمثّل ذلك في إصدار أول دفعة منها في شهر سبتمبر (أيلول) القادم، على شكل سندات تستحق بعد عشرة أعوام، يليها، في الربع الأخير من عام 2020، إصدار دُفعة أخرى تستحق بعد خمسة أعوام.
أما الجهة التي ستشرف على إصدار هذه السندات النوعية فستكون لجنة حكومية تضمّ اتحادات عمالية وأخرى إقليمية أُسندت إليها مهمة الترويج لمنتجات مالية حديثة وصديقة للبيئة.
تقول الخبيرة الألمانية ميلاني شميت التي تولّت مناصب عدّة في المصرف المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت بين عامي 2013 و2019، إن إجمالي السندات البيئية التي تهمّ حكومة برلين بإصدارها سيتراوح ما بين 8 و12 مليار يورو (9.08 و13.6 مليار دولار)، وهي بمثابة خطوة تجريبية أولى.
وتضيف أن وتيرة إصدار السندات البيئية تسارعت منذ أن أعلن المصرف المركزي الأوروبي، قبل تفشي فيروس كورونا حول العالم، نواياه في مواجهة التغيرات المناخية كجزء من مهامه المستقبلية لتوليد بيئة منتجات مالية نظيفة. هكذا، فُتحت الأبواب الأوروبية على مصراعيها أمام تسويق فئة جديدة من السندات الصديقة للبيئة. ويأتي إصدار السندات البيئية الألمانية تزامناً مع خطّة واسعة النطاق تبنّتها حكومة برلين لحماية البيئة بقيمة 54 مليار يورو، ومن ضمنها خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الجو.
وتختم: «لا تعتبر ألمانيا سبّاقة أوروبياً في إصدار السندات البيئية. فقبل ثلاثة أعوام كانت فرنسا أول دولة في منطقة اليورو لناحية بيع سندات بيئية تستحق بعد 22 عاماً. وسرعان ما انضم إليها كل من بلجيكا وهولندا وآيرلندا وبولندا. ووصل مجموع السندات البيئية الفرنسية إلى 7 مليارات يورو. ومنذ آنذاك، زادت أسعار شراء هذه السندات الفرنسية تزامناً مع تراجع أسعار فائدتها من 1.75 في المائة، لدى ولاتها، إلى 0.5 في المائة حالياً. مع ذلك، تشهد السندات البيئية الأوروبية إقبالاً جيداً عليها في صفوف المستثمرين بسبب مردودها الآمن وطويل الأمد في ظل أسعار فائدة سلبية ضارّة اجتاحت عالم المال والأعمال في السنوات الأخيرة».
في سياق متصل، تنوه الخبيرة المصرفية الألمانية ريناتا أنغرن بأن المنتجات المصرفية البيئية من شأنها استقطاب آلاف المستثمرين الدوليين كل عام.
وتضيف أن السندات البيئية ستتنوّع في الأعوام القادمة لتضحى أربع فئات. تتعلّق الفئة الأولى منها بملف قطع انبعاثات الغازات السامّة في الجو. علماً بأن السندات البيئية الألمانية تنتمي إلى الفئة الأولى. أما الفئة الثانية فستتطرّق إلى حماية المياه. وتتمثّل الفئتان الثالثة والرابعة بدعم الاقتصاد الدائري، الهادف إلى القضاء على الهدر والاستخدام المستمر للموارد، والحماية من التلوّث. هكذا، سيتمكن المستثمر الأوروبي أو الأجنبي من اختيار ما هو أكثر تناسباً مع خططه المالية. وعلى الصعيد الألماني، يبدي نحو 85 في المائة من المستثمرين في السندات البيئية، على كل أنواعها، استعدادهم لشراء سندات لما إجماليه من 10 إلى 17 مليون يورو تستحق على المدى الطويل.
وتختم: «للآن، طغت إصدارات سندات كورونا على السندات البيئية. وسندات كورونا هي آلية ديون متبادلة مثيرة للجدل لمساعدة دول الاتحاد الأوروبي، الأكثر تأثراً بجائحة كوفيد - 19، على تمويل جهودها لدرء التداعيات الاقتصادية المدمرة للوباء. وفي الشهور الأربعة الأولى من العام، رسا إجمالي إصدارات سندات كورونا، في منطقة الاتحاد الأوروبي، عند 32 مليار دولار. في حين من المتوقع ألا يتخطّى إجمالي إصدارات السندات البيئة الأوروبية، حتى نهاية 2020، عتبة الـ16.4 مليار دولار».
ألمانيا تستعين بالسندات البيئية لدعم اقتصادها
ألمانيا تستعين بالسندات البيئية لدعم اقتصادها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة