تمدد جبهة النصرة يهدد الخطط الأميركية لدعم المعارضة السورية المعتدلة

البلد نحو التقسيم بين قوات المتطرفين والنظام مع اختفاء المعتدلين

مؤيدون لجبة النصرة يشاركون في مظاهرة احتجاجية ضد الرئيس السوري بشار الأسد في حلب (أ.ف.ب)
مؤيدون لجبة النصرة يشاركون في مظاهرة احتجاجية ضد الرئيس السوري بشار الأسد في حلب (أ.ف.ب)
TT

تمدد جبهة النصرة يهدد الخطط الأميركية لدعم المعارضة السورية المعتدلة

مؤيدون لجبة النصرة يشاركون في مظاهرة احتجاجية ضد الرئيس السوري بشار الأسد في حلب (أ.ف.ب)
مؤيدون لجبة النصرة يشاركون في مظاهرة احتجاجية ضد الرئيس السوري بشار الأسد في حلب (أ.ف.ب)

يبسط أحد الأجنحة الرئيسية لتنظيم القاعدة في سوريا سيطرته على منطقة كانت تقع حتى وقت قريب تحت سيطرة المعارضة المعتدلة التي تتعرض للانهيار، وهو أمر يهدد الخطط الأميركية التي تهدف إلى تشكيل قوة جديدة من المعارضين من أجل مكافحة المتطرفين.
فتقوم جبهة النصرة باطراد بتعزيز مراكزها باعتبارها أكبر قوة عسكرية في شمال غربي سوريا منذ أن نجحت خلال الشهر الماضي في طرد أكبر حركتي تمرد مدعومتين من الغرب من محافظة إدلب. وقام التنظيم باجتياح مجموعة من البلدات والقرى في جميع أنحاء المحافظة، وقام بتأمين طرق الإمداد إلى تركيا المجاورة، وربما يكون قد مهد الطريق لإنشاء «إمارة» إسلامية - وهي الكيان المنافس لكيان «داعش» الذي أعلن خلال الصيف الماضي نفسه تحت اسم «تنظيم الدولة الإسلامية» في مناطق شمال شرقي سوريا وغرب العراق.
وتتسبب التهديدات الناجمة عن اتساع وجود هذا الجناح التابع لتنظيم القاعدة في زيادة تعقيد الجهود التي تقودها الولايات المتحدة بهدف احتواء وتدمير تنظيم داعش الذي يعتبر أكثر قوة الآن، وكذلك منافسا شرسا لتنظيم جبهة النصرة الذي طرد موالين لتنظيم القاعدة من أراضيه خلال الصيف الماضي.
وإذا استمر القتال في سوريا في مساره الحالي، فقد تتعرض البلاد خلال وقت قريب لتقسيم كامل بين قوات متطرفين وقوات تابعة لنظام الأسد، وهو ما يؤدي لترك المعارضة المعتدلة دون أرض، وترك الولايات المتحدة دون حلفاء في بلد مهم من الناحية الاستراتيجية، بحسب قادة للمعارضة ومحللين.
وفي الوقت نفسه، ما زالت جارية صياغة خطط البنتاغون الخاصة بتدريب وتجهيز قوة مكونة من خمسة آلاف معارض في شمال سوريا من أجل مقاتلة تنظيم داعش. وتم تحديد موقع جنوب العاصمة التركية، أنقرة، على أنه قاعدة لتدريب أول فوج من المعارضين يبلغ عدده 2000، وحصلت المعارضة على موعد الأول من فبراير (شباط) لبدء التدريبات الأولى، وفقا لممثلي المعارضة السورية.
ولكن حتى الآن لم يلتق المسؤولون الأميركيون الآن بقادة المعارضة السورية لمناقشة هذا البرنامج، حيث لا يزالون يتناقشون مع تركيا بشأن أي الجماعات التي سيتم اختيارها، ولم ينتهوا بعد من صياغة الأسئلة التي ينبغي طرحها في عملية الفحص.
من جانبه، قال الجنرال جون كيربي، المتحدث باسم البنتاغون، يوم الخميس إن المسؤولين ما زالوا ينتظرون الحصول على التمويل لتنفيذ البرنامج. وتم بالفعل التصريح بالتمويل في وقت لاحق من ذلك اليوم بعد موافقة الكونغرس على مشروع قانون تفويض الدفاع.
وقال يزيد صايغ، الذي يعمل في مركز «كارنيغي للشرق الأوسط» في بيروت، إنه مع حلول الوقت الذي تتم فيه العملية قد لا تكون هناك أي معارضة معتدلة لتحصل على المساعدة. وأضاف قائلا إن السياسة «تفترض استمرار وجود معارضة معتدلة داخل سوريا. ولكن حقيقة فإن صعود تنظيم جبهة النصرة يثير الشكوك حول هذه الأفكار. فعندما تصبح هذه الأمور موجودة على أرض الواقع، ستكون جبهة النصرة قد وصلت إلى مستوى من السيطرة يجعل من هذه السياسة أمرا غير ذي جدوى».
ويقول قادة للمعارضة إنه لا تزال هناك حياة في الجيش السوري الحر، وهو الاسم الجامع الذي تستخدمه الجماعات المعتدلة، حتى في الوقت الذي يحارب فيه من أجل بقائه على جبهتين، ضد الحكومة وضد تنظيم داعش. وساعد برنامج سري تديره الاستخبارات المركزية الأميركية لمساعدة المعارضين المعتدلين في إيقاف تقدم القوات الحكومية التي كانت تهدد بإخراجهم من حلب، التي تعتبر أهم معاقلهم، وتقع إلى الشرق من إدلب.
وقال مسؤولون أميركيون إنهم يبحثون تطوير هذا البرنامج في ضوء الانتكاسات الأخيرة، وأقروا بالحاجة إلى ما وصفه أحد المسؤولين بـ«زيادة الشعور بالعجلة».
ولكن في حين يقول بعض قادة المعارضة إنهم تلقوا وعودا بزيادة الموارد، يقول آخرون إنه تم إيقاف دعمهم منذ الهجوم الذي شنه تنظيم جبهة النصرة. ويقول جميعهم إن المساعدات محدودة بأي حال، ولم تبلغ أبدا ما يكفي لضمان بقائهم. وقال خالد صالح، المتحدث باسم حركة حزم، أكبر متلق للدعم الأميركي، والتي طردتها جبهة النصرة من مقرها في إدلب الشهر الماضي «إذا كان الدعم المقدم لنا سيظل على نفس مستوياته في السابق، فإن المعارضين المعتدلين سيختفون خلال فترة تتراوح بين ثلاثة إلى ستة أشهر».
ولا تزال حركة حزم تواصل القتال في حلب، إلى جانب جماعات معتدلة أخرى تدعمها الولايات المتحدة مثل جيش المجاهدين، الذي تم فحصه مؤخرا للحصول على مساعدات من الاستخبارات المركزية الأميركية، وتلقيه تدريبا وأسلحة قدمتها الولايات المتحدة، بما في ذلك الصواريخ المضادة للدبابات من طراز «تاو»، وفقا لأبو عبد السلام، أحد قادة الجماعة. وقال إن الدعم لا يكفي.. «نحن على الخط الفاصل بين الحياة والموت، ومناعتنا منخفضة. إذا اجتاحنا مرض خطير، لن نتمكن من البقاء أحياء».
انهزم المعتدلون في محافظة حيوية من الناحية الاستراتيجية مثل إدلب الواقعة على الحدود مع تركيا، وأقر هو وغيره من القادة الآخرين بهذه الهزيمة.
ولا تسيطر جبهة النصرة، التي نشأت في البداية بوصفها جناحا سوريا من تنظيم داعش في العراق، قبل أن تتطور إلى كيان سوري منفصل بعد انفصال تنظيم داعش عن تنظيم القاعدة، على كل الأراضي في المحافظة. فلا يزال هناك العديد من الجماعات المعتدلة الصغيرة، وكذلك عدة تشكيلات إسلامية كبرى تجسر الفجوة بين المعتدلين والمتطرفين. لكن أغلبها يقبل هيمنة جبهة النصرة، على الأقل في الوقت الراهن، من خلال البقاء على الحياد أو تشكيل تحالفات، بحسب أبو محمد، أحد قادة جماعة «أنصار الشام» الصغيرة، التي اختارت أن تكون على الحياد في الحرب بين جبهة النصرة وغيرها من الجماعات المعارضة بدلا من التعرض لخطر الإبادة.
وقال من مكتب جماعته الذي يقع في بلدة أنطاكية بجنوب تركيا «الوضع في إدلب صعب للغاية الآن. كل الجماعات المتبقية التابعة للجيش السوري الحر تخشى من أن يتم طردها». ورغم أن جبهة النصرة تابعة رسميا لتنظيم القاعدة، فقد حظيت بسمعة طيبة بين السوريين باعتبارها القوة الأكثر فعالية في محاربة الأسد. كما أنها ميزت نفسها بالوجود الأكثر انضباطا والأكثر التزاما بالمبادئ في المجتمعات المحلية عن كتائب الجيش السوري الحر التي تكون جامحة في كثير من الأحيان، وترتكب أفعالا إجرامية صريحة أحيانا.
وامتنعت الجماعة حتى الآن عن التطبيقات المتطرفة للشريعة مثل «داعش»، ورغم أن جبهة النصرة أعلنت أن هدفها هو إنشاء «إمارة» إسلامية لمنافسة «داعش»، فإنها لم تقم بذلك حتى الآن، ربما خوفا من التسبب في إثارة ردود فعل غاضبة بين السوريين الذين يتمثل أهم هدف لهم في التخلص من نظام الأسد وإرساء نظام أكثر ديمقراطية.
ويقول سوريون إن الاعتقاد بأن الضربات الجوية الأميركية تساعد الأسد على البقاء في السلطة أدى إلى زيادة التعاطف مع جبهة النصرة على حساب الجماعات المدعومة من الغرب. ويقول قادة للمعارضة إنه لا مفر من أن تهجم جبهة النصرة على المعتدلين بعد أن أعلن الرئيس أوباما برنامج التدريب والتسليح في شهر يوليو (تموز)، وهو ما تسبب في وجود حافز للاستغناء عن الجماعات المدعومة من الولايات المتحدة قبل الحصول على الدعم.
وقال أرون لوند، الذين يقوم بتحرير مدونة «سوريا في أزمة» لصالح مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي «لقد أصبح مصيرهم الفشل عندما استهدفت الضربات الجوية الأميركية مواقع جبهة النصرة في اليوم الأول للحرب الجوية في سوريا، وهو ما يشير إلى أن الجماعة كانت بالفعل على قائمة الاستهداف الأميركية». وأضاف «جبهة النصرة ليست غبية. فهم يعرفون أن (داعش) ستكون هي البداية، ثم يأتي الدور عليهم».
* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»



مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
TT

مصر وقطر تدعوان إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية في غزة

رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)
رئيس الوزراء القطري خلال حديثه في منتدى الدوحة السبت (الخارجية القطرية)

دعت مصر وقطر، السبت، إلى سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها في قطاع غزة.

وخلال لقاء عقده رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، مع وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، على هامش انعقاد «منتدى الدوحة»، في العاصمة القطرية، السبت، أكد المسئولان أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار ومنع أي خروقات، إلى جانب التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها.

كما شدد الوزيران على أهمية ضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار.

وفي كلمته خلال افتتاح «منتدى الدوحة»، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن اتفاق غزة لم يطبَّق بالكامل، مشيراً إلى استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية.

وقال آل ثاني إن التحديات التي تشهدها المنطقة ليست معزولة عمَّا يشهده العالم من تراجع احترام القانون الدولي.

وأضاف أن «العدالة باتت في كثير من الأحوال غائبة عن مسار القانون الدولي»، مشيراً إلى أن الحلول العادلة وحدها هي التي تصنع السلام المستدام في العالم.

ولفت إلى أن «العالم لا يحتاج إلى مزيد من الوعود، بل يحتاج إلى عادلة تترجم الأقوال إلى أفعال»، مؤكداً أن «غياب المساءلة أحد أخطر مظاهر الاختلال في النظام الدولي الحالي».

وفي حديثه عن الوساطة، شدد على أنها ليست رفاهية سياسية، بل منهج راسخ لدولة قطر، معرباً عن إيمان الدوحة بأن العدالة ليست غاية سياسية فحسب، بل ركيزة أساسية لصون القانون الدولي.

معبر رفح وتهجير الفلسطينيين

وخلال مشاركته في جلسة بعنوان «محاسبة غزة: إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، التزام بلاده بمواصلة جهودها مع مختلف الأطراف الإقليمية والدولية لتثبيت وقف إطلاق النار، ودعم مسار يُفضي إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية قائمة على مرجعيات الشرعية الدولية، وبما يحقق الأمن والاستقرار ويحفظ الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

وقال عبد العاطي إن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظَّم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام». وأوضح أن هذه المرحلة تتطلب إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كافٍ ودون عوائق، والبدء في جهود التعافي المبكر وإعادة الإعمار، بما يخفف من حدة المعاناة ويعيد الأمل لسكان القطاع.

وشدد الوزير عبد العاطي على أن معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، وأن المشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في خمسة معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها.

ولفت إلى أن خطة الرئيس ترمب تنص على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع.

وبعد لقاء بين وزيري خارجية قطر ومصر على هامش «حوار الدوحة»، ذكر المتحدث باسم الخارجية المصرية تميم خلاف، في بيان صحافي، أن الوزير عبد العاطي أكد الحرص على مواصلة التنسيق الوثيق مع دولة قطر في مختلف القضايا الإقليمية، والبناء على العلاقات الثنائية المتنامية بما يخدم مصالح الشعبين ويدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وانطلقت في العاصمة القطرية، النسخة الـ23 لـ«منتدى الدوحة 2025» بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين وحضور رفيع المستوى من مختلف أنحاء العالم. وتقام جلسات المنتدى تحت شعار: «ترسيخ العدالة... من الوعود إلى الواقع الملموس».

اتفاق غزة لم يطبَّق

وخلال مشاركته في إحدى جلسات المنتدى، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري إنه لا يمكن اعتبار أن «هناك وقفاً كاملاً لإطلاق النار في غزة إلا بانسحاب إسرائيل من القطاع»، مؤكداً «استمرار التفاوض لرسم المسار المستقبلي للمرحلة التالية».

ولفت إلى أن الجهود التي بُذلت للتوصل إلى وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، مطلوبة لمرحلتي الاستقرار وتأسيس دولة فلسطين، قائلاً: «نحن في مرحلة مفصلية ولم يطبَّق الاتفاق بشأن غزة فيها بالكامل».

وأضاف أن بلاده تؤمن بأن لديها دوراً في استقرار المنطقة والعالم، وتطمح لحل النزاعات بالوساطة.

فوارق الوساطة

أوضح رئيس الوزراء القطري أنه لا يمكن مقارنة جهود الوساطة بين الولايات المتحدة وأفغانستان بالوساطة بين إسرائيل وحركة «حماس»، مبيناً أن التحدي في جهود الوساطة الأخيرة يتمثل في أن الولايات المتحدة الأميركية بصفتها أحد الوسطاء، كانت تتحدث فقط مع طرف واحد وهو الطرف الإسرائيلي، غير أنها بدأت بعد ذلك الانخراط بالتحدث إلى الجانبين، وهو ما ساعد على إحداث اختراق في المفاوضات والتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال: «لكننا لا نعدّه وقفاً كاملاً لإطلاق النار، إلا إذا انسحبت القوات الإسرائيلية بشكل كامل وتحقق الاستقرار في القطاع، وأصبح بإمكان الناس الدخول والخروج دون عوائق على أرض الواقع».

ونبه رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إلى أن الصراع لا ينحصر في قطاع غزة وحده بل يمتد ليشمل الضفة الغربية، وتطلعات الشعب الفلسطيني لبناء دولته، معرباً عن أمله في تعاون الحكومة الإسرائيلية على تحقيق ذلك.

وحذر الوزير القطري من عودة التطرف في غياب المحاسبة، وقال: «ما لمسناه وجرَّبناه على مر العامين الماضيين، هو أنه في حال غياب المحاسبة وفي حال غياب الإنفاذ، فإن الأمور ستبقى على حالها، وسوف نبقى رهائن في أيدي المتطرفين، وهذا ما نريد أن نتفاداه، وقد شهدنا ولاحظنا أن الجهود التي بذلناها جميعاً لكي نتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار كانت ضرورية ومطلوبة أيضاً للمرحلة الثانية، لإرساء الاستقرار، بينما تكون المرحلة الثالثة هي تأسيس الدولة الفلسطينية».

وحذر من أنه «في حال تمكنت هذه الأجندة المتطرفة من أن تكون لها الغلبة على جهودنا الجماعية في المجتمع الدولي فعلى الجميع أن يقر بأن هناك خطأ ما في الهيكلية أو البنية التي نعمل معها»، معرباً عن اعتقاده بأن الدور الأميركي هو دور رئيسي في هذا السياق، لأن الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية الإنفاذ لكي تضع هذا الحل على المسار الصحيح.

ودعا في إجابة عن سؤال، إلى البناء على المصالح المشتركة لأطراف النزاع كأساس لأي مفاوضات لإرساء السلام والاستقرار، مع أهمية الدبلوماسية الاقتصادية في هذا السياق، لإحداث الازدهار والرخاء الاقتصادي أيضاً.


خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
TT

خبراء وسياسيون: الملف اليمني يشهد تحولات... ويحتاج لحل سياسي

جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)
جانب من الجلسة التي شهدت حديثاً عن الملف اليمني في الدوحة السبت (قنا)

ركَّزت الجلسة الحوارية الرئيسية التي شهدها اليوم الأول من «منتدى الدوحة» على تطورات جهود حلّ الأزمة اليمنية، وبحث أبرز التحديات التي تعيق الوساطة وتقوِّض عملية السلام. وعدّ متحدثون في الجلسة الحوارية أن اليمن أمام مفترق طرق بين معوقات سياسية في ظل إعادة تشكيل الإقليم.

وحملت الجلسة الحوارية، التي عُقدت يوم السبت، عنوان: «الوساطة في النزاعات وبناء السلام والقانون الدولي والمساءلة». وشهدت مشاركة الدكتور شائع محسن الزنداني وزير الخارجية وشؤون المغتربين اليمني، وهانس غروندبرغ المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، والدكتور عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، وماجد المذحجي، رئيس مركز صنعاء للدراسات.

تحدث المشاركون خلال الجلسة، عن أبرز المعوقات التي تواجه الملف اليمني اليوم، والذي يشهد تحولات هائلة، وتحديداً بعد حرب غزة الأخيرة، مشددين على أن التعاطي مع اليمن يحتاج لتفكير عميق، وليس الاكتفاء بالتعاطي مع الأحداث الآنية ووليدة اللحظة.

العملية السياسية

أكد المتحدثون أهمية إيجاد الحل السياسي لإنهاء الصراع اليمني، والذي يحتاج لوقف عملية إطلاق النار، ليتم بدء العملية السياسية التي يبدأ الأطراف خلالها بمناقشة كيفية معالجة هذه الصراعات وصولاً إلى حل دائم.

وأوضحوا أن معالجة أبعاد الصراع في اليمن تستدعي مقاربة سياسية شاملة، تبدأ بإرادة حقيقية لدى الأطراف للوصول إلى تسوية دائمة، لافتين إلى أن أي عملية سياسية ذات جدوى لا بد أن تُبنى على حوار شامل يضم مختلف القوى الفاعلة، بما في ذلك المكونات السياسية والاجتماعية والمعارضة الداخلية؛ لضمان تمثيل واسع يرسّخ شرعية أي اتفاق مستقبلي.

وأشاروا إلى أن استمرار غياب الحل السياسي يعني استمرار دوامة الصعوبات والتوترات، ما يجعل الحاجة ملحة لخطوات عملية تعيد الأطراف إلى طاولة التفاوض.

وتطرقوا إلى أبرز الأبعاد الاقتصادية للصراع، التي أصبحت جزءاً أساسياً من ملف الحل، مبينين أن معالجتها تتطلب توافقاً حول برامج إنعاش اقتصادي وإصلاحات عاجلة تسهم في تخفيف المعاناة وتحسين الاستقرار.

الشراكة والتعقيدات

شدد الخبراء على أن إنجاح العملية السياسية يستوجب إشراك مجموعة واسعة من الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، وتقديم الدعم للمشاركين بما يمكّنهم من تجاوز الخلافات وبناء أرضية مشتركة.

ولفتوا إلى أن أي حل مستدام ينقذ مستقبل اليمن لن يتحقق ما لم تؤخذ بالاعتبار تعقيدات المشهد اليمني وتوازنات القوى ومعارضة بعض المجموعات، وهو ما يتطلب جهداً منظماً وإرادة سياسية صادقة.

وخلال الجلسة، استعرض المشاركون عدداً من الأحداث والحقبات والمراحل الزمنية التي مرت على اليمن، مؤكدين أن هناك تعقيدات وتحديات تحتاج إلى تفكير عميق للولوج إلى حل سياسي يعيد البناء من جديد.


انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
TT

انشغال عربي بمنع تهجير الفلسطينيين عبر معبر رفح

أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)
أطفال فلسطينيون يبكون خلال حضور جنازة أشخاص قُتلوا في خان يونس (أ.ف.ب)

أكدت مصر رفض «تهجير الفلسطينيين» من خلال معبر رفح، وذلك بعد ساعات من موقف مماثل عبَّرت عنه دول عربية وإسلامية رفضت «التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر». وبينما تناولت مشاورات بـ«منتدى الدوحة»، السبت، «ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ودخول المرحلة الثانية من الاتفاق». توافقت قطر ومصر على سرعة تشكيل «قوة الاستقرار الدولية».

وقال وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي خلال «منتدى الدوحة»، السبت، إن «معبر رفح لن يكون بوابةً لتهجير الفلسطينيين، بل فقط لإغراق غزة بالمساعدات الإنسانية والطبية».

وكان من المقرر فتح معبر رفح في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ضمن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي بدأ سريانه في الشهر ذاته، غير أن إسرائيل أبقته مغلقاً في كلا الاتجاهين منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قائلة إنه على «حماس» الالتزام بإعادة الرهائن جميعاً، الذين لا يزالون في غزة، الأحياء منهم والأموات.

وأعربت المملكة العربية السعودية ومصر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا وقطر، مساء الجمعة، عن بالغ القلق إزاء التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح في اتجاه واحد لإخراج سكان قطاع غزة إلى مصر.

وشدَّد وزراء خارجية الدول الـ8، في بيان، على «الرفض التام لأي محاولات لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه».

وأكدوا «ضرورة الالتزام الكامل بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، وما تضمَّنته من فتح معبر رفح في الاتجاهين، وضمان حرية حركة السكان، وعدم إجبار أي من أبناء القطاع على المغادرة، بل تهيئة الظروف المناسبة لهم للبقاء على أرضهم، والمشاركة في بناء وطنهم، ضمن رؤية متكاملة لاستعادة الاستقرار وتحسين أوضاعهم الإنسانية».

وشكَّل معبر رفح بُعداً جديداً للتوتر بين مصر وإسرائيل، بعد أن قال مكتب منسق أنشطة الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، في بيان، الأربعاء الماضي، «بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، وبتوجيه من المستوى السياسي، سيُفتَح معبر رفح خلال الأيام المقبلة حصرياً لخروج سكان قطاع غزة إلى مصر بالتنسيق مع القاهرة».

وعلى الفور، نقلت «هيئة الاستعلامات المصرية» عن مصدر مصري مسؤول نفيه ذلك، مؤكداً أنه «إذا تم التوافق على فتح معبر رفح، فسيكون العبور منه في الاتجاهين، للدخول والخروج من القطاع، طبقاً لما ورد بخطة الرئيس الأميركي للسلام».

وقال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات، ضياء رشوان، أخيراً، إن «الجانب الإسرائيلي يحاول تحميل مصر الخطة الإسرائيلية بشأن التهجير، المرفوضة والمدانة مبدئياً من مصر ودول العالم كله، إما بالضغط على الفلسطينيين للخروج قسراً، وإما بتدمير غزة لجعلها غير صالحة للحياة فيخرجون طوعاً»، مؤكداً أن «التهجير سواء كان قسراً أو طوعاً فهو خط أحمر بالنسبة لمصر».

بدر عبد العاطي خلال جلسة «إعادة تقييم المسؤوليات العالمية ومسارات السلام في غزة» على هامش «منتدى الدوحة» (الخارجية المصرية)

وشارك وزير الخارجية المصري، السبت، في جلسة بعنوان «محاسبة غزة... إعادة تقييم المسؤوليات العالمية والمسارات نحو السلام»، على هامش «منتدى الدوحة»، مشيراً إلى أن «معبر رفح يعمل بشكل متواصل من الجانب المصري، والمشكلة تكمن على الجانب الإسرائيلي الذي يغلق المعبر من جانبه، فضلاً عن تحكمه في 5 معابر أخرى تربطه بقطاع غزة، يتحمل مسؤولية فتحها».

ولفت إلى أن خطة الرئيس الأميركي تنص «على إعادة فتح معبر رفح في الاتجاهين، وليس استخدامه في اتجاه واحد، أو استخدامه بوابةً لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، أو ربطه بأي ترتيبات تمس الوجود الفلسطيني في القطاع»، مؤكداً أن «تثبيت وقف إطلاق النار يمثل أولوية قصوى، بوصفه المدخل الضروري للانتقال المنظم إلى المرحلة الثانية من خطة الرئيس ترمب للسلام».

وفيما يتعلق بـ«قوة الاستقرار الدولية»، دعا عبد العاطي إلى نشر «قوة استقرار دولية على الخط الأصفر في قطاع غزة بأسرع وقت ممكن على الأرض، لأن أحد الأطراف، وهو إسرائيل، ينتهك وقف إطلاق النار يومياً، لذا فنحن بحاجة إلى مراقبين».

وبحسب مشروع قرار اقترحته الولايات المتحدة في مجلس الأمن، ستُمنح قوة الاستقرار الدولية «جميع التدابير اللازمة» لنزع سلاح غزة، وتأمين الحدود، ودعم شرطة فلسطينية مدربة، وضمان وصول المساعدات، وحماية المدنيين.

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليونَي فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً.

طفل يقف بموقع قُتل فيه فلسطينيون بغارة إسرائيلية في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

وعلى هامش «منتدى الدوحة»، التقى عبد العاطي، رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، السبت، وتطرقت المحادثات بينهما إلى «تطورات الأوضاع الميدانية في قطاع غزة»، حيث أكدا «أهمية مواصلة الجهود الرامية لتنفيذ اتفاق شرم الشيخ للسلام بمراحله كافة، وتثبيت وقف إطلاق النار، ومنع أي خروقات». وشدَّدا على أهمية «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعم خطوات التعافي المبكر وإعادة الإعمار».

إلى ذلك دخل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة «مرحلة حرجة» بحسب تأكيد الوسيط القطري، وسط خروقات إسرائيلية متكررة والتفاف على بنود خطة الرئيس الأميركي.

منظر عام لمخيم للنازحين الفلسطينيين في الجامعة الإسلامية بمدينة غزة (أ.ف.ب)

وتحدَّث رئيس الوزراء القطري، السبت، خلال جلسة نقاش ضمن فعاليات «منتدى الدوحة» في قطر، عن أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بـ«مرحلة حرجة»، مؤكداً أن «الوسطاء يعملون معاً لدخول المرحلة التالية من وقف إطلاق النار». كما أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال «المنتدى» أيضاً، السبت، أن المفاوضات بشأن قوة إرساء الاستقرار في غزة لا تزال جارية، بما في ذلك بحث تفويضها وقواعد الاشتباك.

عضو «المجلس المصري للشؤون الخارجية»، مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير محمد حجازي، قال: «هناك إدراك من الجميع بأن هناك خطراً يتهدد خطة ترمب في ظل تلكؤ إسرائيلي في تنفيذ المرحلة الثانية مما يجعل هناك ضرورة للتنبيه واستدعاء تحرك دولي عاجل لدعم مسار الاتفاق»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أهمية أن تتحرك واشنطن لدعم وجهة النظر العربية حالياً، ووقف أي مناورات إسرائيلية دعماً لاستقرار المنطقة.

في حين أكد أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشؤون الإسرائيلية والفلسطينية، الدكتور طارق فهمي، لـ«الشرق الأوسط» أن هناك استشعاراً عربياً، لا سيما من الوسيطَين مصر وقطر، بخطورة ما يتم في غزة، وإمكانية أن يتطور الأمر لما يهدد الاتفاق واستقرار المنطقة، مشيراً إلى أن المطلوب تحرك أميركي أكبر بمواعيد محددة وليس أقوالاً فقط.

وأوضح أن المرحلة الحرجة تأتي في ظل 3 سياقات مهمة مرتبطة بالاتفاق، أولها بدء ترتيبات تشكيل مجلس السلام، وثانيها الضغط على الإدارة الأميركية للتعجيل بالمرحلة الثانية، وثالثاً وقف أي تقدم إسرائيلي للالتفاف على خطة ترمب بخطط بديلة.

في حين يتوقَّع المحلل السياسي الفلسطيني، نزار نزال، أن يتحرك الوسطاء نحو تفاهمات أكبر مع واشنطن، لإنهاء منغصات المرحلة الثانية المرتبطة بتشكيل القوات الدولية وصلاحياتها ونزع سلاح «حماس»، وفق رؤية تُنفَّذ على الأرض وليس كما ترغب إسرائيل. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «توصيف الوسطاء المرحلة الحالية بأنها حرجة، يأتي في ظل استشعارٍ بأن إسرائيل تريد العودة للمربع الأول بعد تسلم رهائنها، وعدم الالتزام بالاتفاق ولا بنوده؛ مما يقوِّض مسار خطة ترمب بالكلية».