تزايد غضب تركيا بعد خسائرها جراء قصف «الوطية»

TT

تزايد غضب تركيا بعد خسائرها جراء قصف «الوطية»

نشرت تركيا خرائط للوضع في ليبيا تظهر تحركات قوات حكومة الوفاق الوطني، الموالية لها، باتجاه مدينة سرت، فضلاً عن مواقع انتشار عناصر شركة «فاغنر» الأمنية الروسية، وذلك وسط حالة من الغضب بعد الخسائر التي تلقتها جراء قصف قاعدة الوطية في غرب ليبيا، أثناء وجود وزير دفاعها ورئيس أركان جيشها في طرابلس، وعدم رغبتها في الاندفاع من جهة ثانية في اتهام جهة معينة بتنفيذ الهجوم، والتلويح بأنها سترد على من قام بالقصف.
وأظهرت الخريطة، التي نشرتها دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية التركية ليلة أول من أمس، تمركزات عناصر «فاغنر» في خمسة مواقع هي حقل الشرارة النفطي، والهون، وقاعدة تمنهنت الجوية، وقاعدة الجفرة، وسوكانا. كما نشرت دائرة الاتصال بالرئاسة التركية خريطة ثانية، عنونتها بـ«خارطة الوضع العام في سرت»، أوضحت من خلالها تقدم قوات حكومة الوفاق وميليشياتها باتجاه مواقع تسيطر عليها قوات الجيش الوطني الليبي، بقيادة المشير خليفة حفتر، وهي قاعدة الغربية الجوية قرب سرت، وقاعدة الجفرة في الجنوب.
في الوقت ذاته، أكدت مصادر تركية غضب أنقرة الشديد من الهجوم على قاعدة الوطية، ومن الأضرار التي لحقت بأنظمة الدفاع الجوي التركية، مبرزة أن مسؤولين أتراكاً حذروا من أن الهجوم سيصعد الصراع في ليبيا.
وذكرت المصادر ذاتها أن تركيا تتوخى الحذر، ولا تريد التسرع بإعلان مسؤولية جهة معينة عن قصف قاعدة الوطية. لكنها في الوقت ذاته «لن تبقي الموضوع دون رد».
ونقلت وسائل إعلام تركية عن مسؤول تركي، لم تحدده بالاسم، أن من قصف القاعدة «ارتكب خطأ فادحاً ولن ينجو من العقاب». ورجح أن تكون مقاتلات «داسو ميراج 2000» نفذت الهجوم، مؤكداً أنه لا يوجد قتلى أو مصابون جراء القصف.
ورأى مراقبون أن هجوم الوطية لا يجب فصله عن إعلان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سرت والجفرة «خطأ أحمر» لمصر في ليبيا. فضلاً عن تحركات فرنسا في «الناتو» بعد حادثة التحرش التركي بإحدى سفنها أثناء مهمة تفتيش على حظر الأسلحة من جانب الحلف في البحر المتوسط، وتحركات روسيا لتأمين حقول النفط.
في السياق ذاته، أعلن وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، رفض بلاده التام لما سماه بـ«النهج المتحيز للاتحاد الأوروبي»، الذي يتجاهل مصالح وحقوق تركيا في المنطقة.
والتقى أكار في أنقرة، مساء أول من أمس، الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل. وقال عقب اللقاء إن على الاتحاد الأوروبي «التحلي بالموضوعية» تجاه تركيا، مبرزاً أن تبني الاتحاد الأوروبي مقاربة موضوعية بعيدة عن التحيز ضد تركيا سيعود بالفائدة الكبيرة على الجانبين».
وأوضح أكار أنه أطلع بوريل على أنشطة وزارة الدفاع التركية وعملياتها، مشيراً إلى تبادل وجهات النظر مع بوريل حول العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية، وعلى رأسها ليبيا وسوريا.
وكان بوريل قد أوضح موقف الاتحاد الأوروبي من التدخل التركي في ليبيا، مؤكداً أن وضع «الاتحاد» وتركيا بعيد كل البعد عن المثالية في هذا الشأن، وقال إن على الجميع الالتزام بمخرجات مؤتمر برلين بما يتماشى مع نهج الأمم المتحدة، والعمل على إعادة السلام إلى ليبيا، مشيراً إلى أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيبحثون الموقف من تركيا في 13 من يوليو (تموز) الجاري، بطلب من فرنسا، ولم ينف احتمال فرض عقوبات جديدة من جانب الاتحاد على تركيا بسبب أنشطة التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».