مدير وزارة الأمن: إسرائيل غير قادرة على تنفيذ ضم واسع

قال إن صدور قرار أميركي للضم يحتاج ما بين 30 و 45 يوماً

الجنود الإسرائيليون يحتمون من حجارة المتظاهرين الفلسطينيين في كفر قدوم الجمعة (إ.ب.أ)
الجنود الإسرائيليون يحتمون من حجارة المتظاهرين الفلسطينيين في كفر قدوم الجمعة (إ.ب.أ)
TT

مدير وزارة الأمن: إسرائيل غير قادرة على تنفيذ ضم واسع

الجنود الإسرائيليون يحتمون من حجارة المتظاهرين الفلسطينيين في كفر قدوم الجمعة (إ.ب.أ)
الجنود الإسرائيليون يحتمون من حجارة المتظاهرين الفلسطينيين في كفر قدوم الجمعة (إ.ب.أ)

في الوقت الذي أبلغت فيه الإدارة الأميركية «اتحاد المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة»، بأن المداولات حول مخطط ضم أراض فلسطينية في الضفة الغربية إلى إسرائيل، سيتم في غضون 30 – 45 يوما على الأقل، وأنه حتى مع هذا التقدير، لا تزيد احتمالات تنفيذ الضم عن 50 في المائة، وصرح المدير العام لوزارة الأمن الإسرائيلية، الجنرال أودي آدم، بأن إسرائيل لا تمتلك القدرة على تنفيذ مخطط ضم مناطق واسعة بنسبة 30 في المائة.
وقال آدم، بمناسبة نيته إنهاء عمله في الوزارة: «الضم عموما بات أقل إلحاحا في عهد تفاقم أزمة فيروس كورونا. ولكن، حتى لو لم تكن كورونا، فإن مشروع ضم 30 في المائة من مساحة الضفة الغربية ليس مسألة عاطفية، إنما يحتاج إلى جهود ضخمة وإعداد قانوني وإداري واقتصادي وحسابات سياسية كبيرة، وفي إسرائيل لا توجد قدرة فعلية لتنفيذ كل هذا في الوقت الحاضر».
من جهة ثانية، عقد رئيس «اتحاد المنظمات الصهيونية في أميركا»، مورتون كلاين، لقاء بواسطة تطبيق «زوم» مع العشرات من نشطاء منظمته، أبلغهم فيه، بأن مسؤولين في البيت الأبيض، أطلعوه على الجهود الجارية لتنفيذ خطة الرئيس دونالد ترمب بما فيها مشروع الضم. وقالوا له إن «المدة الزمنية التي حددوها لأنفسهم لاتخاذ قرارا بشأن الضم هي على الأقل 30 – 45 يوما. وحسب تقديراتهم فإن نسبة احتمال تنفيذ لا تزيد عن 50 في المائة. فقد توقفت هذه الجهود مؤخرا، بسبب الانشغال في الاحتفالات بالعيد الوطني الأميركي، وستستأنف خلال الأيام القريبة القادمة.
وكشف كلاين أن منظمته، التي تعتبر يمينية متطرفة ولكنها ذات التأثير غير القليل في الساحة السياسية في الولايات المتحدة، وعلى الإدارة الجمهورية بشكل خاص، «تدير حوارا مهما مع الإدارة الأميركية حتى تمنح الضوء الأخضر للضم». وقال: «فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، هو الخيار العقلاني، الإنساني، والأمني الصائب، المسنود من التوراة. وهو يمنح إسرائيل حدودا بالإمكان حمايتها بدلا من «الخاصرة الضيقة» المشهورة في وسطها. والضم يوفر الاستقرار والحياة الطبيعية لنصف مليون يهودي يعيشون هناك (يقصد المستوطنين في الضفة الغربية المحتلة)».
وهاجم كلاين المنظمات اليهودية الكبرى في الولايات المتحدة، وبينها «آيباك»، التي تعارض الضم، معتبرا أن «المعارضة للسيادة تكمن لدى مجموعات أميركية يسارية، تنشر الخوف وتلحق ضررا كبيرا في كل مرة».
من جهة ثانية، كشفت مصادر دبلوماسية نص تقرير سري أرسلته البعثة الدبلوماسية الإسرائيلي في الاتحاد الأوروبي إلى وزارة الخارجية، تحذر فيه من أن هناك بوادر لعقوبات متوقعة ضد إسرائيل في حال تنفيذ مخطط الضم. وقالت البعثة إنها لمست من خلال اللقاءات العديدة مع المسؤولين الأوروبيين، أن هناك غضبا حقيقيا من سياسة الاستيطان الإسرائيلية وأن المسؤولين فيها، لن يمروا مر الكرام على تنفيذ قرار الضم. وبعث عدد من السفراء الإسرائيليين السابقين في دول أوروبا برسالة إلى رئيس الحكومة وعدد من الوزراء، يوجهون فيها تحذيرا مشابها. وكتب السفيران عوديد عيران وشمعون شتاين، أنه «منذ احتلال إسرائيل ليهودا والسامرة (الضفة الغربية)، طغى المستقبل السياسي لهذه المناطق على كل قضية أخرى في إطار العلاقات الإسرائيلية – الأوروبية، فيما تشتد الخلافات مع الاتحاد بشكل خاص، عندما تتوقف العملية السياسية الإسرائيلية – الفلسطينية حتى إن لم يكن بالضرورة بسبب إسرائيل، وعندما يزداد النشاط الاستيطاني الإسرائيلي في هذه المناطق». وأكدا: «سيؤدي الضم الإسرائيلي، سواء كان كبيراً أو صغيراً، إلى موجة من ردود الفعل السلبية في أوروبا، مما سيعمق الانقطاع بين القيادات السياسية لإسرائيل والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي».
في شأن متصل، يقول الكاتب الأميركي الإسرائيلي، زئيف شافيتس، في تقرير نشرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء، إن احتمالا قويا، على الأقل، بأنه بعد أربع سنوات من شراكة رائعة، من الممكن أن يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الحياة في القريب العاجل من دون الرئيس الأميركي، دونالد ترمب. ورغم أن الكثير من حلفاء الولايات المتحدة الآخرين قد يجدون في هذا مدعاة للشعور بالارتياح، فمن المحتمل أن يكون رد الفعل بالنسبة لـ«بيبي» (نتنياهو) أكثر تعقيدا. فقد أغدق ترمب على بيبي هدايا لا تقدر بثمن، مثل: ضم مرتفعات الجولان، نقل السفارة الأميركية إلى القدس، والسماح له بشن حرب سرية ضد إيران. لقد مزق ترمب الاتفاق النووي الإيراني بناء على طلب نتنياهو، وتبنى مخطط نتنياهو الخاص بدولة فلسطينية مصغرة في الضفة الغربية. وحتى أطلق اسمه على الخطة».
وأضاف شافيتس، الذي تربى وتلقى تعليمه في الولايات المتحدة ثم هاجر إلى إسرائيل حيث أمضى سنوات في الخدمة العسكرية ووظائف حكومية، ويمارس حاليا نشاطه في الإعلام، أنه خلال الحملات الانتخابية الإسرائيلية الثلاث الأخيرة، بذل ترمب جهدا كبيرا ليبقى بيبي في منصبه. والآن ترمب هو الذي يسعى لإعادة انتخابه، ويتوقع تماما أن يرد نتنياهو الجميل. ولكن الولاء والعرفان بالجميل ليسا من ضمن فضائل نتنياهو.
وقال شافيتس إنه مهما كان يبدو موقف ترمب ضعيفا وهو يقترب من انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني)، فلن يقطع نتنياهو علانية تعامله معه قبل الانتخابات. إذ أن ترمب سوف يعتبر ذلك خيانة ومن المؤكد أنه سوف يسعى إلى الانتقام.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.