ترقب تعديل وزاري لتهدئة «الحراك» السوداني

TT

ترقب تعديل وزاري لتهدئة «الحراك» السوداني

يترقب الشارع السوداني صدور قرارات من رئيس الحكومة، عبد الله حمدوك، تتعلق بإجراء تعديل وزاري لتهدئة الحراك الشعبي الذي خرج بالملايين في 30 من يونيو (حزيران) الماضي، للمطالبة بالإسراع في تصحيح مسار الثورة. وفي غضون ذلك تقدم أربعة من حكام الولايات (العسكريين) باستقالاتهم من مناصبهم؛ لكن لم يتم البت فيها.
وأكد مصدر رفيع في الحكومة الانتقالية لـ«الشرق الأوسط»، أن التعديلات الوزارية المرتقبة ستطال وزارات سياسية وخدمية، متوقعاً اتخاذ هذه القرارات خلال فترة زمنية وجيزة.
وقال المصدر الذي فضَّل حجب اسمه، إن التعديلات الوزارية تأتي استجابة لمطالب الشارع السوداني الذي يطالب بزيادة فعالية أداء الحكومة، تجاه الأزمات التي نجمت عن عدم استكمال هياكل السلطة الانتقالية، بتعيين الحكام المدنيين للولايات والمجلس التشريعي الانتقالي.
وكان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قد وعد بقرارات حاسمة في مسار الفترة الانتقالية في غضون أسبوعين، ستكون لها آثار سياسية واقتصادية واجتماعية؛ بينما يتوقع البعض أن يتم التعديل الوزاري عقب توقيع اتفاق السلام مع حركات الكفاح المسلح، وسط تقارب كبير في المواقف التفاوضية بين الطرفين.
من جهة ثانية، كشف المصدر ذاته عن رفض مجلس الوزراء طلباً لوزير المالية إبراهيم البدوي، بالبدء في تحرير سعر صرف الجنيه السوداني، مقابل العملات الأجنبية. بينما يتردد في دهاليز الحكومة أن وزير المالية يسعى لتعويم الجنيه، والاستمرار في زيادة رفع الدعم عن الوقود.
إلى ذلك، علمت الصحيفة من مصادرها بتقديم أربعة من الحكام العسكريين لولايات: البحر الأحمر، وشرق دارفور، والشمالية، وغرب دارفور، استقالاتهم، احتجاجاً على مطالب مواطني تلك الولايات بإقالتهم، نتيجة سوء الأوضاع المعيشية والتدهور الأمني، بسبب سيطرة منسوبي النظام المعزول على مقاليد السلطة بتلك الولايات.
وكان حكام ولايتي العاصمة: الخرطوم، والنيل الأبيض، بوسط البلاد، قد دفعا باستقالتهما قبيل أشهر، وتم تكليف وزير الحكم المحلي، يوسف الضي، بتسيير أوضاع الولايتين إلى حين تعيين الولاة الجدد.
وشهد عدد من الولايات في شرق وغرب البلاد، خلال الأشهر الماضية، صدامات مسلحة ذات طابع قبلي، راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى، في ظل تفاقم الأزمات المعيشية بشكل كبير.
وكشفت قيادات بارزة في التحالف الحاكم، عن اتفاق مع رئيس الوزراء على تعيين 12 من الولاة المدنيين، وإقالة مدير عام قوات الشرطة، عادل بشائر. وكان من المتوقع الإعلان عن القرارات في الخطاب الذي أدلى به حمدوك بمناسبة ذكرى 30 يونيو الثلاثاء الماضي.
وأفادت المصادر ذاتها بتكوين لجنة مشتركة بين «قوى إعلان الحرية والتغيير» ومجلس الوزراء، للاتفاق على شكل التعديل الوزاري المرتقب؛ مشيرة إلى أن اللجنة ستجري تقييماً شاملاً لأداء المدنيين في مجلسي السيادة والوزراء، واتخاذ القرارات المناسبة.
وتوافق الطرفان في وقت سابق على تحقيق أهداف الثورة، وفي مقدمتها الإسراع في تعيين الولاة المدنيين، وتشكيل المجلس التشريعي، مع مراعاة المقاعد المخصصة للسلام، وتكوين وفد مشترك للاتصال بـ«الحركة الشعبية شمال»، بقيادة عبد العزيز الحلو، و«حركة تحرير السودان»، بزعامة عبد الواحد النور.
وكان المتحدث باسم الحكومة، وزير الإعلام والثقافة، فيصل محمد صالح، قد أكد أن الحكومة الانتقالية ستبدأ على الفور في تحويل المطالب لقرارات تنفيذية.
وجرى خلال الفترة الماضية نقاش مستفيض بين قوى «التغيير» ورئيس الوزراء، حول تقييم أداء الوزارات المختلفة، وجرى اتفاق على ضرورة إجراء الإصلاحات والتعديلات الوزارية اللازمة لمعالجة أداء الجهاز التنفيذي وتطويره.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».