توتر في غزة بعد غارات إسرائيلية على القطاع

رداً على إطلاق قذيفتين صاروخيتين

طفل فلسطيني يتفقد منزل العائلة بخان يونس بعد الغارات الإسرائيلية المدمرة أمس (إ.ب.أ)
طفل فلسطيني يتفقد منزل العائلة بخان يونس بعد الغارات الإسرائيلية المدمرة أمس (إ.ب.أ)
TT

توتر في غزة بعد غارات إسرائيلية على القطاع

طفل فلسطيني يتفقد منزل العائلة بخان يونس بعد الغارات الإسرائيلية المدمرة أمس (إ.ب.أ)
طفل فلسطيني يتفقد منزل العائلة بخان يونس بعد الغارات الإسرائيلية المدمرة أمس (إ.ب.أ)

شنت إسرائيل سلسلة هجمات فجر أمس على أهداف تابعة لحركة حماس في جنوب قطاع غزة ردا على إطلاق قذيفتين صاروخيتين من القطاع في توتر وتصعيد محدود. وقال الناطق باسم حركة حماس حازم قاسم «إن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عدوان متجدد على القطاع، وهو امتداد لعدوانه على أهلنا في القدس والضفة الغربية». وأكد قاسم في تصريح مكتوب «هذا العدوان لن يكسر إرادة الصمود والنضال عند شعبنا، وسيزيدنا إصراراً على مواجهة مخطط الضم الاستعماري للضفة الغربية».
وأكد الجيش الإسرائيلي، الهجوم ردا على «قذيفتين أطلقتا من قطاع غزة سبقهما دوي صفارات الإنذار في تجمعات تقع في الجنوب». ولم يبلغ عن وقوع إصابات أو أضرار ولم تتحمل أي جهة مسؤولية إطلاق الصواريخ. وأعلن الناطق بلسان الجيش أنه تم استهداف ورشة لإنتاج قذائف صاروخية وبنى لتصنيع وسائل قتالية. وحمل الناطق حركة حماس المسؤولية عما يجري في القطاع وينطلق منه.
وتحميل حماس المسؤولية تم رغم أنهم في إسرائيل يقدرون أن الحركة لا تقف خلف القذائف بل مجموعات أخرى. وكانت كتائب القسام التابعة لحماس هددت بأن إسرائيل ستعض أصابع الندم على قرار ضم أجزاء من الضفة الغربية. وقالت «القسام»: «المقاومة تعتبر قرار ضمّ الضفة والأغوار إعلان حربٍ على شعبنا، وسنجعل العدو يعضّ أصابع الندم على هذا القرار الآثم».
وأعلنت حركة حماس، أن تهديد كتائب القسام «سيترجم واقعا». وقال عضو المكتب السياسي لحماس صلاح البردويل، خلال مظاهرة رفضا لمخطط الضم الإسرائيلي في خان يونس جنوب قطاع غزة «إن جريمة الضم لن تمر»، محذرا من أن «الاحتلال يفتح على نفسه بهذه الخطوة باباً جديداً للصراع».
وأضاف البردويل أنه «على العدو أن يفهم أنه يتعامل مع شعب عنيد لا يتراجع ولا يستكين أو يرتهب، وسينتصر نهاية المطاف؛ وعليه أن يعي أيضاً أن كلام القسام أمس سيترجم واقعا». وتابع: «الصراع مع الاحتلال ليس صراعا بالقطعة أو مجزأً أو صراع حدود، بل صراع وجودي، فإما نحن أو هذا الكيان».
وأخذت إسرائيل مزيدا من الاحتياطات في محيط غزة قبل أيام من موعد الضم.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية، بأن نظام الدفاع الصاروخي «القبة الحديدية» قد تم نشره في بلدة «سديروت» الواقعة على بعد نحو كيلومتر من الحدود مع قطاع غزة، كما أجرى الجيش مناورات تحاكي مواجهة مع القطاع استعدادا لإمكانية حدوث تصعيد عسكري على جبهة قطاع غزة تتضمن إمكانية الدخول في جولة قتال واسعة مع غزة.
وحذر أفيف كوخافي رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أن الدخول في جولة قتال مفتوحة مع حركة حماس أمر ممكن. وتخشى إسرائيل من أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يحاول جر حركة حماس في القطاع إلى مواجهة معها. وقالت مصادر إن وقف التنسيق الأمني والمدني والذي قد يضر بحركة المرور والبضائع من وإلى غزة وقطع الرواتب قد يساعد على تسخين جبهة القطاع المتوترة أصلا بسبب بطء وغياب إدخال تسهيلات متفق عليها سابقا بين حماس وإسرائيل عبر الوساطة المصرية. وتعتقد إسرائيل أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي ستجدان صعوبة في عدم الرد من غزة وافتعال تصعيد أمني ردا على عملية الضم في الضفة. وأبدت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قلقها من تصعيد في القطاع قد يوازيه انتفاضة في الضفة الغربية.
وقالت إسرائيل أمس إنها أحطبت عملية طعن على حاجز قلنديا شمال القدس المحتلة وأطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي النار صوب شاب فلسطيني بزعم حيازته سكيناً. وذكر شهود عيان أنهم سمعوا صوت رصاص داخل حاجز قلنديا العسكري، قبل أن تيم إغلاقه بشكل كامل، وأعلن لاحقا اعتقال الشاب.
وجاءت الحادثة بعد أيام من قتل إسرائيل شابا على حاجز آخر قرب بيت لحم بزعم محاولته تنفيذ عملية دهس.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.