هدنة شمال غربي سوريا بين «تحرير الشام» وتكتل منافس

TT

هدنة شمال غربي سوريا بين «تحرير الشام» وتكتل منافس

أعلنت «هيئة تحرير الشام» وغرفة عمليات «فاثبتوا» التي تضم تكتلاً منافساً من المتشددين، أمس (الجمعة)، التوصّل إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار بينهما في ريف إدلب.
ونص الاتفاق على «وقف إطلاق النار في منطقتي عرب سعيد وسهل الروج بريف إدلب الغربي، مع رفع الحواجز والاستنفارات من الطرفين، على أن يُحال المُدَّعى عليهم إلى فصيل (الحزب الإسلامي التركستاني) للنظر في أمرهم في القضاء».
وأفادت شبكة «الدرر الشامية» أمس، بأن الاتفاق تضمن أيضاً «إغلاق مقر فصيل (حراس الدين) في منطقة عرب سعيد، ويتعهد الفصيل بعدم إنشاء حواجز في القرية، إضافةً إلى السماح بخروج من يرغب من منطقة عرب سعيد بسلاحهم الشخصي».
واندلعت الاشتباكات بين الطرفين بعد قيام «هيئة تحرير الشام» باعتقال «أبو مالك التلي» القيادي في تكتل جديد يضم «حراس الدين».
وكان الطرفان قد توصّلا لاتفاقٍ، الخميس، قضى بـ«تفريغ حاجز اليعقوبية لمدة 24 ساعة، وعدم إنشاء أي حاجز من الطرفين على الطريق الواصل بين جسر الشغور ودركوش غرب إدلب»، واعتبرا أن من يقوم بإنشاء حاجزٍ «معتدٍ ومسؤول عن عدم تنفيذ الاتفاق»، حسب الشبكة.
وشهدت قرية عرب سعيد شمال غريب مدينة إدلب، اشتباكات بين «تحرير الشام» و«فاثبتوا» أدت إلى وقوع قتلى وجرحى من الطرفين.
وقبل اعتقال «الهيئة» القيادي السابق في «تحرير الشام»، «أبو مالك التلي» وهو المسؤول العسكري الحالي في «فاثبتوا»، احتجزت القيادي «أبو صلاح الأوزبكي».
وتضم غرفة «فاثبتوا» كلاً من تنظيم «حراس الدين» و«جبهة أنصار الدين»، و«جبهة أنصار الإسلام»، و«تنسيقية» بقيادة القيادي السابق في الهيئة «أبو العبد أشداء»، و«لواء المقاتلين الأنصار» بقيادة «أبو مالك التلي».
وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، قد أعلن الخميس، أن بلاده تواصل عملياتها العسكرية في منطقة إدلب شمال غربي سوريا. وقال أكار، خلال مشاركته في فعالية بولاية قيصري وسط البلاد، الخميس، إن قوات بلاده المسلحة تواصل مكافحة كل «التنظيمات الإرهابية التي تشكل تهديداً على أمن تركيا سواء داخل حدودها أو خارجها».
ولفت أكار إلى أن فعاليات الجيش التركي في محافظة إدلب السورية مستمرة وفقاً للاتفاقيات والقوانين الدولية. وتابع: «إلى جانب فعالياتنا في إدلب، نخوض كفاحاً كبيراً ضد تنظيم حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، وأطلقنا مؤخراً عملية مخلب النمر بهدف حماية حدودنا ومواطنينا».
وأضاف أن بعض الجهات الدولية تدّعي أن تركيا تستهدف الأكراد في عملياتها العسكرية، مشيراً إلى أن تلك الادعاءات عارية عن الصحة تماماً، وأضاف أن «الأكراد إخوة للأتراك منذ الأزل».
وأعلنت تركيا، في 1 مارس (آذار) الماضي، إطلاق عملية عسكرية جديدة باسم «درع الربيع» في إدلب ضد القوات الحكومية السورية، حيث شهدت توتراً كبيراً بين الجانبين.
وفي 5 مارس توصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع نظيره التركي رجب طيب إردوغان إلى حزمة قرارات لمنع التوتر في إدلب تشمل إعلان وقف إطلاق النار في المنطقة وإنشاء «ممر آمن» في مساحات محددة على الطريق بين حلب واللاذقية وتسيّر دوريات مشتركة.
وقال موقع «روسيا اليوم»، أمس: «تمثل محافظة إدلب آخر معقل للمسلحين بقيادة (هيئة تحرير الشام) في سوريا وتدخل ضمن منطقة خفض التصعيد التي أُقيمت بموجب اتفاقات بين روسيا وتركيا في إطار عملية آستانة التفاوضية التي تشارك فيها كذلك إيران».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».