«سد النهضة» أمام مجلس الأمن مجدداً الاثنين المقبل

«سد النهضة» أمام مجلس الأمن مجدداً الاثنين المقبل
TT

«سد النهضة» أمام مجلس الأمن مجدداً الاثنين المقبل

«سد النهضة» أمام مجلس الأمن مجدداً الاثنين المقبل

علمت «الشرق الأوسط» أن مجلس الأمن سيعقد جلسة علنية عبر الفيديو الاثنين المقبل، يستمع خلالها إلى إحاطة من وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام، روزماري ديكارلو، حول الخلافات بين مصر والسودان من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى حول استعداد الأخيرة للشروع في تعبئة وتشغيل سد النهضة الإثيوبي الكبير. وفي غضون ذلك، طلبت الخرطوم من أرفع هيئة دولية حض الأطراف على «عدم القيام بأعمال أحادية» قبل التوصل إلى اتفاق.
وجاء تحديد موعد الاجتماع بناء على طلب قدمته البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة قبل أيام إلى الرئاسة الفرنسية لمجلس الأمن. لكن تأخر تحديد موعد هذا الاجتماع بسبب اعتراض أولي من جنوب أفريقيا، في ظل التدابير الإجرائية الاستثنائية المتخذة في عمل هيئات الأمم المتحدة، ومنها مجلس الأمن، بسبب تفشي جائحة «كوفيد 19». وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة من الرسالة التي وجهها المندوب السوداني الدائم إلى الأمم المتحدة، عمر محمد صديق، إلى رئيس مجلس الأمن للشهر الجاري المندوب الفرنسي نيكولا دو ريفيير، والتي تضمنت رسالة من وزيرة الخارجية السودانية أسماء محمد عبد الله، ومنها نسخة متطابقة إلى الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش، بخصوص التطورات المتعلقة بالخلاف بين السودان ومصر من جهة، وإثيوبيا من جهة أخرى حيال قضية ملء وتشغيل سد النهضة.
وهذه الرسالة المؤلفة من 28 صفحة، هي الثانية من الجانب السوداني، وذكّرت فيها الوزيرة عبد الله بحقيقة أن السودان «عبر عن تشجيعه دائماً للتعاون والشراكة الإقليميين في شأن النيل الأزرق»، معتبرة أن سد النهضة «يمكن أن يجلب آثاراً إيجابية وسلبية على السواء. ولذلك من المهم للغاية أن تبذل الأطراف كل الجهود الممكنة بروح تعاونية من أجل تحقيق الآثار الإيجابية، وأن تتعاون بجدية لتخفيف الآثار السلبية». مشيرة إلى نتائج مبادرة رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك «الهادفة إلى إنهاء الجمود، وإقناع الأطراف باستئناف المفاوضات الثلاثية»، مضيفة أنه دعا أيضاً ممثلين عن جنوب أفريقيا والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمراقبين في الاجتماعات الثلاثية.

واعتبرت أن السودان «نجح في جمع وجهات النظر والمواقف المتباينة عبر تقديم ثلاث نسخ متتالية لمسودة اتفاق في شأن تعبئة وتشغيل سد النهضة»، استنادا إلى الإجماع الذي أحرز حتى منتصف فبراير (شباط) 2020 في واشنطن، بالإضافة إلى المناقشات التقنية الثنائية والمفاوضات الثلاثية، التي عقدت في مايو (أيار) ويونيو (حزيران) 2020».
ولفتت الوزيرة السودانية إلى أن بلادها اقتنعت مع نهاية المفاوضات بأن «الأطراف أحرزت تقدماً جوهرياً حول المسائل التقنية الرئيسية، فيما بقي التباين على بعض المسائل القانونية الأساسية». وطلبت من مجلس الأمن أن «يدعو الزعماء في الدول الثلاث إلى إظهار إرادة والتزام سياسيين من خلال حل المواضيع القليلة المتبقية، والتوصل إلى اتفاق»، بالإضافة إلى «مطالبة الأطراف بالمصادقة على المسودة الشاملة، التي قدمها السودان كأساس لإنجاز اتفاق». فضلاً عن «تشجيع الأطراف على عدم القيام بأعمال أحادية، ومنها بدء تعبئة خزان السد قبل التوصل إلى اتفاق».
في سياق ذلك، كشف السودان عن إرسال خطاب إلى مجلس الأمن الدولي، تناول فيه موقفه من تطورات النزاع على سد النهضة الإثيوبي، وتمسكه بضرورة وقف اتخاذ أي إجراءات أحادية، وعدم ملء بحيرة خزان سد النهضة قبل الوصول لاتفاق، مشيراً إلى ضيق الوقت المتبقي للوصول لاتفاق. في المقابل، شددت مصر على عدم تهاونها في نزاعها مع إثيوبيا، حيال «سد النهضة»، الذي تبنيه الأخيرة على «النيل الأزرق»، الرافد الرئيسي لنهر النيل.
وفي رسالة قوية، أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي، كبار المسؤولين في بلاده بـ«التحرك على كافة المستويات» لتأمين «حقوق مصر المائية». وقبل أسبوع، أحالت مصر النزاع، إلى مجلس الأمن الدولي، بعد أن فشلت المحادثات الثلاثية، بين مصر وإثيوبيا والسودان، منتصف يونيو الجاري، في التوصل لاتفاق بشأن قواعد ملء وتشغيل السد، الذي تبلغ تكلفته أربعة مليارات دولار، ويتم بناؤه قرب حدود إثيوبيا مع السودان.
وخلال اجتماع رفيع مساء أول من أمس، ضم رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، ووزراء الدفاع، والخارجية، والموارد المائية والعدل والمالية والداخلية، بالإضافة إلى رئيس المخابرات العامة، ورئيس هيئة الرقابة الإدارية، وجه الرئيس المصري بـ«الاستمرار حاليا في انتهاج المسار الدبلوماسي التفاوضي لحل أزمة سد النهضة، خاصة من خلال تكثيف المشاورات مع السودان، إلى جانب القوى الدولية المختلفة من الدول الأعضاء بمجلس الأمن».مطالبا المسؤولين بـ«التحرك على كافة المستويات» لتأمين «حقوق مصر المائية».
وأعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري، أن اجتماعات الرئيس السيسي المتلاحقة مع المسؤولين، تأتي في إطار حرصه على متابعة قضية سد النهضة، الذي يعد على رأس أولويات السيسي.
وقال شكري، في مداخلة متلفزة، إن أزمة ملف سد النهضة والحدود الغربية على قمة أولويات الرئيس، لارتباطهما الدقيق بالأمن القومي المصري والعربي عامة.
وتنفي مصر تهديد إثيوبيا بـ«عمل عسكري»، إلا أن شكري سبق أن صرح بأنه «إذا لم يتمكن مجلس الأمن من إعادة إثيوبيا إلى طاولة المفاوضات، وبدأت في ملء السد، فسوف نجد أنفسنا في وضع يتعين علينا التعامل معه». وزاد موضحا: «عندما يحين الوقت، سنكون صريحين وواضحين للغاية في الإجراء الذي سنتخذه».
بدوره، اعتبر وزير الري المصري، محمد عبد العاطي، أن ملء سد النهضة سيؤدي لـ«جفاف صناعي في مصر قد يتضاعف»، مؤكدا أن «كل يوم يمر سيكون فارقا»، وحدد شروط عودة بلاده للتفاوض مع إثيوبيا.
وقال عبد العاطي في تصريحات تلفزيونية، عقب اجتماعه مع الرئيس السيسي: «لا توجد أي فرصة للاتفاق» بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي، مشيرا إلى أن مصر «تجاوبت مع كافة العروض التي قدمتها إثيوبيا، ولا يمكن العودة للتفاوض إلا بشرط وجود نية لدى إثيوبيا للوصول لاتفاق، بالإضافة لضرورة وجود إرادة سياسية للاتفاق على بضع نقاط خلافية في ملء السد».
في المقابل، تجري استعدادات في أديس أبابا لتدشين «حملة افتراضية عالمية» لدعم بناء السد، من قبل أعضاء من المغتربين الإثيوبيين وأصدقاء إثيوبيا.
وبحسب الوكالة الإثيوبية الرسمية، فإن الحملة تنظم من قبل «منظمة الإثيوبيين المتحدين من أجل السلام والمصالحة»، وهي منظمة مدنية مقرها المملكة المتحدة، بالتعاون مع شبكة تبادل المعرفة العالمية.
وتهدف إلى «تعريف أعضاء المجتمع الدولي بسد النهضة وعمليات التفاوض وجمع الأموال لإكمال السد».



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.